كتاب جديد يوثق لتأسيس الحركة الإسلامية في اليمن ودفاعها عن الجمهورية
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
الكتاب: الإسلاميون في اليمن والدفاع عن الجمهورية
الكاتب: سعيد ثابت
الناشر: مكتبة الأسرة العربية ـ إسطنبول ـ 2024
هذا الكتاب الثالث ضمن سلسلة أوراق من التاريخ السياسي اليمني المعاصر، وميدانه المساحة الجغرافية التي حكمتها الدولة الشطرية في شمال اليمن، بعد إسقاط النظام الإمامي الملكي خلال الفترة من 1962 حتى 1970، وهي فترة حافلة بالأحداث الجسام، من قيام الثورة اليمنية التي أطاحت بأسوأ نظام سياسي حكم البلاد عقودا ممتدة، واعتمد على مقولات دينية محرفة، وبنى حكمه على جدران العزلة وأركان الاستبداد ونشر دياجير الجهل والفقر والمرض.
ومن الموافقات أن قيام الثورة الجمهورية في 26 أيلول/ سبتمبر 1962 تزامن مع تشكّل نواة الحركة الإسلامية الوطنية في الوسط الطلابي في مصر من خلال حركة الطليعة العربية الإسلامية، ثم تشكّل رافدان أساسيان للحركة الإسلامية؛ الأول: المركز الثقافي الاجتماعي الإسلامي في عدن، والثاني: المركز الإسلامي في تعز، وقبلهما واجهة حزب الله الذي أسسه الشهيد محمد محمود الزبيري في محافظة صنعاء وضواحيها، وأراده تجمعًا مفتوحًا لكل المؤمنين بضرورة إصلاح العهد الثوري الجمهوري، وتحقيق السلام والاستقلال في ربوع مناطق شمال البلاد، وهو تجمع ضم شبابًا من الطلاب الذين كانوا في صفوف الطليعة العربية الإسلامية إلى جانب شيوخ قبليين مستقلين وأفراد من حزب البعث.
من الموافقات أن قيام الثورة الجمهورية في 26 أيلول/ سبتمبر 1962 تزامن مع تشكّل نواة الحركة الإسلامية الوطنية في الوسط الطلابي في مصر من خلال حركة الطليعة العربية الإسلامية، ثم تشكّل رافدان أساسيان للحركة الإسلامية؛ الأول: المركز الثقافي الاجتماعي الإسلامي في عدن، والثاني: المركز الإسلامي في تعز، وقبلهما واجهة حزب الله الذي أسسه الشهيد محمد محمود الزبيري في محافظة صنعاء وضواحيهاهذه المرحلة التأسيسية يثار حولها الكثير من الأسئلة والاستفسارات بسبب ما التبس على ذلك العهد من تداخلات واستقطابات وتنازعات، لكن يمكن بالإجمال القول إن الحركة الإسلامية في طورها التأسيسي ذاك قامت على عدد من الروافد فهي إخوانية الفكر والتنظيم، جماهيرية الدعوة والحركة، نهلت من روافد وطنية على امتداد الجغرافية اليمنية باتجاهاتها الأربع، وروافد عربية وإسلامية. وراعت التنوع الفكري والمذهبي والقبلي والجغرافي عند تشكل أطرها وتكويناتها الأولى، وأخذت بمنهج التدرج في التشكّل والتكوين ثم التمدد والانتشار، وبنت استراتيجيتها منذ اللحظة الأولى على مبدأ المشاركة لا المغالبة في تعاملها السياسي، وانتظمت في النشاط الاجتماعي والتربوي والتعليمي.
رأيت في هذا الكتاب أن أبدأ بعرض المشهد العام عن قيام النظام الجمهوري في صنعاء، وما تعرضت له الثورة اليمنية من مؤامرات وعدوان لإجهاضها وإفشالها كما حدث في ثورتي 1948 و1955، وتغذية الحرب الأهلية وقادها الملك/ الإمام المخلوع محمد يحيى حميد الدين وأفراد أسرته على مدى ثمان سنوات تقريبًا، وهو مشهد يقرّب للقارئ الذي لم يعش تلك المرحلة التاريخية المحيط الإقليمي الذي عاش النظام الجديد وسطه، وهو محيط معاد إلى حد كبير، كان يرى في نجاح الثورة الجمهورية فأل سيء لمصيره، ومهدد لاستقراره وبقائه!
نتيجة عدوانية المحيط الإقليمي ترددت كثير من الدول وخاصة الغربية في الاعتراف بالنظام الجمهوري الجديد في صنعاء، بل إن بعض الأنظمة العربية التي كانت ترفع شعار التقدمية مثل نظام دمشق كان رئيسها يبدي مخاوفه من الاعتراف حتى لا تتوقف بعض الدول من تقديم التمويل والقروض والمساعدات لبلده!
سنحاول في المدخل التمهيدي تفنيد مزاعم رفض الإخوان المسلمين في الوطن العربي للنظام الجمهوري في اليمن، ونورد موقف ممثلي حركة الإخوان المسلمين في الحكومة السورية التي تشكلت قبل قيام الثورة اليمنية بأسبوع واحد. وتكمن أهمية موقف الإخوان السوريين من النظام الجمهوري اليمني الوليد لما يحمله من دلالة تنظيمية أخرى، فمن المعروف أن التنظيم الإخواني السوري في تلك الفترة كان يشرف وينسق عمل التنظيمات الإخوانية العربية من خلال المكتب التنفيذي للإخوان في البلاد العربية في ظل اعتقال القيادة المركزية بمصر في تلك الفترة، مما يعني ذلك الموقف تأييد الإخوان المسلمين في كل الأقطار العربية لقيام نظام يمني جمهوري على أنقاض نظام إمامي طائفي قمعي وفاسد.
