كيف ننتقل من النوم العميق إلى اليقظة في غمضة عين؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
#سواليف
عندما تستيقظ صباحاً، قد تشعر وكأن عقلك بدأ ينشط مع رنين المنبه، مع أنك قد تشعر بالخمول لبعض الوقت، لكن العملية التي يمر بها الدماغ للاستيقاظ هي عملية تدريجية ومنسقة، فكيف يحدث ذلك بالضبط؟
تقول راشيل رو ، أستاذة علم وظائف الأعضاء التكاملي بجامعة كولورادو بولدر، وفق موقع لايف ساينس : “اليقظة تعني أن الدماغ في حالة تدعم الوعي والحركة والتفكير، بخلاف النوم، حيث تكون موجات الدماغ بطيئة ومتزامنة، تتميز اليقظة بنشاط أسرع وأكثر مرونة، مما يسمح لنا بالاستجابة للعالم من حولنا” وفق موقع لايف ساينس.
مع ذلك، لا توجد لحظة واحدة ينتقل فيها #الدماغ من #النوم إلى #اليقظة، كما تقول أوريلي ستيفان، باحثة النوم في #جامعة_لوزان_بسويسرا.
مقالات ذات صلةوقد أظهرت الأبحاث أن المناطق تحت القشرية في الدماغ – وهي مجموعة من التكوينات العصبية تقع أسفل القشرة المخية – مسؤولة عن إيقاظنا.
وأوضحت رو أن النظام الشبكي المنشط (RAS) يعمل في البداية كـ”مفتاح بدء”، مرسلاً إشارات لتنشيط المهاد، وهو بنية تنقل المعلومات الحسية إلى أجزاء أخرى من الدماغ، ثم إلى القشرة المخية، وهي الطبقة الخارجية المتجعدة من الدماغ.
في دراسة أُجريت عام 2025 ، وجدت ستيفان وزملاؤها أن الدماغ يُنفّذ نمطاً مميزاً من النشاط عند الاستيقاظ. عندما استيقظ المشاركون في الدراسة من مرحلة النوم غير السريع، والتي تشمل مراحل مختلفة من النوم تتراوح بين النوم الخفيف والنوم العميق، أظهر نشاط أدمغتهم في البداية اندفاعاً قصيراً من موجات أبطأ تُشبه النوم، تليها موجات أسرع مرتبطة باليقظة.
عندما استيقظ المشاركون من نوم حركة العين السريعة – وهي مرحلة نوم تتميز بأحلام واضحة وحركات عين سريعة – اتجهت موجات أدمغتهم مباشرةً إلى نشاط أسرع.
وبشكل عام، وبغض النظر عن مرحلة نوم المشاركين، بدا أن نشاط أدمغتهم يبدأ من المناطق الأمامية والوسطى من الدماغ وينتقل إلى الجزء الخلفي منه عند استيقاظهم، وفقًا للباحثين.
بمجرد استيقاظنا، تحتاج أدمغتنا إلى وقتٍ كافٍ للوصول إلى كامل قدرتها الإدراكية.
تقول ستيفان إن هذه الفترة، التي تُسمى خمول النوم ، يمكن أن تستمر من 15 إلى 30 دقيقة، بل قد تصل إلى ساعة، لا يعرف الباحثون سبب هذا الخمول الصباحي، لكن وقت استيقاظنا يلعب دورًا هامًا في شعورنا، وقد يُساعدنا التخلي عن المنبه.
أوضحت ستيفان: “عندما يستيقظ دماغك [طبيعياً]، سيرسل إشارة في لحظة منطقية” لإنهاء نومك، و هناك العديد من المناطق التي تأخذ الإشارات الداخلية والخارجية في الاعتبار، وتناقش فيما بينها متى تنتقل إلى مراحل النوم المختلفة، وأيضاً، في النهاية، متى توقظك تلقائياً.
يستمع نظام اليقظة لدينا إلى هذه المُدخلات الداخلية والخارجية، ويُنشئ دورات نكون فيها أكثر يقظةً كل 50 ثانية. يتقلب مستوى يقظتنا خلال هذه الفترات، حيث يتزايد ويتناقص مراراً وتكراراً.
قالت ستيفان: “خلال مرحلة التجهيز… يصعب الاستيقاظ”. ولكن عندما تضعف الدورة، “يصبح نومنا أكثر هشاشةً ويسهل الاستيقاظ”.
وأضافت: “وبالتالي، خلال فترة الخمسين ثانية هذه، نمر بفترة من استمرارية النوم وفترة من ضعفه”.
ولهذا السبب تنصح أصدقاءها بالاستيقاظ دائمًا في نفس الوقت، دون استخدام المنبه.
اللحظة المناسبة التي لا تتجاوز الخمسين ثانية
قالت: “سينتظر دماغك اللحظة المناسبة التي لا تتجاوز الخمسين ثانية، وستشعر بنعاس أقل عند الاستيقاظ. أما إذا كان لديك منبه، فسيكون الأمر عشوائياً نوعاً ما، قد يوقظك في أسوأ لحظة على الإطلاق، وعندها ستعاني من خمول شديد في النوم”.
