في إطار الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ “الصدمة والرعب”، كما أشار إليها دانيال بايمان، وسيث جي جونز، وألكسندر بالمر، في تقرير أمني نُشر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن، في 4 أكتوبر 2024، تحت عنوان: “التصعيد إلى حرب بين إسرائيل وحزب الله وإيران”، تُنفذ إسرائيل عمليةً عسكريةً “سهام الشمال” في جنوبي لبنان، غير أن العملية لم تكن مفاجئةً للمراقبين العسكريين والمحللين السياسيين؛ نتيجة سخونة تلك الجبهة منذ أكثر من عام، إلا أن المفاجأة تمثلت في السرعة التي نجحت بها إسرائيل في تحييد قيادات حزب الله البارزين، وفي مقدمتهم زعيم الحزب حسن نصر الله، وضرب عدد من قوات النخبة التابعة له، عبر عمليات رصد استخباري، وسطع جوي، وقصف مكثف على مدار الأسبوعين الماضيين.

تكبد حزب الله خسائر فادحة تتجاوز خسارة قادته الكبار، وتدمير بعض مخزونات أسلحته، تمثلت في فقدان هيبته ودوره الفاعل لدى جمهوره والمناصرين له، حيث اِنهارت أسطورة “حزب الله الذي لا يُقهر” بسرعة، ووجد أكثر من مليون لبناني أنفسهم في الشوارع، ونازحين داخل لبنان، وإلى سورية، بعد أن دمّر الإسرائيليون أكثر من 50 قرية ومزرعة في جنوب لبنان، وهو ما يجعل لبنان على مفترق طرق بين التصعيد الإسرائيلي المدمّر، والاحتواء الدبلوماسي المعقّد لهذه الحرب.

حسابات حزب الله الخاطئة، وتوجه إسرائيل نحو الشمال

على مدى عامٍ كاملٍ، أصبحت إسرائيل أقل ردعًا؛ ففي البداية جاء هجوم المقاومة الوطنية الفلسطينية من داخل غزّة في 7 أكتوبر 2023، ومن ثم تلاه التأثير التراكمي لرشقات “حزب الله” الصاروخية المتقطعة على مستوطنات شمالي إسرائيل، ورغم أن تلك الضربات لم تكن مؤثرّة على مستوى التغيير الميداني، فهي لم تدفع الإسرائيليين إلى التوقف عن استهداف غزّة، أو تُؤثر في قدرة الجيش الإسرائيلي، لكنها وضعت ضغوطاً متزايدة على إسرائيل، وخصوصاً أن تلك الهجمات أدت إلى نزوح نحو 60,000 مدني إسرائيلي من مستوطناتهم وقراهم على طول الحدود المحتلة مع لبنان (Matthew Levitt، 2024).

ومع مرور الوقت فقد الإسرائيليون صبرَهم من مناوشات حزب الله، وفي العام الماضي، قبل ثلاثة أشهر من 7 أكتوبر 2023، هدد حسن نصر الله إسرائيل بعبارات لا لبس فيها: “ستعودون إلى العصر الحجري إذا ذهبتم إلى الحرب”. وزاد تأثر نتنياهو بما كان يكرره حسن نصر الله حول إيمانه العميق بأن يوم السابع من أكتوبر “يوم نصرة مسرى ومعراج النبي العدنان”، والأحداث التي تلته كشفت عن أن إسرائيل “أضعف من بيت العنكبوت”، وقوله: “إن المجتمع الإسرائيلي وجيشه يبدوان قويين، لكن مع مرور الوقت سيهزمان بسهولة”، ومع استمرار قلق المجتمع الإسرائيلي، وبعد تقليص جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية الرئيسية في غزّة، ازداد التأييد لفكرة أن الجيش يجب أن يفعل ما عليه فعله؛ لتمكين المدنيين من العودة إلى ديارهم في مدن ومستوطنات الشمال (Matthew Levitt، 2024).

