بينما غادر اثنان من المجموعة منزلنا بعد نهب السيارة، قرر آخران، العودة إلى المنزل، وأشهر أحدهما السلاح في وجهي، وقام الآخر باغتصابي”، تحدثت “سلمى” (اسم مستعار) في تقرير سابق بموقع الحرة عما عانته في منزلها بالعاصمة السودانية، الخرطوم، من قبل مجموعة مسلحة.

التغيير ــ وكالات

“ضحى” (اسم مستعار أيضا)، كانت تبلغ من العمر 15 عاما فقط عندما قالت لـ “الحرة” إنها وأختها تعرضتا للاغتصاب في منزلهما بأم درمان بحضور أمهما وشقيقهما الأصغر في عام 2023 أي بعد شهر من بدء المعارك.

سلمى وضحى لسن الوحيدات فما عاشتاه يتردد في قصص مئات من النساء في السودان بحسب البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان أو ما ذكرته جهات رسمية أو منظمات مجتمعية في السودان.

فيما قدر ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في البلاد، محمد الأمين، تعرض حوالي 7 ملايين امرأة وفتاة في السودان لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في الحرب الدائرة، بحسب تصريحاته في يوليو الماضي.

وحيث تدور المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يتعرض السكان إلى القتل والاستعباد في بعض الحالات، بينما تتوالى التقارير عن تعرض نساء وفتيات للعنف الجنسي على يد مقاتلين، وهو ما توثقه البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان.

واستطاعت البعثة توثيق مجموعة مروعة من الانتهاكات لحقوق الإنسان والجرائم الدولية قد يرقى العديد منها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واتهمت كافة أطراف النزاع في السودان بارتكابها. في حين تنفي تلك الأطراف مسؤوليتها في ذلك، ووصفت الحكومة السودانية البعثة بأنها “هيئة سياسية”.
ومع انتهاء مهمة البعثة في أكتوبر، صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، لصالح تمديد مهمتها.

وأعربت وزارة الخارجية السودانية، الأربعاء، عن رفضها للقرار، معتبرة أنه يتحامل ضد القوات السودانية المسلحة، وذكرت أنه لم يراع الأولويات الحقيقية للبلاد والتي تتطلب “إنهاء التمرد وإيقاف الفظائع المستمرة، وإخلاء مساكن المدنيين وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية”.

ورغم هذا الاعتراض، أكد محللون سودانيون أهمية تمديد عمل البعثة معتبرين أنه سيشكل “رادعا” أمام المزيد من الانتهاكات، ما يعني حماية المدنيين، وأن عملها لا يجب أن يشكل قلقا لأي جهة لا تنتهك حقوق المدنيين.

“رادع”

الباحثة السودانية، مها طمبل، وجدت أن تمديد عمل البعثة له أهمية كبيرة على الصراع الدائر في البلاد، إذ وجودها فقط قد يشكل “رادعا من المزيد من الانتهاكات، ما يعني حماية المدنيين”.

وأوضحت طمبل، التي تقيم في العاصمة واشنطن، لموقع “الحرة” أن تصويت مجلس محقوق الإنسان يمثل “نجاحا وتوجيه رسائل للجناة أنه ستتم محاسبتهم على جرائمهم”، وهو الأمر الذي ينادي به قانونيون وناشطون سودانيون يعملون في مجال حقوق الإنسان.

وترى في ‎تمديد مهمة البعثة أمرا بالغ الأهمية لـ “وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته والتزاماته تجاه الحرب المنسية في السودان، ناهيك عن أن توثيق الانتهاكات يمكن أن يوفر فهما موضوعيا للوضع على الأرض، لمساعدة المجتمع الدولي في معالجة الأسباب الجذرية للصراع ومحاسبة الجناة”.
ووجدت البعثة في تقريرها الذي صدر في سبتمبر الماضي أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والقوات الحليفة لهما، مسؤولون عن أنماط انتهاكات واسعة النطاق تضمنت هجمات عشوائية ومباشرة، عبر غارات جوية وقصف مدنيين ومدارس ومستشفيات وشبكات الاتصال وشبكات حيوية لإمداد المياه والكهرباء.

