د.مصطفي ثابت يكتب..إنستا بي: نجاح التكنولوجيا المصرفية عندما تُعطى للخبراء – درس من الفشل في تطبيقات غير متخصصة
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
في العصر الرقمي الذي نعيشه، أصبحت التطبيقات المصرفية ضرورة لا غنى عنها، إذ تساعد الأفراد على إجراء معاملات مالية بسرعة وأمان دون الحاجة إلى زيارة فروع البنوك. بين هذه التطبيقات، يبرز تطبيق "إنستا بي" التابع للبنك المركزي المصري كنموذج مثالي لتطبيق ناجح ومتقن، حيث عكس الجهد المتخصص في تصميمه وتطويره رؤية البنك المركزي في تقديم خدمة رقمية تليق بمستخدميه.
أحد أهم العناصر التي تميز "إنستا بي" هو التصميم المبني على احتياجات المستخدمين. فالتطبيق يقدم واجهة سهلة الاستخدام، مما يتيح للمستخدمين، سواء كانوا خبراء في التكنولوجيا أو مبتدئين، التنقل بسهولة داخل التطبيق. لا يحتاج المستخدم إلى وقت طويل لتعلم كيفية إجراء تحويلات مالية أو التحقق من الرصيد، بل يتمكن من القيام بذلك بخطوات بسيطة وبديهية.
تطبيق "إنستا بي" يضع أمان المستخدم في مقدمة أولوياته، من خلال استخدام تقنيات حديثة للتشفير وضمان حماية البيانات الشخصية والمالية. ولأن البنك المركزي المصري يشرف على التطبيق، فإن "إنستا بي" يلتزم بأعلى معايير الأمان السيبراني المطلوبة في التطبيقات المالية، مما يزرع الثقة في قلوب المستخدمين.
أيضًا، تم تصميم التطبيق ليكون سريعًا وفعالًا، فالمعاملات تتم في لحظات دون تأخير، مما يضمن تجربة استخدام مريحة وسلسة. سواء كانت عملية تحويل أموال أو دفع فواتير، فإن التطبيق يضمن أن يتم ذلك بسهولة وسرعة دون أي تعقيدات.
على النقيض، تأتي تطبيقات مثل "أرغب في عمل توكيل" لتظهر كيف يمكن أن تفشل المشاريع عندما يتم إسنادها إلى غير المتخصصين. فالتطبيق يعاني من مشاكل واضحة في التصميم والتشغيل، ويبدو أن القائمين عليه ليس لديهم الخبرة الكافية في مجالات تكنولوجيا المعلومات أو تطوير البرمجيات. "أرغب في عمل توكيل" فشل في تلبية احتياجات المستخدمين بشكل فعال، حيث يفتقر إلى واجهة مستخدم بديهية ويعاني من بطء الاستجابة والتعطل المستمر.
علاوة على ذلك، فإن التطبيق يفتقر إلى الأسس العلمية الصحيحة لتطوير التطبيقات، فالتعامل مع هندسة البرمجيات يتطلب دراسة دقيقة لكل خطوة بدءًا من تصميم النظام وحتى إطلاق التطبيق. في حالة "أرغب في عمل توكيل"، نجد أن التطبيق لم يلتزم بهذه الأسس، مما أدى إلى ظهور مشاكل تقنية وأمنية كبيرة. وهذا انعكاس واضح لنقص الخبرة المتخصصة لدى مطوريه.
الفارق الأساسي بين نجاح تطبيق مثل "إنستا بي" وفشل تطبيق مثل "أرغب في عمل توكيل" يكمن في التخصص والخبرة. التطبيقات الناجحة لا تقتصر على التصميم الجذاب أو الواجهة المريحة فقط، بل يجب أن تقوم على أسس علمية مدروسة في مجالات البرمجة، هندسة البرمجيات، وتحليل الأعمال. عندما تقوم جهة متخصصة مثل البنك المركزي المصري بتطوير تطبيق، يكون هناك فهم دقيق لاحتياجات المستخدمين وكذلك المتطلبات الأمنية والتقنية لضمان تجربة سلسة وآمنة.
في المقابل، عندما يتولى غير المتخصصين تطوير تطبيق ما، تكون النتيجة تطبيقًا مليئًا بالأخطاء التقنية، يفتقر إلى الأداء الجيد، ولا يلتزم بأبسط قواعد الأمان. وهذا هو السبب وراء فشل بعض التطبيقات التي لم تُطوّر بواسطة فرق لديها الخبرة والتخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات.
