سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء خلال تحليل جديد له على ماهية الاستثمار غير الملموس وأنواعه، والاتجاهات العالمية لنمو هذا النوع من الاستثمار، فضلًا عن استعراض سعي مصر في دعم استثماراتها غير الملموسة وخاصة الملكية الفكرية، مشيراً إلى أن السنوات الأخيرة شهدَّت تحولًا نموذجيًّا في كيفية خلق القيمة وقياسها في عالم الأعمال، وفي ضوء الهيمنة المتزايدة للاقتصاد الرقمي والعولمة والتقدم التكنولوجي السريع، زادت أهمية الأصول غير الملموسة، وأصبح لها دور حاسم في دفع الأداء المالي للشركات وتقييم السوق، وأصبحت الشركات ذات الأصول غير الملموسة القوية أكثر مرونة، ولها قدرات ابتكارية ومكانة سوقية؛ مما يمكنها من التفوق على المنافسين في الأمد البعيد؛ حيث توفر هذه الأصول أساسًا للنمو المستدام والربحية.

وأوضح المركز أن الاستثمار كان تاريخيًّا مُوجَّهًا في المقام الأول نحو الأصول المادية أو الملموسة، مثل: المصانع والمعدات، وغيرهم، ومع التطورات التكنولوجية، اعتمدت الاقتصادات بشكل متزايد على مخزون من الأصول غير الملموسة التي لا يوجد لها وجود مادي، مثل: البحث، والتطوير، والمعرفة، والبرمجيات، والبيانات، والتصميم، والعلامات التجارية، والسمعة، والخبرة التنظيمية، أو سلسلة التوريد والمهارات عالية المستوى؛ أي جميع الأصول التي تنتج عن الملكية الفكرية أو تتفاعل معها بشكل ما.

وأضاف التحليل أنه يمكن تصنيف الأصول غير الملموسة إلى فئات مختلفة بناءً على خصائصها واستخدامها، وتمثل الملكية الفكرية، مثل: براءات الاختراع، وحقوق النشر، والعلامات التجارية، جزءًا كبيرًا من الأصول غير الملموسة. وتحمي هذه الأصول الإبداعات الفريدة للشركة، وتوفر حقوقًا قانونية بشأن استخدامها أو توزيعها.

وبالإضافة إلى الملكية الفكرية، تعَد العلامة التجارية أحد الأصول غير الملموسة المهمة؛ حيث يمكن للعلامة التجارية القوية أن تميز الشركة عن منافسيها، وتبني ثقة وولاء العملاء.

وتعَد علاقات العملاء أيضًا أصولًا غير ملموسة مهمة، وغالبًا ما تتمتع الشركات التي تعطي الأولوية لإدارة علاقات العملاء بميزة تنافسية في السوق؛ حيث يمكنها الاستفادة من قاعدة عملائها الحالية لدفع النمو المستقبلي.

وفي ضوء التحول الرقمي الذي شهده العالم، تعَد أنظمة البرمجيات نوعًا أساسيًّا آخر من الأصول غير الملموسة؛ حيث تعتمد الشركات بشكل كبير على البرمجيات للقيام بأعمال مختلفة، بما في ذلك إدارة علاقات العملاء وإدارة سلسلة التوريد وتحليل البيانات.

وعلى الرغم من طبيعتها غير الملموسة، فإن هذه الأصول يمكن أن تُسهم بشكل فعال في خلق وتوليد القيمة سواء للاقتصاد ككل أو على مستوى الشركات أو الأفراد، فعلى مستوى الاقتصادات، تشكل الأصول غير الملموسة محركًا مهمًّا للإنتاجية ونمو الناتج المحلي الإجمالي للدول، كما أن لديها القدرة على زيادة مرونة الاقتصادات في مواجهة الصدمات الكبيرة باستخدام التقنيات الرقمية. وعلى مستوى الشركات، يلعب الاستثمار في الأصول غير الملموسة دورًا مهمًّا في تعزيز الميزة التنافسية للشركات والملكية الفكرية الخاصة بها، ودفع الابتكار والنمو، وجذب أفضل المواهب، وتنمية ولاء العملاء، وفي نهاية المطاف، ضمان نجاح السوق. وعلى مستوى الأفراد، فإنها تؤثر على الحياة اليومية من خلال تعزيز الابتكار وتحسين الأوضاع الاقتصادية للأفراد، وخلق وظائف أعلى أجرًا، وتحسين جودة المنتجات.

