الجماعات الإرهابية تتخذ من الدين ستارًا بدعوى الخلافة
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
تدمير الدول أهم الأهداف من خلال نشر الفكر الإرهابى
فى كل مرة يطل الإرهاب برأسه القبيح وتغتال يداه الملطخة بالسفك والدماء رجال الشرطة الشرفاء , وفى دراسته القيمة « مفهوم الدولة وتطورها , واستغلال الجماعات الإرهابية للخلافة لهدم استقلال الدول» تناول القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى دراسته أن الجماعات الإرهابية تتخذ من الدين ستاراً بدعوى الخلافة إنكاراً لوجود الدول وتدميرها , ويجيب عن السؤال الأصعب الذى تتجنبه كثير من المؤسسات الدينية , هل الخلافة تتناسب مع طبيعة العصر ؟ وأنه يجب ألا تغفل الدول عن مواجهة الإرهاب ولا تغمض العين عنه برهة, وأن وزارة الداخلية ليست وحدها بمعزل عن المجتمع ومؤسسات الدولة الأخرى المكلفة بالقضاء على الفكر الإرهابى , وذلك فى نقطتين فى غاية فى الأهمية هما أولاً: أهم الوظائف الأساسية للدولة, ثانياً : السؤال الأصعب: هل يعد مفهوم دولة الخلافة مناسباً لطبيعة العصر؟
يقول د محمد خفاجى تكمن أهم الوظائف الأساسية للدولة فيما يلى : نشر الأمن والأمان فى المجتمع, فلايمكن منح هذه المهمة إلى أى جماعة أخرى وإلا انهارت الدولة , فللدولة وحدها حق ممارسة السلطة التى خولها لها الشعب.
ويجيب الفقيه الدكتور محمد خفاجى عن السؤال الأصعب الذى تتجنبه كثير من المؤسسات الدينية: هل يعد مفهوم دولة الخلافة مناسباً لطبيعة العصر ؟ وذلك فى سبع نقاط متتالية
يقول الدكتور محمد خفاجى يجب أن نشير إلى أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم مارس إيصال الرسالة والتبليغ عن ربه، فلمّا توفى النبى صلى الله عليه وسلم - فى 12ربيع أول عام11هـ،)، هُرع الصحابة رضوان الله عليهم إلى الاجتماع فى سقيفة بنى ساعدة، ثم قاموا بمناقشة أمر خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حماية الدين وإدارة شكل الدولة، فاتفقوا بعد خلاف بين المهاجرين والأنصار على تولى الصدّيق أبى بكر خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تتابع الخلفاء من بعده، فى خلافة راشدة (11هـ/41هـ)، ثم خلافة أموية على شكل ملك وراثى (41هـ/132هـ)، ثم خلافة عباسيّة على شكل ملك وراثى (132هـ/656هـ)، ثم دويلات إسلامية كثيرة، ثم خلافة عثمانية على شكل ملك وراثى (699هـ/1341هـ)، ثم عصر دويلات أخرى يحكمها حكّام بطرق وراثية.
ويضيف الدكتور محمد خفاجى سقطت الخلافة الإسلامية عندما أعلن مصطفى كمال أتاتورك نهاية الخلافة العثمانية وقيام الدولة التركية عام 1924 , وبعدها بأربعة أعوام وتحديدا عام 1928 ظهرت جماعة الإخوان الإرهابية فى مصر على يد مؤسسها «حسن البنا» ونادت بعودة وإحياء فكرة الخلافة الإسلامية مستغلة الدين فى السياسة ضد مفهوم الدولة الحديثة الذى يتصادم مع فكرة الخلافة، وتعدّدت الجماعات الإرهابية فى القرن الحادى والعشرين التى تشكل نهجاً مستمدا من تلك الجماعة ومن فروعها وعاش المجتمع الدولى فى أيام حالكة السواد ضد حقوق الإنسانية تحت ستار محاولات إحياء الخلافة، منها «القاعدة» و«طالبان»، و«تنظيم داعش»و«أنصار بيت المقدس» ،وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
ويشير د محمد خفاجى أنه فى الواقع لا يوجد نص قطعى الثبوت والدلالة فى إنكار وجود الدولة كوطن يظلل المواطنين أو وجوب أن ينصب المسلمون فى الأرض على رأسهم خليفة أو أميراً يجمع المسلمين كافة فى الأقطار والأمصار تحته لوائه فى بلد واحد , ليحكمها بنموذج حكم بداية نشر الدعوة أو حكم الخلفاء الراشدين , فذلك النموذج قد ساد فى عصر نشر الدعوة الإسلامية.
ويطرح الدكتور محمد خفاجى تساؤلاً مهماً : هل مفهوم دولة الخلافة الإسلامية يتناقض مع مفهوم الدولة الحديثة ؟ وهل يخالف حقيقة العصر؟ فيجيب أن مفهوم دولة الخلافة الإسلامية يتناقض مع مفهوم الدولة الحديثة ويخالف حقيقة العصر ومعطيات الزمن الحديث , ويتعارض مع تطور الإنسانية عبر تاريخها الطويل , وأنه من باب الاستحالة المطلقة فى العصر الحديث هدم كيان الدول والاستعاضة عنها بمفهوم الخلافة وإلا أدى ذلك إلى الفوضى الدولية التى تقضى على البشرية , فضلا عن أن نظام دولة الخلافة قد اقتضته الظروف التى واكبت وفاة رسول الله من أصحابه للحفاظ على الدين الجديد وليس لازماً أن تقف فكرة الخلافة ضد التطور والتقدم الذى شهدته المدنية الحديثة عبر تاريخها الطويل وعصر العولمة ووسائل الاتصال والتنكولوجيا الحديثة , ذلك أنه ضد طبيعة الحياة التى خلقها الله إلغاء الأوطان بأعراقها المختلفة بحجة الانضواء تحت لواء دولة واحدة تحكم العالم بالعنف والتطرف والإرهاب تحت ستار الخلافة.
