ليبيا – تناول تقرير ميداني لوكالة الأنباء الفرنسية مسألة تفشي عدة أمراض في صفوف قطعان ماشية مدينة مصراتة لإهمال واضح من حكومة تصريف الأعمال.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد نقل عن مربي الأبقار نجم الدين تنتون المالك لمزرعة على مشارف المدينة حديثه بألم عن اختفاء أصوات المئات من آلات الحلب المعتادة وتحول مزرعته إلى حالة من الصمت شبه التام بعد أن وجه تفشي مرض الحمى القلاعية في ليبيا ضربة قوية للعديد من المربين.

وبحسب التقرير قال المربون أنهم لم يتلقوا بعد لقاحات لازمة لمواشيهم في ظل معاناة قطاع إنتاج الألبان واللحوم رغم كون مصراتة مركزًا رئيسيًا لكونها تنتج 70 ألف لتر من الحليب يوميًا، ناقلًا عن مدير مكتب الصحة الحيوانية مصراتة سالم البدري تأكيده انخفاضها الآن لـ20 ألفًا.

بدوره عبر تنتون عن ألمه بالقول:”المستقبل يبدو قاتما فد فقدت كل شيء تقريبا من 742 بقرة خسرت 300 منها فهذا المرض يدمر سبل عيشنا ولقد كلفنا التأخير في الحصول على اللقاحات غاليًا فمعظم الأبقار في مصراتة مصابة الآن وليس لدينا خيار سوى ذبحها لوقف المرض”.

ووفقًا للتقرير تسبب المرض في صعوبات مالية للمستهلكين إذ أدى النقص إلى ارتفاع أسعار اللحوم ومنتجات الألبان في وقت أفاد فيه بعض مربي الثروة الحيوانية في مدينة مصراتة بخسارة نحو 70% من ماشيتهم بسبب المرض وفقًا لـ مكتب الصحة الحيوانية مصراتة.

وتابع التقرير أن مرض الحمى القلاعية يصيب بشكل خاص الماشية المجترة مثل الأبقار والأغنام والماعز متسببًا في حمى وبثور ونفوق لها فيما قال البدري إن مرضًا آخر يصيبها يسمى التهاب الجلد العقدي كان له تأثير أيضًا فالمشترون الأجانب باتوا حذرين من استيراد جلود الأبقار الليبية.

وأكد التقرير اتهام مربي الأبقار السلطات بعدم اتخاذ إجراءات وقائية والاستجابة البطيئة أثناء تفشي المرض ما تسبب في تأخير تسليم اللقاحات إلى المناطق المتضررة في وقت قال فيه البدري:”لو تم تسليم اللقاحات في نوفمبرمن العام الماضي لما كنا هنا وطلبت عدة مرات تسليمها لنا من أجل إنقاذ مواشينا”.

وأشار التقرير إلى عدم رد السلطات في العاصمة طرابلس على طلبات وكالة الأنباء الفرنسية للتعليق فيما أكد البدري إن مجموعة من مربي الأبقار تقدموا بشكوى قضائية للنائب العام الصديق الصور بهذا الخصوص لتكتفي وزارة الزراعة والثروة الحيوانية في حكومة تصريف الأعمال بإبداء رأيها.

وقالت الوزارة إن أحد الأسباب الرئيسية لانتشار هذه الأمراض هو الاستيراد غير القانوني للحيوانات من دون رقابة بيطرية فالتلوث منتشر بشكل لا يمكن السيطرة ولا يتم إبلاغ السلطات المحلية عن هذه الحالات في الوقت المناسب فبعض الماشية ربما ماتت من دون التبليغ عنها أيضًا.

وبالعودة إلى تنتون إذ قال:”نعتمد كليا على هذه الحيوانات في معيشتنا وبذلت كل ما في وسعي لإنجاح عملي ولكن خسارة هذا العدد الكبير من الأبقار كارثة اقتصادية وعلى السلطات في مدينة مصراتة توفير اللقاحات اللازمة وتعويض مربي الأبقار ممن أصيبت أبقارهم بالمرض”.

