يمانيون:
2025-05-15@16:03:22 GMT

الأغبى من الحمار وأعزَّ اللهُ الحمار..!

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

الأغبى من الحمار وأعزَّ اللهُ الحمار..!

د. محمد عبد الله شرف الدين

لم يكن الإنسانُ المخلوقَ الوحيدَ الواعيَ والمستشعِرَ لألوهية الله تعالى، وربوبيتِه؛ إذْ تناوَلَ القرآنُ الكريمُ ما يُعَبِّرُ عن ذلك الاستشعار؛ فقال تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}، [سُورَةُ الجُمُعَةِ: ١].

ويتنامى هذا الاستشعارُ؛ فيبلُغُ درجةً عاليةً من الخضوع والتسليم، من خلال عبادةِ التسبيح؛ فقال جَلَّ شأنُه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}، [سُورَةُ الحَجِّ: ١٨].

وعند الدواب خَاصَّةً يتراءى مستوى وعيها، بسجودِها المتأتي استشعارًا لعظمة الخالق سبحانَه في فكرها، ووجدانها، وهذا ما يغيبُ عن كثير من البشر الذين يعتبرون (الحمار) الذي يسبِّحُ لله تعالى، ويسجُدُ له أغبى حيوان!!

لقد ضرب اللهُ تعالى مَثَلًا في القرآن الكريم يتعَلَّق بالحمار؛ فقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا، بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، [سُورَةُ الجُمُعَةِ: ٥].

فالحمارُ لا يعلمُ ماذا تحوي هذه الأسفار بينما ينوءُ بحملها على ظهره؛ فكذلك اليهود لما لم يتعلموا التوراة، ولا اتّبعوها؛ فهذا المثل ليس بِـ حَطٍّ من قيمة الحمار؛ إنما هذا مَثَلُ اليهود السيِّئِ الذي انطبق عليهم، فلم تعد لديهم الصلاحيةُ لجعل الرسالة فيهم، وقد تركوا التوراة.

وفعلًا؛ ثمة بشرٌ هم أغبى من الحمار وأعز الله الحمار؛ فلا يستشعرون عظمةَ الله، وقدرته، ويعيشون أزمةَ ثقة بالله، فيدعّون إلى أحضان اليهود والنصارى دَعًّا، كأنهم حُمُرٌ مستنفِرَةٌ، فرَّت من قسورة إلى مذأبة.

وواقعُ كثير من زعماء العرب والمسلمين اليوم يجسِّدُ ذلك الغباء؛ إذ يرتمون تحتَ أحذية العدوّ أمريكا و “إسرائيل” متغابين عن تحذيرات الله تعالى، حاملين ذاكرةَ الفيل تجاه الواقع المعبِّر بجلاء عن تخلي العدوّ عن جُلِّ عملائه، بل وتصفيتهم أحيانًا.

فقد لبثت طائرةُ الفارّ شاه إيران، وشرطي العدوّ تحلِّقُ في الجو ساعاتٍ، تلهث عن مأوى، وزين العابثين التونسي الذي فتح ترابَ تونس الطاهر لسنين تدنِّسُه قطعانُ الصهاينة المتجولة، نفته أرضُها الطاهر، وخاتمة الخزي لحسني وأبي تميم بعضٌ من تراجيديا لا تنتهي.

لقد سعى الحمارُ جاهدًا مجتهدًا مستشعرًا قولَ الله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم، مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ، ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}، [سُورَةُ الأَنۡعَامِ: ٣٨]، ليحاسبه سبحانه، فيثيب، ويعاقب، وهذا -للأسف- ما لا يستشعره بعضُ العرب والمسلمين؛ فهم يرتبطون بأوثق العُرَى بالعدوّ الأمريكي والإسرائيلي اللذين يرتبطان بعمق بالشيطان؛ ليكون قائدهم، يتقدمهم يوم الحساب، ويسوقهم إلى جهنم، وبئس المصير.

ويسبق ذلك في العاجل بسوقهم إلى ما يدنِّسُ كرامتهم، وإنسانيتهم، حتى يأتيَ دورُهم؛ فالعالم العربي والإسلامي كله مستهدَفٌ أمريكيًّا وإسرائيليًّا، فلا يُستثنى أحدٌ، وهذا ما يأباه الحمار؛ فلا تراه يرمي بنفسه في مهلكة، ثم لا تراه يسالِمُ من عَضَّه، أَو يطبِّع معه، كما بعض زعماء العرب والمسلمين، ولا يفاوض إلا رفسًا لعدوه، ولا تراه يقابِلُ الضربَ المبرح -ناهيك بالقتل- بالمفاوضات، والمجاملات -النفاق-، والاستسلام أكثرَ، فأكثرَ، فحاشاه أعز الله فطرته.