ويطرح الدكتور محمد خفاجى تساؤلاً آخر أكثر عمقاً , هل نموذج دولة الخلافة أمر منبت الصلة عن صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان ؟ وهل يتناقض معه لأن صلاحيتها لكل الأزمنة والأمكنة تعنى التطور مع كل المستجدات ؟ أن الشريعة الإسلامية ذاتها صالحة لكل زمان ومكان , لذا نص الدستور المصرى فى المادة الثانية منه على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. أما نموذج دولة الخلافة فأمر منبت الصلة عن صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان بل يتناقض معه لأن صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان تعنى التطور والتناغم والاتساق مع كل المستجدات والمستحدثات فى كل عصر , أما دولة الخلافة فتعنى التحجر والوقوف ضد كل تطور بل ضد سنة الحياة التى خلقها الله تتبدل أحوالها وتتغير فى غير ثبات.
ويؤكد الدكتور محمد خفاجى أن الجماعات الإرهابية تتخذ من الدين ستاراً بدعوى الخلافة وتسلك العنف والتطرف كشرعة ومنهاجاً لها , والتطرف هو فى حقيقته وجوهره إنكار لوجود الدول وتدمير لكياناتها، ومن ثم فإن الحرب ضد الإرهاب يجب ألا تغفل الدول عن مواجهتها مجتمعة ولا يجب أن تغمض العين عنها برهة من الزمن هذه البرهة كلفت دولاً بالانهيار وتشتتت شعوبها واحل الرعب فى نفوسهم محل الأمن والأمان , والوقوف ضد الجماعات الإرهابية بحجة الخلافة هو لحماية حقوق الإنسان. وحينما تحمى الدول حقوق الإنسان، فإنها تعالج الأسباب الجذرية للإرهاب.
وفى النهاية يؤكد الدكتور محمد خفاجى أن وزارة الداخلية ليست وحدها وبمعزل عن المجتمع ومؤسسات الدولة الأخرى المكلفة بالقضاء على الفكر الإرهابى , ذلك أنه إذا كانت مواجهة الجماعات الإرهابية مهمة وزارة الداخلية فى الأساس , إلا أنه لا يجب أن تؤديها وحدها وبمعزل عن المجتمع ومؤسسات الدولة الأخرى المتصلة بالقضاء على الفكر الإرهابى منها المؤسسات القضائية والمؤسسات الدينية والمؤسسات الثقافية والمدنية , ولو اعتقدت قيادات الشرطة أنها وحدها تحتكر مواجهة الفكر الإرهابى فلن تفلح فى قلع جذوره منفردة فى غيبة من مؤسسات الدولة الأخرى وعلى قمتها القضاء الوطنى المؤمن بوحدة نسيج هذا الوطن وغيره من مؤسسات الدولة والمجتمع ككل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المستشار دراسة الجماعات الإرهابية حماية الأمن الامن القومي رجال الشرطة نائب رئيس مجلس الدولة الجماعات الإرهابیة صلى الله علیه وسلم الشریعة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
تأجيل محاكمة 4 متهمين فى خلية التجسس الإرهابية
قررت الدائرة الأولى بمحكمة جنايات أول درجة، المنعقدة بمجمع محاكم بدر، تأجيل محاكمة 4 متهمين في قضية "خلية التجسس الإرهابية"، المقيدة برقم 19856 لسنة 2024 جنايات مدينة نصر أول، إلى جلسة 3 فبراير.
صدر القرار برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني، وعضوية المستشارين غريب محمد متولي، ومحمود محمد زيدان، ووائل عمران، وبسكرتارية ممدوح عبد الرشيد.
ووجَّهت النيابة العامة تهمة تولي قيادة في جماعة إرهابية تهدف إلى استخدام القوة والعنف والتهديد والترويع في الداخل، بغرض الإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر، والإضرار بالحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون، والوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي، والأمن القومي، ومنع وعرقلة السلطات العامة ومصالح الحكومة من أداء أعمالها، وتعطيل تطبيق أحكام الدستور والقوانين واللوائح، بأن تولى كلٌّ منهم قيادة في الهيكل الإداري لجماعة الإخوان، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة لتحقيق وتنفيذ أغراضها الإجرامية، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
كما اتهمت النيابة العامة المتهمين بأنهم انضموا إلى جماعة إرهابية مع علمهم بأغراضها ووسائلها في تحقيق تلك الأغراض، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
واتهمت النيابة العامة المتهمين أيضًا بارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، وذلك بتمويل جماعة إرهابية وإرهابيين، بأن جمعوا ووفّروا وحازوا ونقلوا وأمدّوا الجماعة بأموال مع علمهم باستخدامها في ارتكاب جرائم إرهابية، وأمدّوا أعضاءها بها، على النحو المبين بالتحقيقات.