تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحتفل المعهد المسكوني للشرق الأوسط برعاية البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بتخرج طلاب المعهد في مصر والسودان “الدفعة الثامنة”، وذلك غدا الجمعة، في المقر البابوي رويس بالعباسية.

وكانت  "الدورة الأكاديمية التاسعة للتنشئة المسكونية" التي ينظمها "المعهد المسكوني للشرق الأوسط"، في "الانافورا – مصر" انطلقت في الفترة من 9 سبتمبر وتستمر إلى 21 سبتمبر، وتضم طلبة من ٩ عائلات كنسية مختلفة من ٦ بلاد عربية، بما في ذلك: لبنان، سوريا، العراق، الأردن، السودان، ومصر.

وافتتحت الدورة بصلاة مسكونية وجلسات تعارف بين الطلاب من خلفيات كنسية متنوعة، وشهدت  مناقشات عميقة حول الحركة المسكونية وتاريخها، وتعريف عن الكنائس المختلفة، دراسات كتابية، مواضيع تهم الكنيسة والبيئة، ودور الكنيسة في مواجهة التحديات العالمية، ورش عمل، جلسات تبادل خبرات وشهادات ايمانية، وزيارات مسكونية إلى الإسكندرية لتعزيز الوحدة والتفاهم المتبادل بين العائلات الكنسية المختلفة.

وقال قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في أحد التصريحات السابقة له، الحياة تشمل جوانب رئيسية فالله خلق الإنسان يحتاج للتلمذة المستمرة، وعابدا يحتاج للاستمرارية، وعاملا يحتاج للعمل الدائم، وأن الله وضع العقل في الإنسان كمنارة تقود حياته مستشهدا بالمثل المصري “العقل زينة”.

وأضاف البابا تواضروس، بأننا نؤمن أن طبيعة الحياة هي التنوع، وعلى كل إنسان أن يتصالح مع نفسه ومع الله ومع الآخرين، وأن الإنسان هو إبداع الله الخالق أيا كان جنسه أو دينه أو لونه، مشيرا إلى أهمية الحوار والتواصل بين الجميع – جميع الشعوب خاصة منطقتنا التي تحتاج إلى الحوار من أجل السلام .

وأكد البابا تواضروس علي أن هذا الحوار يأسس علاقات تفاهم ومحبة، مؤكدا أن السلام ليس بالكلام بل بالعمل”.

 صعوبات وتحديات.. المعهد المسكوني بالشرق الأوسط يقدم دورًا مهما وسط الأزمات العالمية الحالية

أكد  الدكتور زاهي عازار رئيس المعهد المسكوني بالشرق الأوسط، وعضو في حركة الشبيبة الأرثوذكسية، أن المعهد المسكوني بالشرق الأوسط يقدم دورا مهما وسط الظروف العالمية الحالية؛ ويشهد تحديات ومعاناة مستمرة كما تعيش الكنيسة ككل في هذا المشرق ولكن هناك مستويان من المعاناة، علي المستوي المعاش الحياتي اليوم أي حالات العنف والحرب والمواجهات الساخنة والباردة في عدد كبير من الدول التي توجد وتحيا فيها الكنيسة اليوم مثلما أعضاء هذا المجتمع في كل مكان، علي مستوي آخر يعيش المعهد تحديات تفرضها الحركة أو يفرضها وجود الناشط للحركة المسكونية ، فعدد من الكنائس ما تزال تبدي بشكل عام ترددا بالانخراط في العمل المسكوني لأسباب عدة، مثل البعد الذي تعيشه اليوم مجتمعاتنا باعتبار أن الحركة المسكونية جاءت من الغرب، كما أن هذه التحديات تنطوي علي تأثر عدد من الكنائس وحركات الشبيبة المسيحية بمحيط يزداد تعصب وطائفية، فينعكس هذا الفكر بشكل مباشر أو غير مباشر علي حياة هذا المعهد الذي هو ما يزال رمزا للتلاقي والابتعاد عن كل انقسام ، ولاكتشاف القرب الروحي بين مختلف الكنائس من جهة، وبين المسيحية والإسلام من جهة أخري، علما بأن هذا المعهد مسيرة تعارف وتلاقي ومحبة بين مختلف المكونات داخل الكنائس وبين الكنائس والأديان الأخري وتحديدا مع المسلمين، وهذا يتأثر حكما بتصاعد الحدة في حياة مختلف المجتمعات في العالم العربي.

