أكّدت مصادر متابعة لـ«الأخبار» أنّ أكثر من 200 ألف نازح سوري خرجوا من لبنان عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، منذ بدء توسّع العدوان الإسرائيلي، وهو معطى يعكس رغبة السوريين في مغادرة لبنان في الظروف الراهنة، انطلاقاً من اعتبارهم أن العودة إلى سوريا تشكّل خياراً أكثر أماناً من البقاء في لبنان، ويقود بالتالي إلى السؤال: لماذا لا تعمل مفوضية اللاجئين (UNHCR) على تسهيل العودة الآمنة الطوعية للنازحين السوريين إلى ديارهم؟ ولا سيّما أنّ عدداً كبيراً ممّن يفترشون الطرقات في ساحة الشهداء وعلى الكورنيش البحري لبيروت، هرباً من المناطق التي تتعرّض للاعتداءات الإسرائيلية، هم من الجنسية السورية، وهؤلاء حكماً لا يمكن الادعاء أو الجزم بأنّهم جميعاً مطلوبون من قبل النظام السوري.

رغم ذلك، لا تزال المفوضية تلجأ إلى طروحات ذات خلفيات سياسية، وتبدو مستعدة لفعل أيّ شيء إلا مساعدة النازح السوري في العودة إلى بلده. فتطرح، مثلاً، نقل النازحين السوريين الموجودين في البقاع والجنوب والضاحية، إضافة إلى الذين نزحوا إلى شوارع بيروت، إلى مخيماتٍ في شمال لبنان. وهي سمعت، حسب المصادر، أنّ «انتقالهم الى مخيمات الشمال أو بناء مخيّمات مؤقتة لهم هناك بدوره أمر غير مطروح، ودونه محاذير سياسية».   وفيما لم تفرض الحرب الدائرة منذ عامٍ بين لبنان والعدوّ الإسرائيلي، أيّ تبعاتٍ إضافية على المفوّضية لجهة تقديم المزيد من المساعدات للنازحين، وأبقت على ما تقدّمه لهم في الأحوال الطبيعية، كان لافتاً حسب المعطيات أنّ المفوّضية لم تتجاوب مع طلب الدولة اللبنانية تغطية نفقات علاج الجرحى السوريين من جراء العدوان، متذرّعةً بشحّ القدرات المالية.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

مأساة الطفلة أشواق.. الموت جوعًا في أحد مخيمات حجة (تقرير)

لم يكن الجوع مجرد شعور عابر في حياة الطفلة أشواق علي حسن مهاب، بل كان معركة يومية أنهكت جسدها الصغير وأطفأت أنفاسها الأخيرة داخل أحد مخيمات النازحين بمديرية عبس في محافظة حجة، شمال غرب (اليمن).

 

الطفلة أشواق، ابنة السنوات السبع، فارقت الحياة جوعًا بعد أن قضت أيامها الأخيرة على الماء، دون طعام أو دواء، ودون أدنى مقومات الحياة، لترحل بصمت كما يرحل كثيرون في بلد أنهكته الحرب منذ عقد من الزمان.

 

ملامح أشواق الغائرة وجسدها الهزيل قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها احدى ضحايا المجاعة التي فتكت بعشرات الأطفال في غزة، إلا أن الحقيقة المُفجعة أن هذه الطفلة من اليمن المنكوبة حيث تخوض آلاف الأسر حربًا يومية من أجل البقاء.

 

الساعات الأخيرة في حياة أشواق

 

في تسجيل مصوّر بثه الصحفي عيسى الراجحي، روى والد الطفلة أشواق علي حسن مهاب بمرارة تفاصيل الساعات الأخيرة من حياة طفلته التي توفيت جوعًا بعد أن قضت الأسرة أربعة أيام متتالية دون طعام.

 

وقال والد الطفلة أشواق بصوت يغلبه الحزن وتكسوه المرارة، إنه حاول إسعافها بعد أن أنهكها الجوع والمرض إلى المركز الصحي التابع للمخيم، لكن العاملين هناك اعتذروا عن استقبالها بسبب عدم توفر الأدوية.

 

كيلو طحين لـ 12 فرد

 

وأضاف والد أشواق: مع تدهور حالتها فكرت في نقلها إلى مستشفى المديرية الريفي، لكني لم أتمكن من ذلك لعدم امتلاكي أجرة المواصلات، مؤكدًا أن أسرته تعيش في وضع إنساني صعب ومأساوي، حيث يتقاسم اثنا عشر فردًا كيلو طحين واحد فقط للبقاء على قيد الحياة.

 

في ختام حديثه، حمّل والد الطفلة أشواق المسؤولية للمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني، متهمًا إياها بالتسبب غير المباشر في وفاة ابنته، بعد قطع المساعدات الغذائية والإغاثية التي كانت تصلهم في وقت سابق.

 

وكانت أكثر من مئة منظمة إغاثية، من بينها وكالات أممية ومنظمات دولية ومحلية، أعلنت في وقت سابق عن تقليص أو تعليق أنشطتها في اليمن نتيجة نقص حاد في التمويل أبرزها برنامج الأغذية العالمي الذي اضطر إلى تقليص حجم مساعداته، مما أدى إلى تفاقم معاناة الملايين وترك العديد من الأسر دون دعم أساسي للبقاء.

 

هياكل عظمية

 

يقول أحمد حسين من أحد مخيمات النزوح في مديرية عبس بمحافظة حجة، لـ”الموقع بوست”، إن عشرات الأطفال تحولوا إلى هياكل عظمية بسبب سوء التغذية الحاد، وبعضهم باتوا معرضين لخطر الموت إذا لم يتلقوا العلاج اللازم.

