تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تُعد تهمة التعدي على القيم الأسرية واحدة من التهم البارزة التي ظهرت في مصر في السنوات الأخيرة، خاصة مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها المتزايد على المجتمع، تتمثل هذه التهمة في قيام الأفراد بنشر محتويات تُعتبر مخالفة للقيم والأعراف الاجتماعية والأسرية المصرية عبر الإنترنت، سواء كانت تلك المحتويات تتعلق بألفاظ غير لائقة، أو تصرفات تُرى على أنها لا تتماشى مع القيم الثقافية والدينية للمجتمع المصري.

 
في الآونة الأخيرة تزايدت تهمة التعدي على القيم الأسرية بشكل ملحوظ، حيث أصبحت تتردد بشكل متكرر في المحاكمات المرتبطة بمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا تيك توك، و كان من أبرز القضايا التي شغلت منصات التواصل الاجتماعي كانت قضية الثنائي "حمدي ووفاء"، الذين تعرضوا لانتقادات شديدة بسبب محتواهم، مما أدى إلى اتهامهم بالتجاوزات المتعلقة بالقيم الأسرية.
وفي هذا السياق، أثارت قضية "سوزي الأردنية" جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، بعد البث المباشر الذي قامت به في فبراير الماضي، خلال هذا البث ظهرت سوزي وهي تتحدث بأسلوب غير لائق مع والدها، مستخدمة ألفاظًا و أسلوبأ خادش للحياء لا يتوافق مع علاقة ابنة بوالدها، و بناءً على ذلك، تقدم المحامي أشرف فرحات، مؤسس حملة "تطهير المجتمع"، ببلاغ إلى النائب العام يتهم سوزي بتقديم محتويات تتعارض مع الآداب العامة والقيم الأخلاقية للمجتمع، فصدر بحقها حكمًا بالحبس سنتين وغرامة 300 ألف وكفالة 100 ألف جنيه، مما أعاد الجدل مرة اخرى على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هذا البث.

و في هذا السياق قالت المحامية هاجر محمد حسني لـ ( البوابة نيوز)، أن جريمة التعدي على القيم الأسرية تعد ضمن الجرائم الالكترونية، والتي تم تشريعها حديثا بعد 2011 ، و في قضية التيكتوكر ( سوزي الاردنية ) فإن القضية لها شقين، الاول انها قامت بالسب و التشهير بشخص علناً، و الثاني ان هذا الشخص والدها فيعد هذا انتهاكاً للقيم والعلاقات الأسرية، و خاصة أن   نحو 6 ملايين شخص متابع لها على تطبيق  "تيك توك"، أغلبهم من الأطفال والمراهقين، الذين وللأسف أصبحوا يتخذوا البلوجر و التيك توكر قدوة لهم.
تصدير صورة سيئة عن المجتمع المصري 
كما أشارت الى أن  جرائم السوشيال ميديا لا تقتصر على المحتوى الإباحي فقط، بل تشمل أيضًا السب والقذف العلني والتشهير بالأشخاص، وان الحكم استند  إلى استخدام سوزي لجملة "الشارع اللي وراه"، التي اعتبرتها النيابة ألفاظًا خادشة تتعدى على القيم الأسرية المصرية، خاصة  و بعد استخدام هذة الجملة في مقاطع فيديوهات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يؤثر على سمعة الدولة المصرية في الخارج، وتصدير صورة سيئة عن العلاقات الأسرية في المجتمع المصري.
ردع عام و حق المجتمع 
و أضافت المحامية هاجر محمد حسني ان هذا الحكم الصادر ضدها يعد في القانون ردع عام، لأن القضية أثارت الرأي العام، فهذا يعتبر حق المجتمع، بخلاف حق والدها، ففي حالة تنازل والدها عن حقه، يبقى حق المجتمع، لأن مما لا شك فيه ان عقوق الأباء ليس بجديد على اي مجتمع أو اي دولة، و لكن الفرق هو إذاعته على الجمهور، مما يشجع الاخرين على فعله و خاصة ان كانوا أطفال و مراهقين يتأثرون بسهولة بما يشاهدونه، هم غالبية متابعينها، ان لم يكن جميعهم ينتمون لهذة الفئة العمرية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: القيم الأسرية تيك توك المجتمع التعدي على القيم الأعراف التواصل الاجتماعی حق المجتمع

إقرأ أيضاً:

تحولات مفهوم الاستثمار الاجتماعي واحتياجات المجتمع

يخضع مفهوم المسؤولية الاجتماعية (الاستثمار الاجتماعي) في سياق تطوره التاريخي وتطور ممارساته إلى العديد من الجدليات؛ منها جدلية الطوعية والإلزام (هل الاستثمار في خدمة المجتمعات المحلية وتأدية دور مسؤول تجاه المجتمع المستضيف لأعمال الشركة أو المؤسسة أمر طوعي اختياري، أم يجب أن يخضع للحد الأدنى من الضوابط الإلزامية؟)، ومنها جدلية (من يحدد حاجيات المجتمع الحقيقية؟) 