وفي هذا الإطار يشهد الاقتصاد العالمي ارتفاعًا ملحوظًا في الاستثمار في الأصول غير الملموسة؛ حيث وصل حجم الاستثمار العالمي في الأصول غير الملموسة إلى 6.9 تريليونات دولار أمريكي في عام 2023 مقارنةً بـ 2.9 تريليون دولار أمريكي في عام 1995، أي أكثر من الضعف. وفي المقابل، ارتفعت الاستثمارات الملموسة بنسبة 73%؛ حيث ارتفعت من 2.7 تريليون دولار عام 1995 إلى 4.66 تريليونات دولار عام 2023. وعلى الرغم من حالة عدم اليقين الاقتصادي وتشديد الظروف النقدية، أثبتت الاستثمارات غير الملموسة مرونتها لتنمو بثلاثة أضعاف معدل نمو الاستثمارات الملموسة بين عامي 2008 و2023.

أشار التحليل إلى أنه بجانب نمو الاستثمار غير الملموس بشكل أسرع من الاستثمار الملموس، توجد بعض اتجاهات النمو الأخرى للاستثمارات غير الملموسة التي يجب تسليط الضوء عليها، ومنها: تزايد حصة الاستثمار غير الملموس من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بالاستثمار الملموس؛ حيث إنه في الاقتصادات ذات المستويات المرتفعة من الاستثمار غير الملموس، اتسعت الفجوة بين الاستثمار الملموس وغير الملموس كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملحوظ، فعلى سبيل المثال: بلغت حصة الاستثمار غير الملموس في الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقرب من ضعف حصة الاستثمار الملموس في عام 2023.

في المقابل، في الدول ذات المستويات المنخفضة من الاستثمار غير الملموس، تقلصت الفجوة بين الاستثمار الملموس وغير الملموس كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مع لحاق الاستثمار غير الملموس بالاستثمار الملموس.

أفاد التحليل أن الارتفاع في نسبة الاستثمار غير الملموس من الناتج المحلي الإجمالي جاء مدفوعًا بتزايد أهميته الاقتصادية لا سيما في وقت الأزمات؛ حيث إن مستويات الاستثمار غير الملموس أكثر مرونة من مستويات الاستثمار الملموس خلال الأزمات الاقتصادية، فخلال جائحة كوفيد-19، انخفض الاستثمار الملموس بشكل أكثر حدة مقارنة بالاستثمار غير الملموس. ويرجع ذلك إلى أن طبيعة الاستثمار غير الملموس تجعله أكثر مرونة وأقل حساسية للصدمات الاقتصادية التي تعطل العرض والطلب المادي مقارنة بالاستثمار الملموس.

بالإضافة إلى ذلك، خلال الفترة الأخيرة والتي شهدت ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع تمويل الابتكار الذي أثر على رأس المال الاستثماري، أظهر الاستثمار غير الملموس نسبة إلى الاستثمار الملموس مرونة ملحوظة. ويمكن توضيح مرونة الاستثمارات غير الملموسة من خلال توضيح التغير في نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي قبل وبعد جائحة كوفيد-19. وجاءت لوكسمبورج وفرنسا والسويد كأعلى الدول التي شهدت زيادة الاستثمار غير الملموس كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بين الفترتين. ومن ناحية أخرى، شهدت كرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا أكبر انخفاض في الاستثمار غير الملموس بين الفترات أنفسها.

