جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-22@02:27:20 GMT

حكمة الفقد وأثر البقاء

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

حكمة الفقد وأثر البقاء

 

سهام الحارثية

حين نفقد شخصًا عزيزًا، نمر بلحظة استثنائية لا تشبه أي شيء آخر، تلك اللحظة التي تترك فيها عزيزك في قبره وترحل هي اللحظة التي تعيد تشكيل رؤيتك للحياة بشكل جذري، تدرك فجأة أن الحياة ليست مضمونة، وأنها عابرة كمرور الرياح، وأن الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا مهرب منها.

في تلك اللحظة، يظهر نوع جديد من الوعي العميق.

تدرك أن الحياة لا تقاس بطولها، بل بما نعيشه خلالها من تجارب، وبما نتركه من أثر… الشخص الذي ودعته لم يرحل تمامًا، بل ترك بصمة خالدة في قلبك وروحك. وفاته تُيقظك على حقيقة أن الحب والذكريات هما الإرث الحقيقي الذي يبقى بعد الفناء الجسدي.

حين تبتعد خطواتك عن القبر، يبدأ قلبك في استيعاب ما لا تستطيع الكلمات التعبير عنه!! تدرك أن الفراق لا يعني النهاية، بل بداية لحياة جديدة تُعاش بشكل أعمق. في هذا الألم، تتعلم الحكمة: الحياة هدية قصيرة، وعلينا أن نقدر كل لحظة فيها، لا بالأشياء المادية أو النجاحات السطحية، بل بالعلاقات الإنسانية الحقيقية العميقة وبالطريقة التي نؤثر بها على الآخرين.

في لحظات الفقد، قد تجد نفسك تتغير داخليًا، تكتشف جوانب جديدة من شخصيتك.. الفقد يعيد ترتيب أولوياتك، فتدرك أن العلاقات الإنسانية والقيم الأخلاقية هي أثمن ما يمكن للإنسان أن يحافظ عليه، ما كان يبدو في السابق عاديًا ومتوفرا متى ما احتجته يصبح الآن ذا قيمة رغم غيابه وتبدأ في التفاعل مع الآخرين بوعي أكبر، محاولًا بناء ذكريات أكثر صدقًا ومعنى.

تكتشف أن الحياة تشبه رحلة قصيرة، وأننا جميعًا مسافرون فيها. ليس المهم ما نمتلكه من أشياء، بل ما نتركه من أثر في قلوب الآخرين، الحياة، مثل موجة في بحر الزمن، تظهر وتختفي، لكنها تترك تموجات تستمر في الامتداد بعد أن تنحسر!! كل منَّا يسير في هذا العالم تاركًا خلفه تموجات من الذكريات والتأثيرات التي لا تزول.

في أوقات الفقد، يلجأ الإنسان إلى الروحانية للبحث عن السلام الداخلي وتجد أن الإيمان يخفف من وطأة الألم، ويضفي طمأنينة على القلب وتدرك أن الفراق ليس نهاية للعلاقة، بل بداية لوجود روحاني جديد يستمر بالدعاء والذكرى فالشخص الذي ودعته يظل موجودًا في روحك من خلال الدعوات التي ترفعها له، ومن خلال الأعمال الخيّرة التي تقوم بها باسمه.

مع مرور الزمن، تدرك أن أعظم ما يمكن أن تتركه ليس ما جمعته من ممتلكات أو نجاحات مادية، بل الأثر الذي تتركه في قلوب الآخرين. الحب، والصدق، والرعاية التي قدمتها لمن حولك هي الإرث الحقيقي الذي يعيش بعدك. الشخص الذي رحل عنك ترك أثرًا في حياتك، وهذا الأثر سيتواصل في الأجيال القادمة من خلالك.

مثلما تتساقط الأوراق في الخريف وتزهر الأشجار في الربيع، كذلك هي حياتنا .. كل شيء في الحياة يخضع لدورة مستمرة من الفناء والتجدد، الموت، على الرغم من قسوته، هو جزء من هذه الدورة الطبيعية فيُذكّرنا بأن الحياة تستمر، وأن الأثر الذي نتركه يمكن أن يزهر في قلوب الآخرين كما تزهر الأشجار بعد شتاء طويل.

في النهاية، تأتي الحكمة الأكبر من التصالح مع الفقد. تدرك أن الحزن جزء طبيعي من الوجود الإنساني، وأن الألم يمكن أن يصبح مصدرًا للنمو الروحي والداخلي. الفراق ليس نهاية، بل هو تحول لوجود آخر، يتجاوز حدود الزمن والمكان. السلام الداخلي يأتي عندما تتحول الذكرى إلى طاقة إيجابية، تذكرنا بأننا لا نعيش لأنفسنا فقط، بل نترك أثرًا في حياة من نحب، تمامًا كما فعل من رحل.