“بعثة تقصي الحقائق واحدة من أهم الآليات والجهات الموثوقة لرصد الانتهاكات ضد المدنيين”، بحسب ما يرى القيادي في قوى الحرية والتغيير السودانية، عمار حمودة.

وأكد حمودة لموقع “الحرة” أن رصد الانتهاكات يشكل ما يشبه “الحصار على طرفي الحرب بما يصب في مصلحة حماية المدنيين”.

ووجدت البعثة أن أطراف النزاع في السودان استهدفت المدنيين من خلال الاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي والاحتجاز التعسفي والاعتقال، بالإضافة إلى التعذيب وسوء المعاملة، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب.

خفض التصعيد

وترجح الباحثة طمبل أن يساهم وجود هذه البعثة في “تسهيل الحوار بين الأطراف المتصارعة ووضع الأساس لمفاوضات السلام، مما قد يقلل من التوترات”.

وتابعت أن البعثة الأممية “يمكنها المساهمة في خفض التصعيد في السودان من خلال إيجاد الشفافية وتعزيز المساءلة، وهما أمران ضروريان لحل الصراع” بحيث يمكن لتقاريرها أن “تؤثر على الجهود الدبلوماسية الدولية، وتشجع على الامتثال للقانون الدولي من قبل الجهات الفاعلة السودانية”.
دعا محمد شاندي عثمان، رئيس البعثة، في سبتمبر، إلى نشر قوة مستقلة ومحايدة مكلفة بحماية المدنيين في السودان على الفور.

ويتفق حمودة، وهو مقيم في العاصمة لندن، مع طمبل وقال إن أي “رصد للانتهاكات وتحميله للجهة المسؤولة، يفضح الممارسات لجميع الأطراف، ويجعلها تحت دائرة الضوء بدلا عن استمرارها وتزايدها في حال عدم وجود جهة موثوقة للرصد”.

وذكر أن وجود البعثة وتمديد مهمتها سيساهم بالنهاية “في تقليل الانتهاكات”.

لماذا ترفض الحكومة السودانية تمديد البعثة؟

قالت طمبل إنه من المؤكد رفض الخارجية السودانية لمهمة البعثة “لأنها ترى فيها تدخلا في الشؤون الداخلية، بحسب تصريحاتهم الرسمية”.

ولكن السبب الأهم هو “خشية الحكومة المدعومة من الجيش أن تسلط البعثة الضوء على تصرفات القوات المسلحة التي قد تؤدي إلى انتقادات دولية أو عقوبات، ومع التمديد قد يكشف أيضا عن انتهاكات ارتكبت أثناء الصراع، وهو ما قد ترغب الحكومة في تجنبه، وخاصة في سعيها إلى تعزيز سلطتها أو الحفاظ على روايتها للأحداث”.

وأعادت طمبل التذكير بالتجارب السابقة للجيش السوداني مع آليات المساءلة الدولية على رأسها المحكمة الجنائية الدولية، والتي أفضت باستصدار مذكرات توقيف في حق الرئيس المخلوع عمر البشير، وهذا ما تخشى الحكومة من تكراره من قبل بعثة تقصي الحقائق، على حد وصفها.
من جانبها، قالت الحكومة السودانية على لسان وزارة الخارجية في بيان، الأربعاء، إن قرار تمديد البعثة “جانب الصواب في توصيفه لما يجري في السودان، واحتوى على تحامل بالغ ضد القوات المسلحة السودانية”.

وأضافت أن نتيجة التصويت على القرار عكست الانقسام الحاد داخل مجلس حقوق الإنسان حوله “مما يؤكد تماما عدالة موقف السودان”.

