الشروع في الإبادات الجماعية خارج القانون ، ضحيتها المتعاونون كما يدعي البراؤون
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
بقلم / عمر الحويج
بتاريخ 29 / يوليو / 2023م في معرض كتاباتي في التحذير من الحرب اللعينه التي يقودها طرفاها فصيلا الإسلام السياسي "القصر والمنشية " ، وهم أصل الحكاية أو قل أصل البداية والنهاية ، وقد تفرقا بعدها شيعاً ومذاهباً وقبائلاً وضغايناً ومَّصّالِحاً" للإستئثار بالسلطة المتنازع عليها أيهما يفوز بها ، وخطورتها على شعب السودان إذا تواصلت .
والآن وفي انتصار مصنوع (وليست ثورة ديسمبر المصنوعة ياعبد الماجد عبد الحميد) في بعض أحياء بحري المحدودة ، ظهر الإسلامويون بوجههم الداعشي القبيح ، الذي ظل يعبئهم ويجهزهم بالتحريض المتواصل ، ذلك الناطق الفعلي ، المخفي وجهه ، المطلق عنانه ، لعلي كرتي ذلك المدعو الإنصرافي ومن خلفه جماعته اللايفاتية وخلفهم جميعاً تنظيم الإسلاموكوز ، ونفذوا دون التزام ديني أو أخلاقي ، انما لبسوه ديناً وأخلاقاً بل طبقوه وكان داعشياً . وبدأ حصد أرواح الشباب "المتعاون" هكذا تهمتهم التي صاغها لهم الإنصرافيكوز ، هكذا أخذوا الشباب ، بعضهم جرجروه ، من بيته ومن طرف شارعه ، ومن حارته ومن وسط تكافله ، حين خدمته الآخرين وحتى من هو في مسجده ، إلى رصاصهم المعبأ جاهزاً للإطلاق الأعمى ، دون فرز ، ودون قانون ودون حتى مُهلَّة التشهد ، الموجه إلى صدور الأبرياء ، ويتوعدون بالصوت والصورة أهل السودان ، بأن هذه التهمة "متعاون) " ستنتقل بشرورها ، مع كل انتصار يحققونه ، او يحلمون به في الخيال ، ينتقلون به ، من حارة إلى حارة ومن زقاق إلى زقاق ، ومن بيت إلى بيت ، وحتى من بناية إلى بناية يحتلونها ، الى أشكال من احتفالات الموت والقتل برقصاتها الهستيرية ، يتبعها التهليل والتكبير ، يعرفون كيف ينوعونه ويخترعون طرقه المتشفيه ذلك القتل ، وسيكون اشكالاً والواناً ، حسب الوصف الذي سيوصفون به ضحيتهم أياً كان ، من شباب المقاومة كان ، ديسمبرياً كان ، قحاطياً كان ، جذرياً كان ، أو مواطناً مشتبهاً فيه كائن من كان ، لا مع هذا ولا مع ذاك ، وسنرى المقاطع المصورة لقطع وجز الرؤوس وتشريح الأحياء ، قبل تحويلهم إلى جثامين ، وأكل أكبادهم ، وما سهل منها مضغه ، كل ذلك سيتم ، وينشر وينتشر في لايفاتهم أمام أعيننا لنراه ، ونتعظ كما يريدون ، وأن نكون صامتين ، إن كنا طلقاء بفعل الصدفة والقدر .
***
وإلى المقال المبكر لرؤيتنا لحربهم اللعينة ومعذرة لطوله .
أتى عنوان المقال في ذلك التاريخ . 29 / يوليو / 2023م
[أوقفوا الحرب وإلا الإبادة الجماعية في شوارع الخرطوم لمن يدعي النصر من الطرفين] .
حديثي هذا ربما يكون إفتراضياً وقناعتي الفكرية والوطنية والتحليلية المتفائلة دائماً ، تتكئ على إنتصار الشعب في النهاية ، على كل قوى الشر التي تحيط به إحاطة السوار بالمعصم ، وبعد كل هذه التجارب التي مرت بها بلادنا ، منذ ما بعد ثورة أكتوبر 1964 رُزِّئ السودان بقوى الشر هذه ، متمثلة في تنظيم الأخوان المسلمين (الحمد لله قبل الاستقلال لم يكونوا في الساحة ، فقط قلة من الطلاب وبعض الأفراد النخبوية ، محتكين ومتحكرين وسط ( شيخهم حسن البناء ، في دروس غسل العقول والأمخاخ وإلا ماكنا نلنا استقلالنا حتى الآن .
إلى أن فتح لهم الله بظهورهم الحقيقي بمسمى جبهة الميثاق الإسلامي في ثورة أكتوبر ١٩٦٤م ، وهذه الفترة رافقتها مرحلةالتجديد في غسيل العقول والأمخاخ ، عند ظهور شيخهم الثاني سيد قطب وكتابه "جاهلية القرن العشرين" وغيرها من كتب الحاكمية لله الظلامية ، فأكتسحتهم وزادتهم إظلاماً ، وكستهم عنفاً عدوانياً أعمى .