وأضاف التحليل أنه فيما يتعلق بأنواع الاستثمارات غير الملموسة الأسرع نموًّا، جاءت البرمجيات والبيانات والعلامات التجارية كأسرع أنواع الاستثمارات غير الملموسة نموًّا خلال العقد الماضي. وتجدر الإشارة إلى أن البرمجيات والبيانات والعلامات التجارية نمت بشكل أسرع ثلاث مرات من البحث والتطوير بين عامي 2010 و2018، في حين انخفض الاستثمار في منتجات الملكية الفكرية الأخرى (التنقيب عن المعادن والأعمال الفنية والترفيهية والأدبية) خلال الفترة من 2011 إلى 2021.

وفيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للاستثمار غير الملموس، جاءت الولايات المتحدة الأمريكية كأعلى دولة من حيث حجم الاستثمار غير الملموس، تلتها 22 دولة من الاتحاد الأوروبي، ومن بينها اتبعت فرنسا وألمانيا مسارات نمو مماثلة حتى عام 2020، وبعد ذلك ارتفع مستوى الاستثمار غير الملموس في فرنسا إلى مستوى أعلى من نظيره في ألمانيا. وعلى نحو مماثل، بدأت ألمانيا في التفوق على المملكة المتحدة منذ عام 2018 فصاعدًا. وتشمل الاقتصادات الأخرى ذات الأداء الأفضل ضمن الـ 22 دولة من الاتحاد الأوروبي: إيطاليا، وهولندا، وإسبانيا، وبولندا، والسويد.

وعن دور مصر في دعم استثماراتها غير الملموسة، أوضح التحليل أنه انطلاقًا من أهمية الملكية الفكرية كأحد أبرز أنواع الاستثمار غير الملموس، وإيمانًا بدورها في تعزيز الابتكار والإبداع الذي يُعَد أساس النمو الاقتصادي والتنمية الثقافية في أي دولة، أصدرت مصر قانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، الذي يضع الإطار القانوني لحماية أنواع مختلفة من الملكية الفكرية، بما في ذلك التصميمات الصناعية والعلامات التجارية وحقوق النشر وبراءات الاختراع، وتجدر الإشارة إلى أنه تم تعديل بعض أحكام هذا القانون بموجب القانون رقم 178 لعام 2020، بالإضافة إلى إصدار الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية في سبتمبر 2022؛ التي تُعَد بمثابة حجر أساس لمنظومة الملكية الفكرية في مصر.

حقوق الملكية الفكرية يواجه عددًا من التحديات

وعلى الرغم من الإطار القوي الذي وضعه القانون رقم 82 لسنة 2002، فإن إنفاذ حقوق الملكية الفكرية يواجه عددًا من التحديات، ومنها: التعقيدات التي يشهدها العالم في ضوء التحول الرقمي وتوسع التجارة الإلكترونية وما صاحبها من سرقة البيانات والقرصنة عبر الإنترنت، بالإضافة إلى نقص الوعي العام بشأن أهمية حقوق الملكية الفكرية. وهو ما يمكن التغلب عليه من خلال:

-الإصلاحات التشريعية: من خلال تحديث قوانين الملكية الفكرية لمعالجة التحديات الناشئة، وخاصة تلك المتعلقة بالمحتوى الرقمي والتجارة الإلكترونية. ويشمل هذا توسيع نطاق الحماية لتغطية أشكال جديدة من الانتهاك.

-حملات التوعية العامة: تعزيز التوعية المجتمعية بأهمية حقوق الملكية الفكرية، وذلك من خلال وضع برامج تعليمية تستهدف تعزيز الالتزام بحقوق الملكية الفكرية وحمايتها، وذلك على مستوى الشركات والمستهلكين والمهنيين والقانونيين.

-تعزيز التعاون الدولي: التعاون الفعال مع المنظمات الدولية لتوفير الموارد والخبرة اللازمتين لمواجهة تحديات إنفاذ الملكية الفكرية، ويمكن على سبيل المثال التعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية والمكاتب الإقليمية للملكية الفكرية.