تطبيق "إنستا بي" أثبت بالدليل القاطع أن إسناد الأمور إلى الخبراء يضمن الجودة العالية ويحقق النجاح. في المقابل، يثبت فشل تطبيقات مثل "أرغب في عمل توكيل" أن عدم وجود المتخصصين يؤدي إلى نتائج سيئة، مهما كانت الفكرة وراء التطبيق جيدة. الخبرة والتخصص هما العاملان الرئيسيان لضمان نجاح أي مشروع تقني، لا سيما في مجال التطبيقات المصرفية التي تتطلب مستوى عاليًا من الأمان والموثوقية.
من هذه التجارب، يمكننا القول بثقة إن إعطاء "العيش لخبازه" هو الأساس الحقيقي لتحقيق الجودة والتميز في عالم التكنولوجيا والبرمجيات.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
خلال ورشة متخصصة في الشأن الحقوقي.. مريم الحمادي: ملتزمون بوصول الجميع إلى الثقافة دون تمييز أو تكاليف
نظّمت وزارة الثقافة ورشة عمل بعنوان “تفعيل الحقوق الثقافية وفقًا للمنظمات الدولية”، وذلك في قاعة بيت الحكمة، بمشاركة نخبة من المهتمين والباحثين في الشأن الثقافي وحقوق الإنسان.
تناولت الورشة مفهوم الحقوق الثقافية وعلاقتها بمجموعة من المؤسسات والجهات ذات الصلة، بما في ذلك المنظمات الدولية المعنية، إضافة إلى استعراض الاتفاقيات الدولية التي وقّعتها دولة قطر، خاصة تلك المرتبطة بـمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وخلال الورشة، قدّمت السيدة مريم ياسين الحمادي، مدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الثقافة، عرضًا حول الإطار العام للحقوق الثقافية، مشيرةً إلى أن الثقافة ترتبط بعدد من القطاعات، من ضمنها قطاع حقوق الإنسان، الأمر الذي ينعكس في التزامات الدولة على الصعيد الدولي.
وأكدت الحمادي أن الحقوق الثقافية تُعد جزءًا لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وتشمل الحق في المشاركة في الحياة الثقافية، وممارسة الإبداع والتعبير، والوصول إلى المنتج الثقافي دون تمييز. وقالت: “هناك العديد من الاتفاقيات التي وقّعتها دولة قطر مع منظمة اليونسكو، وهذه الاتفاقيات تشكّل التزامًا يستند إلى خصوصية المجتمع القطري، ويتماشى مع دستوره وسيادته، وفي الوقت ذاته ينسجم مع المعايير الدولية”.
وأضافت أن وزارة الثقافة ملتزمة بضمان الوصول العادل والمتكافئ إلى الثقافة لجميع أفراد المجتمع، من خلال إتاحة الفضاءات الثقافية، وتنظيم الفعاليات، وتوفير المحتوى دون أعباء مالية تحول دون مشاركة الفئات المختلفة، مشددةً على أن الثقافة حق للجميع، وليست حكرًا على فئة دون أخرى.
وجاءت هذه الورشة في إطار جهود وزارة الثقافة الرامية إلى تعزيز الوعي المجتمعي بالحقوق الثقافية، وتحفيز النقاش حول سبل ترجمتها إلى سياسات ومبادرات عملية تضمن إشراك جميع فئات المجتمع في الحياة الثقافية. كما تؤكد الوزارة على أهمية العمل مع المنظمات الدولية المعنية، وعلى رأسها اليونسكو، لتطوير بيئة ثقافية عادلة وشاملة، تُراعي الخصوصيات الوطنية، وتستجيب في الوقت ذاته للتحديات المعاصرة المتعلقة بالهوية، والاندماج، وحرية التعبير، والتنمية المستدامة.
الجدير بالذكر أنه بحسب اليونسكو، تُعد الحقوق الثقافية من الحقوق الأساسية للإنسان، وهي منصوص عليها في عدد من المواثيق الدولية، أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 27) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 15).
وتتضمن هذه الحقوق الحق في المشاركة بحرية في الحياة الثقافية للمجتمع، الحق في التمتع بالفنون والإبداع الأدبي والفكري، الحق في حماية المصالح المعنوية والمادية الناتجة عن أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني. الحق في احترام الهوية الثقافية واللغوية والدينية، الحق في الوصول إلى التعليم الثقافي والمعرفة، وضمان التنوع الثقافي.
وتُشدد اليونسكو على أن التمكين الثقافي شرط أساسي للتنمية المستدامة، وعلى أن حماية الحقوق الثقافية لا تقتصر على صون التراث بل تشمل دعم الإبداع والابتكار وتعزيز العدالة الثقافية داخل المجتمعات.