ومن الجدليات كذلك التي تحيط بهذا المفهوم (هل مسألة الأثر تقوم على الإفصاح أم على الرقابة والتدقيق؟)، إضافة إلى جدلية المفهوم نفسه؛ حيث تمتنع عديد الشركات والمؤسسات عن استخدام مفهوم المسؤولية الاجتماعية لصالح مفهوم الاستثمار الاجتماعي؛ وذلك لأنها ترى أن استراتيجياتها في خدمة المجتمعات المحلية يجب أن تركز على (الاستثمار) في إكساب المجتمع قيمة جديدة مستدامة؛ سواء كانت في الصحة أو التعليم أو في حماية البيئة والنظم الإيكولوجية، أو في غيرها من المجالات التي يتلامس معها هذا الاستثمار، بحيث يخلق قيمته الاجتماعية، ولا يوجه بشكل حصري لسد حاجة آنية، أو في شكل هبات وتبرعات بالمفهوم التقليدي للممارسة. 

هذه الجدليات خلال العقود الماضية خضعت للكثير من محاولات المعالجة والتأطير؛ إلا أن التباين ما زال قائمًا في أشكال الممارسات، وفي نهج ترتيب الأولويات، وحتى في طرائق الإفصاح، وفي نهج مشاركة المجتمع في تصميم البرامج وتقييمها وقياس أثرها الفعلي على المجتمعات المحلية. 

تحاول المقالة الإجابة على سؤالين مهمين؛ الأول: كيف ستتغير المفاهيم المتصلة بالاستثمار الاجتماعي خلال العقدين القادمين؟، والثاني: بالنسبة للمفهوم في سلطنة عُمان، ما الاحتياجات الاجتماعية الفعلية التي يتوجب أن يتوجه المفهوم لملامستها، وكيف يصاغ نهج عملي أكثر حساسية لتحديد الأولويات منها؟. 

تشير العديد من التحليلات إلى أن الاستثمار الاجتماعي خلال العقدين القادمين سيكون مؤطرًا بثلاثة محددات مهمة: المساءلة المنهجية Systemic Accountability، والكفاءة بين الأجيال Intergenerational Efficiency، والضرورة التجديدية Regenerative Imperative. بالنسبة للمساءلة المنهجية هناك بعض الإشارات التي تدل على نشوء موجة إلزام ومعايير عالمية، خاصة تجاه موضوعي البيئة وحقوق الإنسان في إطار المسؤولية الاجتماعية/ الاستثمار الاجتماعي. 

ومن أبرز ما يدلل على ذلك معايير توجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات الصادرة عن (الاتحاد الأوروبي)، والتي تعرف اختصارًا بـ CSDDD إضافة إلى معايير المجلس الدولي للإفصاح عن الاستدامة، والمعروفة اختصارًا بـ ISSB. 

أما بالنسبة للكفاءة بين الأجيال؛ فهناك مثال بارز في الواقعة الشهيرة التي جسدها حكم المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية (2021) بشأن قانون حماية المناخ؛ حيث أقرت المحكمة بأن القانون المناخي القائم في حينها ينتهك حقوق الأجيال القادمة لأنه: يسمح باستهلاك غير متوازن لموازنات الكربون في الحاضر ويفرض قيودًا على حرية الأجيال المستقبلية. أما بالنسبة للضرورة التجديدية فترى عديد الأدلة أن التحول في مفهوم المسؤولية الاجتماعية/ الاستثمار الاجتماعي لن يكون فقط لحل مشكلات قائمة، وإنما لحماية المجتمعات المحلية من نشوءها، وإمدادها بالضرورات اللازمة لتجويد مستويات حياتها وأنماط معيشتها. 

في البيئة على سبيل المثال لن يكون الالتزام في تحقيق خفض الانبعاثات فقط؛ وإنما سيكون الاتجاه الجديد «تحقيق أثر إيجابي صافٍ (net-positive) من خلال استعادة وتحسين الأنظمة الإيكولوجية والاجتماعية التي يعتمد عليها النشاط التجاري». 

