اليونيفيل تحبط واشنطن وتل أبيب: عجز أم تواطؤ؟
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": بعد التهديدات الإسرائيلية المتكررة للقوة الدولية العاملة في الجنوب لحملها على التراجع من مواقعها، ورفض الأخيرة مع ما يرتبه ذلك من استهداف لتلك المواقع أو للعناصر، بدا واضحاً أن هدف إسرائيل تمشيط المنطقة للتأكد من خلوها من أي أسلحة أو مخازن أو منصات أو حتى عناصر لـ"حزب الله"، بعدما عجزت عن إيكال مهمة الكشف عنها لـ"اليونيفيل"، من خلال تعديل صلاحيات هذه القوة المدرجة في القرار الدولي ١٧٠١.
سعت إسرائيل وضغطت مدى أكثر من عامين لإدخال تعديل يقضي بتوسيع الحركة الأمنية لـ"اليونيفيل" على الحدود، عبر منحها حق التحرك في مناطق انتشار الحزب، من أجل تقييد حرية حركته ونشاطه وقدرته على التسلح والتخزين وبناء منصات الصواريخ وحفر الأنفاق. وكان المطلب الإسرائيلي يصطدم دائماً برفض لبناني مستند إلى دعم بعض الدول الصديقة المؤثرة في مجلس الأمن، على قاعدة أن أي توسيع للصلاحيات يجب ألا يكون مستقلاً، بل بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية ومع الجيش، من دون تسميته، وغير ذلك يُعتبر خرقاً للسيادة اللبنانية.
اليوم، تشعر إسرائيل وإلى جانبها واشنطن بنوع من الإحباط حيال عجز "اليونيفيل" عن منع الحزب من إخفاء أسلحته، رغم إدراك كليهما أن صلاحيات القوة الدولية محدودة في هذا الشأن.
ثمة من يتهم تلك القوة بتواطؤ ما مع الحزب على خلفية العلاقات التي نشأت بينها وبين سكان القرى الجنوبية، وقد شهدت في بعض الحالات صلات قرابة بالزواج، لكن أوساطا أممية ترفض هذا الاتهام، معتبرة أن إمكانات "اليونيفيل" وهامش تحركها محدودة جداً، في حين أن أوساطا سياسية جنوبية تؤكد أن تحركات الحزب كانت حذرة بحيث كان يتعذر على "اليونيفيل" رصدها أو مراقبتها. وكل ما كانت هذه القوة تقوم به مدرج في تقاريرها الدورية عبر الكشف عن حجم الخروق من الجانبين، والتي يفترض أن تبين في ثناياها وجود الأسلحة والعناصر الحزبية.
أياً تكن الحقيقة في هذه التفسيرات، فهي تخلص إلى نتيجة واحدة مفادها أن إسرائيل لم تعد تملك ترف الاعتماد على الجهود الدولية، وهي كما يصرّح مسؤولوها يومياً، ستقوم بما يتوجب عليها من أعمال عسكرية، غير عابئة بالقوة الدولية أو عناصر الجيش، لضمان أمن مستوطناتها. وبذلك تستغل الوقت المتاح لها من أجل تطبيق القرار الدولي على طريقتها، بحيث تفرغ المنطقة العازلة التي تحتاج إليها من الحزب بقوة النار، فيما تنصب الجهود الديبلوماسية الآن على قرار لوقف النار لم يجد له سبيلاً بعد.
ويبدو التركيز واضحاً على قرار وقف النار الملزم للجانبين، وليس وقف العمليات العدائية كما يلحظ القرار ١٧٠١، لأنه تبين بالممارسة أن وقف تلك العمليات لا يعني سحب السلاح عملياً، خصوصاً أنه تم الاستناد إلى تفاهم نيسان ١٩٩٦ خلال المداولات والكلمات في جلسة مجلس الأمن التي أقرت القرار، ولا سيما كلمتي وزيرة الخارجية الأميركية في حينه كوندوليزا رايس ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الأسبق حمد بن جاسم (الدولة الممثلة للمجموعة العربية).
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ما الذي ينبغي على واشنطن فعله لنزع فتيل الحرب بين طهران وتل أبيب؟
تتواصل التحليلات والقراءات لما يجري من ضربات متبادلة وغير مسبوقة بين الاحتلال الإسرائيلي والقوات الإيرانية، منذ بدء تل أبيب هجمات مفاجئة ضد طهران يوم الجمعة الماضي، وأسفرت عن اغتيال شخصيات عسكرية وأمنية كبيرة وعلماء وأساتذة جامعات في إيران.
وتتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة ودورها إزاء التصعيد المشتعل بين الاحتلال وإيران، وإنْ كانت ستشارك في الهجمات الإسرائيلية أم سيكون لها دور في نزع فتيل الحرب ووقف توسعها.
ويؤكد العقيد المتقاعد بالجيش الأمريكي دوغلاس ماكجريجور أن "إيران تعافت من الهجمات الإسرائيلية المفاجئة بشكل أسرع مما توقعت تل أبيب"، موضحا أنه "خلال الساعات الماضية شنت إسرائيل ضربة استباقية ضد إيران، بينما كانت المفاوضات بين واشنطن وطهران لا تزال جارية".
