جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-19@17:55:00 GMT

من خارج صندوق القارة الهندية

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

من خارج صندوق القارة الهندية

 

بدر بن علي بن سعيد الهادي

تعد سلطنة عمان من الدول التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة لتلبية احتياجات سوق العمل في العديد من القطاعات، خاصة في مجالات البناء والزراعة والصناعة، وعلى مدى سنوات، كانت القارة الهندية واحدة من أكبر مصادر العمالة، خصوصًا جمهورية الهند، حيث يشكل العمال الهنود نسبة كبيرة من القوى العاملة.

ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة توجهًا متزايدًا نحو تنويع مصادر العمالة، وهو توجه يحمل في طياته العديد من الفوائد والتحديات في آنٍ واحد.

تنويع مصادر العمالة يعد خطوة إيجابية، لكنه يواجه عقبات مرتبطة بجشع بعض المستثمرين والتجار الذين يسعون للحصول على أيدٍ عاملة رخيصة من القارة الهندية، هذا التوجه يخلق تحديات على مستويات عدة؛ إذ يتسبب استغلال العمالة الرخيصة في مشكلات تتعلق بساعات العمل المرهقة والمساكن غير المناسبة، فقط لتوفير المزيد من التكاليف، الأمر الذي يؤثر أيضًا على العمالة المحلية، مما يزيد من معدلات البطالة بين المواطنين العُمانيين، الذين هم أحق بالفرص المتاحة في سوق العمل.

كذلك، العمالة الرخيصة تؤثر سلبًا على جودة العمل والإنتاجية، وغالبًا ما تكون العمالة القادمة غير مؤهلة وتفتقر إلى المهارات اللازمة، مما ينعكس على جودة المشاريع والخدمات المقدمة، والاعتماد المستمر على هذه العمالة يحد من الاستثمار في التدريب والتأهيل، ما يجعل الاقتصاد أقل مرونة في مواجهة التحديات المستقبلية، مع تقليل حركة رأس المال محليًا.

إن التوترات الاجتماعية التي تنشأ عن الاعتماد المفرط على عمالة من جنسية واحدة تؤدي إلى إحساس المواطنين بالتهديد، سواء من حيث فرص العمل أو الفجوة الكبيرة في الرواتب وظروف المعيشة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يعرّض الاعتماد على جنسية واحدة الاقتصاد لمخاطر في حال حدوث تغيرات سياسية أو اقتصادية في تلك الدولة.

ومن خلال السنوات الماضية، تبيّن أن الاعتماد المفرط على العمالة الهندية أثار بعض القضايا الاجتماعية والدينية. الاختلاف الثقافي بين العمالة الهندية والمجتمع العماني أدى إلى صعوبات في التكيف مع العادات والتقاليد المحلية، وقد لاحظنا تأثير ذلك على اللغة العربية، حيث أدى الاعتماد الكبير على العمالة من بلد واحد إلى شيوع استخدام اللغات الأخرى أو اللغة العربية المتكسرة في التواصل اليومي.

"ومن بين الجوانب الخطيرة التي يجب على الجهات المعنية تسليط الضوء عليها هو حصر الوظائف والأعمال في القطاع الخاص على جنسية أو ديانة محددة، وهذا يعد مؤشرًا خطيرًا للغاية على أمن واستقرار البلد، فالمال عندما يكون في يد الغير قد يصبح سلاحًا مدمرًا إذا تم تفعيله، لذا، يجب التنبه لهذا الأمر ووضع ألف خط وألف علامة تعجب تحته."

كما أن من بين الجوانب السلبية الأخرى أيضًا الضغط على الخدمات العامة بدون عوائد ملحوظة ولا قيمة مضافة للبلد المستضيف، إذ إن غالبية هذه العمالة تحوّل مدخراتها إلى الخارج، مما يحد من إعادة تدوير المال في الاقتصاد المحلي.

أن أحد الأسباب التي دفعتني لكتابة هذا المقال هو مشاهدتي لمقاطع تظهر إقامة طقوس دينية غير إسلامية على أرض السلطنة، مما أثار استياء العديد من المواطنين.

" هذا الأمر يعزز ما ذكرته سابقًا حول وجود خطة منظمة تهدف إلى الاستحواذ على الوظائف والأعمال من قبل هذه الفئة، ويُعتبر هذا التطور مقدمة لمزيد من المطالب التي قد تقدمها هذه الفئة، بعد حصولها على امتيازات لم يكن ينبغي السماح بها".

لذلك، من المهم أن يتم توجيه الجهود نحو تنويع مصادر العمالة، وهذا التنويع لا يعني فقط تقليل الاعتماد على جنسية مُعينة، بل جلب مهارات وخبرات متنوعة من مختلف الدول، فإن كل دولة تتميز بخصوصيات في التعليم والتدريب المهني، ما يعزز تنوع المهارات المتاحة في السوق العمانية..

على سبيل المثال، يمكن أن يساهم العمال القادمون من شرق آسيا بخبرات في مجالات الصناعة، بينما قد يقدم العمال الأفارقة مهارات متميزة في مجالات الزراعة والتجارة.