فأنتقلوا لمرحلة الجبهة الإسلامية القومية ، حيث التمكين الإقتصادي غير المشروع ، بعد المصالحة النميرية ، وقوانين سبتمبر ( التي لاتسوى الحبر الذي كتبت به ) 1985- 1989 ،ثم الإنقلاب المشؤوم في ٨٩ ، حيث بدأ التطبيق العملي . لدروس غسيل المخ التي تلقوها من شيوخهم السابقين والجدد ، وأصبحت ثورة الإنقاذ ( كما أسموها!!) حتى المفاصلة ، حيث بعدها كان المؤتمر الوطني ، والمؤتمر الشعبي ، وللأسف في كل هذه المراحل منذ ما بعد الأستقلال . كانوا يجرجرون خلفهم وورائهم ، حواضن ، أو بالأحرى سواتر يختبئون خلفها ، استغلوها حتى تاريخ إنقلابهم واستلامهم للسلطة كاملة غير منقوصة ، ورموا خلفهم هذه الحواضن ، وفتحوا لهم سجونهم وبيوت أشباحهم ، وحتى لم يمنعهم دين أو أخلاق أو إنسانية ، لوضع أي إعتبار لمراعاة مصاهرتهم من أسر حلفائهم المخطط لها من جانبهم ، بقصد عمدي لمصلحة التنظيم .
كانوا يبتزون الشعب ، عن طريق تدينه الصوفي المتسامح ، الذي استثمرته الطائفية هي نفسها ، كحاضنة مشبوهة لها ، لهذا التدين المتأصل في االنفوس الذي كانت تستغله إنتخابياً ، للوصول إلى السلطة ، ومن المؤسف أن قيادات الطبقة الوسطى ، الموكول لها قيادة الشعب وطبقتها ، في طريق الإستنارة والوعي والتقدم ، كانت تابعاً ذليلاً ، لهذه الطائفية ، ومن داخل هذا التحالف نجح الأخوان المسلمين ، أن يكونوا القيادة الفعلية له ، بل القاطرة التي تجر عربات هذا التحالف خلفها ، دون ممانعة أو إعتراض من الآخرين الذين إتبعوهم مغمضي الأعين ، فنتج عنه تلك النخبة التي سارت عليها مقولة النخبة التي أدمنت الفشل، وهي التي قادت السودان منذ إستقلاله عام 56 ( نخرج قليلاً من اصل المقال لنقول لهؤلاء الذين يدعون الآن إلى هدم دولة 56 كنا نحاربها لتعديلها واصلاحها لاهدمها كما ينادون الآن وهم حينهاا كانوا هم سندها وحماتها .. فلا تتبجحوا بعنصريتكم .. ياهؤلاء .)
نواصل لنقول إمتدت بهم التاريخ حتى إستلاممهم للسلطة كاملة غير منقوصة عام 89 ، وحينها أكلوا ثيرانهم الأبيض منها والأسود من جميع مسالخ حواضنهم السابقة ، طائفية وطبقة وسطى بقياداتها ، المهزومة بفعلها وتقاعسها ، وإن كان سبقهم للمحرقة ، عدوهم الأول اليسار بكل طوائفه ، وفي مقدمتهم قطعاً الشيوعيين ، الذي كان بوجوده لهم وجود .
وحينها إستغنوا عن التستر خلف الآخرين في تدينهم كوسيلة لإبتزازهم بالدين ، وإنما إستدعوا الدين نفسه ، وحملوه معهم قسراً وقهراً ، كوسيلة إبتزاز للشعب لتثبيت سلطتهم ، وفعلوا ما فعلوا في شعب السودان بهذا الإستغلال للدين في سياستهم التي مكنتهم من ثلاثينيتهم ، التي أول ما أساءت للدين نفسه .
وحتى لا أذهب بعيداً عن موضوعي الأساسي ، وإن كانت هذه الفذلكة ضرورية ، لأدخل بها في حديثي الموجه في الأساس ، للذين يؤيدون هذه الحرب اللعينة وبالذات من غير مشعليها من اسلاميّ الطرفين ، الجيش بتوجهه الكامل الإسلاموي ، الذي لن يرضى بغير عودته الكاملة لسلطته البائدة ، والدعم السريع الجنجويدي ، بتوجه مستشاريته الإسلاموية ، التي نجح جناح فيها ، من تحويل خدعتها الأولى ، من الدفاع عن الديمقراطية والحكم المدني ، بعد أن “قنع من خير فيها” بعد إكتشاف الشعب والخارج أنها أكذوبة لتمرير الأجندة الخفية ، وهي إن أمكن الهدم الكامل ، لدولة السودان القديمة دولة 56 دون إلتفات لكيف تحكم ومن يحكم ، كما هي مشغولية الحركة السياسية ، وإنما بالنفاذ عبر هذا الهدم المعني والمعنوي ، إلى تكوين نواة دولة (الأفروإسلاموية) مع دول الساحل الإفريقي بعد أن تصبح دولتهم العنصرية في دارفور ، رأس الحربة لهذه الدولة الموسعة الموحدة بأطرافها الموزعة والمشتتة -كما يتصورون مستقبلاً ، وهم كما صنفتهم من قبل ، الطرفان قد خرجا من صلب ومنبت واحد ، إختلفا فقط في إحتكار السلطة ، كجناحين من الإسلاميين ، وهم من يقودون الجيش "إسلامويو القصر" ، ومن يقود الجنجويد وهم "إسلامويو المنشية" ، وإن شُكَّت كوشتينتهم ، فاختلط بينهم ، الحابل بالنابل والشائب بالعائب ، وأخت نسيبة في الواقع والكوتشنة بالولد السائب ، وكله تمام ، لإخفاء الأثر والنوايا الخبيثة كعهدهم بالتمام .