وأضاف "عازار" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" أنه من الطبيعي أن يواجه أيضا المعهد أزمات في تمويل نشاطاته، لكنه نجح في تأمين الاستمرارية منذ إنشائه سنة 2014، وتأمين هذه الاستمرارية وعدد خريجين المعهد يصل عدده 300 في هذه السنوات العشرة، مع تزايد الطلب اليوم علي الانتماء إليه وإلي الدراسة فيه.

وتابع "عازار" أما بالنسبة للتحديات المستقبلية متعددة في حياة هذا المعهد الذي يسعي أن يزيد من التوجه الأكاديمي فيه  ليطال عددا كبيرا من الشابات والشباب هذا من ناحية ، ومن ناحية أخري يعمل المعهد علي مواجهة التساؤلات الكبري التي تعصف اليوم بالشبيبة ككل إذا كان داخل الكنائس أو خارجها ليشكل في مكان ما محاولة للإجابة علي هذه الأسئلة والتحديات التي تسأل عن البيئة أو الاسئلة التي تثار حول قضية المثلية الجنسية وعلي الآفاق غير الواضحة اليوم لتوجهات الشبيبة.

واستطرد "عازار" بأن المعهد المسكوني للشرق الأوسط يسعي بأن يحافظ علي الروح المسكونية فيه التي ليست مستمدة إلا من حياة روحية الكنيسة ككل في مواجهة كل الصعاب التي تعصف الآن ومستقبلا مرشحة أن تستمر في عصفها داخل المجتمعات العربية، هذه التحديات المستقبلية تنعكس علي كافة جوانب الحياة في المعهد، ونأمل تضافر بين الطلبة والأساتذة والإدارة والمسئولين الكنسيين دوما في مواجهتها والسعي لحلها، مؤمنين ومستعدين دوما عمل الروح القدس في أوساطنا.

المعهد المسكوني للشرق الأوسط

يعد المعهد المسكوني للشرق الأوسط من المؤسسات التربوية التي تسعي إلي تأمين تنشئة مسكونية أكاديمية للطلبة والشباب من الكنائس المختلفة ، وهو يسهم في نشر الروح المسكونية في الطاعة لصلاة الرب عشية آلامه "ليكونوا بأجمعهم واحدا"، كما يعمل علي  تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الطوائف الدينية في منطقة الشرق الأوسط. تأسس المعهد بهدف تعزيز السلام والتعاون بين المجتمعات المتنوعة ثقافيًا ودينيًا في المنطقة.

يشمُلُ المعهدُ أي مسيحي وبخاصة عنصر الشباب، المهتم والحريص على الانخراط في التدريب المسكوني والفكر المسكوني، مثل اللاهوتيين الشباب وطلاب الجامعات والثانويات، والمسيحيين بشكل عام، مع التشديد على المشاركة المُتساوية للرجال والنساء.

المعهد يشجع المسكونية ويساعد علي تغذيتها والتعاون بين الكنائس في العالم العربي، فضلًا عن بناء الجسور مع أشخاص من ديانات أخرى والانخراط معهم في حوار صادق؛ كل هذا من خلال توفير المساحة اللازمة للتربية المسكونية والتدريب والتفكير، التفاعل، البحوث، التوثيق والمنشورات، بالتعاون مع الهيئات والمعاهد اللاهوتية والمسكونية الأخرى على المستوى الإقليمي والعالمي.

والمسئول والمالك للمعهد هو الاتحاد العالمي المسيحي للطلبة- منطقة الشرق الأوسط (WSCF-ME)

انطلاق المعهد وبرامجه

أنشئ المعهد المسكوني للشرق الأوسط بناءً علي توصية صادرة عن لقاء الشبيبة المسيحية في الشرق الأوسط الذي نظمه الاتحاد العالمي المسيحي للطلبة، سنة 2008. وفي سنة 2014، انعقد اللقاء التأسيسي للمعهد بالتعاون بين الاتحاد العالمي المسيحي للطلبة في الشرق الأوسط، وقد تم في هذا الاجتماع توضيح الأهداف والرؤية والرسالة والمناهج العلمية والروحية للمعهد. ومنذ 2015، ينظم المعهد دورة صيفية مكثفة للتنشئة المسكونية، وبرنامج دروس متابعة علي الإنترنت، وأيام تنشئة في كل من بلدان المنطقة . وقد خلق المعهد موقعا إلكترونيا خاصا ليتيح للطلاب والشباب في الكنائس متابعة برامجه وأنشطته والاطلاع علي اخر الأخبار .

