سودانايل:
2025-07-09@01:01:45 GMT

نهضة رواندا….امة تنهض من ركام الإبادة الجماعية

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

٢

بقلم عبد الاله حسن محمد

بعد قضاء يومين في فندق لبنان انتقلت إلى فندق آخر في حي ريميرا نفسه بأسم جيهوزوGihozo ، كانت تكلفة اليوم حوالي ٣٥ دولار امريكي، وكالمعتاد كان الفندق نظيفاً ومرتباً ومساحته واسعة. الغرفة واسعة جداً، تحتوي على سرير اكبر من حجم الكينغ وثلاجة ومكان للجلوس وتلفزيون حديث يمكنك مشاهدة اليوتيوب فقط.


بعد أن استقرت الأمور من ناحية السكن قمت بزيارة مجلس تنمية رواندا (Rwanda Development Board) وهو إدارة حكومية تأسست بخبرة عالمية في عام 2009، يعد نموذجاً لأفضل الممارسات العالمية ويعمل كمركز شامل للأعمال والاستثمارات، الهدف منه تنسيق وتحفيز وتعزيز التنمية الاقتصادية الوطنية. ويضم مجلس تنمية رواندا وكالات مسؤولة عن تسجيل الأعمال والاستثمار، والموافقات البيئية، والخصخصة والوكالات المتخصصة التي تدعم القطاعات ذات الأولوية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسياحة وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة وتنمية القدرات البشرية في القطاع الخاص وقسم للهجرة وفرع لبنك كيغالي. وكذلك يقدم المجلس الدعم للمستثمرين طوال مراحل استثماراتهم، وذلك لضمان بقاء رواندا واحدة من أكثر الأماكن تنافسية لممارسة الأعمال في أفريقيا والعالم.
أثناء زيارتي لفت انتباهي أن معظم العاملين هن من النساء دون الثلاثين من العمر. استقبلتني احداهن بابتسامة وترحاب وهي تحمل لابتوب. أوضحت لها هدفي من الزيارة فشرحت لي بصوت هادي ولغة انجليزية واضحة، فرص ومجالات الاستثمار في رواندا مشيرة إلى رؤية الرئيس بول كاغامي في تعزيز الاستثمارات الاجنبية لكي تكون رواندا دولة حديثة وناجحة. اطلعتني على قائمة الاستثمارات المرغوبة في القطاعات المختلفة. ثم أرشدتني إلى قسم الهجرة حيث قابلت الضابط المسؤول من الهجرة. شرحت له رغبتي في معرفة شروط الحصول على إقامة للمتقاعدين الأجانب في رواندا. اوضح لي كيفية الحصول على الإقامة ودلني على موقعهم في الانترنت. كل ما يطلبونه هو اثبات دخل كافٍ للاستقرار في رواندا وذلك بتقديم نسخة من شهادة المعاش وتقرير من الشرطة في الدولة التي تقيم فيها، بالإضافة إلى فتح حساب بنكي وايداع مبلغ مالي فيه. سالته عن تفاصيل المبالغ المطلوبة أجاب بأن الدخل شهري بين ١٠٠٠ و ١٥٠٠ دولار امريكي بينما الحد الأدنى للإيداع هو مبلغ ٣ الف دولار امريكي.
بعد جمع المعلومات وأنا في طريقي إلى بوابة الخروج قابلتني شابة أخرى بابتسامة وسألتني هل بحاجة إلى مساعدة؟ ثم قادتني إلى مكتبها بعد أن عرفتني بأنها تعمل مع بنك كيغالي. شرحت لي كيفية فتح حساب بنكي بأي عملة رئيسية مثل الفرانك الرواندي أو الدولار الأمريكي وأشارت إلى أن هناك حسابات ادخار بفائدة تصل إلى ١٢٪ وهذا عائد مجزي، فقط يكون معك وثيقة هوية وصورة بحجم جواز السفر. شكرتها على معلوماتها القيمة ثم انصرفت.
من امام المبني استقليت دراجة نارية طلبت منه توصيلي إلى كيغالي هايتس في مركز المدينة. لم يعرف المكان فشرحت له من خلال خرائط قوقل كيفية الوصول اليه. أومأ برأسه ثم ناولني خوذة، وأدار عداد السرعة الخاص به، وركل محركه ليعمل وانطلقنا. الرحلة في الغالب صعود و هبوط مع امتدادات قصيرة من الأرض المسطحة، كل كيلومتر يضاعف من دهشتي. إن فهم جغرافية كيغالي ليس بالأمر السهل، وهي مهمة تصبح أكثر صعوبة إذا جلست على دراجة نارية مرتديًا خوذة، ولكن حتى من خلال الجزء الخلفي من دراجة نارية، تشعر بان كيغالي تتناقض تماماً مع الصورة النمطية لمدن العالم الثالث. البنية التحتية والنظام من الدرجة الأولى. الشوارع والمباني واضحة المعالم بلوحات مرقمة، ونظافة وتنظيم مذهلين. إنه حقاً لأمر مدهش!