ولكي أدخل مباشرة في موضوعي ، فالخير كل الخير ، يا جماعة الخير ، في وقف هذه الحرب الخبيثة ، وأن تنتهي بالتفاوض ، لا بمنتصر ومهزوم ، وبكل الطرق الممكنة ، لايقاف عجلة سيل الموت المنهر تحسباً ، أولاً بالضغط الشعبي ، بوحدة القوى التي صنعت ثورة ديسمبر المجيدة ، بشرط أن يتوقف مركزي الحرية والتغيير ، بتغريده خارج السرب ، التي لا زالت تمارسه حتى الآن ، رغم الحرب ولا أدري ، ألم يستوعبوا عواقبها بعد ..٠ أم ماذا ؟ وهي العواقب الماثلة والقادم أفظع فيما أتصوره ، مع الضغط الدولي والإقليمي ، حتى لو بجراحة تدخل عسكري عن طريق مجلس الأمن الدولي ، فعدو عاقل خير عدو جاهل ، لانها أخف ضرراً من إبادة جماعية ينويها الطرف المنتصر في الحرب ، يجب النجاح في وقف الحرب .. وإلا .
إذا انتصر ، أحد الطرفين ، على الآخر ، ولا أحتاج أن ينط لي أحد من الطرفين . ليقول الجيش هو المنتصر ، والآخر جنجويدي ليقول لي نحن نحتل 90% من مدن العاصمة المثلثة ، ومع يقيني ، أن هذه الحرب العبثية ، سوف تتوقف بفعل طبيعة عبثيتها ، لكن لنذهب إلى ماذا سيحدث عند إنتصار أحدهما على الًآخر ، أقول لكم ما سنلاقى ربما ليس افتراضاً :
تذكرون ليلة 22 يوليو 1971م عند فشل إنقلاب هاشم العطا . ( أعدت ذكراها بقصة قصيرة قبل إسبوع ، نشرتها في هذا الموقع وأخريات ) وكان عنوان تقديمها لكم ( عائد عائد يانميري) وكان هذا هتاف الناس الفرحى بعودته ، ولكن في الطرف الآخر ، آخرون من الناس الحزانى لعودته ، ومعهم كثيرون من هم ليسوا فرحى وغير حزانى ايضاً راحوا تحت الرجلين ، قضوا شهوراً في السجون ، (يحضرني ذكر الشاعر صاحب الأغنية الشهيرة ، ياضابط السجن ، من وحي مظلوميته ، التي تغنى بها الراحل عبدالرحمن عبدالله ، وكل ذنب الشاعر المظلوم تشابه إسمه مع مطلوب آخر ، وذاك الذي حملوه مع “رأس النيفة” لعشائه وأسرته ، حين سأله زملائه الجدد في المعتقل ، ولم يكن يعرف سبباً غير الذي حدثهم به) .
فقد كانت ليلة 22 يوليو ، إبادة جماعية وإن كانت ليست مباشرة بما سيأتي الظلاميون ، فقط أعقبتها ، إعدامات لقادة الإنقلاب وقادة مدنيين لم يحملوا سلاحاً غير فكرهم في الرأس ، الذي ازالوه لهم عقاباً لتطاوله عليهم ، أما غير ذلك فقد أخذت الإبادة الجماعية شكلها المعقول ، حيث لم تتوطت ثقافة الإبادة بعد ، وأكتفت بأخذ المواطنين من بيوتهم وشوارعهم وأزقتهم لتدخلهم السجون وتواصلت المطاردة أياماً وشهوراً بل وسنين عدداً ، وفي حادثة أخرى شبيهة ، تذكرون أيضاً (عائد عائد يانميري) بعد هزيمة المرتزقة كما أسموهم يومها ، وهم لم يكونوا إلا الجبهة الوطنية ، من أحزاب الأمة والإتحاديين والأخوان المسلمين ذات نفسهم الحاليين ، وأيضاً فتحت السجون هذه المرة وكانت الأكثرية نصيب المشاركين فعلياً ، إلا أن آخرون لا دخل لهم غير سحنتهم ولسانهم ، فضاعوا كذلك تحت الرجلين ، جئت بسيرتها ، في قصة قصيرة لي على لسان أب يقول عن إبنه المقتول حين سألوه عن سبب مقتله ، ( إبني لم يقتله سلاحه ، إبني قتله لسانه) .