هدف إنشاء المعهد

يهدف المعهد المسكوني للشرق الأوسط إلي تنشئة الطلبة والشباب تنشئة مسكونية صحيحة ليساهموا هم أيضا بالمعرفة، والحياة المشتركة ، والصلاة ، في بناء وحدة الكنيسة المشرقية وتحقيق رسالتها في هذا الشرق، وبناء مجتمع محبة وعدل وسلام، وسط التحديات كافة .

محاور التعليم الاكاديمي

يقوم التعليم الاكاديمي في الدورة الصيفية المكثفة ودروس المتابعة علي الإنترنت علي المحاور التالية:
- التراث البيبلي، واللاهوتي، والابائي، والليتورجي في الكنائس.

 - الحركة المسكونية المعاصرة والفكر المسكوني والمؤسسات المسكونية.

 - الحوار بين الأديان وحوار الحضارات.

 - الكنيسة وقضايا المجتمع والتحديات الكبري ولا سيما في الشرق الأوسط.

 تنسيق مع معاهد تعليمية دينية 

هناك تنسيق مع الكليات والمعاهد التالية:

كلية اللاهوت الحبرية – جامعة الروح القدس – لبنانكلية العلوم الدينية – جامعة القديس يوسف – لبنانكلية اللاهوت الإنجيلية – مصرالكلية الكلية الإكليريكية اللاهوتية القبطية الأرثوذكسية – مصركلية العلوم الإنسانية واللاهوتية الكاثوليكية – مصركلية بابل للفلسفة واللاهوت – العراقمعهد بوسيه في جنيف – سويسرامعهد القديس بولس للفلسفة واللاهوت – لبنان

الحركات الشبيبة المسيحية المشاركة بالمعهد 

مصر 

حق وعدلالأسر الجامعيةلجنة جامعةحركة المشاركة الوطنيةشباب الأقباط الكاثوليكحركة جامعة إنجيليحركة ثانوي إنجيلياللجنة المسكونية للشباب في مصرالسودان: الأسر الجامعية في الخرطوم

فلسطين: حركة الشباب المسكوني لبنان:

اتحاد الشباب الرسوليحركة الشبيبة الأرثوذكسيةالشبيبة الطالبة المسيحيةشبيبة الأبرشية من أجل الكنيسةرابطة الطلاب الجامعيين الأرمنالحركة الرسولية المريمية

العراق:

لجنة الشباب المسيحي العراقي 

سوريا:

فريق ملح الأرضحركة الشبيبة الأرثوذكسية

الأردن: 

شبيبة القديس جاورجيوسطرق التحاق الشباب والطلبة للمعهد

ينضم للمعهد الطلبة عن طريق التسجيل عبر الموقع الالكتروني للمعهد بتاريخ لا يتجاوز منتصف شهر مايو من كل سنة ، وينتظر موافقة إدارة المعهد ليبدأ الاهتمام بالأمور اللوجستية.

ويحضر الطالب إلي لبنان في شهر يوليو للمشاركة في الدورة ومدتها ثلاث أسابيع، وبعد الدورة الصيفية يتابع الطالب عبر الأنترنت دروسًا وفروضًا بإشراف أستاذ مختص، لا تتجاوز مدتها 8 أشهر.

يشارك الطالب في لقاءات وأيام تنشئة خلال السنة تساهم في تنشئته المسكونية، وتطوره الأكاديمي والفكري، وذلك حتي تخرجه في  المعهد .

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الانسان المعهد المسكوني للشرق الأوسط المعهد المسکونی للشرق الأوسط البابا تواضروس الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

ما هو الاعتراف الدولي بالدول وأنواعه وماذا يعني الاعتراف بفلسطين؟

أعلنت العديد من الدول رغبتها في الاعتراف بدولة فلسطين بشكل رسمي، وسط الإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة، ومع تصاعد الاستيطان لمستويات قياسية في الضفة الغربية، وذلك في خطوة للضغط على الاحتلال من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين.

