بوريل: الأوضاع في الشرق الأوسط وأوكرانيا تتدهور بشكل مقلق
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، إن الأوضاع بالشرق الأوسط وأوكرانيا تتدهور بشكل مقلق.
وندد بوريل، في تصريح صحفي قبيل انعقاد اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، وفقًا لما أوردته دائرة الشؤون الخارجية التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين، بالهجمات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان /يونيفيل/.
وأضاف أن هذه الهجمات غير مقبولة.. داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار في المنطقة، منوهًا بأن الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي اتفقت على مطالبة إسرائيل بوقف مهاجمة اليونيفيل، لافتًا إلى أن المجلس الأوروبي سيناقش خلال اجتماعه فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في أعمال العنف.
وحول موقفه من طلب تقدم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل، قال بوريل "يوجد انقسام كبير في هذا الموضوع، حيث يمكن الإشارة إلى دول أعضاء أخرى تتبنى موقفًا مخالفًا تمامًا، إذ تطالب بزيادة توريد الأسلحة إلى إسرائيل".
وفي السياق، أدان بوريل "استهداف روسيا المتكرر"لسفن نقل الحبوب الأوكرانية في البحر الأسود"، داعيًا إلى زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا.
وحول قمة الاتحاد الأوروبي مع مجلس التعاون الخليجي، أكد بوريل أهمية حضور دول الخليج إلى بروكسل لحضور القمة الأولى بين الاتحاد الأوروبي وأعضاء مجلس التعاون في هذه اللحظة التي تواجه فيها المنطقة خطرًا كبيرًا بالحرب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جوزيف بوريل الأوضاع بالشرق الأوسط أوكرانيا
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط الجديد: طبخة على نار هادئة
يبدو أنّ المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة وبقوة بما يشبه زلزالًا أو تسونامي مع كثرة الحديث عن قرب حرب مدمرة على إيران، وهو حديث يشارك فيه مسؤولون وإعلاميون، بل حتى العرّافون الذين تكاثروا هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي.
وما كان سرًا يدور في الخفاء وفي مراكز الدراسات واتخاذ القرارات أصبح يقال علنًا، مثل تصريح توم باراك السفير الأمريكي في تركيا المبعوث إلى سوريا الذي صرّح أمام البيت الأبيض أنّ «الشرق الأوسط ليس منطقة سياسية شرعية، بل مجرد قبائل وقرى قُسمت على يد القوى الأوروبية»، وهو التصريح الذي أثار جدلًا وضجة إعلامية؛ لأنه عبّر عن رؤية استراتيجية أمريكية للمنطقة، ولمّح تلميحًا صريحًا إلى إعادة تقسيمها وفق المصالح الغربية، وبما يخدم الكيان الإسرائيلي.
إذا كان هناك من تفاجأ بتصريح توم باراك فإنّ الحقيقة تقول: إنّ ذلك الكلام هو النظرة الأمريكية الحقيقية لدول المنطقة، ويمكن أن نستدل على ذلك بما ذكره الراحل محمد حسنين هيكل عن لقائه مع هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الراحل يوم السابع من نوفمبر 1973، ونشره في كتابه «الزمن الأمريكي: من نيويورك إلى كابول - كلام في السياسة» عندما قال كيسنجر لهيكل: «أريد أن أسمع منك كلَّ ما تريد قوله لي عن الأزمة الحالية في الشرق الأوسط، لكن لي شرطين: أولًا: لا تُحدِّثني عن التاريخ. حدِّثني عن الواقع الراهن هذه اللحظة؛ لأننا من هنا نبدأ. وثانيًا: حدِّثني عن مصر وحدها، ولا تقل لي شيئًا عمّا تسمّونه أنتم “الأمّة العربية”. أعرف أنّ هناك شعبًا في مصر- هذه حقيقة -، ولكن أنّ هناك أمّة عربية فذلك ادّعاء تقولون به، وهو لم يثبت لي؛ وبالتالي فلستُ مستعدًا له»! إنّ رفض كيسنجر قبل أكثر من نصف قرن الاعتراف بوجود «أمة عربية»، وإصراره على التعامل مع مصر منفردة بعيدًا عن أيِّ إطار قومي أو جماعي كانا المقدمة التي أدّت إلى السلام المصري المنفرد مع إسرائيل، وزادت من انقسام الأمة العربية. فظهرت أصواتٌ تنادي بأنّ «مصر أولًا» و «الأردن أولًا»،... إلخ. وبرزت أصواتٌ من مثقفين تتحدّث عن «فرعونية مصر»، وعن «أمازيغية المغرب العربي»، ومطالبات بإقامة دولة للأكراد. والمصيبة الأكبر الآن هي نية تقسيم سوريا إلى أربع أو خمس دول على أسس عِرقية، وهو ما مهّد له توم باراك. كما ارتفعت أصواتٌ تقول: إنّ القضية الفلسطينية لا تهمنا، وأنّ علينا أن نهتم بشؤوننا، وكانت النتيجة غياب الأمة، والتوسع الإسرائيلي، ولم تستفد الشعوب العربية من ذلك التقوقع؛ حيث تنامى الفقر، وكثرت المعتقلات.
