كان الحضور سبعة فقط من مدمني تطبيق زووم، وكان اللقاء كسولا حتى لاح لي أسمه في الحضور وتذكرت أسئلته المفخخة ومنطقه الجدلي في المقهى جوار مقر “تحالف الملحدين” قريبا من جادة كنيتيكيت.

فيليكس، أحد أسئلته في الخاص لم أجب عليها (بعد أن تقطعوا الأيادي أين تذهبون بها؟!)، أراد أن يستخف بمقال كتبته عن الإسلام والتحدي الحضاري في منبر هيستوريم الأمريكي، لم يكن قصد صديقي فيليكس مكان الأيادي المقطوعة إنما حشر مقالي برمته في جزئية نقدية.

رحبت به في مجموعة النقاش، وكان قالب النقاش لا يسع سؤاله، ولكنه (لم يخيب سوء ظني فيه) لقد طرح السؤال في أول فرصة.

ابتسمت وقلت له سأسأل قاضي أو سارق وأعود لك بالإجابة الأكيدة، ولكن لدي موضوع مشابه ربما يقودنا للوصول للإجابة، قلت له رقم الرجال المتحولين إلى نساء في أمريكا بالعمليات الجراحية للأعضاء التناسلية قرابة خمسمائة في العام، أين تذهبون بالخمسمائة (عضو ذكري) كل سنة؟ ضحك كثيرا، وقال ممازحا، لا أدري ولكن إذا فعلتها ربما .. ربما .. لا أدري .. لقد نلت مني!

كان عدد من الأصدقاء كاميراتهم مغلقة في التطبيق، ويكتفون بالتثاؤب والمتابعة الصوتية، بعضهم فتحها وتحفز للدخول في النقاش، ستيفن من يوغندا أزاح “الجعة” وظهر، والروسية كارلا المقيمة في جنوبي نيجريا، ظهرت بغير مكياج، وتبدد النعاس من القروب الصغير تماما.
قلت له، أنا أدرك أن هنالك محفوظات ومرددات حول الشريعة والمسلمين، وقد كانت مثيرة للإهتمام، ولكن بعد السقوط الأخلاقي والعلمي والتشريعي والإنساني للغرب، لم تعد لكل هذه المحفوظات العلمانية أي قيمة.

الآن، الغرب تجاوز حتى موضوع التحول الجنسي وبتر العضو الذكري إلى حالة من الجنون الاجتماعي وتشكيك الأطفال في جنسهم بالتحقيق بعد عمر الثالثة عشر. وبالمناسبة هم -في العملية الجراحية- لا يرمون كل العضو بل يأخذون منه خلايا الاحتكاك والانتصاب ويتم تحويلها إلى بظر صناعي، وأحداث فتحات كاذبة وإخراج الخصيتين وتحويل أكياسهم إلى شفرين .. ستيفن يضحك في صخب. وكارلا .. توقف توقف .. هذا مقرف.

فعلا مقرف .. لا أدري من هو هذا الممسوس الذي يترك الأنثى الطبيعية ويتعامل هذه الدمامل الذكورية المشوهة المجنونة؟ يفعلون هذا بحجة حقوق الإنسان، أي حقوق وأي إنسان مع هذه (الجلافيط)، وبعد هذا يريدون اجلاسنا أمامهم وأمام تابعيهم تلاميذ، ويصنعون لنا دساتير وقوانين ويشكلون لنا حكومات!

الآن يوجد موضوع أشد خبالا .. هنالك (التحول الإعاقي) فيأتي الشخص السليم المعافى للطبيب ويطلب منه قطع يده أوقدمه، لأنه يشعر في دواخله أنه معاق ولكنه مسجون في جسد شخص سليم، أو يقول أنه أعمى مسجون في عيون مبصرة، وفعلا قررت جويل شابينغ من نورث كاليفورنيا إزالة بصرها، وأعانها المختص النفسي بسكب نقاط من منظف الصرف الصحي على عينيها، وهو يتكون من أحماض السلفيك وهيدروكسيد الصوديوم، يعني (موية نار) لإذابة قذر المجاري، وهي الآن سعيدة وصارت أيقونة للحريات الشخصية ورمزا لفئة جديدة من البشر وهم Trans-abled ويمكنكم البحث عنها باسم Jewel Shuping والتعرف على قصتها.

