هل يصبح اقتصاد الأطراف مركزاً؟
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
هل يصبح اقتصاد الأطراف مركزاً؟
يُتوقع استمرار توجه صعود دول كانت أطرافاً، ويستبعد ما يوقفه في العقدين أو الثلاثة القادمة، مالم يحدث ما يخرق المسار.
نحن بصدد صعود دول لم تكن تعدّ مركزية أبداً، وكانت أقرب إلى خانة التهميش، والخضوع الكلي، أو شبه الكلي، لهيمنة «المركز» في الغرب.
صعود اقتصادي لافت لبلدان في الأطراف، أبرزها الهند والصين في آسيا والبرازيل في أمريكا الجنوبية وفي أفريقيا هناك نموذج جنوب إفريقيا الصاعد أيضاً.
لا راية أيديولوجية حالية لهذا التحوّل الراهن فاقتصاد السوق هو الحاكم في كل مكان، حتى في الصين، وإن حافظت على جوانب من سمات نظامها الاشتراكي.
رفض سمير أمين المركزية الأوروبية كأساس للبحث والتحليل، لا كردّة فعل تجاه الغرب الظالم بل من موقع العلم، إذ يقدم تشخيصا تاريخيا يدحض المنطلق أوروبي التمركز.
* * *
الحديث عن العلاقة بين المركز والأطراف عالمياً، من منظور اقتصادي – اجتماعي ليس جديداً، والمقصود بالمركز هو الغرب، بصوره المختلفة، والذي حكم، عبر الاستعمار طويل الأمد، مناطق شاسعة من العالم، جرى النظر إليها، وحتى الساعة على أنها مجرد أطراف لهذا المركز الحاكم، المتحكم، ففي دراسات الاقتصاد السياسي جرى تناول هذا المبحث كثيراً، وحوله نشأت نظريات مختلفة، بينها نظرية التبعية التي انتعشت في بلدان أمريكا اللاتينية.
وعربياً لعل أهم وأبرز اسم تناول الموضوع هو المفكر المصري المهم الراحل سمير أمين، الذي انطلق في أبحاثه من فكرة محورية هي رفض المركزية الأوروبية كأساس للبحث والتحليل، وهو لا يقوم بذلك من موقع ردّة الفعل تجاه الغرب، الظالم حقاً، وإنما من موقع العلم، حين يقدم التشخيص التاريخي الملموس الذي يدحض هذا المنطلق أوروبي التمركز، الذي لم ينجُ من شراكه كثير من المثقفين العرب، داعياً إلى قراءة أخرى للتاريخ يسميها غير أوروبية التمركز، وفي هذا السياق تأتي نظريته عن التطور غير المتكافئ.
في لحظتنا الدولية الراهنة ينشأ وضع دولي جديد جدير بالوقوف عنده، هو الصعود الاقتصادي اللافت لبلدان كانت مصنفة في خانة الأطراف، لعل أبرزها الهند، التي وصفت بـ«درة التاج البريطاني» يوم استعمرها الإنجليز. هذا في آسيا، ومن أمريكا اللاتينية تجدر الإشارة إلى البرازيل، وفي القارة الإفريقية هناك نموذج جنوب إفريقيا الصاعد أيضاً.
لسنا بصدد تناول ما بات موضوعاً للنقاش اليوم حول التعددية القطبية، التي تختلف عن أحادية القطب، الأمريكية تحديداً، وعن ثنائية العالم فترة وجود الاتحاد السوفييتي، فلا راية أيديولوجية حالية لهذا التحوّل، واقتصاد السوق هو الحاكم في كل مكان، حتى في الصين، وإن حافظت على جوانب من سمات نظامها الاشتراكي.
بل نحن بصدد تناول صعود دول لم تكن تعدّ مركزية أبداً، وكانت أقرب إلى خانة التهميش، والخضوع الكلي، أو شبه الكلي، لهيمنة «المركز».
