خلال حرب ضروس تجري في قطاع غزة، يتخيّل نتنياهو نصره المطلق كمشهد سينمائيّ يعرضه أمام العالم، فيرى نفسه جالسًا في منتصف الصورة، عن يمينه يجلس رئيس الشاباك، وبجانبه رئيس الموساد، وعن يساره غالانت وهرتسي هاليفي، ينظرون إلى شاشات مشوّشة، تعرض صورًا لجنود النخبة بوجوه مشوّهة، ثم يعطيهم نتنياهو الإشارة ليلقوا القبض على يحيى السنوار.

فلربما كان يحلم نتنياهو بصورة يمنتجها على هواه، بأن يلقي القبض على غريمه السنوار، ويزيّف مشهدًا لانتشاله من أحد الأنفاق، في مشهد مشابه للحظة إلقاء القبض على صدّام حسين، ومن ثمّ يقوم بمحاكمته على شاشات التلفزيون محاكمةً لربما تطول لأشهر أو ربما سنوات، يتم فيها إلقاء التهم ضد السنوار فيما يتعلق بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول وما بعده وربما أيضًا فيما قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

وهو ما يعيدنا كذلك إلى محاكمة (آيخمان)، النازي الذي اختطفه الموساد من الأرجنتين لتحاكمه مجازًا عن كل النازية في تل أبيب.

ومن ثمّ يتم إعدامه ومن ثم حرق جثته وإلقاء رماده في البحر!

ولكن، يشاء القدر أن يَكتب سيناريو مختلفًا عن أحلام نتنياهو، فيتم اغتيال السنوار في غزة، إذ لم يهرب الأخير من قطاع غزة كما كانت تروّج إسرائيل، ولم يكن مختبئًا في أحد الأنفاق محاطًا بالأسرى الإسرائيليين كما زعمت الحكومة الإسرائيلية. بل كان المشهد الحقيقي يظهر أن السنوار التحم مع بضعة جنود، بل وقد جرى ذلك صدفةً ودون تخطيط من الجيش ولا معلومات من أجهزة الاستخبارات، حتى إن أولئك الجنود لم يكونوا من القوات الخاصة كوحدة الكوماندوز مثلًا، وقد خلط هذا المشهد المفاجئ وغير المخطط له كل أوراق بنيامين نتنياهو وبعثرها في الهواء!
لطالما كان نتنياهو يدير التوقيت حسب ما يريده ويحقق مآربه السياسية والعسكرية والإستراتيجية، حيث إنه لا يختار الوقت الذي ينفذ فيه اغتيالاته أو يصدر فيه قراراته بشكل عشوائي أو عبثي، فلم يكن عبثًا أن يصرح باعتبار قطاع غزة منطقة قتال ثانوية قبل أسبوعين.

بل كان يهدف من وراء ذلك إلى تبييت الحالة في قطاع غزة، واعتبارها حالة أمنية خطيرة إسرائيليًا فيستغلها في إحياء البارانويا الإسرائيلية، ولكن ضمن وتيرة معينة، تتلخص في أن يعمل على إضعاف صدى القضية الفلسطينية عن طريق افتعال أزمة أخرى بذات الزخم. وهذه الأزمة المفتعلة يعتبرها ملاذًا بالنسبة له، وهذا ما نراه من خلال تعامله مع الجبهة اللبنانية!

ولكن تباغته الجبهة التي لم تكن من ضمن حسابات نتنياهو في الوقت الحالي، الجبهة الإيرانية، بل والأكثر من ذلك، أن نتنياهو لا يستطيع التغاضي عنها باعتبارها ذات أهمية جيوسياسية في المنطقة. حيث كان يرمي في كتاباته إلى رغبته بقتل القضية الفلسطينية في داخل الجبهة الإيرانية، فلطالما كان يختزل القضية الفلسطينية بالبعد الإيراني لا غير.

فهو يرى أن القضاء على إيران يعني بالضرورة القضاء على كل ما له علاقة بفلسطين، سواء المقاومة الفلسطينية أو التحرير أو حتى العودة، فقام نتنياهو باختصار القضية الفلسطينية في شخص حماس، وحماس في ظلّ إيران، ولهذا يرى أن التخلص من إيران أو الشر الأكبر، حسب قوله، يعني موت القضية الفلسطينية والمقاومة المتمثلة في حماس. لذا صحيح أنه كان يريد أن يزحف إلى طهران باعتبارها مركزًا لمحور المقاومة ومعسكرها الأكبر بالنسبة إليه، لكنه لم يكن يريد الهرولة إليها.