لحظة الفرصة النادرة لإسرائيل في لبنان

بعد سلسلة من الهجمات الاستخبارية والعسكرية الإسرائيلية التي أدت إلى تدهور القدرة القتالية لحزب الله تدهوراً شديداً، وتفكك كوادره القيادية. ومع قصف مقر القيادة العسكرية لحزب الله، ومقتل زعيمه حسن نصر الله، في 27 سبتمبر 2024، وتصدُّع بناء أحد أهم المرتكزات العسكرية التي تعتمد عليها إيران في المنطقة، إذ كان حزب الله يشكل العمود الفقري لشبكة أتباع وحلفاء إيران المسلحين، أو ما يسمى بمحور المقاومة، تأتي لحظة الفرصة النادرة لإسرائيل، إذ أعلن رئيس وزراء لبنان المؤقت نجيب ميقاتي دعم حكومته لتنفيذ “قرار مجلس الأمن رقم 1701″، وهو القرار الذي أُقِر في يوليو عام 2006، الذي نص على أن “قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) ستساعد الجيش اللبناني على ضمان أن تكون المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود مع فلسطين المحتلة خالية من أي عناصر مسلحة، أو أصول، أو أسلحة غير حكومية” (David Schenker، 2024).

وعبر سياسة العصا والجزرة التي تعتمدها إدارة نتنياهو في محاولة تغيير الوضع القائم في الشرق الأوسط، وتقسيم المنطقة بخرائطه إلى مناطق سوداء “أعداء” وخضراء “أصدقاء” لإسرائيل، وبدعم أمريكي، ظهرت مبادرات تفاوضية برعاية غربية، ورغم إعلان قيادة حزب الله رغبتها في الهدنة، واستعدادها للانفكاك عن جبهة غزة، فإن قتل الأمين العام الثاني هاشم صفي الدين، وعدد من القيادة العليا بعد حسن نصر الله، واستهداف شبكة الأنفاق الواسعة في الجنوب، وممرات السلاح على الحدود السورية، وعدم تعاضد إيران بشكل مؤثر مع حليفها، أعطى إسرائيل فائض قوة، وربما أرادت إسرائيل وحلفاؤها إضعاف “حزب الله” إلى الحد الذي يُمكّن الجيش اللبناني الضعيف من الانتشار في جنوبي نهر الليطاني إلى حدود فلسطين المحتلة.

ويشير مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إلى أن تنفيذ “قرار مجلس الأمن رقم 1701″ سيتطلب نشر نحو 6,000 جندي من الجيش اللبناني للقيام بدوريات في منطقة الحدود اللبنانية مع إسرائيل، بالتعاون مع نحو 11,500 من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل). وبعد انسحاب جميع العناصر المسلحة لـ”حزب الله” سيكون من المفترض أن تتمكن هذه القوات من التحرك بحرّية في جميع المناطق الواقعة جنوبي نهر الليطاني، والبحث بنشاط عن الأسلحة المتبقية، والاستحواذ عليها، وتفكيك مواقع “حزب الله”، ومنصات الإطلاق، وضمان عدم إعادة تسلل عناصر الحزب أو أي مليشيا إلى المنطقة، وقد يتيح الدعم الغربي والخليجي (من وجهة النظر الأمريكية) لتنفيذ هذه الجهود في تهدئة المناطق الجنوبية من لبنان.

المضي قدماً إلى الأمام.. كيف ستتشكل ملامح المرحلة المقبلة في لبنان؟

نظراً للجمود السياسي المزمن في لبنان، وتأثير إيران العميق، فإن تغيير المسار العام للسياسة اللبنانية أمر بعيد المنال في أفضل الأحوال، ولكن مع ضعف حزب الله، وبعد عامين من إغلاق قصر بعبدا لعدم وجود رئيس، سيكون تصويت مجلس النواب اللبناني على رئيس جديد تطوراً مُرحباً به.

وعلى نفس القدر من الأهمية لتحقيق الأمل البعيد في قيام لبنان مستقر، ذي سيادة، تنفيذ “قرار مجلس الأمن رقم 1559″، الذي ينص على نزع سلاح المليشيات في لبنان، ولكن يبدو تنفيذ هذا القرار هدفاً بعيد المنال؛ بسبب بعض العراقيل المؤسسية، والبنية الثقافية داخل الجيش، الذي تبنى خلال عقدين سابقين شعار الحزب “الجيش، الشعب، المقاومة”، حيث تُدرِّس كتيبات التوجيه الخاصة بالحزب المجندين اللبنانيين الجدد “الجيش والمقاومة معاً”، هذا بالإضافة إلى طبيعة التركيبة الطائفية للجيش اللبناني، واِختراقه من قبل “حركة أمل” و”حزب الله”، ولذلك فإن مسألة الانضباط والتغيير قضية إشكالية في المرحلة القادمة (David Schenker، 2024).