بعد حوالي ١٥ دقيقة من المناورات البارعة في الشوارع المتعرجة وصلنا إلى كيغالي هايتس في وسط المدينة، وهو مجمع ضخم يحتوي على مكاتب لشركات ومنظمات عالمية ومحلات تجارية ومساحات واسعة لوقوف السيارات. أعطيت السائق ١٥٠٠ فرانك رواندي، ما يعادل دولار امريكي تقريباً. دخلت مجمع التسوق الضخم، أمرني حارس الامن بالمرور عبر الماسح الضوئي. كان المجمع مزدحماً ببعض المتسوقين، سلكت طريقي عبر الممرات الواسعة للمول متسوقاً عبر المنافذ، لم يزعجني أحد بالإلحاح على الشراء فقط يدعونك بتواضع إلى زيارة محلاتهم التجارية، لاحظت غياب المحلات التجارية العالمية المشهورة. أخذت مقعداً في مقهى أسمه جافا هاوس، مقهى كيني منتشر في شرق أفريقيا، مرتبة ونظيفة ورائحة القهوة تملأ المكان ، النادلات يرتدين ملابس انيقة يتجولن حول الزبائن. كان مقعدي يطل على الشرفة المطلة علي مبنى مؤتمرات كيغالي، يضم فندق خمسة نجوم اسمه راديسون بلو، قاعة للمؤتمرات ومجمع (Park) كيغالي لتكنولوجيا المعلومات. أحضرت لي وهي تبتسم قائمة الطعام. طلبت كوب من القهوة الرواندية بها نكهات خفيفة من الجنزبيل والكراميلا واقل كثافة من قهوة ستاربوكس الامريكية التي تعودت عليها. بعد تناول القهوة خرجت من المول وأخذت هذه المرة عربة أجرة. جلست في المقعد الخلفي وانا استمتع بنسيم الهواء. ممرنا بشارع يضم بعض السفارات والقصر الرئاسي ومقر الشرطة وعدد من الوزارات الحكومية. كل الشوارع نظيفة ومرتبة . كنت اسأل نفسي هل تمت المجزرة في هذه الشوارع؟ هل كانت تلك الشوارع غابات اخفت في جوفها الهاربين من المجزرة؟ وصلت إلى الفندق في ضاحية كسمنتي المزدحم بالمارة والسيارات والدرجات النارية. دفعت للسائق عشرة الف فرانك رواندي، حوالي ٧ دولارات أمريكية.
في اليوم التالي قررت زيارة النصب التذكاري للإبادة الجماعية (النصب التذكاري). أخذت سيارة أجرة من أمام الفندق لزيارة الموقع. لأول مرة ألتقي رواندي يتحدث عن المجزرة، كان عمره حوالي الثلاثة أعوام، كل أقربائه وجيرانه قد قتلوا في تلك المجزرة ماعدا احدى شقيقات والدته التي تبنته. لم اسأله عن قبيلته، أرجح من صياغ حديثه أنه من التوتسي. أوصلني إلى امام البوابة الرئيسية وأنصرف. هنالك حارس أمن مسلح يقف في بوابة السور، أمرني بابتسامة بالمرور. عند المدخل الرئيسي للنصب التذكاري، استقبلتني فتاتان في منتصف العشرينات. سألتهم عن سعر تذكرة الدخول، فأجابت أحداهن بأن الدخول مجاني، وأشارت إلى صندوق تبرعات لمن يرغب. كما أوضحت لي أنه يمكنني استئجار جهاز صوتي صغير كدليل مقابل ٢٠ دولار أمريكي، فأخذته. يضم النصب التذكاري ثلاثة معارض دائمة، أكبرها يوثق الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي. يوجد أيضًا نصب تذكاري للأطفال ومعرض عن تاريخ عنف الإبادة الجماعية حول العالم. يساهم المركز التعليمي والحدائق وأرشيف الإبادة الجماعية في رواندا في تكريم هادف لأولئك الذين لقوا حتفهم، ويوفر تجربة تعليمية فريدة للزوار.