أول حالة (تحول إعاقي) كانت في مستشفى شمال شرقي غلاسغو في المملكة المتحدة حيث قرر الطبيب أن اثنين من المرضي لديهم (إضراب هوية سلامة الجسد)، وأن رغبتهم في قطع أطرافهم أكيدة وأن الأفضل أن يقطعها لهم حتى لا يفعلوا ذلك بطريقة تعرض حياتهم للخطر، فقطع لهم أرجلهم اليسرى.

لا أدري! هؤلاء الأطباء، هل أقسموا قسم أبقراط أم قسم هولاكو؟! أم هم يشبهون أطباء اللجنة المزيفة الذين تحالفوا مع المليشيا الإجرامية وتستروا على جرائمها من أجل رفض عودة “الإسلاميين”؟

جائني التنبيه على نهاية زمني في النقاش، توقفت ليعود الحديث مجددا عما يحدث في النيجر وإقليم الساحل الأفريقي وما يعرف بحزام الانقلابات Coup Belt

بالمناسبة لو بحثتم في ويكيبيديا هذا المصطلح لوجدتم في مراجع التعريف قد وضعوا مقالي في “ذا براون لاند” في الترتيب الأول وذلك حسب التسلسل الزمني في إشهار المصطلح وبعدها ظهر في الميديا بكثافة.

المصطلح الذي أشرت إليه هذه المرة في بداية النقاش ونشرته في تغريدة، أن هذه الحرب في أفريقيا حاليا يجب أن تسمى (حرب دي – مال) أو De-Mal War

وجهة نظري أن حروب اقليم الساحل الافريقي هي “صراع روسي-غربي” بامتياز، ربما يظهر أنه روسي فرنسي ولكن في مسرح السودان مثلا تأخرت فرنسا قليلا وتقدمت أمريكا (ليس لصالح الدعم السريع ولكن لصالح التوازن بين حلفائها في المنطقة) أي بغرض إدارة الصراع الأماراتي المصري بما يعزز نفوذها وليس الطرفين، بل ربما إضعافهم ببعض، لأن مصالح أمريكا الاقتصادية مع الخليج، والأمنية مع مصر، ولذلك هي مع وضد الطرفين في ذات الوقت وهي (سياسة الإحتواء المزدوج).

السودان -بكل أسف- قرر أن يتعامل مع أمريكا عبر الوسطاء وليس مستقلا، وتلك قصة أخرى كتبت فيها كثيرا، ولكن الحكومة السودانية الحالية وسابقتها لا تختلفان من الذي يولد صحيحا مبصرا ويطلب البتر والعمى، أمامهم أبواب العالم الكبرى مفتوحة للتعامل المباشر ولكنهم يتلصصون خلف العواصم، في حالة من (إضراب هوية سيادة البلد).

عودة للمصطلح الجديد، ما تريده روسيا لأفريقيا تجريف الديموقراطية وتأسيس إقتصاديات عسكرية حليفة وهي عملية De-democratization

الغرب من جهته لديه ديموقراطية رديئة للغاية، ليست للشعب إنما لأقلية من العملاء والناشطين المغرورين وهم لا يقدمون شيئا في التنمية، مهمتهم فقط هي أبعاد روسيا والصين والهند وأي شريك إقتصادي كبير، ودفع البلاد في اتجاه تحرري اجتماعي يصيب المجتمع بالوهن والشذوذ ولذلك هي عملية دمقرطة سيئة Mal-Democratization

وبجمع البادئتين من المصطلحين، أحدهما موجود والآخر تصرفت فيه، نخلص إلى De-Mal
“حرب الديمال” هي حرب بين أنصار الإستبداد الوطني الداخلي وعملاء الإستبداد والاحتلال الأجنبي، ولن تسفر عن ديموقراطية ولا حرية في أفريقيا.

السودان بمقدوره أن يقدم نموذجا مختلفا، ولكن علي قيادته أن تخرج من عيادة غلاسغو أولا.