وهناك أيضًا شاهد تاريخي آخر رواه المستشار حسن العشماوي وأحد ضباط الاتصال بين الإخوان المسلمين وتنظيم الضباط الأحرار في مصر أن الفضيل الورتلاني ظل يحمل في رأسه فكرة معاودة إسقاط نظام الحكم الإمامي الكهنوتي في اليمن بعد فشل ثورة 1948 الدستورية، وبعد السماح بدخول مصر بعد نجاح ثورة تموز/ يوليو 1952 نسج صلات طيبة بالرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وأن الفضيل الورتلاني طالما حدّث وألحّ على عبد الناصر بفكرة إسقاط نظام الحكم الإمامي الكهنوتي في اليمن لكن عبد الناصر كان يرفضها لأسباب كثيرة في تلك الفترة.
الكتاب يشتمل على ستة فصول وخاتمة إلى جانب المقدمة والمدخل التمهيدي، سنفرد الفصل الأول لبحث علاقة حزب الله الذي أسسه الشهيد محمد محمود الزبيري بالإخوان المسلمين، لأهمية هذه الجزئية التي لا تزال تثير كثيرًا من الجدل والسجال، وأيضًا تسبّب التباسًا عند بعض الباحثين الذين قد يقعون في فخ التبسيط أو التعميم، ونتطرق إلى الظروف التي تأسس حزب الله في سياقها، وارتباط الحزب بظرف سياسي طارئ في البدء، جاء استجابة لمقررات مؤتمر عمران الشهير، ونقف أمام التعريف الذي قدمه الزبيري لحزب الله لنعرف طبيعة هذا الحزب ومبرر تأسيسه ووجوده.
وسنتطرق إلى العملية الناجحة لتفكيك الحزب بعد استشهاد الزبيري مباشرة، ودور شخصيات من حزب البعث فيها رغم أن شباب الإخوان ظلوا أوفياء لنهج الشهيد الزبيري واقتفوا خطاه في نشاطهم اللاحق في مدينة صنعاء من خلال إقامة أسر وحلقات تنظيمية محدودة ومتواضعة.
ومن المهم أيضًا البحث حول جريمة اغتيال الأستاذ محمد محمود الزبيري وتداعياتها وسنقدم بعض مقتطفات الرسالة/ الوثيقة التي كتبها الشهيد الزبيري للشيخ ناصر علي البخيتي وملابسات ما تضمنته من إشارات.
في هذا الفصل أيضًا سنتحدث عما أفرزه مؤتمر خمِر من نتائج بينها تشكيل حكومة برئاسة الأستاذ أحمد محمد نعمان وفي هذه الحكومة شارك لأول مرة الأستاذ عبد المجيد الزنداني فيها بمنصب نائب وزير، وتعد أول مشاركة سياسية للإخوان قبل اكتمال تأسيس التنظيم وإعلانه، كما أن في هذا الفترة يعود إلى اليمن الأستاذ عبده محمد المخلافي إلى اليمن بعد اعتقاله مع الأستاذين عبد السلام خالد كرمان وسعيد فرحان عيد السلام في مصر بتهمة الانتماء إلى الإخوان المسلمين، ثم إبعادهم، وسنتناول مشاركة عبده محمد المخلافي وسعيد فرحان في أعمال مؤتمر الجنَد التاريخي الذي جاء ليؤكد على رفض كل محاولات تفريغ النظام الجمهوري الوليد ومحاولة وضعه في مرمى المساومات الإقليمية، ولم يشارك الإخوان في غير هذا المؤتمر وقبله مؤتمر عمران، وبعودة المخلافي ورفيقيه إلى جانب وجود الزنداني وآخرين في صنعاء كانت البداية الأولى لوضع البذرة التنظيمية للحركة الإسلامية وبعد بضع سنوات تفتحت وأزهرت وأثمرت لتستوي على سوقها فيما بعد حركة ذات هياكل ومناهج ومؤسسات..
سيتناول الفصل الثاني مجاهدات جيل التأسيس في بناء التنظيم المنشود في التوجه نحو تفعيل مؤسسات ومراكز تربوية أو ثقافية مثل المركز الإسلامي في تعز وتكوين ما يسمى (بالمنزلة) أو رباط علم كانت ملحقة بالجامع الكبير بصنعاء، وتشكل أول حلقة تربوية ستصبح فيما بعد بمثابة نواة لعمل تنظيمي إلى جانب النشاط الدعوي في المدارس والمساجد من دون صبغ هذا النشاط بالمسحة التنظيمية.
وسنحاول التوقف أمام عملية الإحياء التي قادها الأستاذ عبده محمد المخلافي للمركز الإسلامي في تعز إلى جانب عمله مديرًا للمكتب التربية والتعليم في أكبر محافظة يمنية من ناحية عدد السكان والمدارس في تلك الفترة، ولوجود عدد من السفارات والقنصليات بسبب وضع العاصمة صنعاء الأمني الذي كانت تعيشه جراء الحروب والأعمال التخريبية التي شنها مسلحو العهد البائد، فلقد كان هذا المركز بمثابة المحضن الأول لتكوين عدد من أبناء الحركة الإسلامية ولوجود نظام أساسي وزع المهام وحدد الوسائل لنشاطه وعمله، واعتمد المركز ذات الشعار الذي رفعته كتيبة الشباب اليمني قبل نحو ربع قرن في العام 1940، ومن الموافقات اللطيفة أن الإخوان المسلمين في شمال البلاد في الوقت الذي بدأوا بإحياء المركز كان إخوانهم في جنوب البلاد يستحصلون على ترخيص بافتتاح مركز إسلامي يهتم بالنواحي الثقافية والاجتماعية ويكون بمثابة واجهة للنشاط الدعوي والحركي، ومن المركزين امتدت أول قناة تواصل تنظيمية في الداخل اليمني رغم اختلاف النظامين السياسيين أبان تلك المرحلة.