داخل المركز يبدو هادئاً لكنه يحمل في طياته إحساساً بالخداع، حيث تبدأ في الشعور بتوتر ورهبة بمجرد دخولك إلى صالات المعارض. الزوار الأجانب من الاوربيين وبعض الافارقة ينظرون بهدوء في حيرة إلى الوثائق الأرشيفية والصور ومقاطع الفيديو المعروضة باللغات الكينيارواندا والإنجليزية والفرنسية. كلما تقدمت من غرفة إلى أخرى، تصبح الصور مزعجة. كمية من الأسلحة والجماجم البشرية معروضة داخل صناديق زجاجية تجعلك تشعر برغبة في البكاء. إحدى الناجيات من المجزرة تصف المشهد المروع الذي عاشته، حيث كانت هي واطفالها وجمع كبير من الناس محاصرين في ساحة عامة، بينما كانت مجموعة مسلحة بالسواطير وأدوات حادة تهاجمهم بلا هوادة، واحياناً يتعبون من القتل ويأمرونهم بقتل بعضهم البعض، بين صرخات الكبار والأطفال، في لحظات مشحونة بالرعب والفوضى، لكن فجأة ساد صمت في المكان، وكأنهم قد استسلموا للواقع المرير وتقبلوا مصيرهم المحتوم. لقد كان مشهداً مروعا يكشف بوضوح مدى الشر الكامن في النفس البشرية.
الغرفة الخاصة بالأطفال مرعبة ومزعجة بصورة أعمق. تفاصيل معروضة بجوار صورهم، الأطعمة والأنشطة المفضلة لكل طفل. الأمر أشبه بمشاهدة ألبوم عائلي ــ إلا أنه ينتهي فجأة بإخماد حياة الطفل بعنف، آلاف الصور، تلاحظ أن الزوار يتجنبون النظر في عيون الزوار الآخرين بسبب الدموع .
لتقديم منظور تاريخي، يقدم المعرض الداخلي أيضًا شرح وتوضيح لبعض الإيديولوجيات الشريرة التي أثارت أكبر مذابح الإبادة الجماعية في العالم من الإبادة الجماعية في ناميبيا إلى الهولوكوست في المانيا والتطهير العرقي في كوسوفو، مما يشير بأن مثل هذه الجرائم هي ظاهرة عالمية وليست محصورةً في افريقيا. للأسف لم اجد ذكر لحوادث العنف في السودان اثناء الحروب الأهلية في الجنوب ودارفور ربما كانت على نطاق أصغر. آمل أن تجد حوادث السودان المستمرة حتى اليوم مركزاً في الخرطوم يسلط الضؤ عليها حتى لا تتكرر في المستقبل.
لم يكن الموت النتيجة الوحيدة للإبادة الجماعية. فقد تعرض عدد كبير من السكان للتعذيب والتشويه والاغتصاب والجروح الناجمة عن السواطير وجروح الرصاص والعدوى والمجاعة. وسقطت البلاد في حالة من الفوضى والنهب، ودُمرت بنيتها التحتية وتمزقت قدرتها على الحكم إلى أشلاء.
بدأت الإبادة الجماعية رسمياً في السادس من أبريل/نيسان 1994 واستمرت مائة يوم وغضت أغلب القوى العالمية الطرف عنها. وخرج الفرنسيون في غضون الأيام القليلة الأولى ولم تقم الأمم المتحدة إلا بعمل الحد الأدنى من الواجب. لم يتم الإبلاغ عن الكثير في وسائل الإعلام العالمية، ورغم وجود بعض الأفراد الشجعان الذين قاتلوا، إلا أن جهودهم لم تكن كافية في النهاية. يبدو من الاجحاف أن نحاول اختصار سبب هذا الحدث المروع في سبب واحد، ولكن من اطلاعي قبل زيارة المركز وبعد زيارته، يمكنني القول بأن السبب الرئيسي للإبادة الجماعية هي الإيديولوجية الاستعمارية "فرق تسد".
عندما وصولي إلى المخرج من المعارض الداخلية، كنت أتوق إلى ضوء النهار والهواء النقي. لقد استنفدت كل طاقتي. خطوت خارجًا. تحيط بالمركز حدائق هادئة للتأمل، تم إنشاؤها كما لو كانوا يعرفون أن الزوار سيحتاجون إلى إعادة تهدئة أنفسهم بعد هذه التجربة التي هزت المشاعر الإنسانية. أستنشق وأزفر بقوة و إشعر بقليل من الارتياح حتى وصلت إلى المقابر. تخدم المقابر الجماعية المغطاة بألواح عملاقة من الخرسانة لقرابة نصف مليون ضحية كمكان للزوار لتكريم المفقودين، ولأحباء الضحايا للحزن والتذكر.
في مكتبة الكتب التذكارية عن المجزرة وجدت كتاب "مصافحة الشيطان"، للجنرال روميو دالير من القوات الكندية الذي قاد بعثة الأمم المتحدة في وقت الإبادة الجماعية. أصيب الجنرال بصدمة نفسية عميقة جراء ما شهده، وقد شاهدت عدة مقابلات معه علي التلفزيون الكندي. للأسف لم أكن اطلعت على الكتاب. بمجرد وصولي الفندق قمت بشراء الكتاب من أمازون وحملته على جهاز كيندل الخاص بي، على أمل أن يمنحني فهماً أعمق ورؤية جديدة للمجزرة.