ويشير ماكجريجور في تحليل ترجمته "عربي21"، إلى أنه في أقل من 18 ساعة بعد الهجوم الإسرائيلي المفاجئ، ردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية، بما في ذلك صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، واستهدفت تل أبيب وأهداف إسرائيلية أخرى.
فشل إسرائيلي
وينوه إلى أن "القبة الحديدية والاستخبارات الإسرائيلية فشلت حتى الآن، وبات نتنياهو يتوسل واشنطن للتدخل بالقوة العسكرية الأمريكية لإنقاذ تل أبيب من هزيمة مؤكدة"، مضيفا أن "نتنياهو صنع هذه الهزيمة بتشجيع من الولايات المتحدة".
وبحسب الخبير العسكري الأمريكي، فإن "روسيا والصين وباكستان ومعظم دول العالم الإسلامي تحشد دفاعا عن إيران، وتتدفق الإمدادات والمعدات والمساعدة التقنية لإيران".
ويتابع بقوله: "أهدرت واشنطن 12 تريليون دولار في الشرق الأوسط منذ عام 2003، والنتيجة كانت عبارة عن 7 آلاف قتيل أمريكي و50 ألف جريح وحدود مفتوحة"، منوها إلى أن "الديون الأمريكية بلغت 37 تريليون دولار، وهو مبلغ لا يشمل ما يسمى ديون الوكالة".
ويستكمل ماكجريجور تحليله قائلا: "صوّت 77 مليون أمريكي للرئيس ترامب لأنه وعد بإنهاء الصراعات الخارجية ووقف الزحف نحو الحرب العالمية الثالثة"، مشددا على أنه "لم يتغير تفويض ترامب، والمتمثل في تأمين حدود أمريكا وموانئها ومياهها الساحلية، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين".
ويحذر من ضربة إسرائيلية تستهدف جزيرة "خارج" الإيرانية والتي يتدفق منها حوالي 90 بالمئة من صادرات النفط الإيرانية، متوقعا أن تقوم إيران بإغلاق "مضيق هرمز"، ما يمثل 20 بالمئة من إمدادات النفط العالمية، وهذا يعني تعطل سلاسل التوريد وتضخما "جامحا".
ويتساءل قائلا: "هل تستطيع إسرائيل التي بدأت هذه الحرب الجنونية، جرّ الأمريكيين إلى صراع إقليمي أوسع نطاقا قد يشعل حربا نووية؟!"، منوها إلى أن أمريكا لديها 40 ألف جندي في الإمارات وقطر وعبر الخليج العربي، وهم أهداف سهلة المنال.
ويرى أن "التكلفة الباهظة للمشاركة الأمريكية في الهجمات الإسرائيلية ضد إيران، ستؤدي إلى نفاد المخزون الأمريكي من الصواريخ، وعودة الأمريكيين إلى ديارهم في صناديق".
المطلوب أمريكيا
ويشدد ماكجريجور على أن الشرق الأوسط على شفا الهاوية، لذلك يجب على الولايات المتحدة أن تعمل على نزع فتيل الصراع، من خلال خمس خطوات، الأولى تتعلق بطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن، وطلب وقف إطلاق نار فوري، مع التأكيد على معارضة واشنطن لتدمير إيران وإسرائيل وأي دولة أخرى في الشرق الأوسط.
ويشير إلى أن الخطوة الثانية تتمثل في مطالبة إسرائيل بوقف قتل الفلسطينيين في غزة، وسحب قواتها من غزة والضفة الغربية، إضافة إلى تعليق جميع المساعدات العسكرية لإسرائيل حتى توافق على سحب قواتها من غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين.
وفيما يتعلق بالخطوة الرابعة والخامسة، يقترح الجنرال الأمريكي أن يتم تشكيل قوات من دول عم الانحياز لمراقبة الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية، إلى جانب عقد مؤتمر سلام بين الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند والبرازيل للتحكيم في النزاع بين إسرائيل وإيران والمنطقة.
ويختم قائلا: "قد قدت جنودا أمريكيين تحت نيران العدو. رأيتُ الكثير من التوابيت المغطاة بالأعلام. لا أريد أن أرى المزيد"، مشددا على أن "أمريكا أولاً تعني أمريكا أولاً. لا إسرائيل أولاً. لا أوكرانيا أولاً. لا الناتو أولا".
وتعتقد إيران أن القوات الأمريكية أيدت وبدعم ضمني على الأقل الهجمات الإسرائيلية، رغم النفي الرسمي الصادر عن المسؤولين في الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى أن "إيران تلقت عبر قنوات متعددة رسائل من واشنطن تدعي أنها لم تشارك في الهجوم ولن تشارك مستقبلا"، مضيفا أننا "لا نصدق هذه المزاعم، لأن لدينا أدلة تثبت عكس ذلك".
وتابع قائلا: "إذا كانت أمريكا جادة في نفيها، فعليها إعلان موقفها بشكل صريح وعلني. الرسائل الخاصة لا تكفي. يجب أن تدين الولايات المتحدة بوضوح الهجوم على المنشآت النووية. ونقل الصراع إلى منطقة الخليج خطأ استراتيجي فادح".