صدر حديثا.. الغَرانيقُ تُهاجرُ جنوباً.. الأهوارُ موروثٌ لا ينضب
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
أكتوبر 9, 2024آخر تحديث: أكتوبر 9, 2024
المستقلة/-طالب كريم/..بات واضحاً لدى الدّوائر العلميّة والأكاديمية ، ولدى الغالبيّة من النّاس ، أنّ النَّصّ الشِّفاهي ، أو بالأحرى الثقافة الشعبية بكل أشكالها وأجناسها ، لم تتمكّن من الحصول على التأييد والتّسليم برُوقِيِّها أو تنتزع الاعتراف برفعتِها ، على الرغم من كونها الأكثر قرباً من قلوب الناس وملامسة مشاعرهم وإطلاق خيالاتهم ؛ بسبب بساطتها وتلقائيتها من ناحية الفنون والصناعات بأشكالها المختلفة ، وشفاهيّتها وبساطتها وصدقها أيضاً من جهة الأدب شعراً ونثراً .
ويخيل لكثيرين أيضا أنها ثقافة العامّة والطبقات الكادحة على وجه التحديد وليست ثقافة كلّ الشَّعب أو عمومه، لاسيما النّخبة والطّبقات ” الرفيعة ” فثمة كثيرٌ حتى من الدّارسين، يُصنّفونها (شعراً وحكاياتٍ وغناءٌ ورقصاً وموسيقى وتشكيلاً وصناعاتٍ يدويًةً) ضمن الفطريّ أو البدائيّ، وأدبها (شعراً ونثراً) يُصنّف ضمن الثّقافة الشّفويّة أو الشفاهية. وهذا الشفاهي أو ( الشّفاهيّة ) هو من النصوص غير المُعتبرة أو غير المُعتبرة أو غير المُعبرة أو البسيطة والبدائيّة وبحسب مايرون .
وضمن مبادرة رئيس الوزراء لدعم الكتاب صدر حديثاً عن سلسلة ” تراث ” التي تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة وزارة الثقافة والسياحة والآثار للكاتب والباحث علي أبو عراق كتابه الجديد الموسوم ” الغَرانيقُ تُهاجرُ جنوباً — الأهوارُ موروثٌ لا ينضب ” ومن مقدمة الكتاب نقتطف ” لها في تدريس الموروث الشّفاهي فائدة كبيرة في المحافظة على ذاكرة الشعوب وربط الماضي بالحاضر؛ لِما لهذه الموروثات من قيمة تراثّية واجتماعية وأخلاقيّة، وما تتضمن من حِكَم ومواعظ وخبراتٍ حياتيةٍ وتجاربَ واقعيةٍ.
يقع الكتاب بـ (208) صفحة من القطع المتوسط.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
في مرايا الشعر.. جديد هيئة الكتاب للشاعر جمال القصاص
أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب إصدارًا جديدًا يحمل عنوان «في مرايا الشعر» للشاعر والناقد جمال القصاص، وهو عمل يقدّم رؤية متفردة لعلاقة الشاعر بالكتابة، وللجدل الداخلي الذي يصاحب فعل الإبداع منذ لحظة تشكّل الفكرة حتى اكتمال النص، يأتي الكتاب بمثابة شهادة شخصية وفكرية تعكس تجربة القصاص الممتدة مع الشعر، وقراءاته النقدية التي راكمها عبر سنوات طويلة من التأمل والمتابعة.
في مقدمة الكتاب، يكشف القصاص عن حالة الانفعال التي تلازمه أثناء الكتابة، تلك التي تجمع بين الفرح والغضب والحيرة، وتضعه أحيانًا في «ورطة» شعرية تكاد تبتلعه، يصف اللحظة الإبداعية وكأنها فخ يتربص بالشاعر، يجعله بين دورين متناقضين: الذئب الذي يقتنص فريسته، والفريسة التي تهرب من مصيرها، هذا التوتر الخلّاق بين اللذة والمأزق يشكّل أساس رؤية القصاص للكتابة، فهو يرى أن النجاة من مأزق نص لا تكون إلا بمأزق جديد يخلقه الشاعر بإرادته ودهشته، تمامًا كطفل يراقب ولادة لحظته الشعرية على الصفحة.