a_bdulelah@hotmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة دولار امریکی فی رواندا

إقرأ أيضاً:

اتفاقية السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية تسوية تاريخية لصراع دام 3 عقود

اتفاقية وقعت في 27 يونيو/حزيران 2025، منهية صراعا مسلحا استمر نحو 30 عاما في منطقة البحيرات العظمى بين جمهوريتي رواندا والكونغو الديمقراطية، وتمت بعد وساطة أميركية قطرية، وتضمنت بنودا تتعلق بوقف الدعم للجماعات المسلحة وباحترام السيادة والتنسيق الأمني المشترك، إضافة إلى خطط للاندماج الاقتصادي الإقليمي.

السياق التاريخي

يعود تاريخ الصراع بين جمهوريتي رواندا والكونغو الديمقراطية إلى سنوات طويلة، واشتد مع اندلاع الإبادة الجماعية في العاصمة الرواندية كيغالي عام 1994، التي قادتها مليشيات مسلحة من عرقية الهوتو بالتعاون مع القوات الحكومية، واستمرت 100 يوم مودية بحياة 800 ألف رواندي، معظمهم من عرقيتي التوتسي والهوتو "المعتدلين".

وقد انتهت الإبادة الجماعية بعد أن سيطرت قوات الجبهة الوطنية الرواندية بقيادة بول كاغامي على كيغالي، ففر ما يقدر بمليون شخص من الهوتو إلى الكونغو الديمقراطية خوفا من الانتقام.