وأظهر التحليل أن الاستثمار غير الملموس يؤدي في الوقت الحالي دورًا مهمًّا في زيادة الابتكار والإبداع ودعم النمو الاقتصادي. وفي ضوء التحول الرقمي الذي يشهده العالم وظهور تقنيات جديدة، زادت أهمية الأصول غير الملموسة، بما يخلق دافعًا للعديد من الدول نحو تبني سياسات داعمة لهذا النوع من الاستثمار.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: من الناتج المحلی الإجمالی حقوق الملکیة الفکریة والعلامات التجاریة غیر الملموسة ا من الاستثمار الاستثمار ا على مستوى من خلال فی ضوء إلى أن حقوق ا

إقرأ أيضاً:

جهاز الاستثمار العماني يوطّن مشروعات وتقنيات متقدمة من استثماراته الدولية

الرؤية- سارة العبرية

أسهم جهاز الاستثمار العماني في توطين العديد من التقنيات العالمية المتقدمة والمشروعات من خلال فلسفة "البعد العماني" التي ينتهجها في استثماراته الدولية، حيث تمكّن من توطين تقنية لمراقبة استهلاك الطاقة في المنازل عبر "سينس لاب"، ومكّن شركة محلية من العمل مع شركة عالمية لإنتاج أدوية الإنسولين من خلال شراكته مع "بيوجينوميكس"، وأطلق "مركز مختبرات عمان للابتكار" عبر تعاونه مع شركة "جرادينت"، إلى جانب أخذه لموقع الريادة في جلب تقنية تخفض انبعاثات غازات الشعلة من استثماره في شركة "كروسو".


 

وعالج الجهاز مجموعة من تصورات مجتمعية كانت سائدة عن الشركات الحكومية التي آلت ملكيتها إليه، وتبرز منها عدم وضوح أطر الحوكمة، وتضخم الرواتب والمزايا، ومزاحمة القطاع الخاص في الأنشطة التجارية، وتداخل الاختصاصات بين الشركات التابعة، وذلك وفق ما ورد في العدد الخاص من نشرة "إنجاز وإيجاز" الفصلية بمناسبة مرور خمسة أعوام على إنشاء الجهاز.

ويقصد بفلسفة "البعد العماني" كما وصفتها النشرة أن تؤدي استثمارات الجهاز الخارجية إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى سلطنة عُمان، أو نقل التقنيات إلى الشركات المحلية، أو فتح مكاتب إقليمية في السلطنة، وقد جسّد الجهاز هذه الفلسفة في استثمارات محفظة الأجيال، إذ استثمرت المحفظة في شركة "سينس لاب" الرائدة في مجال الطاقة الذكية، ما مكّن الجهاز من توطين تقنية لمراقبة استهلاك الطاقة في المنازل، ذلك إلى جانب التحضير لتأسيس مركز للأبحاث والتطوير في السلطنة، وهو ما يدعم الاقتصاد الوطني ويوجِد فرص عمل محلية. بالإضافة لذلك، تبرز شركة "بيوجينوميكس" الرائدة في مجال تطوير الأدوية الحيوية وعلاجات مرض السكري، إذ تتعاون الشركة مع شركة محلية عمانية لإنتاج أدوية الإنسولين، كما تخطط حاليًا لإنشاء مصنع لإنتاج الإنسولين داخل السلطنة. كما استثمر الجهاز في شركة "جرادينت" التي تبرز في مجال معالجة المياه ومياه الصرف الصحي وهو ما أدى إلى توطين التقنية محليًا عبر تعاون الشركة مع شركة "نماء لخدمات المياه" لإطلاق "مركز مختبرات عمان للابتكار" الذي يطبق تقنيات حديثة لمعالجة التحديات التي تواجهها سلطنة عمان في مجال معالجة المياه ومياه الصرف الصحي، فضلًا عن عمل إحدى الشركات التابعة لـ "جرادينت" على تحسين أداء محطات تحلية المياه في السلطنة. علاوةً على ذلك، أدى استثمار الجهاز في شركة "كروسو" إلى توطين تقنيات لإنتاج الطاقة عبر استهلاك الغازات المنبعثة من الشعلة التي تؤثر على الاحتباس الحراري، ما يقلل من انبعاثات الغازات، وهو ما يضع السلطنة في موقع الريادة لجلب هذه التقنية إلى الشرق الأوسط.