وفي ثنايا هذا الفصل سنبرز بعض الملامح القيادية للأستاذ عبده محمد المخلافي، وتأثيره في الأوساط الاجتماعية المختلفة، وقدرته على الكسب والاستيعاب، وخدمة الآخرين، وتحييد الخصوم، ونسج العلاقات إلى غير تلك الصفات القيادية التي جعلته متصدرًا المشهد العام في بيئة محافظة تعز باعتباره كانت العاصمة البديلة للنظام الجمهوري، وامتد تأثيره إلى العاصمة صنعاء وخاصة في وسط المشايخ القبليين، والقيادات العسكرية. وسنتطرق إلى الانتكاسة التي شهدها الصف الجمهوري جراء الخلافات العاصفة داخل المعسكر الجمهوري وتداعياتها لتصل إلى حد اعتقال السلطات المصرية العشرات من أعضاء المجلس الجمهوري وأعضاء حكومة الفريق العمري، وقادة عسكريين وأمنيين ومشايخ قبليين بعد ذهابهم إلى القاهرة، ثم قرار حل حكومة الفريق حسن حسين العمري وهو في القاهرة وتشكيل حكومة طوارئ برئاسة الرئيس الأسبق المشير عبد الله السلال، وما رافق ذلك من مطاردات واعتقالات ومحاكمات وإعدامات، وسنحرص على إيراد شهادة لوزراء معتقلين في السجون المصرية عن المعتقلين من حركة الإخوان المسلمين المصريين الذين كانوا بمثابة نوافذ يطل الوزراء المعتقلون على العالم.
سيتطرق الفصل الثالث إلى الابتلاءات التي تعرض لها جيل التأسيس على مشارف العهد الجمهوري الثاني، باستعراض عواصف المؤامرات التي أحاطت بالنظام الجمهوري، التي كادت أن تطيح بالثورة وتنهي الجمهورية جراء التنازع والخلاف في الصف الحاكم، وتغوّل عناصر المخابرات المصرية برئاسة المشير عبد الحكيم عامر في مفاصل مؤسسات الحكومة والقوات المسلحة، مما أدى إلى الإطاحة بالرئيس المشير عبد الله السلال رحمه الله بانقلاب أبيض، ومن خلال تفاهمات سبقت العملية، وسنورد كذلك مجموعة شهادات لشخصيات مختلفة صنعت تلك الأحداث.
يتطرق الفصل الثالث إلى الابتلاءات التي تعرض لها جيل التأسيس على مشارف العهد الجمهوري الثاني، باستعراض عواصف المؤامرات التي أحاطت بالنظام الجمهوري، التي كادت أن تطيح بالثورة وتنهي الجمهورية جراء التنازع والخلاف في الصف الحاكم، وتغوّل عناصر المخابرات المصرية برئاسة المشير عبد الحكيم عامر في مفاصل مؤسسات الحكومة والقوات المسلحة، مما أدى إلى الإطاحة بالرئيس المشير عبد الله السلال رحمه الله بانقلاب أبيض، ومن خلال تفاهمات سبقت العمليةأما الفصل الرابع سيكرس لمرحلة العهد الجمهوري الثاني وفيه كثّف فلول النظام الملكي الإمامي الطائفي البائد عملياته العسكرية مستغلًا انسحاب القوات المصرية من اليمن، وهزيمة الخامس من حزيران/ نوفمبر 1967 وقيامهم بإطباق حصار كامل على صنعاء مع قصف مدفعي متواصل من الجبال المحيطة بصنعاء، وتصعيد عمليات التخريب داخل المدن الرئيسية وتنفيذ اغتيالات بهدف إسقاط الثورة والجمهورية، وفق قراءة مفادها أن الجمهوريين في حالة انقسام وضعف جراء تنازع الإرادات في صفوفهم، وأنهم لن يستطيعوا الصمود بعد خروج القوات المصرية، وفي ظل هذه الظروف السياسية والعسكرية والأمنية القاسية كان الجيل المؤسس لحركة الإخوان المسلمين ينشر أشرعة العمل الحركي الإسلامي بصبر وثقة وتؤدة، وفي ذات الوقت التحموا وشاركوا بفعالية مع بقية فصائل الحركة الوطنية من مختلف التوجهات السياسية بتأسيس مقاومة شعبية في تعز لمواجهة الحصار العسكري الغاشم على صنعاء، وتجنيد القادرين على حمل السلاح للتصدي لفلول النظام البائد.
وكان عبده محمد المخلافي حينها عضوًا في مجلس قيادة المقاومة الشعبية بمحافظة تعز التي كان يرأسها المقدم محمد الإرياني والرائد عبد الله الحمدي نائبًا له، والملازم أول أحمد محمد غانم رئيس عملياتها. وفور انتصار الثورة ودحر فلول الإماميين، وفك الحصار عن صنعاء كثف المنهزمون من عناصر الإمامة بث إشاعاتهم ودعاياتهم في أوساط الراي العام اليمني ضد النظام الجمهوري، وأن الجمهورية جاءت ضد الإسلام، ونشر الفساد الأخلاقي والاجتماعي، فتصدت الحركة الإسلامية لهذه الحملات استمرارًا لمهمتها التي بدأتها منذ اليوم التالي لقيام النظام الجمهوري عام 1962 عندما تصدر عبد المجيد الزنداني بإعداد وتقديم البرنامج الإذاعي (الدين والثورة) من إذاعة صنعاء، فقد استهل عبده محمد المخلافي منذ اليوم التالي لفك الحصار عن صنعاء بسلسلة مقالات من صحيفة الجمهورية بعنوان (دين لا كهانة) ركز فيها على تجلية كثير من المفاهيم، وتفنيد المزاعم والأكاذيب التي يسوقها التيار الإمامي الطائفي ذي النزعة الكهنوتية، وكان هذا الذي قام به ذا أهمية كبيرة في معركة الوعي خاصة إذا عرفنا أن المهزوم عسكريًا يلجأ دومًا إلى نشر الإشاعات وتسويق الأكاذيب بهدف تعويض هزيمته بمحاولة بث التشكيل في صفوف خصمه، وإحداث أي ثغرة يستطيع من خلالها العودة واستئناف نشاطه التخريبي عسكريًا وأمنيًا.
