محلل: من المحتمل أن تتبادل إسرائيل وإيران استهداف المنشآت النووية
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
قلّل المحلل السياسي والباحث في معهد الشرق الأوسط الدكتور حسن منيمنة من فرص نشوب حرب نووية بالمعنى التقليدي بين إسرائيل وإيران وقال إنها تبقى محدودة، رغم احتمالات التصعيد العسكري بين الطرفين.
وأوضح منيمنة -خلال مقابلة مع الجزيرة- أن مفهوم "الحرب النووية" في هذا السياق لا يعني بالضرورة استخدام الأسلحة النووية، بل قد يشير إلى استهداف المنشآت النووية للطرف الآخر.
وأضاف منيمنة: "ليس المقصود هنا استخدام السلاح النووي، ولكن إذا ضربت إسرائيل إيران، يمكننا توقع أن تستهدف إيران المنشآت النووية الإسرائيلية، وهذه تعتبر حربًا نووية، ولكن ليس بمعنى استعمال السلاح النووي، وإنما باستهداف المنشآت النووية".
وأكد أن الموقف الأميركي لا يزال يدعو لعدم الدخول في حرب على مستوى المنطقة، ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تحمّل إيران مسؤولية أي تصعيد محتمل.
ويقول منيمنة: "عندما تقول الولايات المتحدة إنها ترى أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، فهي تعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لمهاجمة إيران، ولكن مع التحذير من التسبب بحرب إقليمية".
الموقف الأميركي
ويضيف المحلل: "الموقف الأميركي الثابت هو دعم إسرائيل، ويريد فعليا في نهاية المطاف إذلال إيران من خلال إرغامها على تلقي الضربات دون رد فعل قوي، أي بعبارة أخرى، الرسالة الأميركية لإسرائيل هي: اضربوا إيران، وإن ردت عليكم، فهي المسؤولة عن اندلاع حرب إقليمية".
ويرى منيمنة أن الضربة الإسرائيلية لإيران باتت شبه حتمية، لكن السؤال يدور حول توقيتها وحجمها، ويقول: "لا أعتقد بأن هناك مفرا من ضربة إسرائيلية، ولكن السؤال هو ما إذا كانت هذه الضربة ستحدث قبل الذكرى السنوية الأولى للسابع من أكتوبر/تشرين الأول، أم ستتأخر بسبب الأعياد الدينية في إسرائيل، وهل يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يقول إنه أجّل الضربة بسبب الأعياد؟ حقيقة لا أعتقد ذلك".
ويضيف أن "سقف هذه الضربة ليس المؤسسات العسكرية وحسب، بل قد يشمل البنية التحتية، ولا سيما قطاع النفط، رغم أن هناك تمنيا أميركيا بألا يستهدف الضرب المنشآت النووية، ولكن في حال حصل ذلك، سنرى تلقائيا الولايات المتحدة تدعم إسرائيل وتصف ذلك بأنه جزء من حق الدفاع عن النفس".
ولم يستبعد إمكانية التدخل الأميركي المباشر في حال نجحت إيران في استهداف البنية التحتية الإسرائيلية، ولو بشكل رمزي.
وقال "في حال نجحت إيران، ولو شكليا ورمزيا، في استهداف البنية التحتية الإسرائيلية بصاروخ أو صاروخين، لا نستطيع أن نستثني إمكانية أن تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر لضرب المنشآت الإيرانية".
إمكانية التصعيد
ويضيف أن "الحجة الأميركية ستكون أنها مضطرة لفعل ذلك لتقديم المساعدة لإسرائيل في ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وكما شهدنا في غزة، قد تتيح الولايات المتحدة المجال أمام إسرائيل للتصعيد بحجة تجنب حرب إقليمية أوسع".
ولفت إلى أن الموقف الأميركي قد تطور منذ أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث باتت واشنطن راضية بتسريع إسرائيل لعملية تبديل خارطة الشرق الأوسط، وقال "نحن هنا لا نتحدث عن مشروع إسرائيلي بحت، ولكنه مشروع بزخم إسرائيلي وبدعم أميركي".
ويضيف المحلل "التوقعات الإسرائيلية هي أنه بغض النظر عمن يأتي في البيت الأبيض، سواء كانت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس أو المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فإن الإدارة القادمة ستكون داعمة لهذا المشروع".