واختتم التقرير بنقل وجهة نظر المربي علي غباق الذي قال:”تخليت تماما عن تربية الأبقار خوفًا من المستقبل فلا يوجد أحد يريد الاستمرار في هذا القطاع بعد الآن ولقد أصبحت المخاطر كبيرة للغاية ولا نعرف ما إذا كنا سنتغلب على هذه الأزمة”.

ترجمة المرصد – خاص

 

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: مربی الأبقار

إقرأ أيضاً:

استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: راعي الأبقار وماشية العالم

على امتداد 29 صفحة، مضافة إليها 3 صفحات للغلاف وتصدير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والفهرس؛ تلجأ “استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة”، التي أصدرها البيت الأبيض مؤخراً، إلى إعادة إنتاج مرتكزات صغرى، ولكنها محورية نصّت عليها استراتيجيات سابقة؛ وتطوي، في المقابل، سلسلة مرتكزات كبرى (أو هكذا بدت، زمن اعتمادها على الأقل) أو تلقي بها إلى سلّة مهملات الإدارة الراهنة، في انتظار أيّ انتشال أو إعادة تدوير مستقبلية.

ومن تحصيل الحاصل، أو لأنّ المنطق البسيط يفترض الانطلاق من هذا التفصيل، تصحّ قراءة الاستراتيجية من عنوانها، كما هي حال المكتوب في القول الشائع؛ أي قرابة الـ 400 كلمة التي كتبها ترامب على سبيل تقديم الوثيقة، وتسير خاتمتها هكذا: “هذه الوثيقة خريطة طريق لضمان أن تبقى الولايات المتحدة الأمّة الأعظم والأرفع نجاحاً في التاريخ الإنساني، وبيت الحرية على الأرض. وخلال السنوات المقبلة سوف نستمر في تطوير كلّ بُعد من قوّتنا القومية ــ وسنجعل أمريكا أكثر أماناً، أغنى، أكثر حرية، أعظم، وأشدّ جبروتاً من أيّ وقت مضى”.

الفصل الرابع من الوثيقة، وبعد قِسم حول المبادئ وآخر حول الأولويات، توزّع الاستراتيجية الجديدة العالمَ إلى خمس مناطق: نصف الكرة الغربي، آسيا، أوروبا، الشرق الأوسط، وأفريقيا؛ في نقلة أولى دراماتيكية تنأى عن المفهوم التقليدي الشائع لفكرة “الغرب” بوصفه أوروبا والولايات المتحدة، وربما نطاق الحلف الأطلسي عموماً. نصف الكرة الغربي، الذي يتصدّر أقسام العالم، هو الولايات المتحدة + أمريكا اللاتينية، حيث إعادة التأكيد على “عقيدة مونرو” الشهيرة، وتُنسب إلى الرئيس الأمريكي الخامس جيمس مونرو، سنة 1823؛ وتحظر على أوروبا، صراحة وليس تلميحاً، أي تدخل في شؤون دول أمريكا اللاتينية، لأنّ هذه المنطقة مجال حيوي أمريكي حصري.

والاستراتيجية الجديدة تطلق على هذا النهج تسمية “لازمة ترامب” البديهية المكمّلة لـ”عقيدة مونرو”، وبالتالي لا تتردد في تحذير العالم بأسره، وأوروبا في المقام الأول، من مغبة التنافس على نصف الكرة الغربي هذا؛ على أي نحو يضعف الهيمنة الأمريكية فيها، أو يهدد “علوّ الشأن” الأمريكي على امتداد “جغرافيات” المنطقة. أكثر من هذا وذاك، تمضي فقرة تالية في الوثيقة إلى تلخيص أغراض الولايات المتحدة هنا، في قاعدتين: الإدراج (بمعنى التطويع والتجنيد)، ثمّ التوسّع (حتى إذا اقتضى التدخل العسكري المباشر). وفي كلّ حال، لا تخفي طرائق تطبيق القاعدتين مزيجَ الترغيب والترهيب: “نريد الأمم الأخرى أن ترى فينا شريك الاختيار الأول، وسنعمل (بوسائل متعددة) على تثبيط تعاونهم مع الآخرين”؛ نعم، هكذا بالحرف!

