موقع النيلين:
2025-05-28@11:15:32 GMT

د. مزمل أبو القاسم: (قبيلتنا الكاكي)!

تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT

* من أبرز علامات متلازمة الجهل والعنصرية والغرور الأجوف أن يبادر قائد التمرد بذم وتهديد قبيلة الشايقية لمجرد أنه رأى في بعض أبنائها خصوماً له، مع أن خصومة أهل السودان لمشروعه العنصري المجرم تمددت من حلفا القديمة شمالاً إلى الجبلين ومعبر جودة جنوباً، ومن كسلا والقلابات شرقاً حتى الجنينة والطينة غرباً.

* على عكس حميدتي.. وعلى مدى أكثر من عام ونصف العام من لحظة اندلاع الحرب لم ينبس الرئيس البرهان بكلمة ذمٍ واحدة في حق قبائل عديدة، تولى نُظارها وعُمدها وشيوخها كِبَر التمرد، وأعلنوا انحيازهم له، وحشدوا أبناء قبائلهم للقتال ضد جيش الوطن وشعبه.

* لم يكتف البرهان بحفظ لسانه عن تلك القبائل، برغم وفرة مقاتليها في صفوف المتمردين، وبرغم مجاهرة قادتها بمساندة الجنجويد وحشد المقاتلين والمستنفرين لهم، بل انبرى إلى الدفاع عنها، وظل حريصاً على تبرئتها من أوزار وجرائم التمرد بقوله (المتمرد لا قبيلة له)؛ وزاد على ذلك حرصه على مقابلة التنسيقيات التي نهضت لتبرئ قبائلها من تهمة قتل وترويع ونهب وتجويع وتشريد أهل السودان واغتصاب حرائرهم وسبيهن وبيعهن كالجواري في خور جهنم.

* استقبلهم البرهان وأكرم وفادتهم وعظَّم مبادراتهم ولم يؤاخذهم بما فعل (سفهاؤهم)، وعلى دربه سار الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي، والفريق أول ياسر العطا، الذي ظل يردد عبارة (المتمرد لا قبيلة له) في كل خطاباته، ويجتهد في غسل أدران التمرد عن قبائل عزيزة، رفدت السودان عامةً، والقوات النظامية خاصةً بمجموعات كبيرة من أبنائها الأوفياء الخلصاء، ممن أعلوا قيمة الانتماء للوطن على عصبية القبيلة، وأداروا ظهورهم لمشروع التمرد العنصري الخائن النتن.

* لن نتحدث عن وجود الفريق أول ركن إبراهيم جابر ورفيقه الفريق أول أمن أحمد إبراهيم مفضّل (ولكل امرئٍ من اسمه نصيب) والفريق الركن محمد الغالي في قمة هرم الدولة ممثلةً في مجلسها السيادي وجهاز مخابراتها، لأن ما نالوه من قيادة وريادة أتى حقاً وجدارةً لا مجاملة، ولكننا سنذكر نماذج أخرى لضباط عظماء، شرفوا وطنهم ومناطقهم وقبائلهم بتصديهم لمشروع آل دقلو العنصري البغيض.

* هل يعلم كبير البغاة أن سعادة اللواء الركن طيار إبراهيم مادبو قائد قاعدة مروي الجوية (رزيقي ومن آل مادبو كمان)، وأن أهل مروي الذين ينتمون في غالبهم إلى قبيلة الشايقية لم يروا فيه عدواً، ولم يشكوا في ولائه لوطنه وجيشه يوماً؟

* هل يعلم حميدتي العنصري الجهلول أن سعادة اللواء الركن حمدان عبد القادر داؤود (وهو من أبناء قبيلة الرزيقات) ما زال يقود الفرقة الثالثة مشاه شندي منذ بداية الحرب وحتى اللحظة، وسط محبة وحفاوة وثقة أهل شندي وأريافها؟

* عندما زرت مدينة شندي في مستهل شهر يوليو الماضي شهدت كيف تدافع أهلها لأداء واجب العزاء في وفاة والدة سعادة اللواء حمدان، ولمست مدى محبتهم له، وثقتهم فيه، لأنه صار منهم، ولأن المولى عز وجل نزع داء القبلية المقيت عن صدره.. وصدورهم النقية.

* هل يعلم قائد التمرد أن سعادة العميد الركن ياسر حبيب فضل الله (من أبناء المسيرية) قاد متحرك أم درمان بحري الذي عبر كوبري الحلفايا بمنتهى الجسارة والشجاعة قبل أيام من الآن، وأن رفيقه الفارس العقيد (الشهيد) إبراهيم راشد رحمة الله عليه (الدفعة 47)، من أبناء قبيلة الرزيقات، كان من أبرز قادة المتحرك الذي عبر كوبري الفتيحاب نحو الخرطوم وقدم روحه رخيصةً فداءً لوطنه في العملية الجريئة؟

* وعن بطولات سعادة العميد الركن البطل حسن درموت (الدفعة 44) في بابنوسة حدِّث وأطنب، وعن بطولات العميد الركن حسين جودات (الدفعة 41) في معارك مدينة نيالا املأ فاهك بالمدح والثناء العاطر ولا تتردد، وغيرهم كثيرون، اختاروا أن يشرئبوا إلى النجوم لينتقوا صدر السماء لشعبهم!