إذن.. سلامُ الله على مسبحات الدواب، الساجدات لعظمة الله، ولا عزاءَ لمن ولّوا قِبلتَهم جهةَ البيت الأبيض، يطوفون حولَه ملبِّين، مهللين، مسبحين، ممجدين للعدو الأمريكي والعدوّ الإسرائيلي، منتظرين الدورَ في باب المقصلة؛ ليُذبَحوا، كالنعاج، وأعز الله النعاج؛ فهي ضمن دائرة الدواب المسبحات لله تعالى.

وفي الأخير: المسارُ الصحيحُ في النظرة للعدو والموقف منه، هو مسارُ الله تعالى، رسمه في القرآن الكريم، وجسَّده على مستوى الواقع منهجًا عمليًّا الأنبياءُ وأعلامُ الهدى، والمجاهدون في سبيل الله، (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ، فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ، فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)، [سُورَةُ يُونُسَ: ٣٢].

فيا ترى: من أغبى من الحمار!!!! وأعز اللهُ الحمار.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الله تعالى

إقرأ أيضاً:

ملتقى الجامع الأزهر: رسولنا حث على طلب الشفاء وعدم الاستسلام للمرض‏

عقد الجامع الأزهر اليوم، الاثنين، الملتقى الفقهي الثامن عشر بعنوان «رؤية معاصرة»، وذلك تحت عنوان: ‏‏«فقه التداوي بين الشرع والطب»، برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ‏وبتوجيهات من فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف. 

واستضاف اللقاء كلًّا من د. أحمد ‏ربيع، أستاذ أصول اللغة ووكيل كلية اللغة العربية للدراسات العليا سابقًا بجامعة الأزهر، ود. إسلام شوقي ‏عبد العزيز، أستاذ ورئيس قسم أمراض القلب بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، وأداره الشيخ أحمد ‏الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر، وذلك عقب صلاة المغرب بالظلة العثمانية.‏

ملتقى الأزهر يناقش إيجابيات وسلبيات شبكات التواصل الاجتماعي.. غدارسالة الأنبياء مستمرة.. سلامة داود: الأزهر حامل لواء الإصلاح في العالممفتي الجمهورية: الأزهر مصدر رائد في صناعة المجدّدين والمصلحينالبحوث الإسلامية يشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الأزهر وصناعة المصلحين

قال د. أحمد ربيع، أستاذ أصول اللغة، إنَّ الناظر في سلوك النبي ﷺ وتعاملاته يجدها تعاملات راقية ‏واعية، تتلمس موطن الداء، ثم تشخص له الدواء، مستنيرةً بنور الوحي، ومستلهمةً من هدي الله تعالى الذي ‏علّمه لنبيّه الكريم ﷺ. وقد سمعنا تلاوةً مباركة من كتاب الله، فيها قوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ ‏شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾، وهي آية تؤكد أن للقرآن الكريم وظيفة علاجية روحية، تتكرر الإشارة إليها في ‏مواطن متعددة، منها قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء﴾.‏

وأضاف فضيلته أنَّ القرآن الكريم يُعامل بوصفه وسيلة من وسائل الشفاء، والنبي ﷺ نفسه تعامل معه على ‏هذا النحو، يعلمنا بذلك أن الله تعالى هو الشافي الحقيقي، وأن الطب وغيره من الوسائل إنما هي أسباب ‏مأذون بها شرعًا للوصول إلى الشفاء، قال تعالى على لسان نبي الله إبراهيم: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾، ‏فالنبي ﷺ كان إذا أتاه مريض، رقاه وقال: «اللَّهُمَّ ربَّ الناس، أذهب البأس، واشفِ أنتَ الشافي، لا شفاءَ إلا ‏شفاؤك، شفاءً لا يُغادِرُ سقمًا».‏

وأشار د. ربيع إلى أن الطبيب ما هو إلا وسيلة سخّرها الله ليدلّ بها على الدواء، لكن الشفاء في حقيقته من ‏عند الله وحده. وقد ورد إلى النبي ﷺ مرضى فقرأ عليهم ودعا لهم، كما في قصة المرأة التي كانت تُصرع ‏فينكشف جسدها، فطلبت منه ﷺ أن يدعو الله لها، فخيّرها بين الصبر ولها الجنة، أو الدعاء بالشفاء، ‏فقالت: بل ادعُ الله ألا أتكشف، فدعا لها بذلك. 