 

إلى جانب ذلك، تطرقت النشرة إلى تصورات مجتمعية كانت سائدة عن الشركات الحكومية التي آلت ملكيتها إلى الجهاز عند تأسيسه في عام 2020م، حيث بينت النشرة كيف أسهمت إجراءات الجهاز في معالجة هذه التصورات وتغيير الصورة الذهنية المرتبطة بها، ومن أمثلة هذه التصورات عدم وضوح أطر الحوكمة في الشركات التابعة، وقد أصدر الجهاز عددًا من السياسات لمعالجة هذا التصور تبرز منها "ميثاق حوكمة الشركات التابعة"، إلى جانب إطلاق منصة الحوكمة الإلكترونية لتسهيل متابعة مدى التزام الشركات التابعة بممارسات الحوكمة. فضلًا عن ذلك، تناول الجهاز التصور المتمثل في تضخم الرواتب والمزايا وقد عالجها الجهاز من خلال تقنين منظومة الرواتب والمزايا من خلال برنامج "ترشيد"، وهو ما نتج عنه تقليص بنود البدلات والمزايا من 80 بندًا إلى 12 بندًا فقط، وتعميمها على جميع الشركات على حد سواء وإيجاد منظومة متكاملة للرواتب والمزايا. فضلًا عن ذلك، تبرز ضعف الربحية والاستدامة المالية للشركات التابعة كأحد التصورات التي سادت في المجتمع، ولذلك عمل الجهاز على تخفيض مديونية الشركات لتعزيز قدرتها على الاستثمار والنمو، وإلزام الشركات بالإفصاح ونشر مؤشراتها المالية، وهو ما أسفر عن تخفيض مديونية الشركات بنسبة 47% بنهاية عام 2024م وتحوّل العديد من الشركات التابعة إلى الربحية. كما تضمنت التصورات مزاحمة القطاع الخاص في الأنشطة التجارية، ولتغيير هذه الصورة أطلق الجهاز برنامج التخارج الذي نتج عنه التخارج من 18 أصلًا حتى الآن، وتدشين صندوق عمان المستقبل الذي أسهم في جذب 885 مليون ريال عماني من الاستثمارات الأجنبية خلال عامه الأول، ذلك إلى جانب تقليص حصص الشركات التابعة في المشروعات الجديدة إلى 40% كحد أقصى لفتح المجال للقطاع الخاص للإسهام في التنمية الوطنية. كما تطرقت النشرة إلى تصور تداخل الاختصاصات بين الشركات التابعة الذي عالجه الجهاز من خلال دراسة ومراجعة الهياكل التنظيمية للشركات التابعة ما أدى إلى إعادة هيكلة وتصفية وحل ودمج عدد من شركات قطاع الكهرباء، والنقل، والغذاء، بالإضافة إلى إطلاق برنامج "روابط" الذي انبثقت منه 41 مبادرة للتكامل والتآزر بين الشركات التابعة، و8 أولويات إستراتيجية مشتركة توجه جميع الشركات على مسار واحد.

 

وتضمنت النشرة حوارًا مع معالي سلطان بن سالم الحبسي رئيس مجلس إدارة الجهاز، حيث سلّط معاليه الضوء على أبرز إسهامات الجهاز في دعم الاقتصاد الوطني خلال السنوات الخمس الماضية والتي تجسّدت في رفد الموازنة العامة للدولة بأكثر من 7 مليارات ريال عُماني، استكمالًا للدور الذي بدأه صندوق الاحتياطي العام للدولة منذ عام 2016م، وتعزيز ثقة المستثمرين وتحسين البيئة الاستثمارية في سلطنة عُمان، وتخفيض مديونية الشركات التابعة بنسبة 47% بنهاية عام 2024م.

