كتبت الدكتورة مارغو حداد

في السنوات الأخيرة أصبح مصطلح السردية حاضرًا بقوة في الخطاب السياسي في الأردن. ومع أن الكلمة مألوفة اليوم، فإن كثيرًا من الناس لا يعرفون أصلها أو معناها. كلمة Narrative تعود إلى اللاتينية Narrare التي تعني يروي ويحكي. دخلت الكلمة عالم الفنون أولًا في الأدب ثم المسرح ثم السينما.

هناك كانت تشير إلى الطريقة التي تُبنى بها القصص. ومع مرور الوقت انتقلت إلى السياسة لتصبح جزءًا من الخطاب السياسي وصياغة الرؤية العامة.

هذا التوسع يطرح سؤالًا بسيطًا: إذا كانت السردية بدأت في الفنون، فلماذا أصبح حضورها السياسي أكبر من حضورها الثقافي والفني؟ ولماذا ضعفت السردية السينمائية والأدبية في الأردن رغم أن السياسة تستعير أدواتها من الفن نفسه؟

عندما نتحدث عن السردية فنحن نتحدث عن بناء حكاية لها بداية ووسط ونهاية. في السينما هناك قصص خطية وأخرى غير خطية. هناك قصص اجتماعية وثقافية وشخصية. السياسة أيضًا تملك قصصًا تنسجها القوى التي تحكم المشهد. لكن الفرق يظهر عند النظر إلى المنبع الأول للسردية. فالفن يعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي والديني. والسياسة تتأثر بهذا الواقع وتطوّع رواياتها وفقه. لذلك حين يغيب الاهتمام بالسردية الفنية تصبح السردية السياسية ناقصة لأنها فقدت انعكاسها الأول.

مقالات ذات صلة الزواج اختيار مسؤول 2025/12/04

هذه الفجوة تفتح بابًا لأسئلة أخرى. لماذا تضع الحكومات السردية السياسية في الواجهة بينما تُترك السردية الفنية في الهامش؟ ولماذا يُنظر إلى الفن على أنه تفصيل ثانوي رغم أنه يكشف الواقع كما هو؟ وما أثر هذا التجاهل في تشكيل نظرتنا لأنفسنا؟

النظر إلى الفن على أنه عنصر ثانوي ينعكس مباشرة على مكانة المجتمع. الفن ليس رفاهية. الفن مرآة. وحين تنكسر المرآة لا نرى صورتنا كاملة. وحين يغيب الفن يغيب جزء من السردية الوطنية لأن السياسة وحدها لا تستطيع بناء صورة شاملة للواقع.

السردية الأردنية اليوم ليست ناقصة بسبب الخطاب السياسي وحده، بل بسبب ضعف الاهتمام بالسردية الفنية التي تُظهر الإنسان كما يعيش وكما يفكر. السياسة تصوغ قصتها. لكن الفن لا يُعطى المساحة نفسها ليصوغ قصته. وفي غياب هذا التوازن تصبح السردية السياسية أحادية لا تعكس المجتمع بكل تنوعه.

الخاتمة

في الختام تبقى السردية الأردنية الفنية ناقصة وفي آخر الاهتمامات سواء عند الحكومة أو عند المعنيين بالشأن السياسي. وهذا ليس تفصيلًا صغيرًا، بل مؤشر على مكانتنا الثقافية. فحين ترى فنك ناقصًا تعرف أن عليك إعادة النظر والاهتمام بموقعه.

لذلك علينا إعادة التفكير في سرديتنا ووضعها في مكانها الصحيح. فالثقافة والفن جزء أساسي من أي حكاية وطنية تريد أن ترى نفسها بوضوح. د: مارغو
حداد
أستاذة صناعة الأفلام في الجامعة الأمريكية – مادبا، الأردن
باحثة في قضايا التواصل البصري والثقافة الرقمية

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

الشباب الأميركي لا يحب أخبار السياسة وتجذبه قضايا الترفيه

خلص مركز بيو للأبحاث إلى أن الشباب الأميركي هم الأقل بين الفئات العمرية متابعة للأخبار على نحو منتظم، والأكثر ميلا للاعتماد على المؤثرين كمصادر إخبارية، بينما تتراجع ثقتهم بالمؤسسات الإعلامية التقليدية، وفق دراسة جديدة بحثت في سبل استهلاك الشباب للأخبار ونظرتهم إلى وسائل الإعلام.

وشدّد المركز على أهمية النتائج في سبيل فهم أفضل لواقع وسائل الإعلام وتوقع التغيرات القادمة في المشهد الإعلامي، مشيرا إلى أن الدراسة ترصد تصور وكيفية استهلاك أصغر فئة من الشباب بين 18 و29 عاما للأخبار، مما يرسم صورة لجيل من الأميركيين يشكل البيئة الإخبارية المتطورة.