وصوتت 23 دولة من الدول الأعضاء في المجلس البالغ عددها 47 لصالح تمديد مهمة البعثة الدولية المستقلة لعام آخر، في مقابل معارضة 12 دولة وامتناع 12 أخرى عن التصويت.

وانتقد حمودة من جانبه رفض الخارجية السودانية لتمديد عمل البعثة، وقال “لا أرى حصافة فيه”.

وذكر أن “عمل البعثة يشكل نوعا من حماية المدنيين، ويجب ألا يكون محل خوف أو قلق من أي جهة لا تنتهك حقوق المدنيين”.

حقائق عن البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان

قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر من 2023 إنشاء البعثة، حيث تضمنت وجود محمد شاندي عثمان رئيسا، وعضوية: جوي إيزيلو ومنى رشماوي.

وللبعثة تسع مهام أساسية: التحقيق في الانتهاكات بما في ذلك تلك المرتكبة ضد اللاجئين والنازحين، وجمع وتوحيد الأدلة على الانتهاكات والتجاوزات، بما في ذلك إفادات الشهود ومواد الطب الشرعي.
يأتي هذا إضافة إلى تحديد الأفراد أو الكيانات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، وتقديم توصيات حول تدابير المساءلة بما في ذلك المسؤولية الجنائية، وتقديم تقارير إلى مجلس حقوق الإنسان، والتعاون مع مبادرات المساءلة الدولية والإقليمية والمحلية، والتركيز على حالة حقوق الإنسان في المناطق التي تثير قلقا مثل الخرطوم ودارفور.

نقلاً عن الحرة 

الوسومالسودان انتهاكات بعثة تقصي الحقائق رفض

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان انتهاكات بعثة تقصي الحقائق رفض

إقرأ أيضاً:

وزير العدل: الدولة تتبنى رعاية حقوق الإنسان وضمان سلامته


أكد المستشار عدنان فنجري وزير العدل، أهمية مناقشة القانون، بما يقدمه من مواجهة التحديات التي تواجه المنظومة الصحية، وغايته تحقيق التوازن بين المريض والأطباء، ويضمن بيئة عمل آمنة للأطقم الطبية.

مصادرة 107 عبوات أدوية بيطرية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بالغربيةننشر نص كلمة النائب العام بندوة دور النيابة العامة بين سلامة المريض وتأمين الأطقم الطبية

وقال إن القانون جاء في بناء متكامل ولا تعارض فيها، وفق ما استقرت عليه الخبرة، بما يهيء للطبيب ممارسة رسالته النبيلة وعدم تعريضه للمساءلة وفق رؤية فنية مستقلة، إضافة إلى استحداث لجنة تسويات وإجازة الصلح دون المساس بحقوق المريض.

وأوضح أن هذا القانون خطوة في ضوء ما تتبناه الدولة من رعاية حقوق الإنسان وضمان سلامته.. مشيرا إلى أن القانون يمثل حاجة مجتمعية، لتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسلت الدولة، فضلا عن أنه جاء ثمرة تعاون مؤسسي واسع لمعالجة مجموعة من التحديات التي كانت تؤثر على أطراف العلاقة الصحية.

وأضاف أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كانت له توجيهات واضحة بأن يكون القانون عمادا لتقدم القطاع الصحي، وأن يضمن حق المريض، مع منح الطبيب الحماية اللازمة التي تمكنه من أداء رسالته.

وأشار إلى أن القانون نظم آليات واضحة تبين الخطأ المهني في سياق العمل، وتفرقته عن الخطأ الجسيم، فضلا عن تنظيم آليات التعويض والصلح دونما المساس بحقوق المريض، مشددا على أن القانون يمثل خطوة راسخة في مسار تتبناه الدولة لتعزيز الثقة في المؤسسات وجعل الإنسان هو المبدا والغاية.