مكي المغربي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع

خضت قبل فترة تجربة أثّرت فيّ بشكل إيجابي، وجعلتني أعيد التفكير في علاقتي مع الجسد، والعادات الغذائية، ومدى تحكمنا في أنفسنا أمام المغريات. الحديث هنا عن “صيام الماء”، وهو الامتناع التام عن تناول الطعام والاكتفاء بشرب الماء فقط، لفترة زمنية محددة.
كنت قد سمعت كثيرًا عن هذا النوع من الصيام، وقرأت تجارب لأشخاص طبّقوه وامتدحوا فوائده الصحية وايضًا أصدقاء لي خاضوا هذه التجربة، لكنني لم أجد الفرصة لخوضه حتى جاءت اجازة عيد الفطر ، فاغتنمت فرصة بقائي في المنزل، وقررت خوض التحدي، مكتفيًا بشرب الماء فقط لمدة سبعة أيام.
اليومان الأولان كانا الأصعب، جوع لا يُحتمل، وصداع يطرق رأسي بإلحاح. بطني تصرخ طالبة الطعام، وكل رائحة تمر قريبة منّي – خاصة رائحة الشاورما أو الكبسة – كانت كفيلة بكسر عزيمتي. لكن ما إن دخلت اليوم الثالث، حتى بدأت أشعر بتحول كبير؛ ذهن صافٍ، خفة في المعدة، اختفاء الغازات المزعجة، وإحساس بالراحة لم أعهده منذ زمن.
خلال تلك الأيام، كنت أشرب أكثر من أربعة لترات من الماء يوميًا. النتيجة؟ نقص وزني خمسة كيلوغرامات خلال أسبوع واحد، وشعرت بأن جسمي بدأ يتخلص من السموم المتراكمة. ولكن، ورغم الإيجابيات، أنصح من يرغب في خوض هذه التجربة أن يبدأ بثلاثة أيام فقط، حتى يتعرف جسده على هذا النمط، ثم يتوسع بعدها تدريجيًا إذا أراد.
من المهم أن أشدد على نقطة محورية: هذه التجربة ليست للجميع. إن كنت تعاني من أي حالة صحية، أو تستخدم أدوية مزمنة، فمن الضروري أن تستشير طبيبك أولًا. فقد نشرت جامعة هارفارد الطبية دراسة حديثة قام بها الدكتور فالتر لونغو، تشير إلى أن الصيام المتقطع والمائي قد يُفيد في تحسين الصحة بشكل عام وتقليل الالتهابات، لكنه في الوقت نفسه قد يُشكل خطرًا إذا ما طُبّق دون إشراف طبي، خاصة لمن يعانون من السكري أو انخفاض ضغط الدم.
هذا النوع من الصيام يتطلب إرادة حديدية، فالمغريات حولنا كثيرة، والاستسلام ممكن في أي لحظة. لكنه أيضًا تجربة روحية وجسدية مدهشة لمن يملك العزيمة ويعرف جسده جيدًا.

 

jebadr@

مقالات مشابهة

  • صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع
  • مجلة أمريكية تفند من المنتصر في حرب اليمن.. الحوثيون أم أمريكا؟ (ترجمة خاصة)
  • “ديفيد هيرست”: “إسرائيل” ستخسر الحرب في غزة كما خسرت أمريكا في فيتنام
  • شاهد بالفيديو.. حشود هائلة من السودانيين بالسعودية كانوا في استقبالها.. التيكتوكر الشهيرة خديجة أمريكا تدخل “البازار” الخاص بها وسط حراسة مشددة من “البودي قاردات”
  • شاهد بالفيديو.. بعد أن نام في مطار نيويورك وفشل في اللحاق بطائرته المتجهة إلى السعودية.. التيكتوكر السودانية الشهيرة (خديجة أمريكا) تطلق زوجها “حامد” بالثلاث أمام حشد كبير من النساء
  • توقعات الأبراج وحظك اليوم الأحد 18 مايو 2025
  • “خامنئي يرد على ترامب: أمريكا استخدمت القوة للإبادة لا السلام
  • السودان: الأمم المتحدة ترحب باستمرار فتح معبر “أدري” وتحذر من مخاطر في دارفور
  • إحباط إسرائيلي.. نموذج الحكم العسكري في غزة عبثي وبدون رؤية لأنه مكلف ومرهق
  • التشيك.. سائحان يعثران على كنز ثمين!