حاملو «نوبل» بين العلم والسياسة
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
مرحلة متشابكة معقدة يعيشها العالم اليوم مع تقاطعات صدامية كبرى بين الساسة ورجال الأعمال وقد تكون بين الساسة والساسة إذ تحوّل أغلب رجال الأعمال إلى السياسة والعكس صحيح، وإذ يعاصر المرء اليوم صراعات دولية ومحلية تشتت تركيزه وصفاء ذهنه إن لم تؤثر مباشرة فـي واقعه اليومي وحياته المعيشة، فإن البعض يحاول الصمت نجاة بأحلامه فلا يجد النجاة، ويحاول الكلام اعتراضا فلا يملك وضوح الرؤية ولا أمان الرأي الذي قد يفضي إلى تأطير وتصنيف جاهز سلفا إن لم يفض إلى سجن أو إقصاء، لكن السياسة رغم كل تقاطعاتها وألاعيبها وأحاجيها وتقنّعاتها تشغل العالم، ويتعاطاها الجميع سواء بشكل شخصي فـي الحوارات اليومية والنقاشات العابرة، أو بشكل تحليلي تأملي كما نجدها عند المهتمين بشأنها، أو عند المنتفعين منها ومن تحولاتها سلبا وإيجابا، مع كل ذلك كان العلماء بمعزل عن اشتغالات السياسة لانشغالهم بأبحاثهم العلمية ودراساتهم الحيوية بعيدا عن معترك السياسة وكواليسها، لكن الأمر لم يعد كذلك، ليس لحرص العلماء كذلك على اقتطاع نصيبهم من كعكة السياسة وإن كان دقيقها خبز الفقراء، ولكن لأنها تؤثر على قطاعهم البحثي ودراساتهم تعزيزا أو تعطيلا، وهو ما دفع بعضهم إلى المشاركة.
«إن العديد من العلماء يميلون إلى التركيز على أبحاثهم بدلاً من السياسة، لكنهم أدركوا أن هذه لحظة لا يمكن فـيها الصمت» هذا ما قاله جوزيف ستيجليتز، الخبير الاقتصادي فـي جامعة كولومبيا الفائز بجائزة نوبل التذكارية فـي العلوم الاقتصادية عام 2001، الذي صاغ الرسالة التي أعرب 82 من العلماء الأمريكيين الفائزين بجائزة نوبل فـي اختصاصات الفـيزياء والكيمياء والطب والاقتصاد فـيها عن تأييدهم للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، فـي انتخابات الرئاسة الأمريكية التي ستجري قريبا، وقد عبر الموقعون بقولهم «هذه هي الانتخابات الرئاسية الأكثر أهمية منذ فترة طويلة، وربما على الإطلاق، بالنسبة لمستقبل العلم والولايات المتحدة، نحن الموقعون أدناه ندعم هاريس بقوة» بحسب ما أوردت صحيفة «نيويورك تايمز».
تشيد الرسالة بنائبة الرئيس لتفهمها أن «الزيادات الهائلة فـي مستويات المعيشة ومتوسط العمر على مدى القرنين الماضيين هي إلى حد كبير نتيجة للتقدم فـي العلوم والتكنولوجيا» على النقيض من ذلك، فإن فوز الرئيس السابق دونالد ترامب «من شأنه أن يُعرّض أي تقدم فـي مستويات معيشتنا للخطر، ويبطئ تقدم العلوم والتكنولوجيا ويعيق استجاباتنا لتغير المناخ» وقال الدكتور ستيجليتز عن الرسالة: «آمل أن تكون بمثابة جرس إنذار للناس. إن إحدى عواقب هذه الانتخابات هي التأثير العميق الذي تخلفه أجندته على العلوم والتكنولوجيا» كما أشادت الرسالة باعتراف هاريس بالدور الذي يلعبه المهاجرون فـي تقدم العلوم والتكنولوجيا، سواء على المستوى الوطني أو على نطاق عالمي، والهجرة قضية رئيسية فـي انتخابات هذا العام غربيا عموما وفـي الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا، حيث وعد كلا المرشحين باتباع نهج أكثر صرامة من حملاتهما الرئاسية السابقة.