لقد كان ينوي نتنياهو أن يستغل ضبابية الحرب لشيطنة الشرق الأوسط وإعادة ترتيبه لنظام إقليمي جديد وفق تصور أشار إليه في عدة مناسبات، ومن ثم ترتيب أوراق إسرائيل الداخلية، ومن ضمنها إعادة النظر في القوانين القضائية وتعديلها، وبالتالي يحتكر اليمين الحكم في إسرائيل بكل ما للكلمة من معنى!

وليقيم كل مشاريعه تلك، فإنّ عليه أن يضمن استمرار الحرب، ولاستمرار الحرب فإنه يحتاج إلى ذرائع، وإن كانت ذرائع إسرائيل دائمًا ما تختلف عن أهدافها، حيث تقوم بتشخيص الحالة بشكل خاطئ ومتعمّد، لكي تعالجها بشكل يلائم تصوراتها ومصالحها.

فمثلًا، تتذرع إسرائيل في حربها على قطاع غزة بهدفها بالقضاء على حكم حماس وإضعافها عسكريًا وسياسيًا، وهذا الهدف بات محققًا بالنسبة لإسرائيل، خصوصًا بعد عمليات الاغتيال الكبيرة التي قامت بها، إضافة إلى أن قدرات حماس الصاروخية باتت أضعف من ذي قبل ولم تعد تشكل خطرًا على أمن إسرائيل.

وبعد تحقيق هذين الهدفين، وخصوصًا بعد اغتيال السنوار، لم يعد هناك مجال لنتنياهو لتجاهل ملف الأسرى، وهو الهدف الثالث الذي أعلنه منذ بداية الحرب، ولكن تكمن المشكلة لدى نتنياهو أن إتمام صفقة إعادة الأسرى سيعني إنهاء الحرب في غزة، وإنهاء الحرب في غزة يعني انتهاءها في الجبهات الأخرى، وهذا ما لا يريده.

فانتهاء الحرب يعني أن على إسرائيل العودة إلى يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وتحقق في كل تداعياته والأسباب التي أدت إليه، ومحاسبة المسؤولين عنه، وهذا ما سيلغي مشروعه وربما ينهي مستقبله السياسي!

إن اغتيال السنوار قد وضع نتنياهو بين خيارين، وهما ما صرح به ليلة أمس بايدن وسموتريتش، حيث يريد منه بايدن إنهاء الحرب والذهاب نحو صفقة تبادل، بينما يريد سموتريتش منه الاستمرار في هذه الحرب لأهداف استيطانية، فمشروع سموتريتش يهدف إلى السيطرة والاستيطان من البحر إلى النهر، وهذا ما يؤيده نتنياهو، وبالتالي عليه أن يختار، لكنه صرح منذ البداية أنها حرب الوجود وحرب القيامة.

لذا فقد يبدو أنه سيستمر في حربه حتى تحقيق مآربه ومشروعه الإقليمي والاستيطاني، ولكن السؤال، كيف سيهرب من الضغط الأميركي لإنهاء الحرب، إضافة إلى ضغط أهالي الأسرى والمعارضة الإسرائيلية للاتجاه نحو صفقة؟

بالطبع سيكون ذلك من خلال القفز إلى الجبهة الإيرانية، وهذه الضربة ستكون بالنسبة له الورقة الرابحة، لذا سيضعها على الطاولة لثلاثة أسباب، أولها تحييد الرأي العام الإسرائيلي، والثاني إعادة القطاع إلى خانة الجبهة الثانوية، أما السبب الثالث فهو استغلال مقتل السنوار، والذي يعتبره مشهد نصر، لإضافة مشهد انتصاري آخر!

