تتسارع وتيرة الانتخابات الأمريكية التى لم يتبقَّ أمامها سوى أسبوعين لحسم المرشح الذى سيقود البيت الأبيض، ويحدد معالم السياسات الخارجية، ويظل الملف الأهم هو الصراع الدائر فى الشرق الأوسط ومواقف كل من كاملا المرشحة الديمقراطية دونالد ترامب الرئيس السابق تجاه دعم إسرائيل، حيث أظهر استطلاع رأى جديد أجرته وكالة أسوشيتدبرس ومؤسسة نورك أن ترامب وهاريس لا يتمتعان بميزة سياسية واضحة فيما يتعلق بالوضع فى الشرق الأوسط.

ويحدد نحو 4 من كل 10 ناخبين مسجلين أن ترامب سيبلى بلاءً أفضل، وتتفق نفس النسبة على هاريس. ويحدد نحو 2 من كل 10 أن أياً من المرشحين لن يبلى بلاءً أفضل.

بينما هناك علامات ضعف فى موقف هاريس فى كواليس الحزب الديمقراطى حيث يرى نحو ثلثى الناخبين فقط أن هاريس ستكون المرشحة الأفضل للتعامل مع الوضع فى الشرق الأوسط. ومن بين الجمهوريين، يرى نحو 8 من كل 10 أن ترامب سيكون أفضل.

ويبقى الضوء دائماً حال الحديث عن الشرق الأوسط على ولاية ميشيغان، التى تضم أكبر تجمع للأمريكيين العرب فى البلاد، خاصة من آثار الحرب بين إسرائيل وحماس التى عمقت الخلاف فى المجتمع. فضلاً عن صلة العديد من أفراد المجتمع ممن لهم أقارب فى لبنان وغزة، وأدى هذا الغضب المجتمعى إلى دعوات للولايات المتحدة للمطالبة بوقف إطلاق النار غير المشروط وفرض حظر على الأسلحة على إسرائيل.

وفى السياق كثيراً ما يوجه اللوم إلى حزب الرئيس جو بايدن على الرغم من دعم الحزبين لإسرائيل، وشعر البعض ببادرة أمل حينما دخلت هاريس بديلاً له وخاصة مع تصريحاتها المتوازنة شعر العديد من القادة العرب الأمريكيين فى البداية بإحساس متجدد بالتفاؤل، نظراً لتعليقاتها السابقة وجهود التواصل المبكرة التى بذلتها حملتها، لكن لم يستمر الأمر كثيراً فلم تخرج هاريس بعد من عباءة بايدن حتى مع محاولتها إظهار نبرة أكثر تعاطفاً مع جميع الأطراف. لكن مساعدى هاريس وحلفائها يشعرون بالإحباط أيضاً مما يرون أنه يمنح ترامب إلى حد كبير تصريحاً غير متوقع بشأن بعض تصريحاته المتعلقة بالسياسة الخارجية.

وأخيراً تعرضت هاريس للمدح والهجوم على نحو متناوب بسبب تعليقاتها حول متظاهر مؤيد للفلسطينيين وتم التقاطها فى مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع. اعتبر البعض أن ملاحظة هاريس بأن مخاوف المتظاهر «حقيقية» هى تعبير عن موافقته على وصفه سلوك إسرائيل بأنه «إبادة جماعية». وهو ما استنكره السفير الإسرائيلى السابق لدى الولايات المتحدة، وأطلق وابل الهجوم عليها.

وبشأن ترامب تدير لجنة العمل السياسى للتحالف المستقبلى، وهى لجنة عمل سياسى فائقة الدعم يدعمها الملياردير إيلون ماسك، إعلانات فى المجتمعات العربية الأمريكية فى ميشيغان تركز على دعم هاريس لإسرائيل، مع صورة لها ولزوجها دوج إيمهوف، وهو يهودى. وترسل نفس المجموعة رسالة معاكسة إلى الناخبين اليهود فى بنسلفانيا، حيث تهاجم دعمها لحجب بعض الأسلحة عن إسرائيل – وهى خطوة من جانب إدارة بايدن للضغط على حليف الولايات المتحدة منذ فترة طويلة للحد من الخسائر المدنية لم ولن تتحقق بحسب مسئولين أمريكيين ولكن يستغلها ترامب.

وبحسب وكالة أسوشيتدبرس أكدت ريما ميروة، مديرة الشبكة الوطنية للمجتمعات العربية الأمريكية: «إن قولنا للأمريكيين العرب إن ترامب سيكون أسوأ – ما هو أسوأ من مقتل أفراد عائلتك؟ هذا ما يقوله الناس عندما يُطرح عليهم السؤال: أليس ترامب سيكون أسوأ؟ لا يمكن أن يكون أسوأ مما يحدث لنا الآن».