وشكّك منيمنة في صدق الجهود الأميركية للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، مستشهدًا بتصريحات أحد الدبلوماسيين الأميركيين الذي قال إن بلاده "لم تكن تريد حلا دبلوماسيا".
وتوقع إمكانية حدوث تصعيد من الجانب الإسرائيلي في المرحلة المقبلة، خاصة بعد الانتخابات الأميركية، بغض النظر عن هوية الفائز، وقال "علينا أن نتوقع في المرحلة المقبلة، ولا سيما بعد الانتخابات، بغض النظر عن الفائز، إمكانية التصعيد من الجانب الإسرائيلي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة الموقف الأمیرکی المنشآت النوویة
إقرأ أيضاً:
إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025.. بداية نظام عالمي جديد
أعلنت الولايات المتحدة يوم 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025، وهي ليست مجرد وثيقة أمنية، بل إعلان اقتصادي شامل عن نهاية مرحلة كاملة من النظام العالمي الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة.
الوثيقة من أول صفحة حتى آخر سطر تعكس قناعة الإدارة الأميركية بأن العولمة بصيغتها القديمة لم تعد تخدم الاقتصاد الأميركي، وأن استمرار الالتزامات الأمنية الواسعة لم يعد ممكنا في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة.
من هنا، تأتي أهمية هذه الإستراتيجية الجديدة التي يمكن وصفها بأنها أول وثيقة أميركية منذ 40 عاما تعيد تعريف موقع الولايات المتحدة اقتصاديا في العالم، وتحدد معادلة مصالحها بصورة مباشرة وصريحة.
الاقتصاد أولا.. عودة الدولة الوطنية الأميركيةتعتمد الإستراتيجية على مبدأ أساسي مفاده أن "القوة الأميركية تبدأ من الداخل"، وهذه ليست عبارة سياسية، بل رؤية اقتصادية ترتكز على واقع جديد:
نمو الناتج المحلي الأميركي عاد إلى مستوى 2.3% رغم الركود العالمي. الاستثمارات الصناعية في الداخل ارتفعت إلى 78 مليار دولار في 2024 ضمن برامج إعادة التوطين. تم ضخ أكثر من 130 مليار دولار في القطاعات التكنولوجية العالية. الانكماش في العجز التجاري غير النفطي وصل إلى 11%.التزامات واشنطن التقليدية مثل حماية أمن إسرائيل أو ضمان أمن الممرات المائية لم تعد التزامات دائمة، بل "خطوط حمراء" تُدار بمرونة، وبأقل كلفة ممكنة
وهذه الأرقام ليست تفصيلا تقنيا، بل هي الأساس الذي بنيت عليه سياسة الأمن القومي الجديدة التي تتضمن اقتصادا محميا، وإنتاجا داخليا، وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد العالمية.
من هذا المنطلق، تتبنى وثيقة 2025 ما يمكن تسميته "النسخة الحديثة من مبدأ مونرو"، لكن بصيغة اقتصادية صناعية واضحة تمنع أي قوة خارجية من اكتساب نفوذ في نصف الكرة الغربي أو السيطرة على أصول إستراتيجية قريبة من المجال الأميركي.
تحول عميق في نظرة واشنطن للشرق الأوسطعلى مدى 50 عاما كان الشرق الأوسط مركز السياسة الأميركية، بسبب النفط وصراع القوى الكبرى، لكن الوثيقة الجديدة تقول بوضوح إن هذه الديناميكيات لم تعد موجودة؛ فالولايات المتحدة تنتج اليوم 12.9 مليون برميل يوميا، وتقترب من الاكتفاء الذاتي، بينما يتجه الطلب العالمي على النفط إلى آسيا التي تستورد 70% من نفط الخليج.
