موقع النيلين:
2025-06-18@05:57:54 GMT

حسين خوجلي: من يوميات دفتر النكبة

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

حسين خوجلي يكتب:
من يوميات دفتر النكبة
“الحمدلله يا ولدي الما اغتصبوها”
سعدت جداً مثلما حزنت جداً باتصال هاتفي من إحدى قرى الجزيرة بأحد المحررين بصحيفة ألوان عبر خدمة الاستار لينك. والشاب هناك محاصر بالقهر والاذلال والفاقة وحراسة الأهل وترقب الهجمات المباغتة من رعايا غربي أفريقيا الوسطى وتشاد والنيجر ومالي وليبيا والمرتزقة الجنوبيين مع الكثير من الاثيوبيين واللصوص وبعض المجرمين الذين لا أصل لهم ولا معتقد ولا مرجعية مما يتسمون (بالبروس) وبعض الساقطين من بني جلدتنا.


وأثناء مهاتفة الصحفي معي كانت تنزلق من بين سرديته مجموعة من الحكايات المفجعة تتنزل منه بلا دهشة، فقد تكسرت النصالُ على النصالِ وأصبح القتل والاغتصاب والسلب في الجزيرة عابراً وسهلاً مثل القاء التحية.
ومن قلب بكائيته وأقاصيصه الدامية حين توسط سردها وبالرغم من أن الترداد يعلم الاعتياد إلا أنني سمعت عبر البعد الأثيري نشيجه وبكاءه المكتوم فواسيته بأبيات العباس ابن الأحنف الشهيرات:
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَذِّبُ قَلبَهُ
أَقصِر فَإِنَّ شِفاءَكَ الإِقصارُ
نَزَفَ البُكاءُ دُموعَ عَينِكَ فَاِستَعِر
عَيناً لِغَيرِكَ دَمعُها مِدرارُ
مَن ذا يُعيرُكَ عَينَهُ تَبكي بِها
أَرَأَيتَ عَيناً لِلبُكاءِ تُعارُ
اخترت هذه الحكاية وهي في شكلها ومضمونها تعبر عن حالة اللادولة واللاشرعية واللاخلاق واللاحياء تلك الجرثومة الذي ضربت بوادي بلادنا وحواضرها بلا هوادة وبلا شفاء.
قال لي: إن أحد أقاربه يمتلك سيارة نصف نقل دخلها يشكل صمام الأمان لاسرته الصغيرة والكبيرة، حيث يقوم بترحيل الناس واغراضهم بين القرى المتجاورة. وبما أن صاحب السيارة الشاب كان عريسا فقد ذهب لاحضار عروسته من قرية مجاورة بعد أن قضت أيام مع والدتها واخوتها.
كان العريس جديداً وكذاك العروسة كما يقول اهلنا بالريف (فوقها الملايكة) وفي طريق العودة برز سبعة أفراد من هولاء الأوغاد واشهروا اسلحتهم في طريق السيارة، فاضطر السائق العريس بالترجل ليسأل عن سبب الاعتراض وقطع الطريق وكان سؤلاً لا معنى له فإن الحال يغني عن السؤال، وجهوا له عدة ضربات موجعة باعقاب البنادق وطرحوه أرضا وأخذوا الذي في جيبه من أموال، وأنزلوا عروسته وجردوها من الحلي وثوبها وهدايا الوالدة وأخذت حقها من البذاءة والصفعات.
طلب منهم الشاب المسكين المحاصر الجريح في الحاح أن يتركوا ثوبها سترةً وحماية من شمس الظهيرة المحرقة ووعثاء الطريق ، فبعد أخذ ورد وموال طويل من الرطانة تصدقوا عليها بثوبها وانطلقوا بالسيارة وتركوا الزوجين في الخلاء وهم يتحسسون رؤوسهم، فقد كانوا لا يصدقون أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
وقد قطعوا بأرجلهم أكثر من ٢٠ كيلو متر في رحلة قاسية صامتة، حتى دخلوا قريتهم مساءً فاجتمعت حولهم القرية وهي لا تصدق أن ابناءها عادوا سالمين.
جففوا في لطفٍ قروي معهود جراح الشاب ودموع العروسة وكان الفصل الأكثر ايلاماً هي عبارة المواساة التي اتفق عليها الجميع (الجاتك في مالك سامحتك، والحمدلله يا ولدي انه الما اغتصبوها)
باتت القرية تلك الليلة قيد الاذلال والمهانة وهي سعيدة في حزنٍ وانكسار بأن المصيبة هذه المرة كانت نسبية، وعرض ابنتهم قد سلم من هؤلاء المجرمين الذين يتكاثرون ليل نهار، باعتبار أن السودان قد أصبح أكثر بلاد الأرض التي تمنحك أموالا طائلة دون عرق أو رهق عبر بندقيةٍ زائفة أو قاتله.
اللهم نسألك نصراً من عندك أو شهادة أو موتاً عاجلاً. فهذه لعمري أرضٌ دون انتصار ساحق لن تصلح للاستعمال ولن تصلح للحياة.
واخيراً جدا صار نشيد الموجوعين والمفجوعين والمقهورين الأكثر تداولاً:
اتّبعنا الملايش ودرنو قَدُرنا
وبقينا نعايش البسوانا والمو قدرنا
وكتين بالدراهم نشتريهو كدرنا
مافيش فايدة نشحن بالغبينة صدرنا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