%15 فقط من الشباب أفادوا بأنهم يتابعون الأخبار طوال الوقت، بينما يفعل ذلك 62% من كبار السن (شترستوك)الشباب أقل اهتماما بمتابعة الأخبار

وكان الشباب في الولايات المتحدة دائما الأقل اهتماما بالأخبار، في جميع استطلاعات الرأي منذ عام 2016، وفي عام 2025، أفاد 15% فقط أنهم يتابعون الأخبار طوال الوقت، بينما يقول 62% من كبار السن إنهم يفعلون ذلك، أي حوالي 4 أضعاف.

ويختلف الشباب في مواضيع الأخبار التي يتابعونها، فهم الأقل نسبة في متابعة أخبار الحكومة والسياسة والعلوم والتكنولوجيا والأعمال والمالية، لكنهم الأكثر في متابعة الأخبار الترفيهية، إذ يقول قرابة ثلث البالغين دون سن 30 عاما (32%) إنهم يتابعون الأخبار الترفيهية غالبا أو غالبا جدا، مقارنة بـ13% من كبار السن (65 عاما فأكثر).

ولدى سؤالهم عن مدى بحثهم عن الأخبار، قال واحد من كل 5 شباب (22%) إنهم يفعلون ذلك كثيرا أو كثيرا جدا، لكنهم في الوقت نفسه أكثر عرضة للحصول على الأخبار دون البحث عنها، ففي الأخبار السياسية، يقول 70% من الشباب إنهم يحصلون عليها لأنهم صادفوها، مقارنة بـ30% يبحثون عنها، في حين يُظهر كبار السن نمطا معاكسا.

وتعد وسائل التواصل الاجتماعي مكانا شائعا للتعرض للأخبار، وغالبا ما يصادف المستخدمون الأخبار أثناء استخدامهم هذه المنصات لأسباب أخرى.

إعلان لماذا تنخفض متابعة الشباب للأخبار؟

ويذكر مركز بيو أن أحد الاحتمالات لانعدام شهية الشباب لمتابعة الأخبار، أنهم أقل شعورا بالارتباط بمجتمعهم مقارنة بكبار السن، لكنّ ثمة سببا آخر يتمثل بالمشاعر التي تتولد لديهم عند قراءة الأخبار، إذ كان الشباب أكثر عرضة للقول إن الأخبار التي يتابعونها تجعلهم يشعرون بالخوف أو الارتباك.

وتقول فتاة تبلغ من العمر 24 عاما "أحاول تجنبها من أجل صحتي العقلية، إذا شاهدت الكثير من الأخبار السلبية، فإن ذلك يؤثر على مزاجي".

أين يحصل الشباب على الأخبار؟

ويختلف الشباب عن كبار السن في أميركا في طريقة الحصول على الأخبار، إذ يقول 93% منهم إنهم يحصلون على الأخبار من الأجهزة الرقمية على الأقل في بعض الأحيان، وليس من وسائل الإعلام التقليدية كالراديو والتلفزيون.

وتقول إحدى المستطلعة آراؤهم (25 عاما) "عندما بدأت في الاهتمام بالأخبار وما يدور حولي لأبقى على اطلاع، كنت أعتمد أساسا على التلفزيون، ولكن الآن، مع تقدم التكنولوجيا في العشر سنوات الماضية، أصبحت أعتمد أكثر على المنصات الإلكترونية التي توفر لي آخر الأخبار أينما كنت".

وبالمقارنة مع البالغين الأكبر سنا، فإن الشباب أكثر عرضة للحصول على الأخبار من إنستغرام وتيك توك، كما أنهم يفضلون غالبا وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث المعلومات والأخبار العاجلة.

وتقول فتاة عشرينية عن خبر عاجل "رأيت الخبر لأول مرة على تيك توك، ثم رأيت مقالا في اليوم التالي على فوكس نيوز ومواقع إخبارية أخرى مختلفة".

4 من كل 10 شباب (38%) قالوا إنهم يحصلون بانتظام على الأخبار من المؤثرين (شترستوك)

ولعل أحد أوضح الاختلافات في عادات متابعة الأخبار عبر الإنترنت بين الشباب وكبار السن -وفق مركز بيو- هو ميل الشباب إلى الحصول على الأخبار من المؤثرين في مجال الأخبار، وهم أفراد لديهم عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن بين البالغين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما، يقول قرابة 4 من كل 10 (38%) إنهم يحصلون بانتظام على الأخبار من المؤثرين في مجال الأخبار، في حين يقول 23% من البالغين بين 30 و49 عاما الشيء نفسه، وهي نسبة تستمر في الانخفاض مع تقدم العمر.

وأوضح شاب يبلغ من العمر 21 عاما سبب لجوئه إلى المؤثرين في مجال الأخبار للحصول على الأخبار: "إذا كنت أتفق مع هذا الشخص بالفعل، وإذا كان لدي خلفية عنه، فسأثق به على الأرجح أكثر من بعض مواقع الأخبار".