ويأتي قرار بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا المرتقب للاعتراف بفلسطين خلال جلسات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المقرر انطلاقها في 9 أيلول/ سبتمبر 2025، بعدما اعترفت كل من أيرلندا والنرويج وإسبانيا وسلوفينيا وأرمينيا، إضافة إلى الباهاماس وجمايكا وترينيداد وتوباغو، بفلسطين خلال عام 2024.

وربطت الدول الجديدة اعترافها بعدم تحقق معايير معينة، مُعلنة بشكل واضح أو فضفاض، أن الاعتراف سيكون متعلقًا باستمرار الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة دون معالجة، وعدم وقف سياسة التجويع وإدخال المساعدات والتوصل إلى وقف إطلاق النار وإبرام صفقة لتبادل الأسرى.

معنى الاعتراف
يشير الاعتراف بدولة ما إلى إعلان دولة أخرى أو كيان دولي أن كيانًا آخر يملك "سمات الدولة"، أي وجود شعب له أرض وحكومة قادرة على إقامة علاقات خارجية، وبناء على هذا الاعتراف يتم معاملتها كدولة ذات سيادة.

وتتعدد أنواع الاعترافات بناءً على الغرض منها أو الآثار المترتبة عليها، ومن أبرزها الاعتراف الرمزي، الذي هو إعلان رسمي برغبة البلد المُعترِف في إقامة علاقات دبلوماسية معه، مع استخدام اسم الدولة الجديدة في البيانات الرسمية والبيانات الصحفية.

ويتم خلال هذا الاعتراف رفع الأعلام أو طباعة اسمها في بطاقات البريد والميداليات وغيرها من إجراءات الاستقبال الرسمية والرمزية.

ويوجد أيضًا الاعتراف الفعلي الذي يتضمن فتح سفارة أو مكتب تمثيلي وتعيين سفير، مع توقيع معاهدات ثنائية سواء تجارية أو أمنية أو ثقافية وغيرها من أنواع الاتفاقيات.


ويتم بناءً على هذا الاعتراف الانضمام المشترك للطرفين إلى منظمات دولية مثل الأمم المتحدة واليونسكو وصندوق النقد الدولي، وهو ما يُكسب الدولة العضو حقوقًا والتزامات قانونية.

وبناءً على هذا الاعتراف تصبح الدولة الجديدة طرفًا في القانون الدولي بما يمثله من معاهدات واتفاقيات، وتكتسب أهلية حماية مبدأ حصانة الدبلوماسيين وحق اللجوء إلى المنظمات القضائية الدولية مثل محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية.

وبعد ذلك يسهل على الدولة الجديدة التبادل التجاري والوصول إلى أسواق ومساعدات دولية، ويقدم الاعتراف الفعلي أيضًا رسالة دعم لحق تقرير المصير ويدفع نحو إحياء مفاوضات السلام، ويضع ضغطًا على الدول الرافضة للاعتراف أو المستمرة في احتلال أو ضم أراضٍ.

ويُمكّن الاعتراف الدول والكيانات من ممارسة الضغوط الدبلوماسية مثل فرض العقوبات أو تعليق الاتفاقيات.

وفي هذا الاعتراف يتم تجاوز رمزية الاسم إلى بناء علاقات عملية متكاملة تُقنن وضع الدولة وتكفل لها حقوقًا والتزامات تجاه المجتمع الدولي.

الدول والحكومات
يُعدّ الاعتراف الدبلوماسي إجراءً أحادي الجانب تتخذه دولة ذات سيادة لتُقِرّ بوجود كيان سياسي آخر، سواء كان دولة جديدة أو حكومة جديدة، ما يترتب عليه تبعات قانونية وسياسية محلية ودولية.

وقد يكون الاعتراف بحكم الأمر الواقع "De facto" أو بحكم القانون "De jure"، وغالبًا ما يتم التعبير عنه ببيان رسمي من الحكومة المُعترِفة.

ويُذكر أن لفظي "De facto" و"De jure" هما مصطلحان لاتينيان، ويُستخدمان حتى الوقت الحالي في القانون والسياسة والدبلوماسية لتمييز ما هو واقع فعلي وما هو وضع قانوني رسمي.

