بوابة الوفد:
2025-06-26@14:22:21 GMT

روميو وجوليت.. المصري

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

ما زالت مصر بخير وما زال هناك فنانون يؤمنون بقيمة ورسالة الفن ودوره في تشكيل الوعي وبناء الإنسان وتغير الظروف وإزالة ستائر الظلام لإشعال مصابيح النور التي تحارب الجهل والتعصب والتطرف وتشحن المجتمع بالفتن والصراعات.. على المسرح القومي المصري العتيق والعريق في وسط مدينة القاهرة الزاخرة العامرة بعد ميدان الأوبرا المصرية سابقاً ما بين بضائع الباعة الجائلين وزحام العتبة المستمر الذي حتى الآن لم تفلح معه كل السبل القانونية والتوعوية لإزالة هذا التشوه اغير الحضاري من عاصمة أم الدنيا وقلبها الفائض بالتاريخ والحضارة والثقافة، يعرض الآن على خشبة هذا المسرح مسرحية غنائية استعراضية من إخراج المخرج الكبير عصام السيد وبطولة المطرب الرائع دوماً علي الحجار والفنانة الجميلة الرقيقة رانيا فريد شوقي والنجم الصاعد الواعد المتميز محمد عادل وطه خليفة المتمكن الذي يثبت أقدامه في سجل المسرح والفنان القدير عزت زين الذي له حضور وطلة مسرحية جاذبة؛ مسرحية «مش روميو وجوليت» ومعالجة شعرية لأيمن الحداد وموسيقى بديعة معبرة لأحمد شحتوت وتصميم رقصات واستعراضات لشيرين حجازي استطاعت من خلاله كتابة حوارات جسدية لمجموعة من الشباب والشابات الذين أدوا الحركات الاستعراضية وكأنهم في ملحمة درامية راقصة متناغمة المشاعر والإرهاصات.


مسرحية «مش روميو وجوليت» وإن كانت محاكاة رمزية لكلاسكيات وليام شكسبير إلا أن المخرج عصام السيد استطاع توظيف تيمة الحب والرومانسية في إطار دراما كوميدية فلسفية تناقش قضية الفتنة الطائفية وعلاقة قطبي الأمة المصرية في محيط صراع داخل مدرسة الوحدة، حيث تندلع شرارة الخلاف والتناحر والعراك بين الشباب الذين على أعتاب الحياة وهم يتلازمون  وينشرون إشاعة عن حب خفي بين الأستاذ يوسف والأستاذة زهرة، وينكشف لنا أنهما على غير ذات الدين والعقيدة، ولا تنكر الأستاذة هذا الحب بل تؤكده وتسترجع معنا ذكريات الماضي حين كانت شبرا تجمع بين راحتيها الأحبة من مسلمين ومسيحيين في صورة واحدة، وشارع واحد تصدح فيه أجراس الكنائس مع صوت الأذان بلا فرقة ولا عركة ولا خصام، حتى جاءت طيور الظلام ومعها التكنولوجيا الحديثة من الموبايل والإنترنت لتكسر حواجز الخصوصية وتتبع الإنسان وتهتك ستر المشاعر والأحاسيس وتمنعه من الحب البرىء الطاهر بين الإخوة حتى وإن كان بلا نهاية تقليدية.. فيقرر ناظر المدرسة بحكمة وحنكة وعمق الرؤية أن يحارب التناحر والجهل من خلال مسرحية يشترك فيها جميع الطلاب، ولها درجات أعمال سنة ليجبرهم على اتخاذ سبيل الفن والثقافة بديلاً للعنف والضرب والسباب، وينجح يوسف وزهرة في تدريب الطلاب وتعليمهم من خلال التمثيل والغناء والرقص الإيقاعي الحركي مفهوم الحب بمعناه الشامل العام للمعنى والقيمة، وتحدث المفارقة الدرامية حين تقع ميرنا في حب علي زميلها في الفصل، وتناجي العذراء مريم أن ترشدها للنور، ويصدع الحجار أو الأستاذ يوسف بأغنية بارعة عن مفهوم الحب الذي لا يؤذي الآخرين من الأهل والعادات والتقاليد والمجتمع .. وتنتهي المسرحية برسالة إيجابية عن أهمية الفن في المدارس والجامعات ومدى خطورة دور المدرس في التعليم والتربية والثقافة .. شكراً لكل فنان ما زال يعمل ليسعدنا حاملاً رسالة مؤمناً بدور رغم كل الصعاب . شكرًا للدكتور أيمن الشيوى مدير المسرح القومى المصرى رمز الفن والثقافة والإبداع والتاريخ.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المسرح القومى المصرى روميو وجوليت المصري وسط مدينة القاهرة

إقرأ أيضاً:

الحب في زمن التوباكو (14)

 

مُزنة المسافر

 

جوليتا: وهل جاء ألبيرتو؟

ماتيلدا: لم أعرفه بالخوذة، جاء بدراجة نارية، وطلب مني أن أقودها أو سيأخذني في جولة طويلة نحو أشجار البلوط الأحمر. ابتسم لي بعد أن نزع الخوذة، وقال لي: نحن نعيش مرة واحدة يا عزيزتي، تعالي معي نجرب هذه العربة الشيطانة!

ماتيلدا: صوتها مزعج.

ألبيرتو: إنها طفطافة، جوّالة ستقودنا لأمر ما، إنها ذاهبة، راحلة بين ثنايا الصفصاف إنها تتحرك بوداعة مع الريح، إنها مذهلة تصدر الأصوات المزعجة لكنها نارية وقارية يا عزيزتي.