سلام الى روحك الطاهرة.. أبي الغالي.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صحف عالمية: انتهاكات إسرائيل بحق الأسرى والجثث الفلسطينية لا يمكن السكوت عليها

تناولت صحف ومواقع عالمية تزايد القلق الحقوقي من انتهاكات إسرائيل بحق الأسرى الفلسطينيين، وتطورات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تحذيرات من هشاشته في حين تواصل واشنطن ضغوطها لتثبيت الهدنة ومنع تجدد القتال.

فقد أشارت صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى الجثث المشوهة التي تعيدها إسرائيل لأسرى فلسطينيين بعد احتجازهم، وقد بدت عليها علامات تعذيب وتنكيل شديدين.

وقالت الصحيفة إنها امتنعت عن نشر صور تلك الجثث لبشاعتها، موضحة أن من بينها جثة لرجل قتل خنقا برباط حول عنقه، في حين تسلمت سلطات غزة 135 جثة مشوهة كانت محتجزة في مركز "سدي تيمان" العسكري بصحراء النقب.

وبحسب الصحيفة فإن منظمات حقوقية طالبت بتحقيق دولي في عمليات القتل الممنهجة داخل هذا المركز.

وفي سياق متصل، تناولت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ملف وقف إطلاق النار وعودة الرهائن الأحياء إلى إسرائيل.

وأشارت إلى أن ذلك لم يؤد إلى إنهاء القمع ومعاناة الفلسطينيين، بل عزز من قبضة الاحتلال على الضفة الغربية التي تخضع لسيطرة عسكرية مشددة، في حين تستمر حالة الفوضى والدمار في غزة.

وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية تسعى لإحباط أي إمكانية لظهور قيادة فلسطينية موحدة.

ولفتت إلى إن سكان غزة يعانون من غياب تام لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، بينما تتصاعد الانتهاكات في الضفة عبر الحواجز والاعتقالات وعنف المستوطنين بدعم أو تجاهل رسمي إسرائيلي.

أما صحيفة "لوموند" الفرنسية فنشرت مقالا للباحث الإسرائيلي غيرشون باسكن -أحد المشاركين في جهود التهدئة- رأى فيه أن اتفاق وقف إطلاق النار "فرصة حقيقية للسلام" بفضل المتابعة الأميركية الدقيقة وسيطرة واشنطن على الوضع.

لكنه حذر من خطر انفجار وشيك في الضفة الغربية نتيجة تصاعد العنف والاحتقان الشعبي، رغم إشادته بدور الرئيس الأميركي دونالد ترامب في دعم التهدئة.

إعلان

وأوضح باسكن أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا ترفض إعادة جثث الرهائن المتبقية، لكن الظروف الميدانية تعيق تنفيذ ذلك.

وفي السياق الأميركي، تناولت صحيفة "واشنطن بوست" جهود الولايات المتحدة لتعزيز وقف إطلاق النار، مشيرة إلى لقاءات عقدها جايك سوليفان نائب الرئيس والمبعوثان ستيف كوك وجاريد كوشنر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ـالمطلوب للمحكمة الجنائية الدوليةـ لمتابعة تنفيذ بنود المرحلة التالية من الاتفاق.

ونقلت الصحيفة عن سكان في غزة تعبيرهم عن خشيتهم من انهيار الهدنة في أي لحظة، واصفين الوضع بأنه "معلق بخيط رفيع".

أما مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، فذكرت أن الهدنة في غزة ما تزال صامدة رغم الخروق المتكررة، بفضل الضغوط الأميركية وما وصفته بـ"مصلحة إسرائيل وحماس في استمرارها".

لكنها أشارت إلى أن الاشتباكات الأخيرة في رفح كشفت هشاشة الاتفاق وصعوبة تطبيق بند نزع سلاح حماس، في ظل تحفظات عربية على فكرة نشر قوة دولية لحفظ السلام؛ خشية صدامها مع الفلسطينيين.

وختمت المجلة بأن الهدوء الحالي لا يمكن وصفه بـ"سلام دائم"، بل هو سلام هش ينتظر ما ستسفر عنه المفاوضات المقبلة.

مقالات مشابهة

  • لحظة شجاعة تنتهي بمأساة.. ضابطة تفقد حياتها أثناء إنقاذ الآخرين بكاليفورنيا
  • الإسكندرية .. «الكادحين» يصارعون من أجل البقاء
  • صحف عالمية: انتهاكات إسرائيل بحق الأسرى والجثث الفلسطينية لا يمكن السكوت عليها
  • ماكرون: لا يمكن التفاوض على تنازلات إقليمية إلا من جانب زيلينسكي
  • تقرير بريطاني: هل يمكن لترامب نزع سلاح حماس فعلا.. وكيف؟
  • ما هي أخطر أنواع الأمراض النفسية؟.. وهل يمكن تجاوزها؟
  • في ذكرى رحيله.. «معمر القذافي» صفحة لا يمكن تجاوزها في تاريخ العرب المعاصر
  • برج الميزان .. حظك اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025: تقبّل آراء الآخرين
  • الرئيس السيسي: الكلمة يمكن أن تُخرب دولة
  • جيش الاحتلال يطلب من سكان غزة البقاء بالمنطقة الواقعة غربي الخط الأصفر