ومن هنا نعود إلى مشاهد نتنياهو، ومخيلته الجامحة نحو منتجة مشاهد انتصارات لحظية، حيث كان حدث اغتيال السنوار بعيدًا عما كان يخطط له. لا يمكن الإنكار بأن مقتله يعد انتصارًا لإسرائيل، ولكنه انتصار بمحض الصدفة، وهو ما قد تحاول إسرائيل أن تتنصل منه فيما بعد، وإظهار الأمر على أنه عملية بطولية، خصوصًا أن مشهد موت السنوار كان مشهدًا يؤكد رواية المقاومة وينسف الرواية الإسرائيلية بحقه.

ولكن، بغض النظر عن طبيعة المشهد، فإن الحقيقة تكمن في أن السنوار لم يعد موجودًا، أي لم يعد هناك من يعلق عليه نتنياهو أسباب عرقلة الصفقة واستمرار الحرب وتهديد أمن إسرائيل، وفرصته الوحيدة الآن هي الهروب إلى إيران من خلال توجيه ضربة لها، وربما نشهد ذلك في الساعات القادمة!

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القضیة الفلسطینیة اغتیال السنوار قطاع غزة وهذا ما مشهد ا ومن ثم

إقرأ أيضاً:

تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط

بقدر ما أظهر استمرار حرب الإبادة تصاعُد الخلاف بين إسرائيل وبين الغرب الأوروبي، بقدر ما أظهرت تداعيات وقف الحرب خلافاً متنامياً مع آخر حليف لتل أبيب أي واشنطن، وكما قدرنا سابقاً ومنذ أكثر من شهرين مرا على البدء بتنفيذ خطة ترامب بشأن غزة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو، لم تلتزم تماماً بتلك الخطة، التي وافقت عليها على مضض، ليس من سبب إلا لأن وقف الحرب جرى دون ان تحقق هدفها بعيد المدى، وهو تهجير سكان قطاع غزة، وضم أرضه تالياً لدولة إسرائيل الكبرى، وتجلى عدم التزام إسرائيل بوقف النار من خلال قتل نحو أربعمائة مواطن، ومواصلة تدمير ما تبقى من منازل، كذلك عبر تعميق ما يسمى بالمنطقة الصفراء التي تحتلها دون ان يكون فيها سكان سبق لها وان أجبرتهم على النزوح، والأهم ان مواصلة إطلاق النار، تبقي على احتمال مواصلة الحرب قائماً في مخيلة أركان الحكومة الإسرائيلية، بما يعني بأنها منذ البادية راهنت على وقف تنفيذ الخطة عند حدود الخط الفاصل بين مرحلتيها الأولى والثانية.

والحقيقة هناك كلام كثير يمكن أن يقال، لنؤكد على أن إسرائيل اليمينية المتطرفة حالياً، تعتقد بأنها وصلت إلى اللحظة التي أعدت لها أولاً أوضاعها الداخلية، وثانياً العلاقة مع الجانب الفلسطيني، وثالثاً الشرق الأوسط برمّته ليكونوا قد باتوا جاهزين لقيام دولة إسرائيل العظمى، عبر مصطلح خادع قال به بنيامين نتنياهو علناً وصراحة قبل أكثر من عام، وهو تغيير الشرق الأوسط، والأهم هو أن نتنياهو وطاقم الحكم المتطرف يعتقد بأنه إن لم يحقق ما يصبو اليه الآن، فلن ينجح في ذلك لاحقاً، أي ان هذه الحرب ليست كما كانت سابقاتها، حيث دأبت إسرائيل على شن الحروب سابقاً بمعدل مرة كل بضع سنوات، تحتل خلالها أراضي عربية إضافية، او تحقق أهدافاً أمنية_سياسية، وحين تواجه عقدة مستعصية توافق على وقف لإطلاق النار، لتقوم بالتحضير لتحقيق ما عجزت عنه فيما بعد، هذه المرة يعتقد المتطرفون الإسرائيليون أصحاب مشروع إسرائيل العظمى والكبرى، بأن العالم يتغير بسرعة في غير صالحهم، لذلك فهذه هي فرصتهم الأخيرة، لذلك يمكن القول بأنهم غامروا لدرجة ان يخسروا تأييد الغرب الأوروبي، ويغامرون اليوم بالمراهنة حتى آخر رمق من تأييد ودعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ذلك أن أميركا بعد ترامب ستكون ذات موقف مختلف.