وهاجم المتحدث باسم هاريس مورجان فينكلشتاين نهج ترامب تجاه الشرق الأوسط بأنه جزء من إشارة أوسع نطاقاً إلى أن «ترامب» غير المنضبط وغير المتوازن يمثل خطراً شديداً حيث يعيد النهج الفوضوى المنفرد الذى جعل العالم أقل أماناً، وسوف يضعف أمريكا.

كما تحمل كل هذه الانقسامات فى مسار الحملة الانتخابية تداعيات كبيرة محتملة فيما بعد الانتخابات، حيث تراقب القوى فى المنطقة، وخاصة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، من كثب النتيجة وإمكانية حدوث أى تحولات فى السياسة الخارجية الأمريكية.

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشرق الأوسط هاريس وترامب نائبة بايدن ة الانتخابات الأمريكية الشرق الأوسط أن ترامب

إقرأ أيضاً:

نحن على شفا كارثة في الشرق الأوسط ولا بد من إيقاف ترامب

ترجمة: أحمد شافعي -

تفتقر حرب إسرائيل على إيران إلى الشرعية والعدالة، شأن غزو العراق واحتلاله في عام 2003 بقيادة أمريكية. هي حرب اختيارية لا لازمة، ومن يشارك فيها من الولايات المتحدة أو حلفائها الأوروبيين وخاصة بريطانيا فإنه يخاطر بالانجرار إلى صراع آخر كارثي وغير قانوني في الشرق الأوسط.

سيكون التدخل العسكري الأمريكي انتهاكا مباشرا للقانون الدولي. والولايات المتحدة بالفعل من كبار منتهكي النظام الدولي الآن، وإن كانت في يوم من الأيام مصممته وحارسته. فبدلا من الضغط على بنيامين نتنياهو لإنهاء حصاره لغزة وتدميره إياها، فإن دونالد ترامب يناصره قلبا وقالبا ويصف هجمات إسرائيل على إيران بـ«الممتازة» ويطالب إيران بـ«استسلام غير مشروط»، ويفكر في ضربات عسكرية لمنشآت إيران النووية. برغم أن القيام بذلك محظور صراحة بموجب المادة السادسة والخمسين من البروتوكول الإضافي لمعاهدات جنيف بسبب الخوف من خطر التلوث النووي.

أما بريطانيا فعليها أن تنتبه لمواضع قدميها. وقد تردد أن النائب العام البريطاني نبَّه إلى أن أي تورط عسكري للمملكة المتحدة خارج الدعم الدفاعي سوف يكون مفتقرا للشرعية. ويقال: إن ريتشارد هيرمر ـ كبير المستشارين القانونيين للحكومة البريطانية ـ قد أثار مخاوف داخلية بشأن شرعية للانضمام إلى حملة للقصف.

ذلك أن القلق يحيط بالأساس الذي يقوم عليه تبرير إسرائيل لمضيها في هذه الضربات الوقائية وتواطؤ واشنطن الصامت معها. فالزعم الأساسي هو أن إيران تتخذ خطى سريعة «لتسليح اليورانيوم» مع تحذير متكرر من نتنياهو ـ رئيس الوزراء الإسرائيلي ـ من اقتراب إيران من نقطة اللاعودة في تصنيع قنبلة نووية.

ولكن سردية نتنياهو تتناقض تناقضا صريحا مع تقدير المخابرات الأمريكية التي لم تنته فقط إلى أن إيران غير ساعية سعيا حثيثا إلى سلاح نووي، ولكنها على بعد ثلاث سنوات على الأقل من امتلاك القدرة على ذلك. فالمخابرات المركزية الأمريكية تنازع إسرائيل في زعمها بأن إيران موشكة على تجاوز العتبة النووية.

لقد شهدت تولسي جبارد ـ مديرة الاستخبارات الوطنية في إدارة ترامب ـ في مارس بأن إيران لا تصنع سلاحا نوويا وأن المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي لم يصدر ترخيصا ببرنامج نووي، وهو البرنامج النووي الذي تم تعليقه فعليا في عام 2003. وحتى لو أن إيران تقوم بتصنيع قنبلة نووية، فإن القانون الدولي لا يمنح إسرائيل والولايات المتحدة حق قصف إيران. فميثاق الأمم المتحدة واضح فيما يتعلق باستعمال القوة في العلاقات الدولية.

غير أن ترامب عند الضغط عليه بشأن هذا التناقض استبعد المعلومات المخابراتية تماما، وقال للصحفيين: «أنا لا أبالي بما قالته. وأعتقد أنهم شديدو القرب من امتلاكه». كما أن سردية نتنياهو وترامب تتعارض تعارضا مباشرا مع النتائج التي توصلت إليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكد مديرها رفائيل جروسي في السابع عشر من يونيو أنه «ما من دليل» على قيام إيران بتصنيع أسلحة نووية بشكل ممنهج.

