جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-18@19:36:16 GMT

من خارج صندوق القارة الهندية

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

من خارج صندوق القارة الهندية

 

بدر بن علي بن سعيد الهادي

تعد سلطنة عمان من الدول التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة لتلبية احتياجات سوق العمل في العديد من القطاعات، خاصة في مجالات البناء والزراعة والصناعة، وعلى مدى سنوات، كانت القارة الهندية واحدة من أكبر مصادر العمالة، خصوصًا جمهورية الهند، حيث يشكل العمال الهنود نسبة كبيرة من القوى العاملة.

ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة توجهًا متزايدًا نحو تنويع مصادر العمالة، وهو توجه يحمل في طياته العديد من الفوائد والتحديات في آنٍ واحد.

تنويع مصادر العمالة يعد خطوة إيجابية، لكنه يواجه عقبات مرتبطة بجشع بعض المستثمرين والتجار الذين يسعون للحصول على أيدٍ عاملة رخيصة من القارة الهندية، هذا التوجه يخلق تحديات على مستويات عدة؛ إذ يتسبب استغلال العمالة الرخيصة في مشكلات تتعلق بساعات العمل المرهقة والمساكن غير المناسبة، فقط لتوفير المزيد من التكاليف، الأمر الذي يؤثر أيضًا على العمالة المحلية، مما يزيد من معدلات البطالة بين المواطنين العُمانيين، الذين هم أحق بالفرص المتاحة في سوق العمل.

كذلك، العمالة الرخيصة تؤثر سلبًا على جودة العمل والإنتاجية، وغالبًا ما تكون العمالة القادمة غير مؤهلة وتفتقر إلى المهارات اللازمة، مما ينعكس على جودة المشاريع والخدمات المقدمة، والاعتماد المستمر على هذه العمالة يحد من الاستثمار في التدريب والتأهيل، ما يجعل الاقتصاد أقل مرونة في مواجهة التحديات المستقبلية، مع تقليل حركة رأس المال محليًا.

إن التوترات الاجتماعية التي تنشأ عن الاعتماد المفرط على عمالة من جنسية واحدة تؤدي إلى إحساس المواطنين بالتهديد، سواء من حيث فرص العمل أو الفجوة الكبيرة في الرواتب وظروف المعيشة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يعرّض الاعتماد على جنسية واحدة الاقتصاد لمخاطر في حال حدوث تغيرات سياسية أو اقتصادية في تلك الدولة.

ومن خلال السنوات الماضية، تبيّن أن الاعتماد المفرط على العمالة الهندية أثار بعض القضايا الاجتماعية والدينية. الاختلاف الثقافي بين العمالة الهندية والمجتمع العماني أدى إلى صعوبات في التكيف مع العادات والتقاليد المحلية، وقد لاحظنا تأثير ذلك على اللغة العربية، حيث أدى الاعتماد الكبير على العمالة من بلد واحد إلى شيوع استخدام اللغات الأخرى أو اللغة العربية المتكسرة في التواصل اليومي.

"ومن بين الجوانب الخطيرة التي يجب على الجهات المعنية تسليط الضوء عليها هو حصر الوظائف والأعمال في القطاع الخاص على جنسية أو ديانة محددة، وهذا يعد مؤشرًا خطيرًا للغاية على أمن واستقرار البلد، فالمال عندما يكون في يد الغير قد يصبح سلاحًا مدمرًا إذا تم تفعيله، لذا، يجب التنبه لهذا الأمر ووضع ألف خط وألف علامة تعجب تحته."

كما أن من بين الجوانب السلبية الأخرى أيضًا الضغط على الخدمات العامة بدون عوائد ملحوظة ولا قيمة مضافة للبلد المستضيف، إذ إن غالبية هذه العمالة تحوّل مدخراتها إلى الخارج، مما يحد من إعادة تدوير المال في الاقتصاد المحلي.

أن أحد الأسباب التي دفعتني لكتابة هذا المقال هو مشاهدتي لمقاطع تظهر إقامة طقوس دينية غير إسلامية على أرض السلطنة، مما أثار استياء العديد من المواطنين.

" هذا الأمر يعزز ما ذكرته سابقًا حول وجود خطة منظمة تهدف إلى الاستحواذ على الوظائف والأعمال من قبل هذه الفئة، ويُعتبر هذا التطور مقدمة لمزيد من المطالب التي قد تقدمها هذه الفئة، بعد حصولها على امتيازات لم يكن ينبغي السماح بها".

لذلك، من المهم أن يتم توجيه الجهود نحو تنويع مصادر العمالة، وهذا التنويع لا يعني فقط تقليل الاعتماد على جنسية مُعينة، بل جلب مهارات وخبرات متنوعة من مختلف الدول، فإن كل دولة تتميز بخصوصيات في التعليم والتدريب المهني، ما يعزز تنوع المهارات المتاحة في السوق العمانية..

على سبيل المثال، يمكن أن يساهم العمال القادمون من شرق آسيا بخبرات في مجالات الصناعة، بينما قد يقدم العمال الأفارقة مهارات متميزة في مجالات الزراعة والتجارة.

إن تنويع مصادر العمالة يحمل العديد من الفوائد، منها:

زيادة التنافسية: التنوع في العمالة يزيد من مستوى التنافس بين العمال، مما يحسن الإنتاجية والجودة في العمل.

تعزيز التفاهم الثقافي: وجود عمال من خلفيات متعددة يعزز التنوع الثقافي في المجتمع، ويفتح الأبواب أمام الابتكار والإبداع.