لن نعيد في هذه المقالة، ما سبق لنا وقلناه عن دوافع وتفاصيل تلك الصورة، التي اتضحت خلال حرب العامين على فلسطين وعلى ست دول شرق أوسطية، لكن بالمجمل فإن كون إسرائيل كدولة بعد نحو عشر حروب خاضتها، بل بعد ما يقارب من ثمانين عاماً، على قيامها، أي منذ نشأتها حتى اليوم، والأهم بعد اربع معاهدات سلام وقعتها مع ست دول عربية، وعدد من اتفاقيات الهدنة ووقف إطلاق النار، ما زالت في حالة حرب، ليس فقط مع فلسطين، بل مع الشرق الأوسط برمّته، والأخطر بعد ان كانت تبدو في حالة حرب مع الدول العربية، بغض النظر عن كلها أو بعضها، باتت حالياً في حالة حرب مع الدول العربية والدول الإسلامية، وباختصار، باتت الشوفينية الإسرائيلية لا تكتفي بمواصلة مطالبة واشنطن بالحفاظ على تفوقها العسكري على مجمل دول المنطقة فرادى ومجتمعين وحسب، بل باتت تقول علناً بأنها تسعى لتغيير الشرق الأوسط، ولا تنكر ان طريقها لذلك هو إفراغ الشرق الأوسط من عوامل القوة العسكرية، بما يشمل تغيير الأنظمة، وأنها في سبيل ذلك تواصل شن الحرب، وأنها لا تثق بأحد، ولهذا فهي اليوم باتت في حالة حرب مع فلسطين ولبنان وسورية واليمن وإيران، فيما علاقتها متوترة مع الآخرين: مصر، الأردن، تركيا، قطر، السعودية، أي الجميع.

والحقيقة أن كون إسرائيل ما زالت في حالة حرب، منذ نشأتها، وهذا أمر لم يحدث في تاريخ العالم، سوى مع الدول الاستعمارية، نقصد المغول والبيزنطيين الذين أقاموا في مناطق شاسعة من العالم قروناً، كذلك الاستعمار في القرن العشرين، مثال الجزائر وفيتنام، يعني أو يؤكد بأن إسرائيل ورغم انه لاح وكأن اتفاقيات او معاهدات السلام التي عقدتها مع مصر أولاً ثم فلسطين والأردن، ولاحقاً مع الإمارات، البحرين والمغرب، قد وضعت حداً، او أنها قد فتحت الباب لإغلاق باب الحروب بينها وبين محيطها الشرق أوسطي، العربي والإسلامي، لكن ذلك لم يحدث، ولا حتى في عالم الرياضة، حيث هي حقل لجمع الدول، بما بينها من خلافات، حيث كان فريق الاتحاد السوفياتي في ظل الحرب الباردة يشارك في مباريات كرة القدم مع منتخبات الغرب الأوروبي في كؤوس العالم، بينما إسرائيل تشارك ضمن المنافسات الأوروبية، رغم أنها دولة آسيوية جغرافياً، وكثيراً ما انسحب المشاركون في مسابقات رياضية دولية، من دول عربية إفريقية ودول إسلامية تجنباً لمنافسة الرياضيين الإسرائيليين.

أي أن معاهدات واتفاقيات السلام والتطبيع، خاصة المصرية والأردنية منها، بقيت حبراً على الورق الرسمي، بينما كان توقيعها مناسبات لرفع وتيرة مواجهة التطبيع على الصعيد الشعبي. باختصار نريد القول، بأن إسرائيل لا قبل ولا خلال ولا بعد توقيع أربع اتفاقيات ومعاهدات سلام، صارت دولة طبيعية في الشرق الأوسط، وهي ما زالت دولة لم تحظ بشرف عضوية ذلك النادي الدولي، وربما كانت هذه الحقيقة التي لا شك بأنها تنغص حياة الإسرائيليين، أحد الدوافع التي تجعل منها شعاراً لمن يطمح في الحكم، وقد كان شعار السلام منذ ما بعد إعلان قيامها عام 48 طريقاً للأحزاب التي تنافست على الحكم خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات حتى توقيع معاهدة كامب ديفيد مع مصر، أما شعار الشرق الأوسط الجديد، فقد تلا انتهاء الحرب الباردة، ورافق مفاوضات مدريد التي أجبر عليها اليمين الليكودي الحاكم عام 1991، وإعلان اتفاق أوسلو من قبل آخر حكومات اليسار، وبالتحديد من عراب أوسلو الإسرائيلي شمعون بيريس، الذي حرص على ان تشمل مفاوضات الحل النهائي مع (م ت ف) مفاوصات متعددة الأطراف، إقليمية بالطبع، لتقديم ما يغري الجانب الإسرائيلي بقيام شرق أوسط جديد، كنادٍ اقتصادي تكون لها فيه عضوية فاعلة، بالتوازي مع المفاوضات الثنائية مع الجانب الفلسطيني التي ستفضي الى الانسحاب الجغرافي.

