تشاتام هاوس: كيف سيكون شكل البرلمان الأردني الجديد؟
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
نشر موقع تشاتام هاوس مقالا للزميل المشارك ببرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نيل قويليام، قال فيه إن الانتخابات البرلمانية الأردنية الأخيرة هي الأكثر أهمية منذ عودة الديمقراطية إلى الأردن عام 1989.
وأظهرت نتائج أولية نشرتها الهيئة المستقلة للانتخابات، تقدم حزب جبهة العمل الإسلامي في القائمة الوطنية للأحزاب.
وقال إن الانتخابات جرت هذه المرة على خلفية الحرب في غزة والضم الإسرائيلي الزاحف للضفة الغربية والاقتصاد الراكد.
ومع أن الملك هو صاحب القرار النهائي ويملك سلطة شبه مطلقة إلا أن البرلمان لا يخدم فقط وظيفة تشريع وتمرير القوانين ولكن شرعنة النظام السياسي، وبخاصة في أزمنة التوتر المحلي والإقليمي.
وعلى السطح يبدو أن الملك يتخذ قرارا جريئا ويرغب في إظهار التزام بلاده بالديمقراطية، إلا أن نظرة أقرب تكشف أن الانتخابات محسومة وستؤدي في النهاية إلى برلمان داعم للسياسات الحكومية. ومن اللافت للأمر دعوة الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن في هذا الوقت، وبمباركة من الملك طبعا، إلا أن هذا القرار ليس مسبوقا، فانتخابات عام 2001 والتي أجلت بسبب الانتفاضة الثانية عقدت في عام 2003 وهو نفس العام الذي قادت فيه الولايات المتحدة غزوا على العراق.
ولكن التوقيت يقترح أن الأحزاب الإسلامية قد تكون المستفيد الأكبر من الانتخابات، فهي وضع جيد لاستثمار الغضب العام ضد إسرائيل. وقد نظمت هذه احتجاجات مستمرة ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، واستخدمت في حملاتها الانتخابية شعار "كلنا حماس".
وأشار الكاتب إلى استطلاع أجراه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في كانون الأول/ديسمبر 2023 كشف أن نسبة 85% من الأردنيين عبروا عن مواقف متعاطفة مع حماس، وهي قفزة نوعية نتائج استطلاع عقد في عام 2020 وعبرت فيه نسبة 44% من المشاركين عن مواقف إيجابية من الحركة. وربما كانت هذه بشارة خير لجبهة العمل الإسلامي، الحزب الذي يمثل حركة الإخوان المسلمين في الأردن، والذي لا يدعم حماس فقط، ولكنه يدعو لإلغاء معاهدة السلام الأردنية- الإسرائيلية.
وأضاف الكاتب دليلا آخر عندما أشار إلى استطلاع الباروميتر العربي في عام 2023، وكشف أن نسبة 49% من المشاركين تدعم زيادة في دور الدين بالسياسة، بزيادة واضحة عن استطلاع أجري قبل ذلك بعام.
وقال قويليام إن جبهة العمل الإسلامي تدعو لأجندة اجتماعية وسياسية تتعارض مع مواقف الملك المعتدلة والبراغماتية، وتحديدا فيما يتعلق بالعلاقة مع الغرب وإسرائيل. وعليه، فحضور قوي في البرلمان يعني تشجيعا للأصوات الإسلامية. وقد يؤدي هذا إلى تبني سياسات أكثر تحفظا تنفر حلفاء الأردن الغربيين، الذين تعتمد عليهم المملكة للحصول على الدعم المالي.
ويقول الكاتب إن الحكومة تبدو، في الظاهر، وكأنها تقوم بمخاطرة تؤدي إلى فوز جبهة العمل الإسلامي بعدد أكبر من المقاعد في مجلس النواب، وهو منظور عمل الحكومة لمنعه على مدى العقود الماضية.
ولكن نظرة فاحصة، تعطي فكرة أن العادات القديمة من الصعب أن تموت، فالقانون الانتخابي الجديد والتعديل الذي أقر عليه في بداية شباط/فبراير من هذا العام سيحد من نجاح جبهة العمل الإسلامي في صناديق الاقتراع، مهما كانت شعبية الحزب.