وعلى الرغم من أن الكثيرين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي القائمة على الفيديو، فإن الشباب يميلون إلى القول إنهم لا يفضلون مشاهدة الأخبار، وقد يرجع ذلك جزئيا إلى تفضيل الأميركيين الأكبر سنا الحصول على الأخبار من التلفزيون.

يحصل الشباب أكثر ممن يكبرهم سنا على الأخبار من روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لكن تظل نسبتهم محدودة (شترستوك)

وعلى النقيض من ذلك، فإن الشباب أكثر احتمالا من الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 50 عاما أو أكثر في تفضيل قراءة الأخبار أو الاستماع إليها.

ويحصل قرابة 3 من كل 10 شباب على الأخبار من النشرات الإخبارية عبر البريد الإلكتروني على الأقل في بعض الأحيان، على غرار الفئات العمرية الأخرى.

إعلان

ويقول نحو 7 من كل 10 بالغين دون سن 30 عاما (69%) إنهم يحصلون على الأخبار من "غوغل" أو محركات البحث الأخرى على الأقل في بعض الأحيان، على غرار أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و64 عاما.

ويحصل الشباب أكثر من الفئات العمرية الأكبر سنا على الأخبار من روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي (13%)، لكن نسبتهم لا تزال صغيرة نسبيا مقارنة بالمنصات الرقمية الأخرى.

الثقة في مصادر الأخبار

ويقول نصف الشباب إنهم يثقون كثيرا أو إلى حد ما في المعلومات التي يحصلون عليها من مواقع التواصل الاجتماعي، وهي نسبة أعلى من أي فئة عمرية أخرى.

وقال رجل يبلغ من العمر 28 عاما "أقول إنني أثق في إكس أكثر من غيره، لأن أي شخص تقريبا يمكنه النشر عليه، لذا، أعلم أن هذا قد يعني وجود بعض المعلومات الغريبة، ولكن إذا كان بإمكان الجميع النشر عليه، فإنه ليس متحيزا بالنسبة لي في حد ذاته".

وفي المقابل، فإن الشباب أقل ثقة من معظم الفئات العمرية الأخرى بالمعلومات التي يحصلون عليها من المؤسسات الإخبارية المحلية والوطنية.

وفي استطلاع بشأن الثقة في 30 مصدرا إخباريا رئيسيا، لم يكن هناك أي مصدر تقريبا يثق فيه الشباب أكثر من كبار السن، إذ كان الكبار أكثر ثقة في معظم المصادر.

كثير من الشباب يقولون إن "الصحفي" يشمل مقدم البودكاست وكاتب النشرات الإخبارية ومنشئ المحتوى على مواقع التواصل (شترستوك)كيف ينظر الشباب إلى الصحفيين؟

ويعرّف الشباب الصحفيين بشكل أوسع من كبار السن في الولايات المتحدة، حيث يقول الكثيرون إن هذا المصطلح يمكن أن يشمل مقدمي البودكاست وكتاب النشرات الإخبارية ومنشئي المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقول قرابة نصف من هم دون سن 30 عاما (51%) إنهم يفضلون الحصول على الأخبار من أشخاص يعتبرونهم صحفيين، مقارنة بـ69% من كبار السن.

ويميل الشباب (63%) إلى القول أكثر من كبار السن (45%) إنه من المقبول أن يدافع الصحفيون عن المجتمعات التي يغطونها، ويعبروا عن آرائهم السياسية والدينية، سواء في تقاريرهم أو في منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

واستخلص مركز بيو الأميركي من دراسته أن الشباب يختلفون عن كبار السن ليس فقط في كيفية ومكان حصولهم على الأخبار، ولكن أيضا في طريقة تفكيرهم في الصحفيين ودورهم في المجتمع.

ومع استمرار تغير المشهد الإخباري في الولايات المتحدة بالتوازي مع التطورات التكنولوجية، تتغير أيضا سلوكيات أصغر الأميركيين سنا، مما يشير إلى الشكل الذي قد تتخذه عادات الأميركيين في متابعة الأخبار في السنوات القادمة.

مقالات مشابهة

  • شريهان.. أيقونة الفن التي تجددت بإرادة وطاقة استثنائية
  • المشاط: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تستهدف تحقيق تحول في نموذج الاقتصاد المصري
  • فضل الله: انفانتينيو نجح فى إعادة علاقة السياسة بكرة القدم
  • نوبار باشا.. رجل السياسة الذي صنع تاريخ مصر
  •  ترمب في صدارة قرعة كأس العالم… السياسة تقتحم أجواء الاحتفال الرياضي
  • إسرائيل بين الدين والسحر والسياسة.. كتاب يكشف أسرار الدولة العبرية
  • الشباب الأميركي لا يحب أخبار السياسة وتجذبه قضايا الترفيه
  • الناشئون.. لكي يكتمل الحلم!
  • إصابة لاعب منتخب مصر .. هل يغيب عن مواجهة الإمارات ؟