وسيتضمن هذا الفصل أهم ملمح من ملامح تلك الفترة وهو توافق الجيل المؤسس على اختيار الأستاذ عبده محمد المخلافي ليكون أول مراقب عام للإخوان المسلمين بعد زيار قام بها عبد المجيد الزنداني إلى تعز، وبمناسبة الحديث عن المخلافي والزنداني فقد كانا يمثلان ثنائيًا مميزًا في مرحلة نشأة وتأسيس الحركة الإسلامية، ويتكاملان بإيجاد شخصية شعبية دعوية وحركية تنظيمية. وقد شهدت عملية تولي عبده محمد المخلافي قيادة الحركة الإسلامية في مرحلتها التأسيسية نثر بذور العمل التنظيمي ريًّا وحرثًا واستصلاحًا، تربية ودعوة وإرشادًا..
ومن الضروري هنا التطرق في الفصل الخامس إلى أحداث آب/ أغسطس 1968 الدامية داخل مؤسسات الجيش في صنعاء، لما تركته من تداعيات سحبت نفسها على مجمل العلاقات السياسية داخل منظومة الحكم الجمهوري، فقد كان الطرف المهزوم عسكريًا فيها يستمد من تلك الأحداث مبرر تمرده واستقطاب الأفراد وكسبهم إلى كيانات مسلحة لمعارضة ومقاومة سلطة المنتصر، وهو ما شهده العقد السابع من القرن الماضي من تمردات مسلحة وتناسل تنظيمات وجبهات عسكرية غلفت نفسها بلافتات ورايات مختلفة، أسفر عما يسمى بأحداث المناطق الوسطى وأثر سلبًا على علاقات القوى السياسية والاجتماعية، وهو ما سنتطرق إليه بإذن الله في الكتاب الرابع..
في هذا الفصل سنتناول مقدمات تفجر أحداث آب/ أغسطس، ونورد شهادات لشخصيات مثلت أطرافًا رئيسية فيها، كما سنحاول الإشارة إلى تزامن تأسيس الحزب الديمقراطي الثوري من رحم حركة القوميين العرب مع اندلاع تلك الأحداث الدامية، بحسب شهادة أحد قيادي الحزب، ونتتبع أيضًا معظم الروايات التي تم تداولها عن مسار الأحداث الدامية.
لقد آلت تلك الأحداث انقسامًا في الصف الوطني وتمزقًا في النسيج الاجتماعي استمر لأكثر من عقدين من الزمان رغم محاولات العقلاء من النخبة الحاكمة في مرحلة السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين بردم الهوة وتجسير الانشقاق وإصلاح ما فسد وتقويم ما اعوج. ونود هنا أن نشير إلى ترابط الأحداث في اليمن شمالًا وجنوبًا وتشابهها مما ينسف مزاعم ودعاوي التيار الانعزالي والانفصالي.
ففي ذات العام نشأ صراع عنيف داخل مؤسسات الدولة الناشئة في عدن أسفر عن حركة الجيش في آذار/ مارس 1968 وما تبعها من حركة مضادة في مايو/ أيار وانقسام التنظيم الحاكم أدى إلى الانقلاب الأول في 22 حزيران/ يونيو 1969 وسيطرة التيار الماركسي داخل تنظيم الجبهة القومية، وإقصاء الإصلاحيين في الجبهة، وكانت أيضًا صنعاء تعيش صراعًا داميًا داخل النخبة الحاكمة للجمهورية الثانية التي أطاحت بحكم الرئيس المشير عبد الله السلال وتفجر هذا الصراع على هيئة أحداث دامية داخل مؤسسة الجيش بين طرفين ذي هوية سياسية حزبية بين البعث والماركسيين في الظاهر وفي الباطن كان الخطاب الطائفي والمذهبي سلاحًا جاهليًا لتبرير اصطفافات الطرفين.
لأن كتابنا يتناول صفحات من تاريخ الحركة الإسلامية اليمنية سنحرص على أن نتتبع جذور وبدايات الحملات التي شنها البعثيون الذين كانوا مرتبطين بالقيادة القومية في دمشق ضد الإخوان المسلمين وسنورد رواية أحد مؤسسي الحزب في اليمن وعضو القيادة القومية في مذكراته عن لقائه ميشيل عفلق قبل حركة 1948 الدستورية في صنعاء ببضعة شهور وتحذير الأخير له من الإخوان المسلمين.وفي خضم هذه الأحداث سنبحث عن موقف الإخوان المسلمين من تلك الأحداث، فبحسب شهادات عدد من جيل التأسيس كان النأي بالنفس عن حمى الاستقطاب بين الطرفين هو القرار المعتمد، والوقوف على مسافة واحدة بينهما، والسعي إلى التقريب والتصالح، مع إدانة الخطاب المثير للشحن الطائفي والمذهبي واستنكار الجرائم التي صاحبت أو أعقبت تلك الأحداث.
وفي الفصل السادس والأخير من هذا الكتاب سيتناول قصة أول مجلس تشريعي للنظام الجمهوري في شمال اليمن، ولأول مرة تشهد البلاد حراكًا سياسيًا بين الفئات الاجتماعية والأحزاب السياسية رغم حظر أنشطتها العلنية، والمكونات النقابية والتشكيلات القبلية، وكان الخطاب السائد من جميعها تدين الحزبية والأحزاب، لكنها لم تتورع عن أن تحافظ على وجودها كقوى حزبية، وسنبحث عن أسباب ذلك في السياق التاريخي يومها، وسنرصد أول المواقف العدائية العلنية بين الأحزاب والحركات.
ولأن كتابنا يتناول صفحات من تاريخ الحركة الإسلامية اليمنية سنحرص على أن نتتبع جذور وبدايات الحملات التي شنها البعثيون الذين كانوا مرتبطين بالقيادة القومية في دمشق ضد الإخوان المسلمين وسنورد رواية أحد مؤسسي الحزب في اليمن وعضو القيادة القومية في مذكراته عن لقائه ميشيل عفلق قبل حركة 1948 الدستورية في صنعاء ببضعة شهور وتحذير الأخير له من الإخوان المسلمين.