فيديو صادم لبائع متجول يتعرض للإهانة يشعل جدلاً واسعاً.. فيديو

الجزائر

أثار مقطع فيديو صادم جرى تداوله بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي في الجزائر، موجة غضب شعبية عارمة، بعدما ظهر فيه رجل أمن يعتدي بعنف على بائع طعام متجول خلال توثيقه ليوميات عمله.

الفيديو، الذي التقطه البائع بنفسه، وثّق لحظة قيامه بإعداد الطعام على طاولة بسيطة بأحد الأرصفة، قبل أن يظهر رجل أمن بزي رسمي ويبدأ بتوبيخه بألفاظ حادة، مطالبًا إيّاه بمغادرة المكان، ثم فاجأ الجميع بركل الطاولة بعنف، ما أدى لتطاير أدوات الطبخ والطعام على الأرض، وسط ذهول الشاب.

وفجرت الواقعة سيلًا من التعليقات الغاضبة، حيث اعتبر الكثير من النشطاء أن التصرف “مهين وغير إنساني”، ولا يليق بعناصر الأمن، مطالبين بمحاسبة الفاعل ورد الاعتبار للبائع.

في المقابل، برزت بعض الأصوات التي انتقدت قيام الشاب بالتصوير في مكان عام، معتبرين أنه قد يُخل بخصوصية الزبائن والمحيط.

وفي أول رد فعل رسمي، أصدرت قيادة الدرك الوطني بيانًا توضيحيًا أكدت فيه أن “ما حدث هو تصرف فردي لا يمثل المؤسسة ولا يعكس مبادئها”، مشيرة إلى أن إجراءات تأديبية قد تم الشروع فيها بحق المعني، وفقًا للأنظمة المعمول بها.

وشددت القيادة على التزامها التام بمحاسبة أي تجاوز، والعمل على ضبط سلوك العناصر بما يضمن احترام كرامة المواطن والحفاظ على صورة وهيبة الدولة.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/06/5PN3g7HJY4GSACpG.mp4

مقالات مشابهة

  • إصابة شاب بجروح خطيرة برصاص الاحتلال واعتقاله غرب بيت لحم
  • مهاجم فرنسا الشاب بين يونايتد وتوتنهام.. صراع مرتقب
  • نصف العراق صحراء.. نينوى بأمان وذي قار الأكثر تضرراً
  • ضمن سلسلة "رؤية" للنشء.. الأعلى للشئون الإسلامية يصدر كتاب "يوميات بنات"
  • لا يستطيع هذا الشاب أن يخوض صراعه مع شيبة أو غيره دون إدخال هوس الجلابة
  • فيديو صادم لبائع متجول يتعرض للإهانة يشعل جدلاً واسعاً.. فيديو
  • رؤية للنشء.. الأعلى للشئون الإسلامية يصدر كتاب يوميات بنات
  • القرية كلها بتودعها.. تشييع جثمان طالبة إعدادية ضحية انهيار منزل بقنا.. مباشر
  • في ذكرى رحيلها.. إلهام حسين الجميلة التي انسحبت في صمت من أضواء السينما إلى حياة الظل
  • الوجه الأكثر شهرة في التاريخ.. أسرار لوحة السيدة التي خلدها دافنشي.. من هي ليزا ديل جوكوندو المرأة التي حيّرت البشرية؟