وهذه ليست المرة الأولى التي تم فيها تعديل قانون الانتخاب وأعيد فيه تشكيل المشهد الانتخابي. وأقرت الحكومة منذ عام 1989 سلسلة من القوانين الانتخابية وقوانين الأحزاب التي هدفت للحد من تأثير جماعة الإخوان المسلمين.
وعملت هذه القوانين على الحد من تأثير نواب العشائر في المجلس. ففي الكثير من الأحيان أدى الأداء القوي للعشائر الأردنية في البرلمان لهيمنتها على النقاشات السياسية، وبالتالي إحباط أجندة الإصلاح التي يتبناها الملك.
ومنذ توليه منصب الملك في عام 1999، عبر الملك عبد الله الثاني عن رغبة واضحة بأنه يريد إعادة تشكيل المناخ السياسي الأردني والتحرك بعيدا عن السياسات المرتبطة بالدين والعرق والقبيلة والتحرك نحو أسلوب في الحكم يشبه أسلوب ويستمنستر (الأسلوب البريطاني) الذي تقدم فيه الأحزاب سياسات يمين ويسار ووسط.
وفي هذه المرة، فقانون الانتخابات وقانون الأحزاب السياسية، بعض الأمل بالنسبة للنساء والشباب، وتقلل من حظوظ الأحزاب الإسلامية. فأكثر من 54% من السكان هم دون سن الخامسة والعشرين، وبالتالي فإن الإصلاحات من شأنها أن تجعل البرلمان أكثر تمثيلا، مع أن افتراض الحكومة بأن الشباب سيصوتون للأحزاب الليبرالية والعلمانية، افتراض فيه خلل. وقد تم تصميم القوانين لزيادة مشاركة الشباب والنساء في العملية السياسية وتغيير الأحزاب السياسية من جماعات تتمحور حول شخصيات مؤثرة إلى منظمات تركز على السياسات.
ويشترط القانون الجديد أن تتضمن قوائم الأحزاب السياسية امرأة واحدة على الأقل بين المرشحين الثلاثة الأوائل وأخرى بين الثلاثة التاليين. وبنفس السياق، ينص القانون على أن تتضمن قوائم الأحزاب السياسية مرشحا واحدا على الأقل يبلغ من العمر 35 عاما أو أقل بين المرشحين الخمسة الأوائل.
وبعيدا عن هذا، فقد باتت الإجراءات المتعلقة بإنشاء الأحزاب السياسية أكثر صرامة وتتطلب ما لا يقل عن 1000 عضو مؤسس، منهم 20% نساء و20% تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما. وينص القانون أيضا على أن الأحزاب يجب أن تمثل ست محافظات على الأقل في الأردن.
ومن هنا يعمل القانون الجديد على فتح مساحة سياسية أمام الأحزاب الصغيرة والتحالفات الاجتماعية، مما يحرم جبهة العمل الإسلامي من الميزة التي تمتعت بها تقليديا بأنها واحدة من أكثر القوى السياسية الأردنية قدرة على التنظيم.
وربما احتاج القانون الجديد لوقت من أجل تغيير المشهد الانتخابي والبرلمان القادم، لكن مدى التغيير سيظل غير واضح. وعليه، جاء التعديل الذي أقره البرلمان في شباط/فبراير من هذا العام من أجل سد أي ثغرة ظلت مفتوحة أمام جبهة العمل الإسلامي لاستغلالها.
يضاف إلى هذا، فتعديل المادة 49 من القانون ينزل العتبة الانتخابية للقوائم الانتخابية المحلية ويخفض نسبة الأصوات المطلوبة للقائمة للحصول على مقعد في الدوائر المحلية إلى حوالي 1%. وهذه الخطوة تجعل من السهل على الأحزاب والائتلافات السياسية الأصغر والأقل رسوخا التنافس مع الأحزاب القوية المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، وخاصة في المناطق ذات الحضور السياسي الإسلامي القوي مثل عمان والزرقاء وإربد.