وكذلك سنورد مواقف وأحداث تكشف عن حالة التوجس والارتياب والقلق من قوى حزبية بدءًا من مرحلة ما بعد مؤتمر خمِر مرورًا بقيام المؤتمرات التي مهدت لاختيار ممثلي المجلس الوطني ثم المؤتمر الأول للاتحاد العام لطلبة اليمن في صنعاء الذي قال عنه الرئيس الأسبق عبد الرحمن الإرياني إن المشرفين عليه كانوا من البعث السوري أيام صلاح جديد ونور الدين الأتاسي، ووصف تلك الفترة أنها تمثل قمة التطرف في سوريا، وأكد أن البعثيين العراقيين وغيرهم من الطلاب المنتمين إلى أحزاب أخرى باستثناء الشيوعيين قاطعوا أعمال هذا المؤتمر الذي شن بيانه الختامي هجومًا قاسيًا على حركة الإخوان المسلمين في اليمن، وعبّر عن قلق المؤتمرين من "تحركات رجعية محمومة" حسب وصفه.
وسنتطرق أيضًا إلى دخول الأستاذ عبده محمد المخلافي أول مراقب عام للإخوان المسلمين إلى المجلس الوطني وتوليه العضوية الأساسية في اللجنة الدستورية ورئاسة لجنة التربية والتعليم والعدل والصحة والأوقاف والزراعة، وسنحاول تقديم مقاربة تفسيرية لاختيار المخلافي في هذه اللجان، وفي ختام الفصل سنتحدث عن استشهاد الأستاذ عبده محمد المخلافي في حادث مروري ما زال الكثير من الغموض والتساؤلات التي لم تجد لها إجابة شافية حول ملابسات الحادث، وما أحدثه رحيله المبكر من فراغ كبير، في ظرف زمني حرج سياسيًا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب اليمن التاريخ اليمن كتاب تاريخ اسلاميون عرض كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإخوان المسلمین فی الحرکة الإسلامیة النظام الجمهوری فی تلک الفترة تلک الأحداث الأستاذ عبد قیام الثورة الذین کانوا القومیة فی الأحداث ا هذا الفصل فی صنعاء فی الیمن إلى جانب حزب الله من خلال فی مصر عدد من فی هذا شمال ا
إقرأ أيضاً:
في اليمن أكثر من (300) نوع للحمام أشهرها عالمياً “الصنعاوي”
تربية الحمام مشروع استثماري واعد بحاجة لاهتمام الجهات المعنية
يتفق علماء الجيولوجيا على أن الحمام وجد في العالم منذ ملايين السنين، فقد استدلوا عليه من الأحافير والعظام المحفوظة في الصخور، وبدأ الإنسان منذ حوالي 5 آلاف سنة في أسر الحمام، سواء لأكله أو لتحميله الرسائل وفق دراسات وأبحاث علمية، ونتيجةً لتربية الحمام وتعاقب الأجيال باتت تتوفر أنواع عديدة منه لدى الناس بألوان وأشكال مختلفة، وتعد تربية الحمام هواية شائعة في المنطقة العربية وتنظم لهذا النوع من الطيور السباقات، بينما يصل سعر حمام السباقات إلى عشرات آلاف الدولارات.
واستخدم الحمام في ثقافات الشعوب قديما كرمز للحب والإخلاص، والحكمة والفهم، فهو أكثر أنواع الطيور ذكاء واقترابا وألفة من الإنسان، فيما اعتبر في العصور الوسطى والحديثة رمزاً للحب والسلام.
الثورة / ناصر جرادة
يعيش الحمام على هيئة أزواج متوالفة بشكل جماعي، ويصدر عادة صوتا يسمى هديل ويختلف الهديل في شدته وطوله وطبقاته حسب نوع الحمام وحجمه وعمره، فالذكر هو الأكثر إصدارا للهديل وهو ذو حجم أكبر بشكل عام ورأس أكبر؛ إنما تتغير المواصفات حسب النوعية، إذ يتراوح طول الحمام بين 15-45 سم، ولدى بعضه ريش يغطي قدميه بما فيها الأصابع، وتتراوح ألوانه بين الأسود الباهت للبني الغامق والمصفر البرتقالي والوردي المحمر، ولون العينين متباين، وكذلك قدرته على الطيران متباينة.
وينتمي الحمام إلى رتبة حماميّات الشكل، وأسرة الحماميّات، تصنّف في خمس فصائل، ونحو 42 جنسًا، وتصل أنواعها إلى نحو 308 نوع وهي من الطيور المنتشرة بكثرة في جميع أرجاء العالم، باستثناء الأماكن الباردة والنائيّة، ويصل تعداد الحمام في العالم إلى أكثر من 400 مليون حمامة وفقاً لموقع”Why Are There So Many Pigeons»، يعيش معظمها في المناطق الحضرية والمدن، كما يوجد في اليمن اكثر من 300 نوع من الحمام وفقاً لمختصين، منها القُمري والعادي والبرّي، إضافةً إلى الحمام اليمني المشهور عربياً وعالمياً بـ(الصنعاوي) إرتبابطاً إلى موطنه الأصلي محافظة صنعاء ، إذ يمتاز عن غيره بصوته العذب وحجمه الصغير، فضلاً عن جماله البديع وألوانه المتعددة، وأتساءل هنا؟!! عن شُهرة الحمام اليمني في كثير من الدول، بينما كثير من اليمنيين يتجاهلون هذا النوع النادر من الحمام، بل لا يحظى حتى بأدنى اهتمام من اليمنيين أنفسهم، سواء الجانب الرسمي أو الشعبي.
في هذا التحقيق سنتعرف على أنواع الحمام في اليمن، وعن تربيته كهواية للبعض، وكاستثمار وتجارة لآخرين.