كما تضمن الحوار توضيحًا للأثر المزدوج المالي والاقتصادي لمشروعات محفظة التنمية الوطنية التي تجاوز الإنفاق عليها 8.8 مليار ريال عماني منذ تأسيها، وبيّن معاليه أن أهميتها المالية تكمن في دورها في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتخفيف العبء على الميزانية العاملة للدولة، والإسهام في تنشيط الاقتصاد الوطني، وفيما يتعلق بالناحية الاقتصادية تُركز مشروعات المحفظة على قطاعات عالية التأثير تتواءم مع رؤية عمان 2040، وهو ما يسهم في تنويع القاعدة الإنتاجية، وإيجاد فرص عمل محلية، ودعم سلاسل الإمداد المحلية.

وتطرق الحوار إلى دور مجلس الإدارة فيما يتعلق باستثمارات الجهاز واستدامته المالية على المدى الطويل، إذ بيّن معاليه اختصاصات مجلس الإدارة التي تشمل اعتماد رؤية الجهاز، وإستراتيجيته، والإشراف على القرارات الاستثمارية الكبرى، وتوزيع الأصول، إلى جانب اعتماد السياسات، والإشراف على حوكمة الشركات التابعة وغيرها من الأدوار المتكاملة التي وفقًا لتصريح معاليه في الحوار تضمن "أن يظل جهاز الاستثمار العماني مؤتمنًا على ثروات سلطنة عُمان، مستثمرًا لمصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية، بما يتماشى مع مصالح سلطنة عُمان الوطنية."

 

وإدراكًا من جهاز الاستثمار العماني لدوره المحوري في الإسهام في التنمية الوطنية وتحقيق مستهدفات رؤية عمان 2040؛ فقد سلّط العدد الضوء على مجموعة الأهداف التي يلتزم الجهاز بتحقيقها للإسهام في التنمية انطلاقًا من مسؤوليته الوطنية حيث يطلق عليها الجهاز اسم "الأجندة الوطنية"، وتتمثل هذه الأهداف في جذب الاستثمار الأجنبي، وتخفيض مديونية الشركات التابعة، وتنمية رأس المال البشري، وتعظيم المحتوى المحلي، والإسهام في مسيرة التحول الرقمي الوطنية. وقد حقق الجهاز أداء إيجابيًا في هذه الأهداف حتى الآن، إذ تمكنت محفظة التنمية الوطنية وصندوق عمان المستقبل من جذب استثمارات أجنبية تجاوزت 3.3 مليار ريال عماني خلال عام 2024م، في حين تمكّن برنامج التخارج من جذب ما لا يقل عن 1.5 مليار ريال عُماني. كما تمكن من تخفيض الدين بأكثر من 2.5 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2024م، وعمل أيضًا على تنمية رأس المال البشري باعتباره أساس النمو والتطور، فركّز على إطلاق برامج نوعية مثل "نمو" و"معتمد". 

وأولى الجهاز أهمية للمحتوى المحلي من خلال اعتماد سياسات ومبادئ توجه الشركات التابعة نحو تعزيز ممارسات المحتوى المحلي، ذلك إلى جانب البرامج والمبادرات التي أطلقها الجهاز مثل برنامج تطوير الموردين الذي طوّر 58 مؤسسة صغيرة ومتوسطة خلال عامي 2023م و2024م، والقائمة الإلزامية، وبرنامج تخصيص الأعمال، وهاكاثون "قمم". وتمثلت جهوده في مجال تعظيم المحتوى المحلي إلى رفع الإنفاق على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى 265.5 مليون ريال عماني عام 2024م. وأخيرًا، عمل الجهاز على مواءمة خطته للتحول الرقمي مع الخطة الوطنية الأوسع نطاقًا باعتباره أحد الروافد الأساسية الداعمة لرؤية عمان 2024م، فطوّر البنية الأساسية الرقمية للجهاز بشكل متكامل، وعزز كفاءته التشغيلية، ووظّف تقنيات متقدمة لدعم اتخاذ القرار وتحسين الأداء، وهو ما أسهم في تحقيق الكثير في مسيرة التحول الرقمي للجهاز.