وبناء على هذه الخلفية فإن من شأن تدخل عسكري أمريكي أن يمزق أوصال النظام العالمي القائم على القواعد ويزيد من خطورة الصراعات المستقبلية واستعصائها على التنبؤ. إذ سيكون بوسع دول قوية أخرى أن تشن حروبا عدوانية بذريعة الوقاية من أخطار حقيقية أو متخيلة على أمنها الوطني. فاليوم لدينا إسرائيل والولايات المتحدة. وغدا قد تستعمل الصين المنطق نفسه في تسويغ هجوم على تايوان.

يجب أيضا أن يكون لنا نذير في أصداء حرب العراق. فآنذاك، كما هو الحال الآن، تم ترويج الحرب بناء على معلومات مخابراتية مفبركة. وكان نتنياهو مناصرا شديدا لحركة المحافظين الجدد التي أدت إلى غزو إدارة بوش للعراق مبررة إياه بمزاعم حيازة صدام حسين لأسلحة دمار شامل واتصالاته بالإرهاب. روج جورج دبليو بوش تلك الحرب بتصريحه سيئ السمعة عن «مخزون هائل» من الأسلحة البيولوجية لدى صدام حسين، برغم إقرار المخابرات المركزية الأمريكية بعدم حيازتها «معلومات محددة» عن الكميات أو الأنواع. ومضى بوش إلى أبعد من ذلك بزعمه قائلا: «إننا لا نعرف هل لدى العراق سلاح نووي أم لا» مناقضا ما لديه شخصيا من معلومات مخابراتية. فقد كان يعرف، وكان يكذب.

من جانبه، انتقد ترامب علنا ذلك الخداع، وقال: إن قرار بوش بغزو العراق «أسوأ قرار اتخذه رئيس أمريكي على مدار تاريخ هذا البلد - أي الولايات المتحدة -» مضيفا قوله: إنه «ما من أسلحة دمار شامل، ولقد كانوا على علم بعدم وجودها». غير أن ترامب اليوم يبدو كمن يستعير صفحة من كتاب قواعد اللعب الذي اتبعه بوش.

وبرغم أنه لا وجود لخطة أمريكية لغزو بري لإيران، فإن في أي هجمة على إيران مخاطرة بالتوسع إلى حرب إقليمية كاملة النطاق. فقد هددت إيران مرارا وتكرارا بالانتقام من قواعد الولايات المتحدة في العراق والبحرين والخليج بصفة أعم. وما أسهل أن تتصاعد مهمة وتتوسع فتطلق شرارة دائرة من الضربات والضربات المضادة.

فعلى سبيل المثال، بوسع إيران أن تلغم مضيق هرمز، وهو نقطة حساسة في تدفقات الطاقة العالمية. وقد تتفاقم آثار ذلك عالميا، فتضرب أسواق الطاقة وتتسبب في دورة تضخمية، وتضعف الثقة في الدولار الأمريكي، ويحتمل أن تهوي بالاقتصاد الأمريكي إلى ركود تضخمي.

فحتى الحوثيون ـ وهم أقل من إيران كثيرا في القدرات العسكرية ـ استطاعوا إلحاق أذى كبير بإعاقتهم الشحن في البحر الأحمر. ففي حال انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل، بوسع إيران أن تشل مسارات التجارة العالمية وتتسبب في ارتفاع أسعار النفط ارتفاعا صاروخيا.

وفي حال انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل في الحرب على إيران، فقد يفضي ذلك إلى نتائج عكسية مذهلة، ومن شأنه أن يقوي النظام الحاكم بدلا من أن يضعفه. فمن النتائج المحتملة أن الحكام الدينيين سوف يندفعون إلى صنع قنبلة نووية، متذرعين بهجوم إسرائيل ومحاولتها تغيير النظام. في الوقت نفسه، في المملكة المتحدة، يجدر بكير ستارمر أن يتذكر الإرث المرير لتوني بلير الذي ساق بريطانيا إلى حرب بجانب الولايات المتحدة.

فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، صدر أحدث كتبه بعنوان «الخيانة الكبرى: الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط».

عن الجارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • 40 ألف جندي.. تعرف علي تفاصيل تواجد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط
  • الضربات الأمريكية لإيران.. كيف ترسم واشنطن حدود الأمن في الشرق الأوسط؟
  • الاتحاد الأوروبي يحذّر: إغلاق مضيق هرمز قد يشعل فتيل تصعيد إقليمي
  • تفاصيل الخطة الأمريكية الإسرائيلية في الشرق الأوسط.. فيديو
  • صحفي يهودي: مشروع “إسرائيل الكبرى” هدفه محو الشرق الأوسط
  • ترامب يؤكد سحب القنبلة النووية من إيران ونتنياهو يعلنها: نغير وجه الشرق الأوسط
  • صحفي يهودي: مشروع إسرائيل الكبرى هدفه محو الشرق الأوسط
  • انتقام إيران.. ما قاله ترامب محذرا إياها من الرد على الضربة الأمريكية يشعل تفاعلا
  • لماذا على الشرق الأوسط عدم السماح بانتصار إسرائيل؟
  • نحن على شفا كارثة في الشرق الأوسط ولا بد من إيقاف ترامب