رسالة التأييد هذه هي الثانية من قبل مجموعة من الحائزين على جائزة نوبل، وكان ستيجلز قاد جهدا فـي يونيو، مع 15 من زملائه الحائزين على جائزة نوبل، لتسليط الضوء على ما قاله الموقعون أنه سيكون «تأثيرا مزعزعا للاستقرار» لولاية ترامب الثانية على الاقتصاد الأمريكي، كما جاء فـي نص الرسالة «ما مرت فـي تاريخ بلادنا فترة كنا فـيها أحوج إلى قادة يقدرون أهمية العلم فـي وضع السياسات العامة، خلال تاريخه الطويل فـي مجال الخدمة العامة، برهن جو بايدن مرة بعد مرة عن استعداده للإصغاء إلى الخبراء وعن تقديره لقيمة التعاون الدولي فـي مجال الأبحاث وعن احترامه لمساهمة المهاجرين فـي الحياة الفكرية لبلادنا»
ولكن الرسالة الجديدة، التي بدأت تتجمع بعد أن شرحت هاريس رؤيتها الاقتصادية فـي أواخر الشهر الماضي، تضم 7 موقعين جدد وتمثل شريحة واسعة فـي هذا المجال من حيث مجالات الخبرة والنهج فـي التعامل مع الاقتصاد، وتضم المجموعة الموسعة اثنين من أحدث 3 فائزين بالجائزة- سيمون جونسون ودارون أسيموجلو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وقد حصلوا على الجائزة، إلى جانب جيمس روبنسون من جامعة شيكاغو، الأسبوع الماضي عن بحثهم فـي كيفـية تشكيل المؤسسات للدول كي تصبح غنية ومزدهرة.
ختاما: أسئلة عديدة قد تطرحها هذه المشاركة السياسية لمجموعة من العلماء حول دور المختصين من العلماء والباحثين فـي تشكيل السياسات العامة للدول، ثم مدى جدوى ومدى عناية الحكومات بإشراك هذه الفئة واستشارتها فـي وضع الخطط الاقتصادية وصياغة المستقبل، وكيف يمكن لأي حكومة تعطيل هذه الطاقات وعدم الأخذ بأفكارها أو الاستفادة من آرائها؟
ثم ما مدى حرص الحكومات على تحقيق الرخاء الاقتصادي الحقيقي المتضمن رخاء اجتماعيا يعم كل الطبقات، وأمانا مجتمعيا مستداما بعيدا عن الاقتصاد الطبقي المعزز سيطرة طبقة واحدة على مفاصل اقتصادها وسحق بقية فئات المجتمع فـيها.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العلوم والتکنولوجیا من العلماء
إقرأ أيضاً:
مدينة دبي للإعلام ومجمّع العلوم يسلّطان الضوء على الابتكار في “ڤيڤا تك” باريس
تشارك مدينة دبي للإعلام ومجمّع دبي للعلوم، التابعان لمجموعة تيكوم، في فعاليات معرض “ڤيڤا تك” 2025 في باريس، أكبر معرض في أوروبا للشركات الناشئة والتكنولوجيا، الذي ينطلق غدا ويستمر حتى 14 يونيو الجاري، بهدف استعراض دور دبي المتنامي في دعم الاقتصاد القائم على الابتكار وتعزيز مكانتها وجهة عالمية لريادة الأعمال.
يركّز المعرض هذا العام على مجالات تشمل الاستدامة والمناخ، وقطاع التنقل، والرعاية الصحية، والصناعات الإبداعية والألعاب الإلكترونية.
يشارك في الحدث جناح دبي بقيادة دائرة الاقتصاد والسياحة، وضمن الجهات حاضنة الأعمال” in5 “التابعة لمجموعة تيكوم والتي تسلّط الضوء على حلولها المبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، ضمن مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33، وبرنامج دبي للبحث والتطوير، والاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي.
وقدّمت حاضنة in5 منذ تأسيسها عام 2013 الدعم لأكثر من 1000 شركة ناشئة، نجحت في جذب تمويلات تجاوزت 7.8 مليار درهم، وتعمل ضمن قطاعات التكنولوجيا، والإعلام، والتصميم، والعلوم.
وتعرض in5 في المعرض عدداً من شركاتها المبتكرة مثل “كوراليتيكس” المتخصصة في الإعلانات العقارية المعزّزة بالذكاء الاصطناعي، و”سابي” التي تقدّم حلول التجارة الإلكترونية، وشركة “Aire” المتخصصة في استخدام البيانات الضخمة لإعداد دراسات الجدوى العقارية.وام