 

ثم انتقلت النشرة إلى بيان الدور المحوري الذي يضطلع به الجهاز في دعم رؤية عمان 2040 من خلال أنشطته وقراراته، حيث عمل على تنويع مصادر الدخل من خلال توزيع استثماراته على أكثر من قطاعات إستراتيجية مستقبلية، كما ركّز على ترسيخ العلاقات الدولية لسلطنة عُمان من خلال الشراكات الإستراتيجية التي أنشأها مع عدد من دول العالم تبرز منها "شركة الحصن للاستثمار" مع دولة قطر، و"شركة بروناي عُمان للاستثمار"، و"الصندوق الإسباني العماني للتملك الخاص"، وغيرها الكثير. فضلًا عن ذلك، وضع الجهاز تخفيض الدين العام للدولة ضمن أعلى أولوياته وذلك لتحقيق الاستدامة المالية التي ترتكز عليها رؤية عمان 2040، فطبّق عددًا من الإجراءات لتحقيق ذك أهمها رفد الموازنة العامة للدولة سنويًا، وتخفيض ديون الشركات التابعة، وتخفيض الضمانات الحكومية على القروض لتخفيف العبء على الدولة، وسداد جزء من الديون قبل استحقاقها. بالإضافة لذلك، اهتم الجهاز بتطوير الكفاءات الوطنية من خلال البرامج والمبادرات التي تستهدف الخريجين، كما رفع نسب التعمين في الجهاز وشركاته التابعة إلى 77.7% بنهاية عام 2024م بعد أن استحدث 1393 وظيفة مباشرة للعمانيين خلال العام ذاته.


 

واختتمت النشرة بتسليط الضوء على مشروعات بارزة في مسيرة الجهاز في مختلف القطاعات، مثل افتتاح مصفاة الدقم في قطاع الطاقة، ومشروعي منح 1 ومنح 2 للطاقة الشمسية في قطاع الخدمات العامة، ومشروع مزون للنحاس في قطاع التعدين، ذلك إلى جانب تسليط الضوء على كفاءات الجهاز التي أكملت عقدًا من الزمن في خدمة الوطن، حيث بدأت المسيرة في صندوق الاحتياطي العام للدولة لتنتقل بعدها إلى جهاز الاستثمار العماني بعد الدمج، وقد أبرزت هذه الحوارات رحلة التطور التي كفلها لهم الجهاز.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • عن الطاقة الشمسية في لبنان.. معلومات مهمة
  • %8.5 متوسط «العائد الإيجاري» في أبوظبي خلال 2025
  • ليبيا تشارك باجتماعات «لجنة حقوق الملكية الفكرية الإفريقية» في جيبوتي
  • جهاز الاستثمار العماني يوطّن مشروعات وتقنيات متقدمة من استثماراته الدولية
  • توجه حكومي لتعظيم الاستفادة من الأصول السياحية المملوكة للدولة..نواب: استغلالها يعزز موارد الدولة من الحصيلة الدولارية..والشراكة مع القطاع الخاص ضرورة ملحة
  • «مايكروسوفت» تصبح ثاني شركة تصل إلى 4 تريليونات دولار
  • مايكروسوفت تنضم إلى نادي الأربعة تريليونات.. وتتفوق على آبل في سباق الذكاء الاصطناعي
  • رئيس الوزراء يتابع مع وزير الاستثمار جهود تطوير منظومة الإفراج الجمركي
  • قيمة مايكروسوفت السوقية تتجاوز 4 تريليونات دولار للمرة الأولى
  • «فك شفرات بدون ترخيص».. ضبط المتهم بالتعدي على الملكية الفكرية بالجيزة