وبطبيعة الحال، وحسب ما رأت الباحثة اللبنانية المتخصصة في السياسة الشيعية في الشرق الأوسط بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى حنين غدار: “فإن الضربات الإسرائيلية المستمرة قد أتاحت فرصة كبيرة لبدء العملية الدبلوماسية والسياسية قبل أن يستيقظ الحزب من الصدمة” ((Hanin Ghaddar,2024، ولذلك فإني أرجّح ثلاثة احتمالات في المرحلة المقبلة في لبنان، على النحو الآتي:

1- حرب مفتوحة: تحوّل كتائب مليشيا حزب الله إلى عصابات شوارع، وتضم آلاف المقاتلين المسلحين، بدعم من مجتمع خائف خياراته محدودة. ومن شأن ذلك أن يكون الوصفة المثالية للانبعاث الطائفي من جديد، ما قد يجعل لبنان أرضاً خصبة لجميع أنواع الفصائل الجهادية العابرة للحدود، والتي تزدهر في مثل هذه الصراعات، وخاصة مع غياب مؤسسات الدولة، وعدم قدرة الجيش على القيام بدوره.

2- التوسع إلى حرب إقليمية: نتيجة رفض النظام الإيراني التخلي عن حزب الله، وقد يأمر الحرس الثوري بالتركيز باهتمام أكبر على إعادة بناء الحزب، وترتيب كوادره القيادية، وتتبنَّى إيران في هذه المعركة نهجاً عملياً أكثر من خلال إرسال مستشارين وجنرالات على الأرض، حتى تُدرَّب وتعيَّن فئة جديدة من قادة “حزب الله” الشباب. ومن المرجَّح أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الضربات الإسرائيلية المدمّرة، والتوسع البرّي، وربما تدور حرب شبيهة بحرب غزّة، وتدخل فيها أطراف من خارج الإقليم.

3- تغيير الوضع السياسي والأمني القائم: تفكيك قوات حزب الله، على مبدأ الخبير الاستراتيجي العسكري توماس شيلينغ: “ما تريده إسرائيل الآن هو أن مزيداً من الضرر القادم هو الذي يمكن أن يجعل شخصاً ما يستسلم أو يمتثل”. ويتضمن هذا الاحتمال انتشار الجيش اللبناني واليونيفيل بين نهر الليطاني وحدود فلسطين المحتلة، وبقاء الإسرائيليين فترة داخل لبنان، بجهود الدبلوماسية الأمريكية والفرنسية؛ بهدف الحيلولة دون توسيع دائرة الحرب، وهنا قد تترك إيران حليفها “حزب الله” بمفرده لمعرفة هويته، ومهمته الجديدة، في حين يثبت الجيش اللبناني استعداده، وقدرته على احتواء العصابات المسلحة، ومنع العنف الطائفي على نطاق واسع بدمج بعض تلك التشكيلات في قواته “مطلب فرنسي”. ويتم اختيار الرئيس اللبناني الجديد. وظهرت عدة تقارير تبين لقاءات مسؤولين غربيين مع الإيرانيين واللبنانيين في بيروت، وهناك ترجيح لاختيار رئيس لبناني، وهو إما جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، أو قائد الجيش جوزيف خليل عون (حسب مصادر الإعلام)، وهذا هو الخيار المثالي، وربما يكون الاحتمال الأسلم بنظر الفاعلين الإقليميين والدوليين؛ لتجنب الاحتمالين الآخرين اللذين يقودان إلى تدمير وفوضى في لبنان.

المراجع:
Matthew Levitt, After Hezbollah’s Miscalculations, It Has Lost Much of Its Power, The Washington Institute, Oct 1, 2024. At:
https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/after-hezbollahs-miscalculations-it-has-lost-much-its-power
David Schenker, In Lebanon, a Rare Moment of Opportunity, The Washington Institute, Oct 8, 2024.
In Lebanon, a Rare Moment of Opportunity | The Washington Institute
Hanin Ghader, A Roadmap to an Enduring Ceasefire in Lebanon,  The Washington Institute, Oct 9, 2024, at:
https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/roadmap-enduring-ceasefire-lebanon
 Daniel Byman, Seth G. Jones, and Alexander Palmer, Escalating to War between Israel, Hezbollah, and Iran, Center for Strategic and International Studies – CSIS, October 4, 2024, at; Escalating to War between Israel, Hezbollah, and Iran (csis.org)

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الجیش اللبنانی نهر اللیطانی حسن نصر الله فی لبنان حزب الله The Washington أکثر من

إقرأ أيضاً:

الحزب والمقاومة بعد 43 عاما على التأسيس: مرحلة جديدة ومراجعة شاملة

في الأسبوع الأول من شهر حزيران/ يونيو من العام 1982 بدأ الاجتياح الإسرائيلي الجديد للبنان، بهدف إنهاء وتصفية منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وإقامة نظام سياسي جديد للبنان يقبل بالتفاوض مع العدو الصهيوني وإقامة معاهدة سلام بين لبنان وهذا الكيان، وحصل هذا الاجتياح بالتعاون والتنسيق مع القوات اللبنانية التي كانت تعمل لإيصال قائدها بشير الجميل لرئاسة لبنان بعد انتهاء عهد الرئيس اللبناني إلياس سركيس.