ويؤكد القصاص رفضه للوصفات الجاهزة ونماذج الكتابة المكررة، مفضّلًا أن يترك نافذة النص مفتوحة دائمًا، لاستقبال ومضة أو خاطر أو إشارة لم يبح بها بعد، فالكتابة، في نظره، فعلُ اكتشاف دائم لا يتوقف عند حدّ، وبحث مستمر عن ما لم يُقل، وعن الدهشة التي تختبئ في مفارقة ساخرة أو طرقة درامية أو سؤال مشحون بالوجود وأزماته.
ويذهب القصاص في صفحات كتابه إلى جوهر العلاقة بين الوعي والفكرة الشعرية، معتبرًا أن الوعي وحده لا يصنع شعرًا، وأن الإلهام الحقيقي يحتاج إلى قدرة على نسيان الفكرة بقدر القدرة على التقاطها، فهو يعيش الشعر كطقس داخلي، وكتمرين يومي على الحرية، يكتب من أجل أن يحب نفسه أكثر، ويلتصق بجوهره الإنساني عبر لحظات تضج بالنشوة، حتى لو كانت من مشهد رتيب أو حكاية معادة.
يمتد الكتاب ليضم مجموعة من قراءات القصاص النقدية لتجارب شعرية عربية، وهي نصوص كتبها عبر سنوات بدافع الفرح بالشعر ذاته، وبما يقدمه الشعراء والشاعرات من مغامرات جمالية، يقول إن خبرته كشاعر كانت البوصلة الأولى التي توجه نظرته النقدية، إذ تجمع بين عين القارئ الشغوف وحساسية المبدع الممسوس بالتجربة.
ويرصد الكتاب تحولات الشعر العربي منذ الستينيات، وهي المرحلة التي شهدت ـ بحسب القصاص ـ بدايات التمرد على الأشكال القديمة، ومحاولات التجديد في الإيقاع والرؤية واللغة، وعلى الرغم من هذا الحراك، يرى أن الشعر العربي ظل مرتبطًا لفترة طويلة بإطار البلاغة التقليدية، وبموضوعات سياسية واجتماعية تشكّل مركز النص وتطغى على الشكل الجمالي.
كما يتوقف القصاص عند المأزق النقدي الذي يواجه الشعر العربي المعاصر، والمتمثل في اعتماد كثير من تجارب الحداثة على المنجز الغربي في النظر والتطبيق. وبرغم أهمية هذا المنجز في التاريخ الإنساني، يرى القصاص أنه لم يستطع تجاوز رؤيته العقلانية للشعر، في حين أن الشعر ـ في جوهره ـ ليس نتاجًا عقليًا صرفًا، بل هو ابنة الروح وومضتها المفاجِئة، تلك التي تفلت من قبضة المنطق والأطر الجاهزة.
ويخلص القصاص إلى أن الحداثة الشعرية ليست قالبًا خارجيًا، بل هي قيمة داخلية في الإنسان، تحتاج فقط إلى من يوقظها من أسر العادة وما تراكم حولها من قيود، فالشعر، كما يراه، يمنحنا إحساسًا بالحرية، ويعيد تشكيل علاقتنا بالعالم من جديد، عبر حساسية لا تستسلم للسائد ولا للمألوف.
وفي ختام الكتاب، يقدم القصاص اعترافًا إنسانيًا مؤثرًا، إذ يقول إنه لا يدّعي الصواب في ما يكتب، بل ما زال يبحث عنه في رحلته الطويلة مع الشعر، مؤمنًا بأن الخطأ ليس سوى صواب مؤجل لم يحن أوانه، ويوجه تحية لكل الشعراء الذين أسهموا ـ عبر تجاربهم وأعمالهم ـ في توسيع مساحة الضوء والمحبة في حياته الشعرية.
بهذا الإصدار، تضيف الهيئة العامة للكتاب عملًا مهمًا إلى المكتبة النقدية العربية، يجمع بين حرارة التجربة وعمق التأمل، ويقدّم رؤية شاعر خبر دروب القصيدة ووقف طويلًا أمام مراياها المتعددة.