أي أن الشرق الأوسط الجديد بمفهوم بيريس الذي بشّر به قبل أكثر من ثلاثة عقود، آخذاً بعين الاعتبار المتغير الكوني بعد انتهاء الحرب الباردة، ونشوء العلاقات بين الدول على أساس الشراكة الاقتصادية، اعتمد على أن نفوذ الدول بات مرهوناً باقتصادها وليس بتوسعها الجغرافي أو قوتها العسكرية، بينما شرق أوسط بنيامين نتنياهو، هو نقيض ذلك تماماً، حتى أن السلام عند بيريس كان يستند لمبدأ الأرض مقابل السلام، بينما عند نتنياهو يعني فرض الأمن بالقوة العسكرية، وقد كان يمكن أن يتحقق شرق أوسط جديد على أساس شراكة دوله وشعوبه في الأمن والسلام والرخاء الاقتصادي، ضمن نظام عالمي قائم على هذا المفهوم أساساً، ومثل هذا الشرق الأوسط ليس بعيداً، مع ملاحظة العلاقات البينية بين دوله، العربية والإسلامية، اي دول الخليج ومصر وكل من تركيا وايران، لكن ما حال دون ذلك هو إسرائيل بحكوماتها اليمينية التي تقول بتغيير الشرق الأوسط كله ليتوافق مع طبيعتها الاستعمارية، بينما المنطقي هو ان تتغير هي لتتوافق مع شرق أوسط طبيعي متوافق مع النظام العالمي.

هذه الوجهة هي التي ستفرض على إسرائيل التغيير الداخلي، وأهم سماته لفظ اليمين المتطرف، وإعادة التأكيد على دولة المؤسسات الديموقراطية، وذلك بالشروع فوراً في تحقيق جملة من الشروط هي: الانسحاب من ارض دولة فلسطين ومن الأراضي العربية المحتلة، وتصفية كل المناطق الأمنية، وإن كان لا بد من مناطق أمنية فعلى الجانبين، ثم تطبيق حق العودة والتعويض، مع تقديم ضمانات أمنية لدول الجوار، لأن إسرائيل هي الأقوى عسكرياً وهي التي تعتدي وتحتل، كذلك نزع الصفة الدينية عنها وبث رسالة سلام وتعايش للجوار.

وأهم أمر على إسرائيل أن تُقْدم عليه او إعلان الحدود الجغرافية النهائية للدولة، وكذلك دستورها الذي يثبت بأنها دولة طبيعية مدنية تعيش مع جيرانها وفق منطق حسن الجوار، كل ذلك يتطلب أولاً إحالة نتنياهو، عراب إسرائيل الكبرى الى المعاش السياسي، ثم إسقاط اليمين المتطرف، حتى يمكن التوصل لحل الدولتين.

الأيام الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • مساع منذ 10 أعوام.. هكذا يطوّع نتنياهو الصحافة في إسرائيل
  • تايمز أوف إسرائيل: الرئيس السيسي لا يعتزم عقد لقاء مع نتنياهو
  • خبيرة: نتنياهو يتجاهل خطة السلام .. وجود قوة دولية يردع انتهاكات إسرائيل
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال القيادي في حماس رائد سعد
  • تعدوا عليه بسلاح أبيض.. القبض على المتهمين بسرقة سائق بالدقى
  • الرئاسة الفلسطينية ترد على تصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل
  • غولان: كان بالإمكان إعادة محتجزين بغزة أحياء لولا تعنت حكومة نتنياهو
  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • رسالة غير مسبوقة من نتنياهو إلى إسرائيل