وسنقوم بجولة في الأسواق للتعرّف على أسعارها، وسنلتقي مربين ومختصين لنعرف منهم عن التغذية والرعاية الصحية للحمام، وعن دور الجهات الحكومية المعنية في الاهتمام بالحمام اليمني كجزء من مسؤوليتها في حماية البيئة اليمنية والكائنات التي تعيش فيها .
في أسواق الحمام في صنعاء التقت “الثورة “ بعض مربي وتجار الطيور في اليمن:
يقول أحمد العنسي أحد مربي الطيور في صنعاء ومن أقدم الهواة للحمام في اليمن، “يصنّف الحمام في عدة أنواع من حيث الشكل واللون والصوت يعرفها أصحاب الخبرة والمعرفة الجيدة بالطيور، أما أغراض تربيته، فمنها السباقات (الحمام الزاجل)، أو الطيران والاستعراض (حمام الهواية)، أو حمام الزينة الذي يتميز بشكله وصوته الجميل، والاستثمار في إنتاج الصغار بغرض التسويق والأكل”.
وأفاد بوجود أكثر من300 نوع من الحمام وفي مقدمته الحمام الصنعاني أو (الصنعاوي) ومن الأنواع الموجودة أيضا في اليمن القُمري (قمارى الزينة) والزاجل والبلجيكي والبطريقي والنفّاخ والعربي والرقاص والكنق (الملك) القرّاد، ولكل واحداً منه مميزات تميزه عن غيره.
يقول الدكتور المصري “سليم الخال” اختصاصي الطب البيطري عن دورة وعمر الحمام في الحياة: “ تكمن قدرة الحمام على التفريخ في وضع البيض في جميع أوقات السنة إذ تضع الأنثى بيضتين لونهما أبيض وتتم حضانتهما نحو 18 يوما من قبل الزوجين بالتناوب، وبعد التفقيس تتم رعاية الصغار من قبل الأبوين معا لمدة شهر كامل، وتشير هيئة البيئة في أبوظبي عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن الحمام يظل ينتج منتظما حتى يبلغ عمره 12 سنة بخلاف الدجاج (3 سنوات). إضافة إلى سهولة تغذيته إذ يكفي تغذية الحمام الكبير وهو يتولى تغذية الصغار.
ويشير “العنسي” إلى أن الحمام الصنعاوي: “يعتبر من أقدم سلالات الطيور في اليمن ومن النوع النادر ولا يشاهد إلا في مواسم معينة، وأحد أنواع الحمام المشهورة عالمياً، ويمتاز بخاصية أساسية هي نعومة وعذوبة صوته وصغر حجمه وشكله البديع، ويرجع أصله إلى محافظة صنعاء ولهذا عرف عند الأكثرية بالصنعاوي”.
ويوضّح “العنسي” أن الحمام الصنعاني يتشابه نوعاً ما مع الحمام القمري أو العادي شكلاً، والصنعاني له جناحان ساقطان متدليان ويمشي على رؤوس أصابعه.
ويتميز البعض منه باهتزاز خفيف ورعشة في جسمه، إضافة إلى تعدّد ألوانه منها الأبيض والأسود، الأزرق والأحمر، ويحتضن بيضه جيداً بالمستوى المطلوب في الإنتاج والتفريخ، أما طريقة التفريق بين الذكور والإناث فتعتمد على الشكل والخبرة بشكل أكبر، وأكثر الدول حباً لهذا الحمام دول الخليج وفقاً للعنسي.
ويبلغ سعر الحمام الصنعاوي الأصل في اليمن أكثر من الف ريال سعودي ما يعادله باليمني 150الف ريال، بينما يختلف سعره في دول الخليج حيث يبدأ من 1200 ريال سعودي فما فوق، فيما تتفاوت أسعار باقي أنواع الحمام المشهور، بين ثلاثين الفا إلى مائة وعشرين الف ريال يمني حسب البائع والمربي “العنسي”.
بدوره “محمد المرزوق” وهو من كبار ملاك الحمام والطيور بالسعودية، أوضح أن أفضل أنواع الطيور هو الصنعاني والفراشة الروماني والمالطي والكوري والشمسي، وتتراوح أسعار الصنعاني ما بين ألف ريال و4 آلاف ريال سعودي.
تراجع الإقبال على شراء الحمام في صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية على ما كان في السابق بشكل كبير وفقا “للعنسي”، مرجّحاً ان السبب هو في ضعف القدرة الشرائية لقلة تدفق السيولة النقدية وارتفاع أسعار الحبوب، إذ ان الغذاء الرئيسي للحمام هو الحبوب بجميع أنواعه.
يقول “العنسي”:” لا أستخدم أعلاف في تغذية الحمام وذلك لعدم وجود أعلاف محلية ذات جودة عالية، فضلا عن بذور محسّنة ذات جودة عالمية لإنتاج أعلاف، ولا يوجد سوى بذور محلية رديئة، مقارنة بالبذور والأعلاف الخارجية المعالجة والمدعمة بالفياتمين”.
ويعاني مُربو الحمام في اليمن من قلة الإمكانية وتوفير الأدوية ومراقبة الحمام في مختلف مراحل نموه، وجهود مُربي الحمام ذاتية حيث لا يوجد اي اهتمام من جانب الدولة تجاههم، ويتمنى العنسي على الجهات المعنية إعداد برنامج تدريبي عن تربية الحمام ورعايته.
خلال جولتنا في سوق الحمام في باب اليمن وسط العاصمة صنعاء، سألنا المواطن “أحمد علي القاسمي” عن سبب شرائه الحمام، فأجاب قائلاً: “الحمام علاج طبيعي لبعض الأمراض منها فيروس الكبد والشحنات الكهربائية”. فسألناه عن الوصفة قال “نقوم بإحضار حمام ما يزال على قيد الحياة ونقوم بإزالة ريش مؤخرته فنضعه على جسم المريض من جهة الكبد أو نضعه على سُرّت بطنه ونمسك به ملامساً لجلد المريض حتى يضعف الحمام ولا يطير حتى يموت، ثم بعد ذلك يشفى المريض بإذن الله، وتعقيبا على كلامه يقول البائع “علي محمد” ما يُستخدم للعلاج إلا ذكور الحمام البلدي، وأضاف:” يستخدم الحمام في بعضِ التجارب المخبرية التي ساعدت على دراسة بعض السمات الوراثية، ودراسة الغدد الصماء، وغيرها”.