لماذا أحكي بهذا التطويل الممل لأنه كان ضرورياً للمقارنة والتحذير مع التنبيه للقسوة التي يتميز بها النازيوإسلامويين ، فما أسميتها إبادة جماعية فقد كانت محدودة ومقصورة بالنسبة للمواطنين ، فلم تتعدى السجن دون تعذيب أو بيوت أشباح أو إغتصاب ، أما ماسيحدث من هؤلاء النازيوإسلامويون ، غداً عندما ينتصر الجيش ، وتسمعون نداء “عائد عائد يابرهان” فليستعد كل من لم يؤيد الجيش الكيزاني وبإسم الوطنية ، ولو بحسن نية ، فهو إرتكب جريمة الخيانة العظمى وعقوبتها الإعدام ، ولأن لا وقت لديهم للمحاكمات "تذكرون إعدام ضباط رمضان "والقوائم جاهزة لديهم يتصدرها قحاتة وجذريين ومن والاهم ، ولن تتوقف عندهم ، إنما ستتواصل ممتدة لكل من ساهم في إسقاط حكمهم ، من قوى ثورة ديسمبر العظيمة ، ولن ينجو منهم أحد ، حتى الأطفال الذين حملوا الأعلام وجاءوا برفقة ذويهم ، أما الأخطر الذي جعلني أطلق تصوري هذا ، لأن هذه المرة ، ليس الإرسال إلى السجون والإحالة للصالح العام ، وإنما ” التنفيذ الفوري ذبحاً من الوريد إلى الوريد .. وأين؟ حيث التنفيذ عاجلاً وليس آجلاً ، داخل البيوت وفي شوارع العاصمة المثلثة ، طولاً وعرضاً ، وأُسِّرَّكم أمراً ، أن المدعو الإنصرافي المخفي نفسه ، وهل يُخفي الشر في سماهو !! ، ستجدونه وقد إنتقل من مقره الأمريكي إذا كان موقع إنطلاقه بطائرة خاصة ، وبخدماته الذي قدمها للتنظيم ، قادر على إمتطائها، ومعه أحدث أداة للقتل السهل الممتنع ، ليرسل بها إلى الله ، عدداً لايستهان به من قتلاه بيديه الإثنتين مباشرة ، كما يردد في لايفاته بشكل غير مباشر ، وهو يأمر الجيش الكيزاني بالخطط العسكرية التي يتم تنفيذها فوراً دون إبطاء أو مراجعة .
أما إذا كان النداء في الشوارع “عائد عائد ياحميدتي” وكان الإنتصار لصالحه فالقوائم جاهزة ممتلئة باسماء الفلول المحصورة قوائمهم لديهم ، ومن خلفهم الذين صدقوا أنه سيأتي لهم بالديمقراطية والحكم المدني ، بما فيهم جموع الديسمبريين والذين لم يصدقوا ، فكلهم في الموت سواء ، فهم يريدون دولة الأفروإسلاموية ، فيما يعني كل من يمشي على قدميه مصيره أيضاً كالسابقين لهم ، وهم اللاحقين الذين علموهم السحر "أمسح أكسح قشوا ما تجيبو حي أكلو ني" ، وأُسِّر لكم أمراً ، الآخر عبد النعم الربيع ، ستجدونه وقد إنتقل من مقره اللندني . بطائرة خاصة ، وهو قادر قدرة صديقه اللدود ، ومعه أحدث أداة للقتل السهل الممتنع ، ليعطي كل من يلقاه أمامه ، طلقة في رأسه ، كما قال عند إغتيال والي غرب دارفور خميس أبكر .
ليس هذا سيناريو من الخيال ، ولكنه نابع من عمق تجارب بلادنا المنكوب بالقتل الجماعي المجاني ، فتمنوا معي أن تتوقف هذه الحرب العبثية ، بالتفاوض ولا ضير ان يظل طرفاها المجرمان في الصورة مؤقتاً ، والشعب قادر على تغيير وإزالة هذه الصورة . بثورته التي ستزداد قوة ومنعة وصلابة وتصميماً بعد الحرب ، وبعد تحطيم إطار هذه الصورة المؤقتة ، بمحوها من جذورها ، وسينفذ شعاراته ، ولكن هذه المرة ، عنوة "وبسلميته" إقتداراً ، لتصبح سارية المفعول فوراً دون مماحكة أو تأجيل ، ثم يعقبها العقاب القانوني في محاكمنا الداخلية ، بعد إصلاح إعوجاجها ، أو محكمة العدل الدولية أيهما أنسب وأصلح ، وشعاراته المعلومة هي:
الجيش جيش الشعب ، لا جيش الكيزان
والعسكر للثكنات
والجنجويد ينحل .
ولا مفر فالإبادة الجماعية من أمامكم ، والنازيوإسلامويون من الطرفين خلفكم .
إذن ناضلوا من أجل وقف الحرب .. و تنادوا بأعلى أصوأتكم لا للحرب .
omeralhiwaig441@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الحرب عائد عائد
إقرأ أيضاً:
الإبادة الجماعية والحرب الديموغرافية الإسرائيلية
الهدف الجوهري من الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، ومن المخططات المتنوعة لطرد من يتبقى منهم على قيد الحياة، هو الحفاظ على مشروع المستعمرة الاستيطانية اليهودية في إسرائيل عبر استعادة التفوق الديموغرافي اليهودي المفقود، الذي تم تحقيقه أول مرة عام 1948 من خلال عمليات القتل والتهجير الجماعية.
