من خارج صندوق القارة الهندية
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
بدر بن علي بن سعيد الهادي
تعد سلطنة عمان من الدول التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة لتلبية احتياجات سوق العمل في العديد من القطاعات، خاصة في مجالات البناء والزراعة والصناعة، وعلى مدى سنوات، كانت القارة الهندية واحدة من أكبر مصادر العمالة، خصوصًا جمهورية الهند، حيث يشكل العمال الهنود نسبة كبيرة من القوى العاملة.
تنويع مصادر العمالة يعد خطوة إيجابية، لكنه يواجه عقبات مرتبطة بجشع بعض المستثمرين والتجار الذين يسعون للحصول على أيدٍ عاملة رخيصة من القارة الهندية، هذا التوجه يخلق تحديات على مستويات عدة؛ إذ يتسبب استغلال العمالة الرخيصة في مشكلات تتعلق بساعات العمل المرهقة والمساكن غير المناسبة، فقط لتوفير المزيد من التكاليف، الأمر الذي يؤثر أيضًا على العمالة المحلية، مما يزيد من معدلات البطالة بين المواطنين العُمانيين، الذين هم أحق بالفرص المتاحة في سوق العمل.
كذلك، العمالة الرخيصة تؤثر سلبًا على جودة العمل والإنتاجية، وغالبًا ما تكون العمالة القادمة غير مؤهلة وتفتقر إلى المهارات اللازمة، مما ينعكس على جودة المشاريع والخدمات المقدمة، والاعتماد المستمر على هذه العمالة يحد من الاستثمار في التدريب والتأهيل، ما يجعل الاقتصاد أقل مرونة في مواجهة التحديات المستقبلية، مع تقليل حركة رأس المال محليًا.
إن التوترات الاجتماعية التي تنشأ عن الاعتماد المفرط على عمالة من جنسية واحدة تؤدي إلى إحساس المواطنين بالتهديد، سواء من حيث فرص العمل أو الفجوة الكبيرة في الرواتب وظروف المعيشة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يعرّض الاعتماد على جنسية واحدة الاقتصاد لمخاطر في حال حدوث تغيرات سياسية أو اقتصادية في تلك الدولة.
ومن خلال السنوات الماضية، تبيّن أن الاعتماد المفرط على العمالة الهندية أثار بعض القضايا الاجتماعية والدينية. الاختلاف الثقافي بين العمالة الهندية والمجتمع العماني أدى إلى صعوبات في التكيف مع العادات والتقاليد المحلية، وقد لاحظنا تأثير ذلك على اللغة العربية، حيث أدى الاعتماد الكبير على العمالة من بلد واحد إلى شيوع استخدام اللغات الأخرى أو اللغة العربية المتكسرة في التواصل اليومي.
"ومن بين الجوانب الخطيرة التي يجب على الجهات المعنية تسليط الضوء عليها هو حصر الوظائف والأعمال في القطاع الخاص على جنسية أو ديانة محددة، وهذا يعد مؤشرًا خطيرًا للغاية على أمن واستقرار البلد، فالمال عندما يكون في يد الغير قد يصبح سلاحًا مدمرًا إذا تم تفعيله، لذا، يجب التنبه لهذا الأمر ووضع ألف خط وألف علامة تعجب تحته."
كما أن من بين الجوانب السلبية الأخرى أيضًا الضغط على الخدمات العامة بدون عوائد ملحوظة ولا قيمة مضافة للبلد المستضيف، إذ إن غالبية هذه العمالة تحوّل مدخراتها إلى الخارج، مما يحد من إعادة تدوير المال في الاقتصاد المحلي.
أن أحد الأسباب التي دفعتني لكتابة هذا المقال هو مشاهدتي لمقاطع تظهر إقامة طقوس دينية غير إسلامية على أرض السلطنة، مما أثار استياء العديد من المواطنين.
" هذا الأمر يعزز ما ذكرته سابقًا حول وجود خطة منظمة تهدف إلى الاستحواذ على الوظائف والأعمال من قبل هذه الفئة، ويُعتبر هذا التطور مقدمة لمزيد من المطالب التي قد تقدمها هذه الفئة، بعد حصولها على امتيازات لم يكن ينبغي السماح بها".
لذلك، من المهم أن يتم توجيه الجهود نحو تنويع مصادر العمالة، وهذا التنويع لا يعني فقط تقليل الاعتماد على جنسية مُعينة، بل جلب مهارات وخبرات متنوعة من مختلف الدول، فإن كل دولة تتميز بخصوصيات في التعليم والتدريب المهني، ما يعزز تنوع المهارات المتاحة في السوق العمانية..