وختم د. ربيع حديثه بالتنويه بدور علماء المسلمين في ‏الطب، كابن سينا وابن النفيس وغيرهم، الذين أسهموا في النهضة الطبية، وكانت كتبهم تُدرّس في أوروبا ‏قرونًا، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف لا يزال يحمل هذا الإرث في خدمة العلم والإنسانية.‏

من جانبه، قال الدكتور إسلام شوقي إن التداوي أمرٌ عظيم الشأن، بل هو في غاية الأهمية، لأنّه يمسّ ‏صميم الإنسان، ويتعلق بصحّته وحياته. والتداوي كما بيّن أهل العلم: هو استعمال ما يكون به الشفاء بإذن ‏الله تعالى، من علاجٍ أو دواءٍ أو رُقًى شرعية، أو اجتنابٍ لبعض الأطعمة، أو تناولٍ لأخرى، أو علاجٍ ‏طبيعيٍّ كرياضةٍ أو نحوها. فكلّ ذلك يندرج تحت مفهوم التداوي المشروع. وهناك حديث أصيل في هذا ‏الباب، وهو ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: «ما أنزلَ اللهُ داءً إلّا جعلَ ‏له شفاء»، وفي رواية مسلم عن جابر: «فإذا أصابَ الدواءُ الداءَ، برأ بإذن الله»، وزاد النبي ﷺ في الحديث: ‏‏«علِمَه من علِمَه، وجهِله من جهِله».‏

وأضاف أستاذ ورئيس قسم أمراض القلب بالأزهر أنه قد ورد في «صحيح أبي داود» من حديث أُسامة بن ‏شريك رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عزّ وجلّ لم يضعْ داءً، إلّا وضع له دواء، إلّا ‏الهرَم»، أي التقدُّم في السن. وهذا يُبيِّن أن كل داءٍ له دواء، وأنه لا يُستثنى من ذلك إلا الشيخوخة؛ فإنها ‏أمرٌ طبيعيٌّ جارٍ بقدر الله، لا يُعالج ولا يُرد. وفي هذا الحديث دعوةٌ واضحة إلى عدم الاستسلام للمرض، ‏بل السعي في طلب الشفاء، فإنّ الطبّ والرُقية والدواء كلُّها أسباب مأذونٌ بها شرعًا.‏

وأشار د. إسلام إلى أن بعض الناس ـــ قديمًا وحديثًا ـــ يُعارضون التداوي بدعوى أنّ المرض من قَدَر الله، وأنّ ‏ترك العلاج هو تسليمٌ ورضًا بالقضاء! وهذا فهمٌ فاسد، فإنّ النبي ﷺ ردّ على مثل هذا الفهم حين سُئل عن ‏الرقى والدواء والتوقّي من المرض: هل يردّ ذلك من قدر الله شيئًا؟ فقال ﷺ كما في حديث ابن أبي خزامة ‏عن أبيه: «هي من قدر الله». فما أعظم هذا الجواب، وما أفقهه! الدواء من قَدَر الله، كما أنّ المرض من ‏قَدَر الله، والسعي في دفع البلاء لا يُنافي الرضا، بل هو من كمال التوكل.‏

وفي ختام هذا الملتقى المبارك، أشار الدكتور أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر، إلى أنّ ملتقى اليوم يجسّد بحقّ رسالة الأزهر ‏في العناية بالإنسان جسدًا وروحًا، وأنّ الشريعة الإسلامية ما جاءت إلا لصيانة الإنسان وتهذيب فطرته ‏وتوجيهه إلى سبل الخير والرشاد. 

وأكّد أنّ ما طُرح من رؤى فقهية وطبية أصيلة إنما هو لبنة في ‏بناء وعيٍ رشيد، يُحسن التعامل مع السنن الكونية، ويستمسك بجوهر التوكل مع تمام الأخذ بالأسباب، ‏داعيًا إلى دوام مثل هذه اللقاءات التي تربط العلم الشرعي بالواقع، وتحفظ للإنسان كرامته في كل أحواله.‏

طباعة شارك الجامع الأزهر الأزهر الملتقى الفقهي ملتقى الجامع الأزهر

مقالات مشابهة

  • العبادات المستحبة في الأشهر الحرم.. الأزهر للفتوى يوضحها
  • هل تقبل توبة من اقترف الفاحشة عدة مرات؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يقبل الله التوبة بعد المعصية؟.. 4 شروط اغتنمها في الأشهر الحرم
  • الأوقاف: الزلازل من جنود الله وآياته التي تقرع بها القلوب
  • خصائص الأشهر الحرم .. الأزهر للفتوى يوضحها
  • سنن نبوية قبل عيد الأضحي .. تعرف عليها
  • هل الزلزل غضب من الله.. دار الإفتاء: آية من آيات الله
  • المراد من البيوت في قوله تعالى: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ»
  • حكم التضحية بالأبقار المستنسخة .. علي جمعة يجيب
  • ملتقى الجامع الأزهر: رسولنا حث على طلب الشفاء وعدم الاستسلام للمرض‏