منذ بدايات مشروعهم الاستعماري الاستيطاني في فلسطين، أدرك الصهاينة أن فرصة بقاء كيانهم مرهونة بإنشاء أغلبية يهودية في البلاد، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون طرد الفلسطينيين. وقد وضع ثيودور هيرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية في تسعينيات القرن التاسع عشر، خططا مسبقة لهذا الغرض، سعت المنظمة الصهيونية إلى تحقيقها منذ عشرينيات القرن العشرين. ومع ذلك، لم يصبح الطرد والتهجير ممكنا إلا بعد الغزو الصهيوني العسكري لفلسطين.
عشية حرب عام 1948، بلغ عدد المستوطنين اليهود في فلسطين 608 آلاف نسمة، شكلوا نحو 30 في المئة من إجمالي السكان، كان معظمهم قد وصل إلى البلاد خلال العقدين السابقين، بينما كان عدد الفلسطينيين 1,364,000. خلال غزو عام 1948، قتل الصهاينة ما يزيد عن 13 ألف فلسطيني -أي ما يعادل واحد في المئة من السكان الفلسطينيين- وطردوا نحو 760 ألف فلسطيني، أي أكثر من 80 في المئة من الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في المنطقة التي أعلنتها إسرائيل دولة يهودية. وقد أسست عمليات القتل والتطهير العرقي هذه معادلة التفوق الديموغرافي اليهودي في إسرائيل بين عامي 1948 و1967. وبحلول شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1948، لم يتبقَّ سوى 165 ألف فلسطيني داخل إسرائيل، مقابل 716 ألف مستوطن يهودي، ما رفع نسبتهم من 30 في المئة إلى 81 في المئة خلال أشهر قليلة.
منذ بدايات مشروعهم الاستعماري الاستيطاني في فلسطين، أدرك الصهاينة أن فرصة بقاء كيانهم مرهونة بإنشاء أغلبية يهودية في البلاد، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون طرد الفلسطينيين
بحلول عام 1961، بلغ عدد المستوطنين اليهود في إسرائيل نحو 1,932,000 نسمة من أصل 2,179,000 نسمة، أي بنسبة 89 في المئة من السكان. واستمرت هذه النسبة حتى عشية حرب عام 1967، عندما بلغ عدد سكان إسرائيل 2.7 مليون، منهم 2.4 مليون يهودي.
لكن الغزو الإسرائيلي عام 1967، الذي ضمّ ما تبقى من فلسطين التاريخية، بالإضافة إلى الجولان وسيناء، وإن وسّع المساحة الجغرافية لإسرائيل ثلاثة أضعاف، إلا أنه قوّض بشكل كبير التفوق الديموغرافي اليهودي، الذي عمل الصهاينة جاهدين من أجله منذ عام 1948.
قبل عملية التهجير الجديدة في عام 1967، تراوح عدد سكان الضفة الغربية بين 845 إلى 900 ألف، بينما تراوح عدد سكان قطاع غزة بين 385 إلى 400 ألف فلسطيني. وقد بدأت عملية التهجير مباشرة أثناء الغزو الإسرائيلي، حيث أُجبر أكثر من 200 ألف فلسطيني على عبور نهر الأردن من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، وكثير منهم كانوا لاجئين من عام 1948 تم تهجيرهم مرة أخرى. وفي غزة، طرد الإسرائيليون 75 ألف فلسطيني بحلول شهر كانون الأول/ ديسمبر 1968، ومنعوا 50 ألفا آخرين ممن كانوا خارج البلاد للعمل أو الدراسة أو السياحة من العودة إلى ديارهم.
بعد التهجير، في أيلول/ سبتمبر 1967، أظهر التعداد السكاني الإسرائيلي أن عدد سكان الضفة الغربية بلغ 661,700 نسمة، وسكان غزة 354,700 نسمة. وبلغ عدد سكان القدس الشرقية 68,600 فلسطيني. هذا يعني أن إجمالي عدد السكان الفلسطينيين في إسرائيل والضفة الغربية وغزة بلغ 1,385,000 نسمة، مما أدى إلى انخفاض نسبة السكان اليهود في جميع الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل من 89 في المئة إلى 56 في المئة، دون احتساب بضعة آلاف من السوريين والمصريين الذين بقوا في هضبة الجولان وسيناء.
وقد طرد الإسرائيليون ما بين 102 إلى 115 ألف سوري من هضبة الجولان، ولم يتبق أكثر من 15,000. وبينما كان معظم سكان سيناء في ذلك الوقت من البدو والمزارعين، غدا 38,000 منهم لاجئين. وقد واصلت إسرائيل ترحيل الفلسطينيين بالمئات مع استمرار الاحتلال.
أقضّ هذا الزلزال الديموغرافي مضجع غولدا مائير، في السبعينيات، ولم تهنأ بالنوم وهي تفكر بعدد الأجنّة الفلسطينيين الذين تحمل بهم نساء فلسطين كل ليلة. وقد استمر انخفاض نسبة المستوطنين اليهود بين السكان حتى عام 1990 وسط قلق متزايد من جانب الإسرائيليين. ففي عام 1990، بلغ عدد سكان إسرائيل داخل أراضي 1948 حوالي 4.8 مليون نسمة، منهم 3.8 مليون مستوطن يهودي ومليون فلسطيني، بينما بلغ عدد الفلسطينيين في قطاع غزة 622,016 نسمة والفلسطينيين في الضفة الغربية مليون و75,531 نسمة. وقد بلغ إجمالي عدد السكان الفلسطينيين الخاضعين لسيطرة إسرائيل 2,697,547 نسمة، مما يجعل اليهود يشكلون 58 في المئة من السكان، بزيادة طفيفة عن نسبة 56 في المئة عام 1967.