مع ذلك، لا يزال الكثير مما نعرفه عن الاستيقاظ لغزًا. ولا يزال العلماء غير متأكدين من سبب شعورنا بالانتعاش عند الحصول على نفس القدر من النوم في يومٍ ما، بينما لا نشعر به في اليوم التالي. أشارت بعض الأبحاث إلى أن النظام الغذائي ومدة النوم يمكن أن يؤثرا على اليقظة الصباحية، أو على كيفية انتقال الدماغ من اليقظة إلى النوم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الدماغ النوم اليقظة
إقرأ أيضاً:
أنا صريح
د. أحمد بن موسى البلوشي
كثيرًا ما نسمع بعض الأشخاص يقولون في مواقف متعددة، أو أن لديهم شعار في الحياة وهو "أنا صريح"، في محاولة لتبرير، حديثهم، أو أسلوبهم المباشر، أو كلماتهم القاسية، ورغم أنَّ الصراحة قيمة إنسانية نبيلة، فإن استخدامها المفرط أو في غير موضعه قد يتحول إلى سلاح مؤذٍ يُفقد العلاقات دفئها واحترامها. فهل الصراحة دائمًا فضيلة؟
الصراحة تعني الوضوح، والشفافية في القول والابتعاد قدر الإمكان عن النفاق أو التلاعب بالكلمات والعبارات، وهي من الصفات الجميلة والحميدة التي تُكسب الإنسان ثقة الآخرين واحترامهم، فالشخص الصريح يقول الحقيقة كما هي دون تزوير أو مجاملة، ويسعى إلى إيصال فكرته بوضوح وصدق، وفي المجتمعات التي تُقدّر النزاهة والشفافية، تُعدّ الصراحة من القيم الأساسية، والنبيلة في التعامل الإنساني، لأنها تُبنى على الصدق وتحمي من سوء الفهم وسوء الظن.
بعض الأشخاص يستخدم عبارة "أنا صريح" لأسباب متعددة، فبعضهم يستخدمها كذريعة لتبرير موقف مُعين، أو قسوة كلامه بعد أن يوجّه كلمات جارحة أو مهينة للطرف الآخر، وكأنَّ الصراحة تبرر التجريح، بينما يلجأ آخرون إليها لإثبات الذات، معتقدين أنَّ الجرأة في القول دليل على قوة الشخصية. وهناك من يستعملها للتهرب من المسؤولية، فيُخفي وراءها رغبته في قول ما يشاء دون أن يتحمل تبعات كلماته، في حين ينشأ لدى البعض سوء فهم لمعنى الصراحة نفسها، إذ يخلطون بينها وبين التصرف غير اللبق أو النقد السلبي الذي يفتقر إلى الذوق.
تكون الصراحة مقبولة ومحبوبة عندما تُقال بأسلوب راقٍ ولطيف، فالكلمة الجميلة والطيبة قادرة على إيصال الحقيقة دون أن تُحدث جرحًا أو أذى، وتصبح أكثر جمالًا إذا أتت في الوقت المناسب، إذ إن لكل موقف طريقته الخاصة في التعبير، وليس كل وقت صالحًا لقول كل شيء. وتزداد الصراحة قيمةً عندما يكون هدفها الحقيقي هو الإصلاح، وليس الإهانة، فالشخص الصريح يسعى إلى الخير والبناء لا إلى إثبات التفوق على الآخرين، ومن الجميل أن تُقدَّم الصراحة بأسلوبٍ واعي وبنّاء، تُصاغ فيه النصيحة بكلمات وعبارات إيجابية تُعين الطرف الآخر على تقبّلها بروحٍ منفتحة.
الشعرة الفاصلة بين الصراحة والتصرف غير اللبق رفيعة ودقيقة جدًا، إذ تتحول الصراحة أحيانًا إلى تصرف غير لبق عندما تُستَخدم وسيلةً لإحراج الآخرين أو التقليل من شأنهم، أو عندما تُقال بأسلوب أو لهجةٍ متعالية أو ساخرة. كما تفقد الصراحة معناها النبيل عندما تُعبّر عن رأيٍ شخصي جارح لا ضرورة له، أو حين تُقال بلا احترامٍ لمشاعر الآخرين، وفي مثل هذه الحالات، لا تكون الصراحة شجاعة ولا صدقًا، بل تصبح نوعًا من العدوان اللفظي المموَّه بادعاء الشفافية.
إنَّ استخدام الصراحة بأسلوبٍ فظّ أو جارح قد يترك آثارًا سلبية على العلاقات الإنسانية، إذ يؤدي إلى توتر أو ضعف العلاقات سواء كانت الشخصية أو العائلية، ويُخلخل الثقة والاحترام المتبادل بين الأطراف. كما يجعل الآخرين يشعرون بالاستصغار أو الإهانة في الكثير من المواقف، فينفر النَّاس من الشخص الذي يصف نفسه بـأنَّه صريح، ويتجنبونه في الكثير من المواقف والمعاملات، وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ الصراحة الحكيمة التي تُمارَس بلطفٍ ولباقة تُسهم في بناء جسورٍ من المودة والاحترام، وتُعزّز روح التفاهم والتقدير المتبادل بين الأفراد.
في الثقافة العربية والإسلامية تُعدّ الصراحة والصدق من القيم الأصيلة والثمينة التي يعتز بها الإنسان، غير أنَّ هذه الصراحة ينبغي أن تكون مهذبة ومراعية للمشاعر، بعيدة عن التجريح أو الإهانة. فهذه الثقافة تضع ميزانًا دقيقًا بين الصراحة الواجبة والكلمة الجارحة، إذ ليس كل حقيقة تستحق أن تُقال، ولا كل رأي ينبغي أن يُعبَّر عنه دون ضوابط. فالكلمة إذا خرجت بغير حكمةٍ قد تفسد أكثر مما تصلح، أما الصراحة التي تُقال بروحٍ طيبة ونيّة صادقة فإنِّها تُعزّز الثقة وتُقرّب القلوب.
القول "أنا صريح" لا يجعل من صاحبه بالضرورة شخصًا صادقًا أو شجاعًا، فالقيمة لا تكمن في القول، بل في النية والأسلوب، والصراحة الحقيقية هي التي تُعبّر عن الحقيقة بلُطف، وتنطلق من نية الإصلاح لا الإيذاء.