وأدى ذلك إلى تأجيج التوترات القبلية، حين شعرت مجموعة من التوتسي في شرق الكونغو تُعرف باسم "البانيامولنغي" بأن وجود الهوتو اللاجئين يشكل تهديدا متزايدا لهم، بسبب الخلافات العرقية القديمة والحساسيات الناتجة عن الصراع.

وقد غزا الجيش الرواندي الكنغو الديمقراطية مرتين بين عامي 1996 و1998، مدعيا أنه يلاحق من تورطوا في الإبادة الجماعية، وتعاون مع عناصر من البانيامولنغي وجماعات مسلحة أخرى.

ومع تصاعد الصراع، ظهرت جماعات مسلحة، أبرزها حركة "إم 23" التي نفذت عددا من الهجمات شرق البلاد ضد الجيش الكونغولي الذي يتهم رواندا بدعمها ماليا وعسكريا، وهو ما ظلت تنفيه دوما.

في حين أن كيغالي تتهم كينشاسا بدعم "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" التي تنشط شرق الكونغو، وتقول إن استمرار وجود هذه الجماعة يهدد أمن رواندا واستقرارها الحدودي.

وقد ازدادت حدة القتال بعد أن حققت حركة "إم 23" في أواخر يناير/كانون الثاني 2025 تقدما كبيرا شرق الكونغو، حين استطاعت السيطرة على مدينة غوما في إقليم كيفو الشمالي.

ووفق محللين ودبلوماسيين لرويترز، فإن رواندا أرسلت 7 آلاف جندي عبر الحدود لدعم حركة "إم 23″، ومن جهتها أكدت رواندا أن قواتها تتصرف دفاعا عن النفس ضد الجيش الكونغولي ومليشيات الهوتو المرتبطة بالإبادة الجماعية.

إعلان

وتواصل القتال بين الحركة والجيش الكونغولي والمليشيات المتحالفة معه في المنطقة، في ظل محاولات "إم 23" توسيع رقعة سيطرتها.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعلى اليمين رئيس الكونغو الديمقراطية يقابله رئيس رواندا (الفرنسية) وساطة قطرية

بعد تحركات أفريقية ودولية لوقف القتال في شرق الكونغو الديمقراطية، شهدت العاصمة القطرية الدوحة في 18 مارس/آذار 2025، أول محادثات مباشرة تجمع الرئيسين الرواندي والكونغولي.

فقد شهدت الدوحة اجتماعا ثلاثيا جمع بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الرواندي بول كاغامي والكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، مؤكدين الحاجة إلى استمرار النقاشات التي بدأت في الدوحة لبناء أسس متينة من أجل تحقيق السلام المستدام في المنطقة.

وفي 25 أبريل/نيسان 2025، وقعت الدولتان إعلان مبادئ في العاصمة الأميركية واشنطن، بشأن احترام سيادتهما والتزامهما الجاد بحل الخلافات عبر الوسائل السلمية والتفاوض.

وفي مواصلة لدور الوساطة، عُقد اجتماع سداسي في الدوحة أواخر أبريل/نيسان 2025، بمشاركة الولايات المتحدة، وأكد أثناءه المجتمعون بالتزامهم المشترك بالسلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية في منطقة البحيرات العظمى.

ورحب المجتمعون بالإعلان المشترك بين الكونغو الديمقراطية وبين تحالف نهر الكونغو وحركة "23 مارس"، بتيسير من دولة قطر، بشأن التزامهم بوقف إطلاق النار والأولوية العاجلة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

الرئيس الأميركي ترامب أثناء اجتماع مع وزيري الخارجية الرواندي والكونغولي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (الفرنسية) رعاية أميركية

دخلت الولايات المتحدة على خط الوساطة بعد رغبة من رئيس الكونغو الديمقراطية تشيسيكيدي، الذي عرض على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاستثمار في المعادن المهمة التي تحظى بها بلاده.