طرق وقاية الحمام من الأمراض
كثير من الأشخاص يربّون الحمام سواء كان في المزرعة أو على أسطح المنازل ويخشون من الوقوع في الأمراض التي تُصيب الحمام، ولمنع حدوث الأمراض والتعرّض لها يجب على مربي الحمام اتّباع سبل الوقاية والحماية من الجراثيم والميكروبات والفيروسات المسببة لأمراض الحمام، وكما يقول المثل_الوقاية خير من العلاج_ وفقاً للدكتور “أحمد الملصي” الخبير في شؤون الطيور والمدرّس بكلّية الزراعة بجامعة صنعاء.
وأضاف الدكتور “الملصي”:”دائماً ما يتعرّض الحمام اليمني للأمراض والفيروسات خاصة من الطيور الواردة من خارج اليمن وكواحدة من الخطوات الهامة للحفاظ على الحمام اليمني من التعرّض لهذه الأمراض والفيروسات، يجب ان يتواجد دكتور بيطري في المطار والمنافذ البرية لفحص الحمام الوارد مع المسافرين من الخارج والتي دائماً ما تكون مصابة بأمراض وفيروسات معدية”.
المربي “سعيد علي المطري “ أفاد قائلا:”الوقاية العامة للحمام تكون من خلال تطهير المسكن الذي يعيش فيه الحمام والذي يعرف بالعامية -الخم – وذلك من خلال بناء أرضية صلبة تمنع من تكاثر الميكروبات وسهولة تنظيفها من فضلات الحمام، والحفاظ على تغذية الحمام بالغذاء المناسب إذ يعتمد في غذائه على حبوب الذرة والشعير بشكل خاص فيجب الحرص على أن يكون الغذاء صحي ونظيف”.
كما ينصح “المطري” مربي الحمام إلى تنظيف حوض الماء الذي يشرب منه الحمام وتغيير الماء بشكل يومي، والتأكّد من نظافة وسلامة الأدوات التي تُستخدم مثل الأخشاب التي تقف عليها الحمام وأيضاً البيوت الصغيرة لتزاوج الحمام .
وتبعاً لطرق الوقاية تحدث “المطري” :”يجب إخراج الحمام من المكان الذي يعيش فيه من أجل التعرّض إلى الشمس ووضع حوض مائي كبير ليقوم الحمام بتنظيف نفسه، وتنظيف فضلات الحمام بشكل دوري واستخدام منظفات ومطهرات قوية مثل الفورمالين لوقاية الحمام من أمراض عدوى بكتيريا القولون والإسهال والالتهاب المعوي التقرّحي وبعض الأمراض التي تسببها الفطريات وهذه الأمراض تحدث بسبب تلوّث المكان الذي يعيش فيه الحمام ومياه الشرب الملوّثة”.
ويقول “المهندس عبدالله أبو الفتوح” مدير إدارة التنوع الحيوي بحماية البيئة،:” عملت الدولة على إنشاء مراكز حماية بيطرية في المنافذ البرية لليمن لمنع خروج الحمام اليمني، إضافةً إلى تدريب الشباب على حماية الحمام اليمني، حتى أحداث العام 2011 بعد ذلك توقف كل شيء، ولأنه نادر، لا نسمح بالتجارة الدولية به حتى لا ينقرض هذا النوع من الحمام في اليمن ويصبح ملكا لدول خارجية، لانهم يكاثروه”.
بدوره المختص بالإنتاج الحيواني المهندس صالح الشقري مدير إدارة التسويق بوزارة الزراعة والرّي يقول: “تحتاج الطيور والحيوانات البرية إلي عناية عن طريق إيجاد موائيل حافظة لهذه الطيور والحيوانات البرية وحماية المحميات والحدائق بالإضافة إلى تنظيم عمليتي التجارة والاصطياد وكذلك منع التهريب باعتبارها ثروة سيادية لا يجوز التفريط بها، فمعظم طيورنا النادرة والحيوانات البرية تتواجد في حدائق العين في الإمارات “.
ويوجد في اليمن الكثير من الأسواق الخاصة بالطيور والحمام، كسوق نقم، وسوق باب اليمن، في صنعاء، إضافة إلى سوق شعبي في أبين، وسوق الجمعة في سيئون، وغيرها من الأسواق.
عوائق واستهداف
المختص بالإنتاج الحيواني المهندس صالح الشقري أفاد بأن :”هناك إدارة مختصة بالثروة الحيوانية بوزارة الزراعة والرّي تختص بالطيور والحيوانات البرية لكن للأسف الإدارة لا تقوم بأي دور في جانب الحيوانات والطيور البرية ومنها الحمام بسبب تسريح الكادر، إضافةً إلى العمل الممنهج من قبل أمريكا وعملاءها، فالإدارة العامة لتنمية الثروة الحيوانية كانت من الإدارات التي لها اهتمام خاص من قبل شبكة التجسس والمخبرين وتسريح الكادر واحد من تلك العوائق في أهم قطاع في الزراعة وهي الثروة الحيوانية، بالإضافة إلى العدوان وتأثيراته وانعدام وجود موازنه واعتمادات تجعل من الإدارة تقوم بدورها في كل المجالات المخصصة فيها والمعنية بها أضاف إلى ذلك اصدار قانون الثروة الحيوانية وإعادة الهيكلة أدت إلي إخراج تنمية الثروة الحيوانية عن الخدمة وأصبحت المهام والاختصاصات تتنازع عليها جهات عدة وهو عمل منظم من قبل معدي القانون والهيكلة بتمويل خارجي من البنك الدولي الذي يتبع أمريكا والصهيونية، فتعتبر حربا واستهدافا ضد ما تبقي لنا من أصول نادرة بهدف تدميرها لأنها تعتبر كنزا لا يقدر ثمنه باعتبارها أصولا مستدامة”.
