في قرية سيدي بوشتى لم يتوقع السكان الذين يعيشون على صيد السمك، يوما أنهم سيروون عطشهم بفضل مياه المحيط الأطلسي بعد تحليتها بفضل محطات متنقلة، في تقنية باتت أساسية لمواجهة جفاف مزمن.

بالقرب من هذه القرية الواقعة في إقليم آسفي، أقيمت منشأة متنقلة صغيرة مؤلفة من صهريجين وحاويتين فوق رمال شاطئ رأس بدوزة، تعمل على تحلية المياه لتوزع على نحو 45 ألفا من سكان القرى المجاورة.

بينما تعتمد مدن ساحلية عدة منذ العام 2022 على مصانع التحلية التقليدية لتلبية حاجياتها كليا أو جزئيا من مياه الشرب، لجأت السلطات إلى هذه المحطات الصغيرة المتنقلة التي « مكنت من تفادي الأسوأ »، على ما يقول مدير الوكالة المحلية لتوزيع الماء والكهرباء ياسين الملياري.

فبعد ست سنوات متتالية من الجفاف، لم يعد سد المسيرة الواقع على بعد حوالى 220 كيلومترا شمال آسفي، قادرا على تلبية حاجات المنطقة من مياه الشرب، على غرار كل سدود البلاد التي لا يتجاوز مخزونها معدل 28 في المائة.

إزاء الإجهاد المائي الحاد، جهزت السلطات 44 محطة تحلية متنقلة اعتبارا من أبريل 2023، فيما ثمة 219 أخرى في طور الإعداد، لتلبية حاجات نحو 3 ملايين من سكان البوادي، وفق معطيات رسمية.

يقول الملياري إنه يمكن لهذه المحطات الصغيرة إنتاج 360 إلى 3600 متر مكعب يوميا من المياه ما يجعلها « الحل الأفضل لسهولة تركيبها وإمكانية نقلها » مشددا أيضا على كلفتها المنخفضة التي تقارب 1,3 مليون دولار في المتوسط للوحدة.

في غفلة من المصطافين، تضخ مياه البحر من شاطئ رأس بدوزة، وتخضع للمعالجة قبل أن تضاف إليها المعادن الضرورية، ثم تنقل في صهاريج لتوزع على سكان القرى المحتاجة « يوميا بالمجان في مجال يصل حتى 180 كيلومترا »، على ما يؤكد الملياري.

يقول الصياد المتقاعد خير حسن البالغ 74 عاما، إنه حتى وقت قريب كان سكان قرية سيدي بوشتة يعتمدون على المياه الجوفية « لكنها نضبت مؤخرا… لم نشهد مثل هذا الوضع منذ الثمانينيات ».

ويضيف كريم البالغ 27 سنة، وهو الآخر صياد سمك، « كنا نسمع أن مدنا أخرى تعتمد على مياه البحر، لكننا لم نكن نتخيل أننا سنلجأ إليها أيضا ».

وقد أتى برفقة عدد من سكان القرية الصغيرة إلى باحة المسجد، حيث وضع خزان بلاستيكي تفرغ فيه المياه المحلاة، ليأخذ حاجته.

هنا يبدو الوضع أقل سوءا مقارنة مع قرى أخرى نائية، حيث نقلت وسائل إعلام محلية معاناة قرويين من ندرة المياه خلال الصيف.

عموما تنذر التوقعات باستمرار الجفاف في أفق العام 2050، حيث يرتقب تراجع الأمطار (-11 في المائة) وارتفاع درجات الحرارة (+1,3 درجات)، وفق دراسة لوزارة الزراعة.

ويعول المغرب على مياه البحر أيضا لإنقاذ الزراعة التي خصص لها العام 2023 قرابة 25 في المائة من المياه المحلاة في 12 محطة، وفق وزارة التجهيز والماء.

ويستهلك هذا القطاع أكثر من 80 في المائة من موارد البلاد المائية، ويوظف ثلث اليد العاملة النشطة.

لكن الأولوية تعطى لتوفير مياه الشرب بعدما واجهت مدن بأكملها خطر العطش، مثل آسفي التي انقطع ربطها بسد المسيرة ثاني أكبر سدود البلاد.

فقد تراجع مخزون السد « من 75 في المائة العام 2017 إلى 0,4 في المائة حاليا »، بحسب المسؤول في محطة التحلية التابعة للمكتب الشريف للفوسفات (رسمي) عبد الغني آيت باحسو.

إزاء الخطر المحدق لجأت السلطات إلى رائد الفوسفاط العالمي، الذي يستغل مصانع في المنطقة، لبناء محطة تحلية. ويضيف باحسو « في ظرف وجيز… كنا في سباق مع الزمن منذ 2022، وبدأ تزويد المدينة تدريجيا بالماء الشروب منذ غشت 2023، وبشكل تام ابتداء من فبراير ».

ويرتقب توسعة المحطة لتزويد عاصمة السياحة مراكش (150 كيلومتر شرقا) ونواحيها، في أفق العام 2026.

بحسب معطيات رسمية، بدأ بناء 6 محطات جديدة، أبرزها بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، ويرتقب الشروع في إنشاء 8 أخرى، بينها محطة بالرباط.

علما أن العاصمة تفادت خطر العطش بفضل « طريق الماء »، وهي قناة بنيت على امتداد 67 كيلومترا، تنقل المياه من منطقة سبو الماطرة شمالا، منذ أيلول/سبتمبر.

مع أن بعض سكان سيدي بوشتة يجدون مياه البحر المحلاة أقل عذوبة من مياه الينابيع، إلا أن حدة التقلبات المناخية تجعلها خيارا استراتيجيا في المغرب الذي له واجهتان بحريتان شاسعتان.