دعم رؤية عمان 2040: تسعى رؤية عمان 2040 إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتقليل الاعتماد على النفط، تنويع العمالة يسهم في دعم هذه الرؤية من خلال توفير عمالة متخصصة في قطاعات غير تقليدية.

في ضوء ما سبق، يبدو أن تنويع مصادر العمالة في سلطنة عمان توجه يحمل العديد من الفوائد التي تعزز من استقرار الاقتصاد وتنمية المجتمع، ومع الإدارة الجيدة والتخطيط الاستراتيجي، يمكن أن تستفيد عمان بشكل كبير من هذا التنوع لتحقيق مستقبل مستدام ومزدهر.

"عُمان أمانة في أعناقنا جميعاً، فلنكن حراساً لهذه الأمانة في كل موقع وفي كل لحظة".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير العمل يرعى الإطلاق الرسمي للمنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب

 

 

 

 

الرؤية- ريم الحامدية

احتفلت وزارة العمل، الإثنين، بإطلاق المنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب، والتي تأتي ضمن 3 ركائز وطنية تمثل جوهر المنظومة وهي: المنصة الرقمية (قدرات)، الاستراتيجية الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب، والإطار العام لبناء القدرات وإدارة المواهب، وذلك تحت رعاية معالي الأستاذ الدكتور محاد باعوين وزير العمل.

وقدمت الدكتورة زمزم بنت سيف اللمكية، مديرة مشروع المنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب، عرضا مرئيا للتعريف بالمنظومة التي تأتي كأحد البرامج الاستراتيجية للخطة الخمسية العاشرة، تحت أولوية التعليم والتعلم والبحث العلمي والقدرات الوطنية، انطلاقًا من إيمان راسخ بأن الإنسان هو أساس التنمية وغايتها، وأن الاستثمار في طاقاته هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة ورؤية "عُمان 2040".

وتهدف المنصة الرقمية "قدرات" إلى توحيد الهوية الرقمية للقدرات والمواهب في سلطنة عمان تحت سقف واحد، لتكون مرجعاً موثوقاً للمهارات والقدرات الفردية، إذ سيتم إعداد الملف الشخصي لكل فرد على منصة "قدرات" منذ سن مبكر للفرد، مع استمرارية استخدامه طوال مسيرة الفرد المهنية حتى فترة ما بعد التقاعد، وذلك بهدف تتبع مهارات الفرد وتوثيق الشهادات والخبرات المكتسبة على مر السنين، كما تهدف المنصة إلى بناء قاعدة بيانات موحدة لبناء القدرات الوطنية في سلطنة عُمان تكون غير قابلة للتحريف أو الفقدان لسنوات عديدة في المستقبل، مما سيوفر سجلاً متكاملاً ببيانات القدرات الوطنية ورصد مخرجات البرامج والمشاريع المعنية بتطوير الموارد البشرية وكيفية الاستفادة منها لتطوير الأعمال مستقبلاً.

وتمثل الاستراتيجية الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب جهدا شاملا يهدف إلى الاهتمام اللازم بأصحاب القدرات والموهوبين، من أجل تعزيز إمكانيات أبناء الوطن وفتح آفاق رحبة تسهم في تجويد العمل وتحقيق رضا المواطنين والمقيمين، وتضمن تحقيق الاستمرارية والاستدامة في الوظائف التنموية التي تقوم عليها مختلف المؤسسات، وذلك من خلال تقديم البرامج التنموية والتدريبية الفعالة والتي تقدم فائدة حقيقية وواقعية للفئات المستهدفة من طلبة المدارس والكليات والجامعات والباحثين عن عمل، والموهوبين المستقلين والموظفين في القطاعين الحكومي والخاص والمتقاعدين، الأمر الذي يمكنهم من معرفة وصقل مهاراتهم وقدراتهم بما يخدم اقتصاد سلطنة عمان ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية "عمان ٢٠٤٠".

أما الإطار العام لبناء القدرات وإدارة المواهب، فهو يُعد الوثيقة الاسترشادية الوطنية التي تحدد المنهجية العلمية لتحديد الاحتياجات من المهارات والكفاءات، من خلال 7 عناصر رئيسية هي: تقييم الاحتياجات، تصميم برامج بناء القدرات، إدارة المواهب، تعزيز الثقافة المؤسسية، أدوات التقييم والقياس، التكنولوجيا والابتكار، التنفيذ والمتابعة، التقييم والمتابعة، الاستدامة والتطوير المستمر.

وجرى خلال الحفل تكريم الجهات المشاركة في المنظومة وعرض ابتكارات الشباب في معرض مصاحب للفعالية.

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد الدولي يستعرض مع الجمعية الاقتصادية العمانية السياسات المالية لسلطنة عمان
  • بعد تمديدها حتى مايو 2026.. من المستفيدون من مبادرة تصحيح أوضاع العمالة المنزلية المتغيبة؟
  • «صندوق الموارد» يتوج بشهادة أفضل بيئة عمل
  • وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 350 دينارًا
  • تشمل الأجور وأوقات الراحة.. أبرز مخالفات عقد العمل البحري
  • جدول المخالفات الخاصة بأحكام لائحة العمالة المنزلية
  • وزير العمل يرعى الإطلاق الرسمي للمنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب
  • توفير التأمين الصحي والاجتماعي لفئة العمالة الغير منتظمة بدمياط
  • اقتصاد ما بعد الصندوق.. رؤية مصر 2030 بين تحديات الأزمات العالمية ومسار الاعتماد على الذات
  • جلسة نقاشية تستعرض دور معايير الجودة في تعزيز الثقة بالمنظومة الصحية