أدى انهيار الاتحاد السوفييتي والأزمات الاقتصادية التي أعقبته في جمهوريات ما بعد الاتحاد إلى موجات هجرة جماعية، خاصة بين اليهود، الذين كانت هجرتهم أكثر يُسرا بفضل "قانون العودة" الإسرائيلي، الذي أتاح لهم وجهة فورية دون تعقيدات الهجرة إلى الدول الغربية. وقد جعل ذلك من إسرائيل وجهة شديدة الجاذبية لليهود السوفييت، واعتُبر بمثابة "هبة من السماء" لإسرائيل، إذ من شأنه أن يحول دون انفجار "القنبلة الديموغرافية" الفلسطينية المرعبة، بحسب التعبير الإسرائيلي.
غير أن ما تبيّن لاحقا هو أن المليون مهاجر سوفييتي يهودي الذين وفدوا إلى إسرائيل بين عامي 1990 و2000، وغيّروا تركيبتها السكانية بشكل كبير من خلال زيادة عدد السكان اليهود والأشكناز، لم يكونوا جميعا من اليهود. فقد شكّك حاخامات إسرائيل (الذين يشترطون أن يكون اليهودي مولودا لأم يهودية وفق الشرع التوراتي) إلى جانب الصهاينة، بما فيهم المنظمة الصهيونية الأمريكية، في يهودية أكثر من نصف هؤلاء المهاجرين، إذ كان كثير منهم، في أفضل الحالات، يتحدرون من جد يهودي واحد، كما ضمّت أوساطهم أزواجا وأقارب غير يهود.
وقد رفض كثير من هؤلاء المهاجرين تعلم اللغة العبرية، مفضلين الاستمرار في التحدث بالروسية، مما دفع إلى إصدار العديد من الصحف الروسية في إسرائيل لتلبية احتياجاتهم. بل إن بعض الشباب منهم أسّس جماعات نازية جديدة وحركات من حليقي الرؤوس، نفّذت اعتداءات على اليهود ومعابدهم داخل البلاد.
شعرت الحكومة الإسرائيلية بالذعر من هذا الواقع الديموغرافي المتدحرج، مدركة أن الغالبية العظمى من المستعمرات الاستيطانية الأوروبية التي نجت من التقويض الهائل للاستعمار الاستيطاني منذ ستينيات القرن الماضي، والذي شمل أخيرا دولة جنوب أفريقيا في عام 1994، مثل الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، إنما استمرت بفضل حفاظها على تفوق ديموغرافي أبيض كاسح. وبحلول عام 2000، بات استرجاع التفوق الديموغرافي اليهودي في إسرائيل هاجسا وجوديا، لا سيما مع تزايد أعداد الفلسطينيين وتراجع معدلات الهجرة اليهودية.
في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، نظّم "معهد السياسة والاستراتيجية" في مركز هرتسليا متعدد التخصصات في إسرائيل؛ أول مؤتمر له ضمن سلسلة مؤتمرات سنوية مخططة لتقييم "قوة إسرائيل وأمنها"، مع تركيز خاص على مسألة الحفاظ على طابع الدولة العرقي اليهودي. وقد لخص التقرير النهائي للمؤتمر، المؤلف من 52 صفحة، القلق المتزايد لدى صانعي القرار في إسرائيل بشأن الأرقام المطلوبة للحفاظ على الهيمنة الديموغرافية اليهودية. جاء في التقرير:
"يُثير ارتفاع معدل المواليد [لدى فلسطينيي إسرائيل] تساؤلات حول مستقبل إسرائيل كدولة يهودية.. تُشكل الاتجاهات الديموغرافية الحالية، في حال استمرارها، تحديا لمستقبل إسرائيل كدولة يهودية. أمام إسرائيل خياران استراتيجيان بديلان: التكيف أو الاحتواء. ويتطلب الخيار الأخير انتهاج سياسة ديموغرافية صهيونية نشطة وطويلة الأمد، تضمن آثارها السياسية والاقتصادية والتعليمية الطابع اليهودي لإسرائيل".
وأضاف التقرير مشددا على أن "أولئك الذين يؤيدون الحفاظ على طابع إسرائيل كدولة يهودية للأمة اليهودية.. يشكلون أغلبية بين السكان اليهود في إسرائيل".