لم يتم حصر الأنواع البرية والطيور في اليمن، ومعرفة أنواعها وأماكن تواجدها، لعدم توفّر اعتمادات ماليه وقلة الإمكانيات، إذ تعتبر المحميات والحدائق مثل الوسط البيئي في اليمن، واعتبارها نموذج لما هو موجود في الطبيعة، وتعتبر هذه الأنواع ثروة لم تستغل بعد باعتبارها حيوانات وطيوراً نادرة في الأرض اليمنية فالحياة الفطرية تحتاج إلى اهتمام خاص من قبل الجهات الرسمية وفقاً لـ”الشقري”.
مشاريع استثمارية
يرى المهندس عبدالعزيز الجنيد” مدير عام تنمية الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة والرّي، ان المشروعات الاستثمارية في تربية الحمام من المشاريع الناجحة لما يميزها من سرعة في دورة رأس المال مع نسبة عائد على رأس المال المستثمر ليست بالصغيرة، مما يجعلها من المشاريع الاستثمارية الواعدة في مجال الإنتاج الحيواني، وكذلك فإن مشاريع تربية وإنتاج الحمام تلعب دوراً هاماً وفعالاً في توفير اللحوم الجيدة وتقليل الفجوة الغذائية من البروتين الحيواني وسد حاجة الأسواق إذا ما لاقت الاهتمام الكافي الذي يوفر للحمام الظروف البيئية والرعائية المناسبة ليحقق أعلى عائد مرجو من المشروع، إضافةً لوضع لحوم الحمام على خريطة اللحوم المستهلكة في اليمن مما يؤدي إلى الاكتفاء الذاتي من اللحوم الطائرة النظيفة وغير الملوثة، حيث معدل الاستهلاك العالمي للفرد من اللحوم البيضاء 39 % وفي الولايات المتحدة الأمريكية 79 %.
كذلك تعمل هذه المشاريع على امتصاص جزء كبير من البطالة السلبية من النساء وخاصة الحاصلات على دبلومات الزراعية، وبمعنى آخر ربط العملية التعليمة بسوق العمل، وخلق فرص عمل لخريجي الكليات المختلفة مثل (التجارة – الزراعة – الطب البيطري)، بالإضافة لتحسين دخل الأسر الفقيرة.
تربية الحمام في دول عربية
تربية الحمام هواية شائعة لا ترتبط بسن معين ويعشقها الأطفال والشباب وكبار السن. كما أن اقتناء الطيور وتربية الحمام النادر سحر له عشاقه وأسواقه، وله ما يشبه بورصة التداول للبيع والشراء، وقد قدرت مصادر حجم سوق الطيور في السعودية بأكثر من مائة مليون ريال سعودي. وبعد أن شاعت هواية تربية الطيور بين الناس، بدأ الناس الاهتمام بتربية الحمام، كما لا تزال سباقات الحمام تحظى بشعبيتها في البلدان العربية، ولتربية الحمام شغف آخر يمتد من منافسات في السماء إلى موائد الطعام، إذ توجد وصفات طهو للحمام توارثتها الأجيال من المغرب إلى الخليج.
وفي مصر، تبدو تربية الحمام هواية شائعة، ولا تقتصر هذه الهواية على ضفاف النيل فقط، فقد برز نشاط تربية الحمام، أيضا بين الذكور في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، من تنظيم سباقات وألعاب بين الطيور وأصحابها، وفي العراق، اهتم العراقيون بتربية الحمام خاصة حمام السباق ما جعل أسعاره مرتفعة وقد يصل سعر حمام السباقات إلى عشرات الآلاف من الدولارات، وبحسب تقارير إعلامية، بلغ بيع إحدى الحمامات في العراق 180 ألف دولار.
وأشار “المرزوق” إلى أن البحرين هي أكبر دولة في الخليج يهتم شعبه بتربية الحمام، وتوجد بها أسواق لبيع الطيور على مستوى كبير.
تأثير اقتناء سلالات الحمام على اندثار السلالات الفريدة
تشير العديد من الدراسات العلمية الحديثة إلى أن اقتناء سلالات الحمام الفريدة أو التجارة بها قد يكون عاملاً رئيسياً في انقراضها من جهة، والتأثير على التوازن البيئي من جهة أخرى.
تقول عالمة الأنثروبولوجيا والباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا، الدكتورة بيرين لاتشينال لوسائل إعلام: “إن اقتناء الحمام والطيور بمختلف أنواعه وسلالاته من قبل مربي الطيور ومحبي الحمام، أمرٌ يؤثر على نقاء سلالة الطيور والحمام من الناحية الجينية، ما قد يخلق أنواعاً وسلالات جديدة تكون ضعيفة جينياً وتساهم في اندثار السلالات الأصيلة”.
وتضيف الدكتورة لاتشينال:”ما يدق ناقوس خطر الاحتفاظ بسلالات الحمام والطيور، إمكانية نقل عدوى الأمراض البيكتيرية والفيروسية من الحمام الموجود لدى مربي الحمام إلى الحمام البري، والذي سينقل العدوى بشكل أكبر لوجوده في بيئته الطبيعية وهي البرية.”
قد تواجه السلالات التي يحتفظ بها مربو الحمام خطر ضياع تاريخ الطائر وموطنه، وذلك بسبب عدم قيام بعض مربي الحمام بتوثيق معلومات الطائر من خلال سجل يدوي أو حتى إلكتروني، وفقاً للدكتورة لاتشينال.
يُذكر أن الطيور البرية وطيور الزينة من أكثر الكائنات الحية تأثراً بالتغير المُناخي بسبب خسارتها لمواطنها الأصلية بفعل الحرائق والفيضانات والبراكين والزلازل ونقص مصادر الغذاء الطبيعي لها.