وللمرء أن يترك لهؤلاء الـ”آخرين” التعليق على لغة لا تكتفي باستلهام عقلية راعي البقر/ زعيم العصابة، بقدر ما تترجمها إلى “استراتيجية” كونية شاملة للقوة العظمى على الارض؛ الأمر الذي في الوسع العثور عليه لدى وزير خارجية ألمانيا (حيث الجزء الأوروبي الأكثر تصنيعاً والأغنى اقتصاداً في القارة)، الذي اكتفى بالقول إنّ بلاده “ليست بحاجة إلى نصائح من الخارج”، متغافلاً عن أنّ أمريكا ما بعد الحرب العالمية الثانية أسدت إلى ألمانيا ما هو أثقل وأفدح وأبعد أثراً، من النصائح. أو، في ردّ فعل “أكاديمي” بعض الشيء، موقف معهد “شاتام” البريطاني العريق، حيث طُبخت وتُطبخ التغطيات الفلسفية والاقتصادية الأكثر تمجيداً للإمبريالية الغربية المعاصرة. هذا إذا لم يذهب المرء إلى الصامتين في قصر الإليزيه أو 10 داوننغ ستريت أو بروكسيل، حيث حصون أوروبا المريضة بـ”شيخوخة ديموغرافية” وقعيدة “أزمة هوية”؛ حسب توصيفات الاستراتيجية الأمريكية الجديدة.

وبالطبع، ثمة “آخرون” هنا وهناك في أصقاع العالم، أو بالأحرى على كلّ بقاع الكوكب الأرضي التي ليست جغرافية أمريكية رسمية؛ وبالتالي حالها مع استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة تتشابه في كثير أو قليل، أو أنها لا تختلف إلا حيث تتباين أولويات البيت الأبيض، إذْ تقارب شؤون مناطق الكون الخمس. آسيا، في المثال الثاني، تُسجَّل باسم الرئيس الأمريكي ترامب، بوصفها ضربة شخصية من جانبه “قلبت رأساً على عقب ما يتجاوز ثلاثة عقود من الفرضيات الأمريكية الخاطئة حول الصين”؛ وحول النطاق “الهندو ـ باسفيكي”، الذي يشكل اليوم مصدر ما يقارب ثلث الناتج القومي الإجمالي العالمي، وترامب أيضاً هو الذي بسط الهيمنة الأمريكية هناك؛ وحوّل سياسة “أمريكا أوّلاً”، التي أعادت التوازن إلى الميزان التجاري مع اليابان وكوريا وسائر آسيا…

الشرق الأوسط، المنطقة الرابعة، يندرج حسب الوثيقة تحت عنوان ثنائي عريض، تحويل الأعباء وبناء السلام، وهنا أيضاً لا توفّر الاستراتيجية الجديدة انتقاد (وأحياناً تبخيس وتسخيف) ركائز استراتيجيات الولايات المتحدة على امتداد خمسة عقود ما قبل ترامب؛ بمعنى أنها تستذكر معطيات الطاقة، والمنطقة بوصفها ميدان تصارع القوى العظمى، والأزمات الإقليمية التي هددت بالانتقال إلى الجوار والعالم.
اثنتان على الأقلّ من أولويات الشرق الأوسط تبدّلت في الحسابات الأمريكية
اثنتان على الأقلّ من أولويات الشرق الأوسط تبدّلت في الحسابات الأمريكية، فلا الطاقة باتت حكراً هناك، خاصة وأنّ أمريكا اليوم منتجة ومصدّرة؛ ولا أنساق نفوذ القوى العظمى بقي على حاله، وقد انقلب إلى مناورات للولايات المتحدة اليد العليا فيها (بفضل ترامب هنا أيضاً، ودائماً). وأمّا إيران، “قوّة زعزعة الاستقرار الرئيسية في المنطقة”، فقد أضعفتها الضربات الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023، وكذلك عملية “مطرقة منتصف الليل” التي أمر بها ترامب في حزيران (يونيو) الماضي.
وضمن ما قد يلوح نقلة فارقة عن خطّ “المحافظين الجدد”، زمن الرئيس الأسبق جورج بوش الابن واجتياح أفغانستان والعراق ونهج “تصدير الديمقراطية”، تقول الاستراتيجية الجديدة بإسقاط “تجريب أمريكي مضلل” قوامه “التغطرس” على الأمم ومطالبتها باستبدال “تقاليدها وأشكال الحكم التاريخية في بلادها”؛ تحثّ الاستراتيجية الجديدة على “تشجيع الإصلاحات حيث تُقتضى عضوياً، ولكن من دون محاولة فرضها من الخارج”. الوقائع على الأرض تؤكد دوام الحال القديمة ذاتها، من حيث أنساق العلاقات الأمريكية مع الأنظمة، وإدخال تسعة أعشار الاعتبارات من بوّابة المصالح الإسرائيلية، أو القياس على نموذج قاطرات التطبيع الإبراهيمية.