ويُفرّق القانون الدولي بين الاعتراف بالدول والاعتراف بالحكومات، فقد تعترف دولة بوجود دولة أخرى دون إقامة علاقات دبلوماسية معها، والعكس صحيح.

وبعض الدول تنتهج سياسة عدم الاعتراف الثنائي الرسمي، مكتفية بالتصويت لصالح عضوية الدولة في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة كدليل غير مباشر على الاعتراف.

في حالات أخرى، يتعين على الدول الامتناع عن الاعتراف بكيانات قامت بانتهاك صريح لميثاق الأمم المتحدة، على سبيل المثال، أصدر مجلس الأمن قرارات ملزمة تمنع الاعتراف بدول مثل روديسيا وجمهورية شمال قبرص.


يُعدّ الاعتراف القانوني أقوى من الاعتراف الواقعي، فمثلًا، اعترفت بريطانيا بالاتحاد السوفيتي بحكم الواقع عام 1921، لكنها لم تعترف به بحكم القانون إلا في عام 1924، كذلك، اعترفت الولايات المتحدة بـ"إسرائيل" عام 1948 بعد ثلاثة أيام من اعتراف الاتحاد السوفيتي بها، لكن بشكل واقعي أولًا وليس قانونيًا.

لا يتطلب الأمر عادةً تجديد الاعتراف بالحكومات المنتخبة دستوريًا، لكن في حالات الانقلابات أو الثورات، يصبح الاعتراف الخارجي أداة ضرورية لتكريس شرعية السلطة الجديدة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك اعتراف باكستان والإمارات والسعودية بحكومة طالبان في أفغانستان في أواخر الألفية الماضية، مقابل اعتراف دول أخرى بحكومة الرئيس برهان الدين رباني حينها.

يحدث أحيانًا أن يكون الاعتراف ضمنيًا، مثل زيارة رسمية أو توقيع معاهدة، دون إصدار إعلان صريح، هذا ما حدث عندما بدأت الولايات المتحدة الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988، دون الاعتراف بها كدولة.

وترسخت بعد الحرب العالمية الثانية قاعدة عدم الاعتراف بالكيانات التي تحقق مكاسبها الإقليمية بالقوة، تُعرف هذه القاعدة بـ"عقيدة ستيمسون"، وتُعدّ أداة قانونية لرفض شرعنة الاحتلال أو الضم، كما في حالة روديسيا عام 1965، أو ضم الأراضي بالقوة كما يحدث في النزاعات الإقليمية الحديثة.
غير المعترف بها

توجد كيانات جيوسياسية تسعى للاعتراف الدولي دون أن تنجح في نيله، تختلف درجة سيطرة هذه الكيانات على أراضيها، ويتباين وضعها القانوني، تُعرف هذه الكيانات غالبًا بـ"الدول الانفصالية"، بعضها يحظى بحماية دول أخرى من خلال تمثيل دبلوماسي غير رسمي، ما يُصعّب إعادة دمجها في دولها الأصلية.

والسيطرة في هذا السياق تعني السيطرة الفعلية على الأرض، وليس مجرد الادعاء بالسيادة. على سبيل المثال، تسيطر جبهة البوليساريو جزئيًا على الصحراء الغربية، رغم عدم نيلها اعترافًا واسعًا.

ويتعدى مفهوم الاعتراف الدبلوماسي الاعتراف بالدول والحكومات، فقد تعترف الدول بأطراف متحاربة أو بحالة نزاع، دون الاعتراف بالدولة ذاتها، مثلما اعترفت المملكة المتحدة بالولايات الكونفدرالية الأمريكية كـ"محارب" خلال الحرب الأهلية.

واعترفت بيرو والإكوادور وكولومبيا وفنزويلا بالجبهة الساندينية ككيان محارب في نيكاراغوا عام 1979.

الشرعية الدولية
بمجرد حصول دولة أو حكومة على الاعتراف الرسمي، تُفتح أمامها أبواب الشرعية الدولية، مثل تبادل التمثيل الدبلوماسي، والانضمام إلى المنظمات الدولية، والمشاركة في المفاوضات والاتفاقات الدولية.