على سبيل المثال، يمكن أن يساهم العمال القادمون من شرق آسيا بخبرات في مجالات الصناعة، بينما قد يقدم العمال الأفارقة مهارات متميزة في مجالات الزراعة والتجارة.
إن تنويع مصادر العمالة يحمل العديد من الفوائد، منها:
زيادة التنافسية: التنوع في العمالة يزيد من مستوى التنافس بين العمال، مما يحسن الإنتاجية والجودة في العمل.
تعزيز التفاهم الثقافي: وجود عمال من خلفيات متعددة يعزز التنوع الثقافي في المجتمع، ويفتح الأبواب أمام الابتكار والإبداع.
دعم رؤية عمان 2040: تسعى رؤية عمان 2040 إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتقليل الاعتماد على النفط، تنويع العمالة يسهم في دعم هذه الرؤية من خلال توفير عمالة متخصصة في قطاعات غير تقليدية.
في ضوء ما سبق، يبدو أن تنويع مصادر العمالة في سلطنة عمان توجه يحمل العديد من الفوائد التي تعزز من استقرار الاقتصاد وتنمية المجتمع، ومع الإدارة الجيدة والتخطيط الاستراتيجي، يمكن أن تستفيد عمان بشكل كبير من هذا التنوع لتحقيق مستقبل مستدام ومزدهر.
"عُمان أمانة في أعناقنا جميعاً، فلنكن حراساً لهذه الأمانة في كل موقع وفي كل لحظة".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصحة : حصول 22 منشأة رعاية أولية على الاعتماد
أعلنت وزارة الصحة والسكان، حصول 22 منشأة رعاية أولية، على اعتماد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية «GAHAR» وفقا للضوابط والمعايير القياسية التي تضمن تقديم خدمات صحية بأعلى درجات الأمان والسلامة، واستعدادًا لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بجميع المحافظات.
وأشار الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، إلى أن هذا الاعتماد يأتي ضمن استراتيجية الوزارة لتطوير منظومة الرعاية الصحية الأولية، لتقديم خدمات طبية متكاملة وآمنة وذات جودة عالية تلبي احتياجات المواطنين، نظرا لأهمية خدمات الرعاية الأساسية التي تعد حجر الزاوية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.
التقييم المستمر والمتابعة الدورية يمثلان ركيزة أساسيةومن جانبه، أكد الدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان، أن التقييم المستمر والمتابعة الدورية يمثلان ركيزة أساسية في استراتيجية الوزارة لضمان استدامة تطوير منظومة الرعاية الصحية الأولية ورفع كفاءة المنشآت الصحية، موضحًا أن التقييم لا يقتصر على الجوانب الفنية والإنشائية فحسب، بل يشمل جودة الأداء الإكلينيكي والإداري ومدى الالتزام بمعايير الجودة وسلامة المريض.
وأشار إلى أن الحصول على اعتماد الـ«GAHAR» هو بداية لمسار تطوير دائم ومنهجي يعتمد على التقييم الذاتي والتحسين المستمر وتطبيق أفضل الممارسات المبنية على الدلائل العلمية، مضيفا أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا ببناء قدرات العاملين في منشآت الرعاية الأولية، من خلال برامج تدريبية متخصصة، ورفع كفاءة الفرق الطبية والإشرافية، بما يضمن الجاهزية لتقديم خدمات صحية متكاملة وفعالة تواكب متطلبات منظومة التأمين الصحي الشامل.
وبدورها، أوضحت الدكتورة رشا خضر رئيس قطاع الرعاية الأساسية وتنمية الأسرة، أن إجمالي منشآت الرعاية الأولية الحاصلة على اعتماد الـ«GAHAR» خارج محافظات منظومة التأمين الصحي الشامل، يبلغ 55 منشأة، وهو ما يُسهم في تعزيز ثقة المواطنين ورضاهم عن مستوى الخدمات المقدمة بمنشآت الرعاية الأولية.
وأشارت الدكتورة رشا خضر، إلى أن اعتماد منشآت الرعاية الأولية هو أحد الركائز الجوهرية لضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة على مستوى الخط الأول من الرعاية الصحية، بما يعزز تحسين بيئة العمل داخل المنشآت، وضمان تقديم خدمات صحية تراعي حقوقه واحتياجاته، مضيفة أن تحقيق الجودة والاعتماد في المنشآت الطبية يعكس التزام الدولة بتعزيز صحة الفرد والمجتمع، ويُعد خطوة أساسية نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة، وضمان استدامة تقديم خدمات فعّالة وآمنة لجميع المواطنين.