ويعتقد الكاتب أن القانون الانتخابي هو خطوة صغيرة على طريق تحقيق رؤية الملك التحرك نحو ديمقراطية تشبه أسلوب ويستمنستر في الأردن. فالقانون الجديد يشجع المزيد من النساء على المشاركة في العملية الديمقراطية ويزيد من حجم الناخبين من خلال تخفيض سن الترشح ويمنح حق التصويت للشباب المنخرط في العمل السياسي ويسمح بتشكيل أحزاب وائتلافات سياسية جديدة، وهو ما قد يكسر قبضة الأحزاب المحافظة التقليدية التي يهيمن عليها الذكور. وهذه هي النقطة الأساسية ــ إن القانون يهدف مرة أخرى إلى إحباط فرص جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الانتخابات غزة حماس الاردن حماس غزة انتخابات البرلمان الأردني صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جبهة العمل الإسلامی الأحزاب السیاسیة القانون الجدید فی الأردن فی عام
إقرأ أيضاً:
مناقشة قانون الإيجار القديم على طاولة البرلمان هذا الأسبوع
يستأنف مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، جلساته الأحد المقبل، بمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025/2024.
ويهدف مشروع القانون إلى مواجهة التأثيرات الاقتصادية نتيجة ما شهده العالم خلال الفترة الماضية من العديد من المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية، فضلاً عن تراجع سعر صرف الجنيه عن التقديرات الأساسية في الموازنة العامة الحالية مما أدى إلى زيادة مدفوعات الفوائد الخارجية وكذا المحلية.
تعديل بعض أحكام التصرف في أملاك الدولة
كما يناقش مجلس النواب مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون تعديل بعض قواعد وإجراءات التصرف في أملاك الدولة الخاصة، ويهدف مشروع القانون إلى منح فرصة لواضعي اليد لتقنين أوضاعهم متى توافرت في حقهم ضوابط وشروط التقنين، وفي الحالات التي يتعذر فيها تقنين وضع اليد لأي سبب أو إزالة التعدي مؤقتًا ولحين إتمام الإزالة تلتزم الجهة الإدارية بتحصيل مقابل انتفاع من واضعي اليد، على أن تتولى لجنة استرداد أراضي الدولة متابعة أعمال الجهات بشأن تطبيق أحكام هذا القانون، وذلك في إطار سعي الدولة إلى الحفاظ على أملاكها العامة والخاصة تنفيذًا للالتزام الدستوري.
متى يناقش البرلمان قانون الإيجار القديم؟
ويناقش مجلس النواب بجلسته يوم الإثنين مشروعَي القانونين المقدَّمين من الحكومة: الأول بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والثاني بتعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.
يهدف مشروع القانون إلى تحقيق توازن عادل ومستدام بين طرفَي العلاقة الإيجارية من خلال معالجة الاختلالات الناتجة عن التشريعات الاستثنائية السابقة التي أدت إلى تدني القيمة الإيجارية وغياب العدالة الاجتماعية خاصة في ظل تغير الظروف الاقتصادية، وانتهاج فلسفة قوامها العدالة والتدرج والواقعية، حيث يرفع القيمة الإيجارية تدريجيًا ويمنح فترات انتقالية مناسبة قبل إنهاء العلاقة الإيجارية، مع ضمان عدم الإضرار بالمستأجرين من خلال منحهم أحقية في الحصول على وحدات بديلة من الدولة وفقًا لآليات منظمة.
كما يناقش مجلس النواب مشروع القانون المقدم من النائب الدكتور أشرف حاتم (وأكثر من عُشر عدد الأعضاء)، بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية العاملين بالجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان من غير المخاطَبين بقوانين أو لوائح خاصة الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 2014.
اقرأ أيضًا«مصطفى بكري» يحذر: 15 مليون مواطن يشعرون بالقلق.. و الناس تغلي بسبب قانون الإيجار القديم
قانون الإيجار القديم.. «مصطفى بكري» يحذر الحكومة من فتنة اجتماعية بسبب المادة الثانية
بكري يرد على رئيس الوزراء في قانون الإيجار القديم