وخلال أيام قليلة استطاعت القوات الإسرائيلية احتلال قسم كبير من الأراضي اللبنانية والوصول إلى محيط العاصمة اللبنانية بيروت، وحصلت مواجهات محدودة بين القوات الإسرائيلية والقوى الوطنية والفلسطينية في بعض المناطق الجنوبية وبعض مناطق الجبل وكذلك في منطقة خلدة قرب بيروت، وحاصر الجيش الإسرائيلي مدينة بيروت لمدة شهرين، انتهت بخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية وسيطرة العدو الإسرائيلي على بيروت وانتخاب بشير الجميل رئيسا للجمهورية.

لكن بعد أيام قليلة من هذه التطورات بدأت تنشأ قوى مقاومة لبنانية ووطنية وقومية وإسلامية جديدة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتشكلت جبهة المقاومة الوطنية، فيما تحركت أفواج المقاومة اللبنانية التابعة لحركة أمل، في حين قامت قوات ناصرية وقومية ويسارية وبعض المجموعات اللبنانية الناشطة مع القوى الفلسطينية بعمليات ضد القوات الإسرائيلية.

في هذه المرحلة بدأت تبرز مجموعات إسلامية جديدة كانت ناشطة في إطار اللجان والجمعيات الإسلامية في لبنان حيث نفذت عمليات مقاومة دون الإعلان عنها، وتعاونت هذه المجموعات مع أعضاء في حركة فتح والجماعة الإسلامية وحركة التوحيد الإسلامي وبدأت تتواصل مع القيادة الإيرانية، وتلقت دعما من العديد من العلماء وأبرزهم المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله والشيخ سعيد شعبان وغيرهم من العلماء الذين انخرطوا في إطار تجمع العلماء المسلمين وهيئة علماء جبل عامل وتجمع علماء البقاع، وكل هذه الجهود مهّدت لبروز حالة إسلامية جديدة في لبنان لم تكن معروفة سابقا واطلق عليها لاحقا اسم : أمة حزب الله أو حزب الله.

وكانت العملية الأبرز لهذه المجموعات الإسلامية المقاومة العملية الاستشهادية الأولى في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1982 قرب مدينة صور والتي نفذها الشهيد أحمد قصير والذي لم يعلن عن اسمه إلا بعد ثلاثة سنوات وبعد تحرير قسم كبير من الأراضي اللبنانية المحتلة، وأدت هذه العملية إلى مقتل أكثر من مائة وعشرين جنديا إسرائيليا.

وخلال 43 عاما، من حزيران/ يونيو 1982 إلى حزيران/ يونيو 2025 تطورت تجربة حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان ومرّت في مراحل عديدة، وتحول حزب الله إلى أحد أهم اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين.

ويمكن تلخيص أهم المراحل التي مر بها حزب الله والمقاومة الإسلامية منذ التأسيس إلى اليوم بما يلي:

المرحلة الأولى، من العام 1982 إلى العام 1989، وهي مرحلة التأسيس والعمل الجهادي وتركز فيها العمل على العمل المقاوم ومواجهة النظام السياسي اللبناني وبناء القاعدة الشعبية، وفيها صدرت الوثيقة الأولى للحزب باسم الرسالة المفتوحة، وشهدت تحرير قسم كبير من الأراضي اللبنانية المحتلة وبعض الصراعات الداخلية.

المرحلة الثانية، بعد اتفاق الطائف ووقف الحرب العراقية- الايرانية وإعادة بناء الدولة اللبنانية وتصاعد العمليات المقاومة وصولا إلى التحرير شبه الكامل، وامتدت من العام 1989 حتى العام 2000، وشهدت مشاركة حزب الله في الانتخابات النيابية وبدء الاهتمام بالشأن الداخلي ومواجهة العدوان الإسرائيلي في العام 1993 وفي العام 1996، وعقد تفاهم نيسان. وتطورت أيضا البنية التنظيمية للحزب، حيث انتُخب ثلاثة أمناء عامين منهم الشيخ صبحي الطفيلي والسيد عباس الموسوي والسيد حسن نصر الله، وشهد الحزب تطورا كبيرا وتحول إلى قوة داخلية بارزة.