وأعلن الملك محمد السادس في خطاب مؤخرا أن المغرب يعول عليها لتوفير « أكثر من 1,7 مليار متر مكعب سنويا » و »تغطية أكثر من نصف حاجياته من الماء الصالح للشرب »، و »سقي مساحات فلاحية كبرى » في أفق 2030.

كلمات دلالية المغرب بيئة طقس مناخ

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب بيئة طقس مناخ میاه البحر فی المائة

إقرأ أيضاً:

محافظة الجيز: إعادة الكهرباء واستئناف تشغيل محطة مياه جزيرة الدهب

أعلنت محافظة الجيزة، عن إعادة إطلاق التيار الكهربائي وعودة محطة مياه جزيرة الدهب للعمل وبدء ضخ المياه تدريجياً للمناطق المتأثرة وفقاً لطبيعة المواقع والمرتفعات.

نائب محافظ الجيزة يتفقد مشروع خط الصرف الصحي بمنطقتي المتربة والحفرية بأوسيممحافظ الجيزة يتابع ميدانياً أعمال إصلاح العطل الطارئ بالكابل الكهربائي الأرضي بساقية مكي

كان قد تابع المهندس عادل النجار محافظ الجيزة ميدانيًا أعمال إصلاح العطل الطارئ بالكابل الكهربائي الأرضي أمام محطة مترو ساقية مكي والذي تسبب في توقف الخدمة بمحطة مياه جزيرة الدهب .

وأوضح المحافظ أن العطل نتج عن خلل فني بمحطة محولات جزيرة الدهب – وهي من المحطات الرئيسية على مستوى المحافظة  مما أدى إلى انسحاب الجهد من إحدى الدوائر بجهد 220 ك.ف، وانقطاع التيار الكهربائي عن مناطق العمرانية، والهرم، وفيصل، وجزيرة الدهب، والحوامدية، وهو ما ترتب عليه تأثر وصول المياه إلى تلك المناطق بشكل ملحوظ.

وأضاف النجار أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء تُنفذ حالياً أعمال الإصلاح بالتنسيق مع فرق المرافق من كهرباء وغاز ومعدات حي جنوب الجيزة مشيراً إلى أن فرق الصيانة تعمل على قدم وساق لتغيير الكابلات المتضررة، ومن المتوقع الانتهاء من الأعمال خلال ساعة يليها إعادة إطلاق التيار الكهربائي إلى المناطق المتضررة تدريجيًا، بما في ذلك محطات المياه والمنشآت الحيوية.

وأكد محافظ الجيزة، أن الجهود الحالية تأتي في وقت بالغ الأهمية حيث سجّلت الشبكة القومية للكهرباء أمس السبت أعلى حمل كهربائي في تاريخها بلغ 38800 ميجاوات، بزيادة 800 ميجاوات خلال يوم واحد فقط، وفقاً لتقارير المركز القومي للتحكم في الطاقة، وهو ما يُعد اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشبكة على مواجهة الطلب المتزايد في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

وأشار إلى أن المحافظة في حالة تأهب تام، وتُكثف من جهودها بالتعاون مع فرق الطوارئ والصيانة لضمان استقرار التغذية الكهربائية وعدم تأثر المواطنين بالخدمة.

وأكد المحافظ: "حرصي على التواجد الميداني يأتي في إطار متابعة دقيقة لضمان سرعة إنهاء الأعمال الفنية، وعدم تكرار الانقطاع، وعودة التيار الكهربائي وتشغيل الخدمة بكامل طاقتها في أسرع وقت ممكن".

ووجّه النجار الشكر لفرق العمل الميدانية وشركة الكهرباء على سرعة التحرك والاستجابة، مؤكداً أن محافظة الجيزة لن تدخر جهدًا في التعامل الفوري مع أي أعطال أو طوارئ لضمان تقديم الخدمات الحيوية للمواطنين بكفاءة واستمرارية.

وتتقدم محافظة الجيزة للمواطنين بخالص الاعتذار عن أي تأثير ناتج عن الانقطاع المؤقت في التيار الكهربائي والخدمات المرتبطة به، مؤكدة أن فرق العمل الميدانية والأجهزة المعنية تعمل بكامل طاقتها لإنهاء الأعمال في أسرع وقت، وعودة الخدمة بشكل مستقر وآمن، مع الحرص الكامل على تقليل أي آثار محتملة على المواطنين.

طباعة شارك محافظة الجيزة ضخ المياه محافظ الجيزة محطة مياه جزيرة الدهب محطة مترو ساقية مكي

مقالات مشابهة

  • العجز التجاري الإسرائيلي يزداد 25% في النصف الأول من 2025
  • أزمة انقطاع المياه والكهرباء في الجيزة.. أحمد موسى يطالب بخطة بديلة و”مياه الشرب” توضح الموقف
  • محافظة الجيز: إعادة الكهرباء واستئناف تشغيل محطة مياه جزيرة الدهب
  • مياه الإسكندرية تُعلن تجديد شهادة TSM لمحطة المنشية 2
  • مياه الإسكندرية تنجح في تجديد شهادة TSM لمحطة المنشية 2
  • رئيس الوزراء يتفقد محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر بالعلمين الجديدة
  • مدبولي يتفقد محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر بالعلمين الجديدة
  • ندفع الضرائب والماء يهدر.. سكان تشيشمي التركية يتساءلون: أين تختفي مياه الأمطار؟
  • المغرب..رقم معاملات الغازوال والبنزين يتراجع إلى 77,3 مليار درهم في 2024
  • تراجع رقم المعاملات شركات المحروقات التسع في 2024 وفقا لمجلس المنافسة