إعلانبالتالي، لم يعد للولايات المتحدة دافع اقتصادي يمنح المنطقة مركزية كما في السابق، وتصف الوثيقة الشرق الأوسط بأنه: "منطقة شراكة لا منطقة التزام عسكري طويل الأمد"، وهذه الجملة تختصر طبيعة المرحلة المقبلة، فواشنطن لن تهتم بشكل الأنظمة، ولا بطبيعة الحكم، ولا بالمؤسسات الديمقراطية، والمعيار الوحيد هو: هل تقدم هذه الدولة قيمة اقتصادية أو إستراتيجية ملموسة للولايات المتحدة؟
لذلك، فإن التزامات واشنطن التقليدية مثل حماية أمن إسرائيل أو ضمان أمن الممرات المائية لم تعد التزامات دائمة، بل "خطوط حمراء" تُدار بمرونة، وبأقل كلفة ممكنة.
أوروبا الخاسر الأكبر اقتصادياأوروبا التي استفادت طوال عقود من المظلة الأميركية تجد نفسها اليوم خارج الحسابات الجديدة.
فالوثيقة تعترف بأن مرحلة "الدعم الأميركي المفتوح" انتهت، وأن على أوروبا:
رفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي. تغيير سياسات الهجرة التي كلفت اقتصاداتها أكثر من 340 مليار دولار منذ 2015. إعادة بناء صناعاتها بعد فقدان الغاز الروسي الرخيص.بهذه المقاربة، تنتقل أوروبا من "شريك يحمى" إلى "شريك يجب أن يتحمل التكلفة"، وهو تحول اقتصادي كبير سيغير بنية التحالف الأطلسي خلال السنوات القادمة.
أوروبا التي استفادت طوال عقود من المظلة الأميركية تجد نفسها اليوم خارج الحسابات الجديدة
آسيا مركز الثقل الاقتصادي العالمي الجديدتعتبر الوثيقة أن مستقبل الاقتصاد العالمي موجود في آسيا التي تسهم اليوم بأكثر من 55% من النمو العالمي، وتستحوذ على 70% من الاستثمارات التكنولوجية المتقدمة.
لذلك تضع واشنطن اليابان وكوريا الجنوبية في مقدمة الحلفاء الرابحين، لأنهما الأكثر قدرة على:
استيعاب الاستثمارات الأميركية. تطوير الصناعات التكنولوجية المشتركة. مواجهة التفوق التصنيعي الصيني.في المقابل، تعتبر الهند من الخاسرين، لأنها تعتمد على منظومة العولمة القديمة التي تتجه واشنطن للتخلي عنها تدريجيا.
الصين وروسيا.. منافسة اقتصادية لا مواجهة عسكرية
أحد أهم ما جاء في الوثيقة هو الاعتراف بأن الصراع مع الصين هو صراع تكنولوجي وصناعي أكثر من كونه صراعا جغرافيا.
يعكس هذا الواقع الاقتصادي:
الصين تملك 31% من الإنتاج الصناعي العالمي. تسيطر على 42% من سلاسل الإمداد المتقدمة. استثماراتها في الذكاء الاصطناعي تجاوزت 70 مليار دولار العام الماضي.أما روسيا فهي المستفيد الأكبر من تخلّي واشنطن عن الالتزام العميق بأوروبا، إذ تحصل على مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والجيوسياسية.
روسيا هي المستفيد الأكبر من تخلّي واشنطن عن الالتزام العميق بأوروبا، إذ تحصل على مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والجيوسياسية
خلاصة الوثيقة.. العالم يدخل عصر ما بعد العولمةإستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025 هي وثيقة اقتصادية بامتياز، لأنها تعلن بوضوح:
نهاية العولمة بصيغتها القديمة. أولوية الاقتصاد الوطني على المصالح الخارجية. تقليص الالتزامات العسكرية. صعود آسيا كمحور جديد للنمو والاستثمار. اعتماد تحالفات تقاس بالمنافع الاقتصادية لا بالقيم السياسية.أما الشرق الأوسط فهو أمام واقع جديد، فالولايات المتحدة لن تعود إلى نمط التدخل السابق، ومن ينجح في بناء قيمة اقتصادية حقيقية هو الذي سيحجز مكانه في النظام العالمي الناشئ.
وتعكس الوثيقة تحوّلا تاريخيا سيعيد رسم خرائط النفوذ الاقتصادي العالمي خلال العقد القادم، ويجبر كل دول المنطقة على إعادة بناء سياساتها الاقتصادية وفق منطق المصلحة الوطنية والقدرة على خلق شراكات إستراتيجية حقيقية.
إعلان