وفي 18 يونيو/حزيران 2025، وقعت رواندا والكونغو الديمقراطية بالأحرف الأولى على مسودة اتفاق السلام بينهما في واشنطن، ووفق بيان مشترك، تناول الاتفاق بنودا مهمة من ضمنها وحدة الأراضي ونزع السلاح والاندماج المشروط للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة.

وفي 27 من الشهر نفسه، وقعت الدولتان اتفاق السلام بعد وساطة أميركية قطرية أنهت قتالا استمر نحو 30 عاما وأسفر عن مقتل الآلاف وتشريد مئات آلاف آخرين.

أهم بنود الاتفاق

يتكون اتفاق السلام بين جمهوريتي رواندا والكونغو الديمقراطية من 9 بنود رئيسية، وأبرز ما جاء فيها:

تعهدَ الجانبان باحترام سيادة كل منهما وسلامة أراضيهما، وإنهاء جميع الأعمال العدائية بدءا من العمليات العسكرية عبر الحدود وصولا إلى دعم الجماعات المسلحة. التزمت كينشاسا بتحييد "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، فيما وافقت كيغالي على سحب قواتها وتفكيك الدفاعات الحدودية في غضون 3 أشهر. حظر الاتفاق على الطرفين دعم الجماعات المتمردة مثل حركة "إم 23″، وألزمهما بدعم الجهود الرامية إلى نزع سلاح المقاتلين وتسريحهم والتحقق من هوياتهم، قبل إعادة إدماجهم في الحياة المدنية أو القوات النظامية. نص الاتفاق على إنشاء "آلية التنسيق الأمني المشترك" في غضون 30 يوما، بهدف تتبع الجماعات المسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية والإشراف على الالتزام بالاتفاق، على أن تكون الولايات المتحدة وقطر مراقبتين لهذا المسار. يشمل الاتفاق أيضا بنودا تضمن العودة الآمنة للاجئين والنازحين داخليا، إضافة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية. اتفق الطرفان على التعاون مع بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو (مونوسكو)، ودعم قدرتها على حماية السكان المدنيين وتنفيذ جميع عناصر ولايتها بما في ذلك احترام حرية تنقل البعثة واتخاذ التدابير المناسبة لضمان سلامة موظفيها. تم الاتفاق على إنشاء لجنة إشراف مشتركة تضم الولايات المتحدة وقطر والاتحاد الأفريقي لمراقبة تنفيذ الاتفاق والتوسط في أي نزاعات قد تنشأ. وضع الاتفاق جدول أعمال يستشرف المستقبل، إذ ستطلق الكونغو الديمقراطية ورواندا في فترة 3 أشهر "إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي" بهدف تعزيز التجارة عبر الحدود وتنظيم سلاسل إمداد المعادن وتطوير مشاريع اقتصادية. ومن المتوقع أن تشمل هذه المبادرة مستثمرين أميركيين، إلى جانب منظمات إقليمية أفريقية مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ومجموعة شرق أفريقيا وغيرها. تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، وتصبح الالتزامات الواردة فيها سارية المفعول بدءا من يوم 27 يونيو/حزيران 2025.

مقالات مشابهة

  • طريق النهضة.. التعليم والثقافة «خارطة الثقافة»
  • البوسنة بعد 30 عاما من المجزرة.. أزمة الانقسام تلوح في الأفق
  • جلسة حاسمة بكيغالي.. فيكتوار إينغابير أمام القضاء مجددا
  • الكونغو الديمقراطية تطالب رواندا بتنفيذ «اتفاق واشنطن»
  • الاتفاق يتحرك لضم إيسوفو دايو
  • فلسطين تنهض تلطخ مقر المستشارية الألمانية بالأحمر احتجاجاً على دعم إسرائيل
  • اتفاقية السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية تسوية تاريخية لصراع دام 3 عقود
  • البرازيل تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • 80 شهيدا في غزة على وقع استمرار جرائم الإبادة الجماعية (حصيلة)
  • الاحتلال يسرق ركام غزة لحرمان الفلسطينيين من إعادة الإعمار