العنف الرقمي الخفي يُعيد تشكيل هوية الأطفال العاطفية .. اعرف كيف تسيطر عليه
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
في زمنٍ أصبحت فيه الشاشات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، يعيش الأطفال اليوم بين عالمين متوازيين في عالم واقعي محدود بالأسرة والمدرسة، وآخر افتراضي مفتوح بلا حدود.
العنف لم يَعُد مشهدًا بل تجربة يعيشها الطفلولكن في هذا العالم الرقمي، يتعرّض الأطفال لتأثيرات نفسية وعاطفية خفية، أبرزها تشوّه الهوية العاطفية والاجتماعية بسبب المحتوى العنيف المنتشر في الألعاب والفيديوهات القصيرة ومنصات التواصل.
ويقول الدكتور أحمد أمين، خبير العلاقات الإنسانية، إن الطفل لم يعد مجرد مشاهد للعنف الرقمي، بل أصبح جزءًا منه من خلال الألعاب التفاعلية التي تمنحه دور "البطل المنتصر" بعد القتل أو التحطيم.
وأضاف امين، إلى أن "هذا التكرار يعيد برمجة دماغ الطفل عاطفيًا دون وعي، فيربط بين القوة والفعل العدواني، وبين الفوز والإيذاء."
ويشير الدكتور أحمد أمين إلى أن الخطر الأكبر هو في تآكل المشاعر الإنسانية، حيث يفقد الطفل تدريجيًا حسّ التعاطف ويتعامل مع الألم كمشهد ترفيهي.
وأوضح، أن تكرار مشاهدة المحتوى العنيف يجعل الطفل أقلّ حساسية لمشاعر الآخرين، وهو ما يظهر في سلوكه اليومي داخل المدرسة أو المنزل دون سبب واضح.
وأوضح أمين، أنه في الماضي، كان الطفل يجد قدوته في والده أو معلمه أو في شخصية كرتونية تحمل القيم. أما الآن، أصبحت القدوة هي "بطل لعبة" أو "يوتيوبر عدواني" يربط البطولة بالعنف والسيطرة.
وأكد الدكتور أمين أن "غياب القدوة الحقيقية يترك الطفل عُرضة لتبني نماذج سلوكية خاطئة تؤثر على بناء شخصيته العاطفية والاجتماعية."
وبحسب الأبحاث الحديثة، فقد أوضح أمين، إن التعرض المستمر للمحتوى العنيف يؤدي إلى:
ـ اضطراب في تنظيم المشاعر مثل سرعة الغضب أو البرود العاطفي.
ـ ارتفاع مستويات القلق الداخلي دون أسباب واضحة.
ـ اضطراب في النوم وضعف التركيز الدراسي.
ـ صعوبة في تكوين علاقات سوية قائمة على الثقة والتعاون.
ويقدّم الدكتور أحمد أمين مجموعة من التوصيات للحد من آثار العنف الرقمي على الأطفال:
ـ تربية رقمية واعية: تعليم الأطفال كيفية اختيار المحتوى المناسب بعقل نقدي بدلًا من المنع المباشر.
ـ نموذج أسري صحي: تعزيز لغة الحوار والتفاهم داخل الأسرة لتصبح هي المرجع العاطفي للطفل.
ـ توفير بدائل جذابة: عرض ألعاب ومحتويات تعليمية إيجابية تغذي الخيال وتنافس المحتوى العنيف.
ـ التعاون مع المدارس: دمج مفهوم التربية الرقمية ضمن المناهج الدراسية.
ـ دعم نفسي مبكر: استشارة مختص نفسي عند ملاحظة علامات القلق أو العدوانية أو الانعزال.
واختتم الدكتور أحمد أمين تصريحه قائلًا: “العنف الرقمي لم يَعُد مجرد تسلية، بل قضية هوية نفسية واجتماعية يجب أن نواجهها بوعي ومسؤولية، لأن ما يراه الطفل اليوم يصنع شخصيته غدًا.”
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العنف الرقمي تأثير الألعاب الإلكترونية التربية الرقمية الصحة النفسية للأطفال سلوك الأطفال الدکتور أحمد أمین المحتوى العنیف العنف الرقمی
إقرأ أيضاً:
القصة المأساوية وراء أشهر الصور في العالم.. مشهد نسر يتربص بطفل جائع حتى الموت
السودان – تُعد قصة الصورة التي التقطها المصور الجنوب إفريقي كيفن كارتر في السودان عام 1993 واحدة من أشد الصور مأساوية في عالم التصوير الصحفي، “الصورة التي قتلت بطلها في النهاية”
في قرية أيود، حيث كان كارتر يوثق آثار المجاعة المدمرة، وجد نفسه أمام مشهد مروع لطفل هزيل لا يتجاوز عامين وهو يزحف بصعوبة نحو مركز التغذية. ما إن انهار الطفل من شدة الجهد والإعياء، حتى حط نسر بالقرب منه يتربص به في مشهد يجسد المأساة الإنسانية في أقسى صورها.
وقف كارتر حائرا بين نداء ضميره الإنساني وواجبه المهني كمصور صحفي، فاختار الانتظار عشرين دقيقة ليتمكن من توثيق اللقطة قبل أن يطرد الطائر. هذا القرار الذي اتخذه في لحظة صراع أخلاقي سيطارده لبقية حياته.
عندما نُشرت الصورة في “نيورك تايمز”، أثارت عاصفة من ردود الفعل العالمية. تساءل الآلاف عن مصير الطفل، بينما هاجم آخرون كارتر واتهموه بعدم الإنسانية لتركيزه على التقاط الصورة بدلا من إنقاذ الطفل.
إلا أن الصورة المأساوية حققت الهدف منها، وساعدت في جذب انتباه العالم إلى الأزمة الإنسانية المدمرة في السودان آنذاك.
على الرغم من فوز الصورة بجائزة “بوليتزر” المرموقة عام 1994، إلا أن كارتر دفع ثمنا باهظا لنجاحه، فقد غرقت حياته في دوامة من الكوابيس المستمرة عن الأطفال الجوعى والضحايا، وانهارت علاقاته الشخصية، وغدا مدمنا للمخدرات وفقد القدرة على العمل.
وبعد أربعة أشهر فقط من حصوله على الجائزة، انتحر كارترعن عمر 33 عاما، تاركا رسالة مفجعة عبر فيها عن الألم الذي كان يعانيه بسبب الذكريات التي تطارده:
“ألم الحياة يتجاوز الفرح إلى درجة أن الفرح لم يعد موجودا
أنا مطارد بذكريات الجوعى والقتلى والأطفال المعذبين”
تبقى قصة كارتر شاهدا على المعضلة الأخلاقية العميقة التي تواجه العاملين في مجال التوثيق الصحفي، حيث تتحول اللحظة التي كان من المفترض أن تجلب له الشهرة إلى عبء ثقيل يحطم حياته. تذكرنا هذه القصة بأن بعض الصور قد تأتي بتكلفة إنسانية باهظة، وأن العدسة قد تلتقط أحيانا أكثر مما تحتمله الروح البشرية.
المصدر: ديلي ميل