صرخت وصدحت أنا: إنها رائعة!

طلب مني ألبيرتو أن أنسى حماسي هذا وأفكر في التلة التي وصلت إليها الدراجة النارية.

ألبيرتو: بلادنا جميلة!

ماتيلدا: لماذا إذن تغادر للعالم المُتقدِّم؟

ألبيرتو: لن أذهب إلى أي مكان، في هذه اللحظة سأبقى هنا.

ماتيلدا: جعلني ألبيرتو أُغرم في الأمور الصعبة، وأتمايل أمام الريح واللحن الذي كان في رأسي وحدي، وأردتُ أن أكتب أجمل أغنياتي هناك في تلك اللحظة؛ حيث ألبيرتو والدراجة والتل، وصورة واضحة للبلدة بأكملها وهي تُشاهدنا نراها بإعجاب كبير.

جوليتا: وهل كتبتِ شيئًا يا عمتي؟

ماتيلدا: نعم بالطبع، كتبتُ شيئًا لم يخطر على بالِ الشيطان نفسه.

اعتمد الأغنية المنتج خورخيه وأطلقنا عليها: قل لحبيبي ألا يغيب.

ورغم أنني أكملت الأغنية بلحنها ومغناها، وآلاتها النفخية.. رحل ألبيرتو من جديد، وانشغلت أنا بالشهرة، ولمعتْ أضواء الشوارع، والأستوديوهات لي، وزاد عدد المعجبين بـ"قل لحبيبي ألا يغيب".

كان هناك الباباراتزي أو مطاردو النجوم، وأناس كثر يسكنهم الفضول يريدون معرفة ماذا أفعل في النهار؟ وماذا أفعل في المساء؟ وكيف يكون الليل في أغنياتي؟ وكيف يأتي النهار في ألحاني؟

جاءني اتصال هاتفي يخبرني أن هنالك مقابلة مهمة على المذياع، طلبتْ مني المذيعة واسمها روزا أن تُسجل مقابلة حصرية معي في مطعم صغير، طلبتْ المذيعة من النادل أن يُقدِّم لنا صحون الإسباغيتي، وكان أول أسئلة المقابلة: نود أن نشعر بالحزن في أغانياتك يا ماتيلدا.

سألتها بسخرية: هل تودين البكاء؟

المذيعة روزا: لأن الحزن قد صار رائجًا للغاية، أغاني حزينة ومشاعر عميقة.

ماتيلدا: لا يمكننا أن نطلب من الجمهور أن يحزن؛ فالحياة جميلة.

ضحكتْ المذيعة روزا ضحكة ساخرة، ومزجتها بالهاهاها، سؤالي القادم مهم، بجانب الإسباغيتي ماذا تحبين؟ هل تحبين الكافيار يا عزيزتي؟ هل أنت من عشاق الكافيار؟ هيا قولي للجمهور الأسرار.

في تلك اللحظة شعرت بسخف المذيعة، ونواياها الخبيثة، خصوصًا أننا كنا نسجل المقابلة الصوتية ونحن نأكل الإسباغيتي بالصلصلة الحمراء في مطعم متواضع للغاية في وسط البلدة، ولم يكن هناك سمك في المكان غير حوض السمك القديم الذي فيه أسماك صغيرة تكاد لا تُرى وسط الماء الملوث. شعرتُ لحظتها أنه علي الوقوف، أخرجتُ محفظتي وألقيت بالنقود على الطاولة، وتركتُ الشوكة وأنهيتُ المقابلة.

ماتيلدا: انتهينا اليوم، هذا كل شيء.

جوليتا: وماذا حدث بعدها يا عمتي؟

ماتيلدا: وُضعت المقابلة ناقصة وانتهت عند كلمة الكافيار؛ بل قُطعت الفقرة إلى مذيع ربط يطلب من الجمهور الاستمتاع بمباراة جديدة لكرة المضرب، لم أنزعج يا ابنة أخي وعدتُ للأستوديو لأحفظ ما كتبته من الأغنية الجديدة: قل لحبيبي ألا يغيب.

وأضفت سطرًا: أريده فقط أن يعود.

إنه يسود، نعم يسود فؤادي وحياتي.

الجوقة: فلنقل إذن إنه الحبيب المنتظر منذ أيامٍ طويلة.

وأين يكون هو الآن؟

مقالات مشابهة

  • في ذكرى وفاته.. عبد البديع العربي رائد المسرح العسكري وأبٌ لأسرة فنية اعتزلت الأضواء
  • مكتبة "القومي للمسرح والموسيقي والمكتبة "القومي للمسرح والموسيقي
  • قصة الممثل المصري المسيحي الذي ألقى خطبة الجمعة على زملائه
  • الحب في زمن التوباكو (14)
  • يوسف داوود.. مهندس الضحك الذي ترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة الفن المصري(تقرير)
  • موعد وتفاصيل المؤتمر الصحفي لـ مسرحية «الملك لير» على خشبة المسرح القومي
  • طريق النهضة: التعليم والثقافة كمشروع عملي
  • يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء
  • في ذكرى ميلاده.. صلاح نظمي «شرير الشاشة» الذي انتصر للحب وتحدى المرض والظلم
  • سلمى أبو ضيف: كنت دائما أشعر بالخوف من والدي أكثر من الحب