في المقابل، تتحمل الدولة المعترف بها مسؤوليات قانونية ودبلوماسية على الساحة الدولية.
اعترافات 2024

وجاء اعتراف العديد من الدول بفلسطين خلال 2024، على وقع حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة، على أنها دولة ذات سيادة، بموجب بيانات حكومية رسمية، وغالبًا ما اقترنت هذه الاعترافات بقرارات برلمانية أو تنفيذية.

وتبع بعض هذه الاعترافات خطوات عملية منها رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، ودعم عضوية فلسطين في المنظمات الدولية، والدعوة لاحترام حدود 1967 وشرق القدس كعاصمة، على مبدأ حل الدولتين الذي يحظى بدعم دولي.

وجاءت هذه الاعترافات على مبدأ حكم القانون "De jure" وليس الأمر الواقع "De facto" لأنها ليست مجرد اعتراف بواقع موجود على الأرض مثل وجود السلطة الفلسطينية، بل هي إقرار قانوني وسياسي بأن فلسطين تُعتبر دولة مستقلة، تستوفي الشروط القانونية للدولة وفقًا لاتفاقية مونتيفيديو عام 1933.


وتتعلق اتفاقية مونتيفيديو بحقوق وواجبات الدول، وهي معاهدة تم توقيعها في أوروغواي، في 26 كانون الأول/ ديسمبر 1933، خلال المؤتمر الدولي السابع للدول الأمريكية، وتُقنن الاتفاقية النظرية التصريحية للدولة باعتبارها مقبولة كجزء من القانون الدولي العرفي.

وتمت هذه الاعترافات بفلسطين دون اشتراط موافقة "إسرائيل" أو ربطها باتفاق سلام نهائي، مما يجعلها أقرب إلى اعتراف قانوني مستقل.

الأمر الواقع في القدس
تُعدّ مدينة القدس من أبرز الأمثلة على حكم الواقع "De facto"، ومنذ احتلال الجزء الشرقي منها عام 1967، فرضت "إسرائيل" سيطرة فعلية على المدينة بأكملها، بما في ذلك توسيع حدود البلدية، وفرض قوانينها وإدارتها الأمنية والإدارية، وهو ما يُشكّل ما يُعرف بـ"الأمر الواقع".

ولا يحظى هذا "الأمر الواقع" باعتراف قانوني دولي، إذ تعتبر غالبية دول العالم أن شرق القدس أرض فلسطينية محتلة، وينبغي أن تكون جزءًا من تسوية سلمية عادلة.

وأصدر مجلس الأمن الدولي عدة قرارات بهذا الخصوص، أبرزها القرار 478 لعام 1980، الذي رفض ضم القدس واعتبر أي تغيير في وضعها القانوني لاغيًا وباطلًا.

ويُستخدم مصطلح "الأمر الواقع" سياسيًا ودبلوماسيًا للإشارة إلى محاولة "إسرائيل" تكريس السيطرة الفعلية على القدس على أنها وضع نهائي، رغم رفض المجتمع الدولي لذلك قانونيًا.

ويُعدّ نقل بعض الدول لسفاراتها إلى القدس محاولة لتحويل السيطرة الفعلية (De facto) إلى اعتراف قانوني (De jure)، أو على الأقل هو اعتراف من قبل هذه الدولة بهذا الأمر الواقع حكمًا قانونيًا.

مقالات مشابهة

  • صحة أبوظبي توقف 6 أطباء عن مزاولة المهنة
  • الكنيسة القبطية تشارك في حفل السفارة المغربية
  • الدكتور محمد عبد اللاه: الهجمات الإعلامية التي تتعرض لها مصر بسبب موقفها من القضية الفلسطينية مؤامرة
  • البابا لاوُن الرابع عشر يوافق على منح لقب ملفان الكنيسة للقديس جون هنري نيومان
  • ما هو الاعتراف الدولي بالدول وأنواعه وماذا يعني الاعتراف بفلسطين؟
  • ندوة لشباب ملتقى لوجوس مع قداسة البابا تواضروس
  • «حكايات الشجرة المغروسة» (6).. جذور الكنيسة الأرثوذكسية في عظة البابا تواضروس
  • قداسة البابا يلتقي مع شباب لوجوس في حلقات نقاشية
  • وصول المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى إسرائيل
  • اقتسام السلطة واحتساب الشعب