 

ويضيف بحسرة: "المنظمات الإغاثية كانت تساعدنا حتى لو بالقليل، لكننا الآن لا نمتلك أي شيء، لا دقيق، لا زيت، ولا حتى ماء. الوضع صعب جدًا في المخيم وكل يوم نخاف أن نستيقظ ونجد أحد أطفالنا ميتاً من الجوع".

 

ويختم في حديثه لـ”الموقع بوست”، " أصبحت المعيشة قاسية هنا، وكل يوم يزداد صعوبة عن الذي قبله، وكثيرًا ما أنام جائعًا أنا وزوجتي كي نترك ما توفر من طعام لأطفالنا الخمسة لأننا لا نحتمل رؤيتهم يبكون من الجوع.

 

أوضاع مأساوية

 

يعيش النازحون في محافظة حجة شمال اليمن، أوضاعًا إنسانية مأساوية داخل المخيمات التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة ويعاني السكان هناك من نقص حاد في المياه النظيفة وانعدام الغذاء، وغياب الرعاية الطبية الضرورية.

 

وقال الصحفي عيسى الراجحي إن الأوضاع الإنسانية في مخيمات النزوح بمديرية عبس بمحافظة حجة بلغت مرحلة حرجة، محذرًا من أن كارثة الجوع باتت تحصد الأرواح في ظل تجاهل دولي وصمت محلي.

 

وأضاف الراجحي في تصريح لـ”الموقع بوست”، أن فاجعة الطفلة أشواق ليست سوى بداية لسلسلة موت صامت يتربص بمئات الأطفال والنساء وكبار السن داخل مخيمات لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة.

 

وتابع قائلاً: "في مخيمات النزوح بمديرية عبس، لا ماء نظيف، ولا غذاء، ولا دواء. فقط خيام بالية، وأصوات أنين لا يسمعها أحد.. مشيرًا إلى أن ضحايا الجوع قادمون، وإن لم يتحرك العالم اليوم، سيموت المزيد من الأطفال وهم يحلمون بلقمة أو جرعة دواء.

 

مجاعة قادمة

 

وحذر الراجحي في حديثه لـ”الموقع بوست”، من مجاعة قادمة ستحصد أرواح الضعفاء واحدًا تلو الآخر بعد أن أغلقت المنظمات الدولية أبوابها لأسباب سياسية أو تمويلية، وتوقف المساعدات التي كانت تشكّل شريان حياة لآلاف الأسر.

 

ودعا الصحفي عيسى الراجحي في ختام تصريحه، المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية وهيئة الزكاة، ورجال المال والأعمال وما تبقى من المنظمات الإنسانية العاملة في محافظة حجة، إلى التحرك العاجل وتحمل مسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية تجاه آلاف الأسر النازحة قبل أن تتحول مخيمات النزوح إلى مقابر جماعية.

 

كارثة وشيكة

 

وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 80% من سكان اليمن بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، فيما يقف ملايين الأشخاص على حافة مجاعة واسعة النطاق تهدد حياتهم يومًا بعد يوم.

 

وأكد توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أن الوضع الإنساني في اليمن يزداد تدهورًا، محذرًا من أن نصف عدد الأطفال في البلاد – أي نحو 2.3 مليون طفل – يعانون من سوء التغذية، من بينهم 600 ألف طفل يواجهون سوء تغذية حاد يهدد حياتهم بشكل مباشر.

 

وأضاف أن أزمة سوء التغذية لا تقتصر على الأطفال فحسب، بل تمتد لتطال نحو 1.4 مليون امرأة حامل ومرضعة، وهو ما يعرض الأمهات والمواليد الجدد لـ"مخاطر جسيمة"، في ظل تدهور الخدمات الصحية وانعدام الرعاية.

 

وأشار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانيةإلى أن 9.6 ملايين امرأة وفتاة في اليمن بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة، ويواجهن في الوقت ذاته الجوع، والعنف، والانهيار التام في نظام الرعاية الصحية.

 

وأشار المسؤول الأممي إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2025 لم تتلق سوى 9 بالمئة من المبلغ المطلوب، وهو ما ستكون له عواقب وخيمة عبر إغلاق ما يقرب من 400 مرفق صحي، حيث سيؤثر على ما يقرب من 7 ملايين شخص ويزيد من حدة الأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون.

 

 


مقالات مشابهة

  • مأساة الطفلة أشواق.. الموت جوعًا في أحد مخيمات حجة (تقرير)
  • نجوم على الهامش.. 6 لاعبين من تشيلسي قد يُشعلون «البريميرليج» إذا غادروا
  • بين قتل الطفولة في غزة… وتفكيك مخيمات الضفة
  • برج الجوزاء حظك اليوم السبت 26 يوليو 2025.. لا تترك الأمور معلقة بسبب التشتت
  • غدًا... يُمنع مرور الشاحنات على هذه الطرقات
  • بعض الليالي تترك أثرا .. إليسا تعلق علي حفلها في موسم جدة
  • سوريّ يشتري دراجات ناريّة بأموال مزوّرة.. هل وقعتم ضحيّة أعماله؟
  • توقيف سوريّ بالجرم المشهود في كسروان.. هذا ما حاول فعله مقابل نصف مليون دولار
  • مبعوث أمريكي يكشف عن لقاء سوري - إسرائيلي في باريس وما تم خلاله
  • النازحون يغادرون؟