يقارب هذا الأمر مؤلفا كتاب «تشكيل العلاقات الدولية العالمية» أميتاف أشاريا وباري بوزان الصادر في ترجمة إلى العربية ضمن سلسلة «عالم المعرفة» الكويتية، وضعها عمّار بو عشة، حيث يتوقع المؤلفان استمرار هذا الميل لصعود دول كانت أطرافاً، ويستبعدان ما يوقفه في العقدين أو الثلاثة القادمة، مالم يحدث ما يخرق المسار.
وهذا يتطلب «لا تغيّراً مناخياً كبيراً ومفاجئاً، ولا حرباً نووية واسعة النطاق، ولا طاعوناً عالمياً، ولا انهياراً هائلاً للاقتصاد العالمي أو البنية التحتية، ولا تحدياً للهيمنة البشرية من قبل أنظمة الذكاء الاصطناعي فائقة الذكاء». وهي كما نرى، جميعها، مخاطر جدية، بل وماثلة.
*د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
المصدر | الخليجالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب المركز الأطراف الهند البرازيل جنوب أفريقيا اقتصاد الأطراف الاقتصاد العالمي
إقرأ أيضاً:
عاجل.. مصر ترحب بتطور موقف الأطراف الدولية إزاء الأوضاع في غزة
أصدرت وزارة الخارجية والهجرة، قبل قليل، بيانا صحفيا، ترحب فيه، بالمواقف الدولية تجاه الاستفزازات المستمرة من جانب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مشيدًا بالخطوات الإيجابية التي تحدث مؤخرًا نحو سكان غزة ومعاناتهم وقتلهم الوحشي.
وجاء نص البيان كالآتي:
ترحب جمهورية مصر العربية، بالتطور الملحوظ في موقف الأطراف الدولية الفاعلة من حيث الرفض الكامل للانتهاكات الإسرائيلية المشينة في قطاع غزة، والاستخدام للقوة العسكرية الغاشمة ضد المدنيين الأبرياء العزل في القطاع، وما صاحب ذلك من تطبيق سياسة تجويع غير مسبوقة في النزاعات الدولية.
وقد تجسد تطور المواقف الدولية في تبني خطوات إيجابية مؤخرًا، ومنها البيان الثلاثي لقادة دول فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، بالإضافة إلى القرار الأوروبي الخاص بمراجعة مدى امتثال إسرائيل للمادة الثانية من اتفاقية المشاركة مع الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن الخطوات الجارية نحو الاعتراف المشترك لعدد من الدول بالدولة الفلسطينية.
وتعتبر جمهورية مصر العربية، أن تلك الخطوات تعكس التفافًا صائبًا ودعمًا مستحقًا من المجتمع الدولي للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والتي تم حرمانه ظلمًا منها على مدار عقود طويلة، وبما يشكل نواة لتحرك دولي أوسع مطلوب لتصحيح المسار، ووضع حد لتاريخ طويل من الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
وتعرب مصر، عن دعمها لتلك الخطوات وتطلعها لاتخاذ مزيد منها لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، كما تشجع الدول الأخرى على مواكبة هذا الحراك دعمًا وتعزيزًا لمصداقية النظام الدولي القائم على القواعد وترسيخًا لعالمية مبادئ القانون الدولي الإنساني.
وتؤكد مصر، على استمرار مساعيها في مختلف المحافل ومع كافة الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي المتمثلة في احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وبما يكفل تحقيق تطلعاته، وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على خطوط 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتشدد مصر، على أن تنفيذ حل الدولتين يعد السبيل الوحيد نحو استعادة الاستقرار والأمن وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط، وأن التعايش المشترك المبني على الاحترام المتبادل والحقوق المتساوية هو الطريق الأمثل لانطلاق المنطقة نحو آفاق جديدة من الازدهار والتكامل بين دولها على أسس صلبة ومتماسكة.
مصر ترحب بالمواقف الدولية تجاه أوضاع غزة