بالنسبة للمجتمع في عُمان، وفي ظل التحولات الراهنة لنشاط الاقتصاد في عُمان عبر ثلاثية توسع الأنشطة الاقتصادية، والتحول نحو تنوع الأنشطة الاقتصادية، ووجود ممارسات تاريخية يمكن البناء عليها في مفهوم الاستثمار الاجتماعي؛ نعتقد أن هناك جملة من الاحتياجات التي تفرضها عملية الانتقال الاجتماعي المنشودة في العلاقة بين المجتمع والشركات والمؤسسات، ولعل أبرزها أهمية وجود دور أكبر وأكثر منهجية لهذه الشركات والمؤسسات في مسألة (إعادة تأهيل المهارات)، وبناء كتلة مناسبة من القدرات البشرية التي تستطيع أن تنافس في القطاعات غير التقليدية، وفي القطاعات التي يؤهل أن تتم أتمتتها، وفي تلك القطاعات ذات الاحتياج الوطني المستقبلي (بما في ذلك قطاعات الطاقة المتجددة والتحول الأخضر والأمن السيبراني وهندسة النظم)؛ لذلك يغدو وجود اتحاد وشراكة ممنهجة بين مجموعة من هذه الشركات والمؤسسات لتبني برنامج وطني موسع في إعادة تأهيل المهارات المستقبلية أمر ملح ومهم لضروراته الاجتماعية والاقتصادية. السياق الآخر هو في تكامل أنشطة الاستثمار الاجتماعي ولامركزيتها ـ ندرك أن لكل شركة أو مؤسسة سياساتها وموجهاتها الاستراتيجية في ممارسة أنشطة المسؤولية الاجتماعية ـ غير أن التكاملية في السياق المحلي أمر ضروري، والخروج لخدمة سياق اجتماعي أوسع خارج نطاق منطقة الخدمة/ أعمال الشركة من شأنه توسيع الأثر الاجتماعي والاقتصادي لتلك الأنشطة. 

وتأتي مسألة التوسع في حاضنات الابتكار لخدمة الحلول المجتمعية كذلك من بين الاحتياجات المرجو أن تركز عليها هذه الأنشطة، بالإضافة إلى مساعدة المخططين الاقتصاديين في المحافظات على التخطيط القائم على الاستدامة، وعلى تعظيم الفرص الاقتصادية، وتعظيم القيمة الاجتماعية لمشروعات وبرامج وأنشطة تنمية المحافظات، ويؤمل من أنشطة المسؤولية الاجتماعية/ الاستثمار الاجتماعي كذلك خلق النماذج الرائدة بالشراكة مع الحكومة (مدارس المواهب مثالًا، المستشفيات القائمة على الذكاء الاصطناعي، البنى الأساسية الموفرة للطاقة، ومدن الاستثمار الاجتماعي التي تركز على تكوين بيئة سلوكيات صحية ومستديمة بالنسبة للساكنين..)؛ تكوين مثل هذه النماذج يرسي توجهات اجتماعية رائدة من ناحية، ويبني من ناحية أخرى قاعدة قوية للشراكة بين القطاعات تقوم على نقل المعرفة الرائدة والخبرات بشكل عملي ومستمر. 

وفيما يتعلق بنهج تحديد الأولويات؛ فإن وجود مرصد وطني مؤسس وبحوكمة واضحة للاستثمار الاجتماعي أصبح ذا أهمية؛ بحيث يعني بخمس مهام رئيسة: مراقبة التحولات والاحتياجات الاجتماعية الناشئة وتحويلها إلى فرص استثمار اجتماعي، وتحديد وتجديد واقتراح أطر الممارسة ومعاييرها وتطويرها بتطور الاحتياجات والممارسات، وتقييم أثر أنشطة وممارسات الاستثمار الاجتماعي على تلبية الأولويات والاحتياجات الاجتماعية القصوى، وتقييم أثر أنشطة وممارسات الاستثمار الاجتماعي على تمكين الاقتصاد والمجتمع، بالإضافة إلى ربط تلك الأنشطة والممارسات بمبادئ وأولويات الأجندة الوطنية من خطط متوسطة المدى واستراتيجيات قطاعية، وخطط مؤسسية، بحيث تكون لهذا المرصد الأدوات والصلاحيات والمُكن المشرعة التي تجيز له ممارسة الاختصاص، ولا يكون مجرد كيان استشاري أو وحدة بحثية جانبية، ويستقر إنشاؤه توافقًا وتنظيمًا بين الحكومة والقطاع الخاص. 

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع، والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان   

مقالات مشابهة

  • تحولات مفهوم الاستثمار الاجتماعي واحتياجات المجتمع
  • تأجيل طعن هدير عبد الرازق على نص القيم الأسرية في جرائم تقنية المعلومات
  • تأجيل نظر طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية» لـ 28 مارس
  • اليوم.. نظر دعوى هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية» في جرائم تقنية المعلومات
  • مساعد وزير الداخلية الأسبق: المشاكل الأخلاقية والأمنية الأخيرة نتاج لغياب الانضباط والحوكمة
  • المحكمة عن سوزي الأردنية: خطر على الشباب وتروج للفساد والرذيلة
  • منظومة القمع المصري.. اختراق الحدود وملاحقة المعارضين بأي ثمن
  • التضامن الاجتماعي تشارك في ورشة عمل تحت عنوان "تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر.. من الالتزامات العالمية إلى العمل الوطني"
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • عاجل | وفاة المؤثر في مواقع التواصل الاجتماعي أبو مرداع في حادث مروري بحائل