المرحلة الثالثة، من العام 2000 وحتى العام 2005، حيث زاد انخراط الحزب في الشأن الداخلي وتراجعت عمليات المقاومة وأصبحت الأولوية تعزيز الحضور السياسي والشعبي والتفاهم مع الرئيس رفيق الحريري، ومواجهة الضغوط الخارجية والداخلية الهادفة لانسحاب السوريين من لبنان، وتعززت علاقات الحزب مع الرئيس السوري بشار الأسد والذي تسلم الحكم بعد رحيل والده حافظ الأسد.

المرحلة الرابعة، من العام 2005 وحتى العام 2011، والتي بدأت باغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج القوات السورية من لبنان ومشاركة الحزب في الحكومة اللبنانية وخوضه صراعا داخليا كبيرا، مرورا بحرب تموز/ يوليو 2006 التي عززت من دور الحزب داخليا وخارجيا، ولكن الحزب غرق في الصراع الداخلي وأحداث أيار/ مايو 2008 ثم عقد اتفاق الدوحة وصدور وثيقة سياسية جديدة في العام 2009. وتعرض الحزب في هذه المرحلة لحرب قاسية داخليا وخارجيا.

المرحلة الخامسة، من العام 2011 وحتى العام 2023، حيث اندلعت الثورات الشعبية العربية وبرز تنظيم داعش، وانخرط الحزب في كل صراعات المنطقة وواجه تحديات كبيرة ومنها الصراعات المذهبية والطائفية وانخرط في الصراع في سوريا دفاعا عن نظام الرئيس بشار الأسد، وترك كل ذلك انعكاسات صعبة على دور الحزب وصورته.

المرحلة السادسة، منذ طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ نوفمبر إلى اليوم، حيث شارك الحزب في معركة الإسناد وتطور دوره العسكري، لكنه تعرض لضربات قاسية من خلال العدوان الإسرائيلي في العام 2024 وأدى إلى استشهاد الأمينين العاميين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين والعديد من القادة العسكريين وآلاف المقاتلين، وتعرض الحزب لضربات قاسية، إضافة لسقوط النظام السوري. لكن الحزب عمد إلى إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية والبحث عن رؤية جديدة في مواجهة مختلف التحديات، وانتخاب أمين عام جديد وهو الشيخ نعيم قاسم.

وفي هذه المرحلة يحتاج حزب الله والمقاومة الإسلامية إلى رؤية سياسية وميدانية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وإجراء مراجعة شاملة لأدائه السياسي والميداني. وقد بدأت ملامح التغيير تظهر من خلال مواقف الحزب وأدائه وحرصه على الحوار الداخلي والوقوف خلف الدولة اللبنانية.

فهل سنكون في المرحلة المقبلة أمام حزب جديد ومقاومة جديدة؟ وهل سيعمد الحزب لإطلاق رؤية سياسية جديدة قادرة على مواكبة المتغيرات؟

الجميع في داخل لبنان وخارجه يراقب الحزب وأداءه، بانتظار الصورة الجديدة والمشروع السياسي والميداني الجديد.

x.com/kassirkassem

مقالات مشابهة

  • الجيش اللبناني يعلن تفكيك جهاز تجسس إسرائيلي جنوب البلاد
  • هبة تركية.. مرفأ بيروت يستقبل معدات عسكرية لصالح الجيش اللبناني
  • أول تعليق من الرئيس اللبناني على رفع العقوبات عن سوريا
  • المعهد الفني الأنطوني استقبل عقيلة قائد الجيش: إشادة بالتفوق والإبداع اللبناني
  • مفاجأة أمنية.. الجيش اللبناني يحقق تقدماً في نزع السلاح بدعم استخباراتي!
  • ميقاتي تقدّم بالتهنئة من رئيسيّ بلديتيّ طرابلس والميناء: المرحلة المقبلة ستشهد عملا بلدياً فاعلاً
  • إطباق تجسّسي.. هكذا تستبيح إسرائيل الجنوب اللبناني
  • الجيش اللبناني في حالة استنفار بعد توغل إسرائيلي جنوبي البلاد
  • حزب الله والمقاومة بعد 43 عاما على التأسيس: مرحلة جديدة ومراجعة شاملة
  • الحزب والمقاومة بعد 43 عاما على التأسيس: مرحلة جديدة ومراجعة شاملة