استند توم باراك في تصريحه إلى حقيقة تاريخية هي أنّ القوى الأوروبية عبر اتفاقية سايكس - بيكو (1916) رسمت حدودًا لدول الشرق الأوسط بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية دون اعتبار للتركيبة السكانية أو الثقافية. وقد أسهمت هذه الحدود المصطنعة في تأجيج النزاعات الطائفية والعرقية لاحقًا، وأنتجت دولًا حديثة تحمل إرثًا من التشظي - كما يقول باراك -، لكنه تجاهل تمامًا أنّ الدول الاستعمارية تعمدت تقسيم دولنا على تلك الأسس؛ لكي تنفجر الأوضاع فيها مستقبلًا، ولكي تكون الأقليات ورقة في يد تلك الدول متى ما شاءت أن تستخدمها وفقًا لمبدأ «فرِّق تسُدْ»، غير أنه مع وجود نظام دولة قوي لم تظهر تلك الأصوات التي تنادي بالدولة العِرقية أو الطائفية كما يحدث الآن.
من المغالطات التي وقع فيها باراك أنّ الشرق الأوسط لم يعرف الدولة إلا بعد أن رسمتها القوى الأوروبية. وهذا الزعم يتجاهل تاريخًا طويلًا من الكيانات السياسية المنظمة في المنطقة يعود إلى قرون قبل التدخل الاستعماري، منها الدولة الأموية والعباسية والرستمية والفاطمية والمماليك والعثمانية واليعربية، وكلها كانت أنظمة حكم مركزية امتدت على مساحات واسعة من الشرق الأوسط، وامتلكت مؤسسات إدارية وقوانين وجيوشًا وعلاقات خارجية، وعاشت فيها الأقليات بكلِّ سلام مواطنين أحرارًا، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم.
وحتى على صعيد المجتمعات؛ تجاهل باراك وجود حركات قومية وأحزابًا سياسية ومؤسسات مدنية وثقافة وطنية في دول كثيرة في الشرق الأوسط مثل مصر وتونس ولبنان والجزائر والعراق. وتجاهل وجود اتصالات رسمية عُمانية ومغربية مع دولته الحديثة قبل اتفاقية سايكس بيكو بأكثر من قرن، وكأنّ المنطقة لم تنتج شعوبًا ذات وعي سياسي، ولا دولًا حديثة تسعى لبناء مؤسساتها.
يعكس التصريح رؤية فوقية أمريكية ترى الشرق الأوسط من منظور المصالح فقط، وتنفي وجود شرق أوسط حقيقي؛ تمهيدًا لتطبيق ما تسميه الولايات المتحدة الشرق الأوسط الجديد أو الكبير الذي يعطي القوة والسيطرة للكيان الصهيوني على حساب دول المنطقة. وهو تبريرٌ لسياسات التقسيم الجديدة، والتدخل، أو حتى لإعادة رسم التحالفات. كان توم باراك صريحًا يمهد للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية للمنطقة، ويمهد أيضًا للتقسيمات المنتظرة التي أصبحت ترِد على ألسنة المخططين والسياسيين والعسكريين والإعلاميين. وإذا كانت بعض البلدان العربية تعاني الآن من انقسامات طائفية فلا يمكن تجاهل أنّ الاستعمار هو الذي غذاها، وأنّ الدول الغربية دعمت أنظمة غير ديمقراطية، ووقفت بالمرصاد لكلِّ الزعماء الوطنيين والأحرار.
تناسى توم باراك أن يذكر في تصريحه الكيان الإسرائيلي الذي أقيم عام 1948 على أنقاض فلسطين، وكأنه كيان أصيل ليس طارئًا. ويشير التصريح إلى إعادة تعريف الشرق الأوسط كمنطقة «غير قابلة للحكم» ما يبرر التدخلات الخارجية أو التقسيمات الجديدة. وهذا الكلام يحمل نوايا تتجاوز التحليل إلى إعادة تشكيل المنطقة وفق منطق القوة؛ فهل من معتبر؟!
والسؤال المطروح هو أين هي دول المنطقة من كلِّ هذا؟! ألا يقضّ مضجعها؟ الذي يبدو جليًّا أنّ القادم قاتم السواد. وفي حالة سقوط دولة مثل إيران قد نرى دولًا تختفي وأخرى تظهر، ودولًا انتهت صلاحية وظيفتها وتُستبدل بها أخرى لتتولى الوظيفة؛ تطبيقًا للسياسة الأمريكية التي هندسها وطبّقها هنري كيسنجر، وهي سياسة «خطوة خطوة» التي تعتمد على تفكيك كلِّ دولة على حدة، وهذا ما تحقق فعلًا حتى الآن في الوطن العربي.
قد يبدو كلامي هذا مبالغًا فيه للوهلة الأولى، ولكن في ظنِّي أنّ الطبخة جُهِّزت في البداية على نار هادئة والآن على نار ملتهبة، وكلُّ المؤشرات تدل على ذلك، ولا نقول إلا (الله يستر).
زاهر المحروقي كاتب عُماني مهتم بالشأن السياسي الإقليمي