وفي سياق متصل أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، على إرادة الدولة نحو ترسيخ الجودة والحوكمة في قطاع الرعاية الصحية، ومختلف المجالات ومنها التعليم، بما يعزز مكانة مصر الدولية في هذه المجالات كافة.

وقال إن هذا القانون جاء لتحقيق معايير الأمن والسلامة في القطاع الصحي، مستندا على تعريفات دقيقة تقضي على إشكاليات كثيرة عانى منها سابقا العاملون في القطاع الصحي.

وأضاف أن اللجنة العليا التي استحدثها القانون بمهام محددة، دعمت مقدمي الخدمة وحفظت حقوق المريض.. مشيرا إلى أن تطبيق هذا القانون يتسق ونهج وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فيما تقدمه من نهج علمي.

وأوضح عاشور أن التكامل بين الإطار التشريعي، والبحث الأكاديمي والممارسة العملية يحقق التطور ويعزز الكفاءة.

وثمن الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، التواصل الدائم بين الوزارة والنيابة العامة، لبحث العديد من المسائل ما انتهى للتنسيق والحوار بين قيادات النيابة العامة ووزارة العدل والعاملين في القطاع الصحي.

ولفت إلى أهمية هذا النقاش، لأهمية القانون وأن مقارنة العدد الضخم من التدخلات الجراحية يوميا مقابل عدد المشاكل الناجمة عنها ضئيل للغاية، مشيرا إلى أن القانون الجديد سيوجد بيئة منظمة لكافة أطراف العلاقة الصحية منوها بأن فلسفة القانون هو الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية في مصر بنفس الدرجة من الكفاءة في ربوع الجمهورية.

وأكد أن القانون لا يستهدف معاقبة شخص ما وإنصاف آخر بقدر ما يستهدف تحسين الخدمات الصحية والارتقاء بها لصالح جموع المواطنين، وإتاحة الأمان الكامل للطبيب والسلامة الصحية للمريض. 

 

وثمن دور العاملين في القطاع الصحي وجهودهم في الارتقاء بالمنظومة الصحية.. مشيرا إلى دور النيابة العامة في التصدي لحالات التعدي والشكاوى الكيدية ضد الأطباء، وأن القانون سيباشر الردع في هذه المسألة.

وأوضح أن اللجنة العليا للمسؤولية الطبية ستتولى مهام كبيرة، مؤكدا أن هذه اللجنة بعضويتها وما تضمه من خبرات فنية سيحقق العدالة والتوازن في العلاقة بين الأطباء والمرضى.

طباعة شارك المستشار عدنان فنجري وزير العدل المنظومة الصحية

مقالات مشابهة

  • بعثة مصر لكرة السلة الموحدة للأولمبياد الخاص تستعد للمشاركة في كأس العالم
  • التحالف المدني بالسودان: استمرار النزاع سيؤدي لمزيد من الجرائم ضد المدنيين
  • البرهان: الحكومة السودانية مُستعدة للتعامل مع الأمم المتحدة وجميع وكالاتها
  • حماس: العدوان الصهيوني لم يتوقف والوساطات الدولية مسؤولة عن وقف الانتهاكات
  • قومي حقوق الإنسان يشارك في لقاء إقليمي بالأردن لتعزيز حقوق المرأة ومنع العنف
  • وزير العدل: الدولة تتبنى رعاية حقوق الإنسان وضمان سلامته
  • النيابة الفرنسية تفتح تحقيقاً في جرائم حرب على خلفية قتل طفلين فرنسيين في غزة
  • النيابة الفرنسية تحقق بـجرائم حرب في غزة بعد قتل الاحتلال طفلين فرنسيين
  • تونس.. سعيّد يوجه احتجاجاً شديد اللهجة وأوروبا تطالب بالإفراج عن المعتقلين
  • مسؤول كوردي يعلق على استهداف كورمور: انتهاك صارخ لمبادئ حقوق الإنسان الدولية