* كثيرون صفَّى المولى عز وجل صدورهم من رجس التمرد، وغسل قلوبهم من أدواء عنصرية القبيلة، منهم عسكريون ومدنيون.. تشرفنا وسعدنا بمعرفتهم وأحببناهم خلال هذه الحرب، وعلى رأسهم الباشمهندس أحمد سليمان قور، الذي جاهر بذم مشروع قتل أهل السودان، وصدع بالحق عبر رسائل صوتية متتالية، أتت زاخرةً بالوطنية الحقة، وكشفت هوية من تولوا كِبر التمرد وفضحت وذمّت من خانوا أهلهم ووطنهم من أبناء قبيلة المسيرية، فله ولأمثاله فيوض المحبة والاحترام!

* لم نسمع طيلة أيام الحرب كلمة ذمٍ واحدة من البرهان وصحبه في حق قبائل عديدة تكاكأ نُظارها وشيوخها وعُمدها ووجهاؤها حول التمرد، ودعموا قائده العنصري المجرم وقرعوا على طبله ورقصوا على لحنه واقتفوا دربه مهدّدين أهل الوسط والشمال والغرب.. (زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً.. فابشر بطول سلامةٍ يا مربع)!

* يظل جيشنا الباسل محصناً من داء القبلية والعنصرية.. تنظر إليه فترى السودان كله، بشماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه، وترى في صفوفه كل قبائل السودان وسحناته وألسنه، لذلك يقول أهل الجيش (قبيلتنا الكاكي وبلدنا السودان).. أحب مكان، فسحقاً للباغي الشقي الذي أتاه الرد من أهله وخاصته، ممن استهجنوا مشروع الخيانة والعمالة والعنصرية البغيضة، ولم يكتفوا بإدارة ظهورهم له، بل تصدوا له، وساهموا في دحره.

* (ردد معي قُول يا أخي.. يحيا الكفاح وينبغي.. فليخرج الباغي الشقي ويرفرف العلم الحبيب.. وطني).
* ⁠هذه الأرض لنا.

د. مزمل أبو القاسم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: من أبناء

إقرأ أيضاً:

بين التمرد والتجريد: قراءة نقدية لمقال خالد كودي عن ظاهرة القونات

بين التمرد والتجريد: قراءة نقدية لمقال خالد كودي عن ظاهرة القونات

راني السماني

(من سلسلة: تفكيك الظاهرة- القونات، تمرد مُعلَن أم توظيف مُبطّن؟)

في مقاله الممتد بعنوان “بين الطار والعار: القونات يقئن الحمل على صلف النخب عند عتبات الخراب السوداني”، يقدم الأستاذ والفنان التشكيلي خالد كودي دفاعاً صريحاً وواسع النطاق عن ظاهرة “القونات”، بوصفها تمرداً فنياً أصيلاً، وساحة احتجاج جمالي على أنقاض الوطن المكسور، ويُلبسها أردية الهامش والمقاومة، ويضعها في قلب اشتباك جمالي مع النخبة، كما يُحمّلها أبعاداً احتجاجية تتجاوز المحلي، لتتصل بسرديات التمرد العالمي:من الدادائية إلى الهيب هوب، ومن الريغي إلي البوتو، بل ويضعها على تماس مع حلقات الذكر.

يُعيد كودي تموضع “القونة” لا كمجرد مؤدّية، بل كرمز مقاوم.

يكسوها لغة شعرية وفضاءً تمثيلياً كثيف الدلالات، كأنها تنهض من تحت الركام لتعيد للهوامش لغتها الخاصة، وللجسد دوره في مواجهة السلطة.

الطرح جريء، مشغول بهمّ إعادة الاعتبار لجماليات مُهمّشة، ومكتوب بلغة نَفَسية، مشبعة بالمجاز والانفعال الجمالي.

لكنه، برغم زخمه، يُطل برأسه من مرآة ضبابية: نلمح من خلاله صوراً لامعة، ولكننا لا نُمسك تماماً بالبُنية التي تربط تلك الصور، ولا بالسياق السوداني الذي يُفترض أن يحتضنها.

تمجيد الجسد أم تفكيك السلطة؟

في رغبته الواضحة والمشروعة لهدم خطاب النخبة المُحافِظة، يكاد كودي يُبرّئ الظاهرة برمّتها من أي مساءلة.

فكل انتقاد يُقرأ كتواطؤ برجوازي، وكل تحفظ يُفكك كامتداد أخلاقي سلطوي، وكل أداء جسدي يُستقبل كنص احتجاجي.