بصدد القارة الأفريقية ترى الوثيقة أنّ السياسة الأمريكية عمدت إلى التركيز على، وإشاعة، “الإيديولوجيا الليبرالية”؛ من دون أن يوضح ثقاة البيت الأبيض الذين كتبوا فقرة افريقيا أيّ “ليبرالية” هذه التي دأبت عليها واشنطن، أو بالأحرى: أية “إيديولوجيا” أصلاً! البديل، في المقابل، هو التالي: مطلوب من الولايات المتحدة “التطلع إلى شريك مع بلدان منتقاة لتخفيف التنازع، وتوطيد العلاقات التجارية متبادلة النفع، والانتقال من أنموذج المساعدة الخارجية إلى أنموذج الاستثمار والنمو، الجدير بثروات أفريقيا الطبيعية الوفيرة ومكامنها الاقتصادية الدفينة”… كما يراها كبير تجّار أمريكا، ساكن البيت الأبيض.

وفي خلاصة القول، لعله ليس مجحفاً بحقّ استراتيجية الأمن القومي الأمريكية ـ طبعة ترامب الثاني، ذلك المجاز التصويري الذي قد يمثّلها في علاقات راعي أبقار أمريكي، يتوهم القدرة على، والحقّ في، قيادة ماشية العالم إلى حيث تشاء مصالحه. أو إلى ذلك المبدأ الاختزالي الأخرق الذي ينتج، كي يستهلك ذاتياً، شعار الـ MAGA الشهير، ليس في جعل أمريكا عظيمة مجدداً فحسب، بل تسخير أربع رياح الأرض لخدمة أمنها القومي كما يرسمه رئيسها اليوم. أو، في مقابل ليس أقلّ غطرسة، كما سبق أن رسمه رؤساء سابقون ويتوجب اليوم تسفيه خلاصاتهم، قبيل طيّها وإحالتها إلى سلال مهملات المكتب البيضاوي.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الفرعي مصراتة لكرة القدم يشرف على دورة تدريبية للمدربين
  • اتحاد المزارعين يحذّر: الحمى القلاعية تتطلب خطة طوارئ
  • اجراءات عاجلة من الزراعة ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع
  • الزراعة: 8.5 مليون جرعة لتحصين الماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع
  • الحمى القلاعية | الخدمات البيطرية تنفي نفوق 500 رأس ماشية بالمنوفية
  • حسام البدري يحصد جائزة أفضل مدير فني في الدوري الليبي
  • علامات صامتة لتلف الكبد لا يشعر بها كثيرون.. أطباء يحذرون
  • وزارة الزراعة تطمئن المواطنين: الحمى القلاعية لا تنتقل إلى الإنسان
  • وزير الزراعة يترأس اجتماعاً طارئاً لمواجهة جائحة الحمى القلاعية
  • استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: راعي الأبقار وماشية العالم