شكل هذا الواقع الديموغرافي صدمة لا يمكن احتمالها بالنسبة لدولة الفصل العنصري، وعلى هذه الخلفية أصدر مجلس النواب الإسرائيلي "القانون الأساسي الجديد: إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي" في تموز/ يوليو 2018 مؤكدا أن "أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، حيث تأسست دولة إسرائيل" وأن "ممارسة حق تقرير المصير الوطني في دولة إسرائيل هو حق حصري للشعب اليهودي"
لم يكن المؤتمر حدثا معزولا، بل حظي برعاية رسمية واسعة، وافتتحه رئيس الدولة حينذاك موشيه كاتساف. وقد عكس طيف المشاركين فيه -ومواقفهم- الاتجاهات العنصرية المتجذّرة في الأوساط السياسية والأكاديمية والإعلامية اليهودية في إسرائيل والولايات المتحدة. وشارك في رعايته كل من اللجنة اليهودية الأمريكية، ومركز إسرائيل للتقدم الاجتماعي والاقتصادي، ووزارة الدفاع الإسرائيلية، والوكالة اليهودية، والمنظمة الصهيونية العالمية، ومركز الأمن القومي في جامعة حيفا، ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي التابع لمكتب رئيس الوزراء. وقد استضاف المؤتمر خمسين متحدثا: من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين -بمن فيهم رؤساء وزراء سابقون ومستقبليون- وأساتذة جامعات، ورجال أعمال وإعلام، إلى جانب أكاديميين يهود أمريكيين ونشطاء في اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة.. ومنذ ذلك الحين، أصبح مؤتمر هرتسليا حدثا سنويا بارزا، حيث تُناقش المسألة الديموغرافية، وتُقترح استراتيجيات للحفاظ على التفوق الديموغرافي اليهودي.
في عام 2002، أعرب شمعون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وأحد أعمدة النظام الإسرائيلي منذ الخمسينيات، عن قلقه العميق بشأن "الخطر" الديموغرافي الفلسطيني الذي يحدق بإسرائيل، مشيرا إلى أن الخط الأخضر، الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية، آخذ في "الاختفاء.. مما قد يؤدي إلى دمج مستقبل فلسطينيي الضفة الغربية بالعرب الإسرائيليين"، ووصف هذه القضية بأنها "قنبلة ديموغرافية". وقد أعرب عن أمله في أن يؤدي وصول مئة ألف يهودي آخر إلى إسرائيل إلى تأجيل هذا "الخطر" الديموغرافي لعقد من الزمن، مؤكدا في النهاية أن "الديموغرافيا ستهزم الجغرافيا".
وبحلول عام 2010، بلغ عدد سكان إسرائيل 7.6 مليون نسمة، منهم 5.75 مليون يهودي و1.55 مليون فلسطيني، بينما بلغ عدد سكان الضفة الغربية 2.48 مليون نسمة وغزة 1.54 مليون نسمة. ولأول مرة منذ النكبة والتطهير العرقي الشامل عام 1948، أصبح السكان اليهود أقلية لا تتجاوز نسبتهم 49 في المئة من مجموع السكان بين البحر والنهر. شكل هذا الواقع الديموغرافي صدمة لا يمكن احتمالها بالنسبة لدولة الفصل العنصري، وعلى هذه الخلفية أصدر مجلس النواب الإسرائيلي "القانون الأساسي الجديد: إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي" في تموز/ يوليو 2018 مؤكدا أن "أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، حيث تأسست دولة إسرائيل" وأن "ممارسة حق تقرير المصير الوطني في دولة إسرائيل هو حق حصري للشعب اليهودي".
ورغم طابعه العنصري، صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية على دستورية هذا القانون، الذي مثّل إعلانا واضحا بأن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي -في مواجهة خسارته للمعركة الديموغرافية- لن يتنازل عن الامتيازات الاستعمارية والعرقية لليهود، بصرف النظر عن عدد المستوطنين اليهود في إسرائيل ونسبتهم المئوية من إجمالي السكان. وفي عام 2020، بلغ عدد سكان إسرائيل 9.2 مليون نسمة، منهم 6.8 مليون يهودي و1.9 مليون فلسطيني، بينما بلغ عدد سكان الضفة الغربية 3.05 مليون نسمة وغزة 2.047 مليون نسمة، مما أدى إلى انخفاض نسبة المستوطنين اليهود وأحفادهم إلى 47 في المئة من السكان.
ومع ذلك، لا يبدو أن الفلسطينيين هم السكان الوحيدون الذين يشكلون "قنبلة" ديموغرافية للتفوق الديموغرافي اليهودي. ففي كانون الثاني/ يناير 2023، أصدر مورتون كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية، بيانا مذعورا حذّر فيه من "نزع الطابع اليهودي" الوشيك عن الدولة اليهودية. لم يكن المتهم هذه المرة الفلسطينيين، بل "أشباه اليهود"، أولئك الذين سمح لهم "قانون العودة" الإسرائيلي، سيئ السمعة والعنصري الذي تم اعتماده عام 1950، بدخول البلاد والحصول على الجنسية. وقد تم تعديل القانون عام 1970 للسماح لأي شخص لديه جد أو جدة يهودية -بما في ذلك أزواجهم غير اليهود وأبناؤهم وأحفادهم- بالهجرة إلى إسرائيل والحصول على الجنسية الإسرائيلية.