لكن هل يمكن للرمز أن يعفي الظاهرة من المراجعة؟

هل يُغني الاحتجاج وحده عن وجود رؤية متماسكة؟

وهل يقف الجسد وحده شاهداً دون خطاب يرفده، ومشروع يُنظّمه، ومرجعية تُنقّيه من التوظيف؟

تلك أسئلة لا يُجيب عليها المقال صراحة، لكنها تلوح من بين سطوره، كإيقاع خفي في نصّ يحتفي بالمخاطرة.

عن المقارنة القلقة: من “الدادائية” إلى “الزنق”

يربط المقال بين “فن القونات” وحركات احتجاجية كونية، وهو ربط يُحسب له من حيث الجرأة، لكنه يحتاج إلى عناية أكبر بالسياقات.

فهل يمكن فعلاً مقارنة ظاهرة سريعة التشكل، تنتج أحياناً في مناخ ترندات متقلبة، بحركات نشأت من معسكرات اللجوء، أو من جحيم الحرب العالمية، أو من شوارع السود الأميركيين المحاصرين بالقمع؟

قد تتقاطع الظواهر في الشكل، في الجسد، في الصوت، لكن السياقات لا تتشابه:

لا من حيث البنية الطبقية،

ولا الخلفية السياسية،

ولا أدوات الإنتاج الفني نفسها.

وهنا، لا نرفض المقارنة، ولكننا نُشير إلى الحاجة لتثبيت الفروق، كي لا تنقلب رمزية “القونة” إلى صورة جاهزة، تُعلّق على كل ثورة، وتُعلّب في كل مشهد احتجاجي دون تفصيل.

غياب المشروع الجمالي: سؤال لم يُطرح بعد

في خضم الاحتفاء بالشكل، لا نجد في المقال كثير تأمل في المضمون:

ما هو مشروع القونات فعلياً؟

ما مضامين أغانيهن؟

ما لغتهن الفنية؟

ما أدواتهن الجمالية؟

هل نحن أمام حركة تحمل خطاباً تحويلياً، أم مجرد تكرار جاذب لشكل اختُبر في أماكن أخرى؟

ربما لا يسعى المقال إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، وربما أراد أن يفتح الباب فقط، لا أن يُغلقه بإجابات حاسمة.

لكن مع ذلك، فالقارئ يخرج وفي قلبه فراغ صغير، يتساءل فيه:

من أين يبدأ الفن؟ من الشكل أم من الموقف؟

عن النخبة: هل كل نقد خيانة؟

المقال يعامل “النخبة” بوصفها جداراً واحداً، لكنه لا يُفكّك مكوناتها.

فيتساوى من صمت مع من قاوم، ويُدان من انتقد دون أن يُمنح فرصة التوضيح.

والحال أن النخبة في السودان، كما في أي مكان، متباينة:

هناك من غطّى القمع بشهادته،

وهناك من غنّى للمعتقل،

وهناك من صمت، وهناك من قاوم بالكلمة والموقف.

لهذا، يحتاج نقد النخبة، كي يكون عادلاً، أن يكون تفكيكياً لا تبسيطياً.

أن يفرّق بين الحارس والساكت، بين المتواطئ والمتحفّظ، بين من باع ومن انسحب ليحفظ ما تبقى من كرامته.

خاتمة: تمهيد لسؤال أعمق

لا يسعى هذا المقال إلى الردّ أو النفي، بل إلى فتح أبواب قراءة موازية، تُضيء ما غاب، وتضع بعض إشارات استفهام على خريطة كودي الثريّة.

وربما نحتاج، بعد هذا التقديم، إلى تفكيك أعمق للغة المقال، لمقولاته، لافتراضاته الجمالية والسياسية، وهو ما سيأتي لاحقاً في مقال منفصل، بعنوان:

بين الاحتجاج والتسليع

رد نقدي على مقال خالد كودي:”.

وما بين التمجيد والرفض، تبقى المساحة الرمادية هي الأكثر حاجةً للضوء.

مايو 2025

الوسومالحرب العالمية الزنق السودان القونات خالد كودي راني السماني معسكرات اللجوء

مقالات مشابهة

  • مليشيا التمرد تعتقل اللواء عصام فضيل وسط ظروف صحية سيئة
  • آن أوان العقوبات على إسرائيل مثل جنوب افريقيا زمن الفصل العنصري
  • الإعيسر: أمريكا سارعت باتهام السودان في الوقت الذي تم فيه ضبط أسلحة أمريكية بيد المليشيا المتمردة
  • بين التمرد والتجريد: قراءة نقدية لمقال خالد كودي عن ظاهرة القونات
  • اللواء الركن الحنيطي يلتقي رئيس الأركان ووزير الدفاع التركيين في أنقرة
  • “الحج بين السياسة والربح : كيف تحوّل الركن الخامس إلى ورقة نفوذ سعودي ومصدر دخل استراتيجي ؟”
  • أمريكا والحرب
  • بيان من مجلس شوري قبيلة الجعليين
  • جنرال الأخلاق الطيبة
  • الفصل العنصري مقلوبا في جنوب إفريقيا