إن تنويع مصادر العمالة يحمل العديد من الفوائد، منها:

زيادة التنافسية: التنوع في العمالة يزيد من مستوى التنافس بين العمال، مما يحسن الإنتاجية والجودة في العمل.

تعزيز التفاهم الثقافي: وجود عمال من خلفيات متعددة يعزز التنوع الثقافي في المجتمع، ويفتح الأبواب أمام الابتكار والإبداع.

دعم رؤية عمان 2040: تسعى رؤية عمان 2040 إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتقليل الاعتماد على النفط، تنويع العمالة يسهم في دعم هذه الرؤية من خلال توفير عمالة متخصصة في قطاعات غير تقليدية.

في ضوء ما سبق، يبدو أن تنويع مصادر العمالة في سلطنة عمان توجه يحمل العديد من الفوائد التي تعزز من استقرار الاقتصاد وتنمية المجتمع، ومع الإدارة الجيدة والتخطيط الاستراتيجي، يمكن أن تستفيد عمان بشكل كبير من هذا التنوع لتحقيق مستقبل مستدام ومزدهر.

"عُمان أمانة في أعناقنا جميعاً، فلنكن حراساً لهذه الأمانة في كل موقع وفي كل لحظة".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عبد العاطي يعرض جهود مصر لوقف حرب غزة ويؤكد تطور العلاقات المصرية الهندية

التقى د. بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج يوم الجمعة مع ممثلي كبرى الصحف الهندية ووكالات الأنباء الدولية، وذلك خلال الزيارة التى يقوم بها إلى نيودلهي. 

استعرض وزير الخارجية مخرجات قمة شرم الشيخ للسلام التى عقدت يوم ١٣ اكتوبر والجهود التى بذلتها مصر للتوصل لاتفاق وقف الحرب في غزة بالتعاون مع الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين، مشددا على ضرورة أن يلتزم طرفى الاتفاق بتنفيذه من أجل تثبيت الاتفاق ودعم الاستقرار بالمنطقة. 

كما تناول فى هذا السياق موقف مصر من الترتيبات الأمنية والحوكمة فى قطاع غزة، ونفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية، ومؤتمر التعافى المبكر واعادة الإعمار الذى تعتزم مصر استضافته فى شهر نوفمبر.

 كما أبرز وزير الخارجية تداعيات عدم الاستقرار في الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين على الملاحة في قناة السويس، والخسائر التى تكبدتها فى عائدات قناة السويس نتيجة التطورات الإقليمية. 

مصر والهند تبحثان تعزيز التعاون في مجال الهيدروجين الأخضروزير الخارجية يلتقي أعضاء الجالية المصرية بالهند | صور

على صعيد آخر، تناول الوزير عبد العاطى التعاون الثنائي بين مصر والهند، مستعرضا التعاون القائم في مجالات التجارة والاقتصاد والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي والصناعات الدفاعية، مشيدا بالتطور المتسارع فى العلاقات الثنائية بين البلدين. 

كما قدم رؤية مصر الشاملة لمكافحة الإرهاب وتجربتها الناجحة في هذا الشأن.

وفيما يتعلق بتجمع بريكس، تناول وزير الخارجية رؤية مصر للتجمع باعتباره منتدى للتعاون الاقتصادي بين الأعضاء، مشيرا الى التشاور القائم بين مصر والهند في ظل رئاسة الهند المقبلة للتجمع، معربا عن التطلع للعمل المشترك فى عدة مبادرات بالتجمع، ومنها مجالى الذكاء الاصطناعي والشركات الناشئة. كما اعرب وزير الخارجية من جانب آخر، عن الاهتمام بالانضمام لمشروع الممر الاقتصادي في ضوء ما تمتلكه مصر من موقع جغرافي استراتيجي وبنية تحتية للموانئ والنقل.

طباعة شارك بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة الصحف الهندية وزير الخارجية الشرق الأوسط قناة السويس الصناعات الدفاعية مكافحة الإرهاب

مقالات مشابهة

  • غدًا .. ندوة حول مسيرة المرأة في العمل الشرطي
  • فرص عمل للمصريين بـ الأردن براتب 300 دينار شهريا.. رابط التقديم والتخصصات والشروط
  • صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العماني إلى 2.9% و4% خلال العامين الحالي والمقبل
  • هل يجوز مسح القدمين بدلا من غسلهما في الوضوء خارج المنزل؟ الإفتاء تجيب
  • الغردقة: محطات الوقود خاوية والسرفيس خارج الموقف
  • عبد العاطي يعرض جهود مصر لوقف حرب غزة ويؤكد تطور العلاقات المصرية الهندية
  • الصحة العالمية تحذر: انتشار الأوبئة في غزة بات خارج عن السيطرة والقطاع الصحي منهار
  • رويترز: مصافي التكرير الهندية تشتري أول نفط غياني من إكسون
  • ما خدمة الإعلان عن خادمة للتنازل عبر منصة مساند؟
  • ضبط مقيمين من الجنسية الهندية لاستغلالهما الرواسب في حائل