في ظل واقع المستوطنين اليهود كأقلية ديموغرافية منذ أكثر من عقدين من الزمن، تواصل إسرائيل اليوم حربها الإبادية في غزة، إلى جانب تسريع خططها لتهجير الفلسطينيين الناجين خارج القطاع. فالمحاولة الإسرائيلية اليائسة لاستعادة التفوق الديموغرافي اليهودي هي ما يدفع إلى إبادة مليوني فلسطيني في غزة وتهجيرهم المخطط له
وقد عبّرت المنظمة الأمريكية عن انزعاجها الشديد من أن تعديل عام 1970 سمح لنصف مليون "غير يهودي" من الاتحاد السوفييتي السابق بالاستقرار في الدولة اليهودية. وجاء قلق المنظمة الصهيونية الأمريكية نتيجة تقارير مستندة إلى بيانات حكومية إسرائيلية تفيد بأنه "نتيجة لبند الأجداد، فإن أكثر من 50 في المئة من جميع المهاجرين إلى الدولة اليهودية العام الماضي كانوا من غير اليهود، وأن 72 في المئة من المهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي السابق إلى الدولة اليهودية اليوم هم من غير اليهود". وحذرت المنظمة الصهيونية من أن "هذا يُسبب انخفاضا كبيرا في نسبة اليهود الذين يعيشون في إسرائيل، مما يُهدد استمرارية إسرائيل كدولة يهودية". ويعني هذا الوضع المُروع، وفقا لبيان المنظمة الصهيونية الأمريكية، أن "غير اليهود سيكون لهم تأثير أكبر في تحديد قادة الدولة اليهودية وقوانينها وقراراتها الأمنية"، وأن "يهود الشتات الذين يحتاجون أو يرغبون في العيش في الوطن اليهودي قد ينتقلون إلى دولة ذات أغلبية غير يهودية في المستقبل".
وقد طالب بيان المنظمة الصهيونية الأمريكية بـ"إلغاء أو تعديل/إصلاح بند الأجداد. يجب أن نبذل قصارى جهدنا لضمان بقاء الدولة اليهودية يهودية". ولم يتطرق البيان صراحة إلى مطالبة إسرائيل بطرد نصف مليون مستوطن أوروبي "غير يهودي"، كما فعلت إسرائيل مع الفلسطينيين من أهل البلاد عامي 1948 و1967. إذا ما وافقنا على قناعة المنظمة الصهيونية الأمريكية بأن نصف مليون يهودي من الاتحاد السوفييتي سابقا في إسرائيل اليوم ليسوا يهودا على الإطلاق، فإن نسبة اليهود ستنخفض أكثر إلى 42 في المئة.
في ضوء ذلك، صعّدت إسرائيل ومحكمتها العليا ومستوطنوها اليهود من حملات القمع والإرهاب ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية. ففي أيار/ مايو 2021، صدر قرار بإخلاء ثلاث عشرة عائلة فلسطينية تضم 58 فردا من حي الشيخ جراح، وتهديد أكثر من ألف آخرين بالإخلاء من منازلهم، فيما بدا أنه سياسة ممنهجة للتطهير العرقي المتواصل. وقد اعتبرت منظمات دوليّة هذا القرار تأكيدا إضافيا على أن إسرائيل دولة "فصل عنصري".
في كانون الثاني/ يناير 2021، نشرت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان تقريرا حاسما وصفت فيه النظام الإسرائيلي بأنه نظام "التفوق العرقي اليهودي" وإسرائيل كدولة فصل عنصري. وفي نيسان/ أبريل، أي قبل شهر من قرار المحكمة العليا، أصدر "مرصد حقوق الإنسان" المعروف بـ"هيومن رايتس ووتش"، تقريرا أعلن إسرائيل دولة فصل عنصري داخل حدود عام 1948 وفي الأراضي المحتلة عام 1967. وحذت منظمة العفو الدولية حذوهما في شباط/ فبراير 2022 بإعلانها أيضا إسرائيل دولة "فصل عنصري".
في ظل واقع المستوطنين اليهود كأقلية ديموغرافية منذ أكثر من عقدين من الزمن، تواصل إسرائيل اليوم حربها الإبادية في غزة، إلى جانب تسريع خططها لتهجير الفلسطينيين الناجين خارج القطاع. فالمحاولة الإسرائيلية اليائسة لاستعادة التفوق الديموغرافي اليهودي هي ما يدفع إلى إبادة مليوني فلسطيني في غزة وتهجيرهم المخطط له. وفي آذار/ مارس 2025، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على إنشاء "هيئة لإدارة الهجرة الطوعية [للفلسطينيين] من غزة". وقد أفادت التقارير أن الحكومة الأمريكية، التي تعاونت مع إسرائيل في عهدي جو بايدن وترامب لإيجاد وجهات لتهجير الناجين الفلسطينيين من الإبادة الجماعية، تُحضّر صفقة أخرى، هذه المرة مع أمراء الحرب في ليبيا لاستقبال الناجين.
ومع ذلك، فإن نزوح ما بين 100 ألف ونصف مليون مستوطن يهودي من إسرائيل منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 -وهو امتداد لموجة الهجرة العكسية التي سبقت عملية "طوفان الأقصى"- يُشير إلى أن استعادة التفوق الديموغرافي اليهودي قد خرجت من نطاق الممكن. حتى لو نجحت إسرائيل في حملات الإبادة والتهجير داخل غزة، فإن المعادلة السكانية لن تعود لصالحها. ولم يبقَ أمامها، في ظل هذا المنطق الإحلالي، سوى خيار واحد: توسيع الإبادة لتشمل الفلسطينيين كافة، لا سكان غزة وحدهم.