تعديل وزاري مرتقب في العراق.. ماذا يريد السوداني؟
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
في خطوة لافتة جاءت رغم اقتراب انتهاء ولايته بعام واحد فقط، أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، نيته إجراء تعديل وزاري في حكومته، في خطوة تثير تساؤلات حول أسبابها ودوافعها.
ويأتي هذا الإعلان بعد مضي عامين على تولي السوداني رئاسة الحكومة، حيث حقق خلالها برنامج حكومته نسبة إنجاز بلغت 62%، وهي نسبة تثير تباينا في آراء المراقبين، فبينما يراها البعض دليلا على تقدم ملموس، يرى آخرون أنها مؤشر على ضرورة مضاعفة الجهود لاستكمال بقية الأهداف.
وفي هذا السياق، يرى السوداني أن التعديل الوزاري المرتقب قد يكون خطوة ضرورية لتعزيز كفاءة حكومته ورفع وتيرة العمل لتحقيق المزيد من الإنجازات قبل انتهاء ولايته.
الهدف من التعديلتقول الباحثة في الشأن السياسي، سهاد الشمري، لموقع "الحرة" إنه بعد مضي عامين على ولادة حكومة السوداني وإعلان نسبة الإنجاز في البرنامج الحكومي فهو يسعى للنهوض بالواقع السياسي والاقتصادي للبلاد، وتوزير المناسبين بعيدا عن المحاصصة واستكمال مفردات البرنامج الحكومي الذي وعد به السوداني في إقامة نهضة عمرانية وسياسة ودبلوماسية منتجتين، وهو ما ركز عليه السوداني في كلمته إذ أشار إلى أن التعديل يأتي وفق مؤشرات الأداء والعمل، وأنه ليس موقفا سياسيا تجاه هذه الكتلة أو هذا الحزب، وإنما رغبة للوصول إلى أداء أكثر فاعلية لتلبية متطلبات المرحلة وتطلعات المواطنين وفق تعبيره.
تعديل مقترح بتغيير عدد من الوزراءويستبعد عضو ائتلاف النصر في الاطار التنسيقي، سلام الزبيدي، في تصريح لموقع "الحرة" أن يستطيع الوزراء الجدد إتمام العمل الذي بدأ به أسلافهم في الوزارات، نظرا لقصر المدة المتبقية للحكومة وهي عملية، نظرا للوضع الراهن سياسيا في العراق ليست باليسيرة.
ويضيف أن أبرز الوزارات المرشحة للتعديل وهي وزارات ليست ذات طبيعة سيادية مشيرا إلى أن النقل والاتصالات والزراعة والموارد المائية والتربية هي الوزارات التي تم تداولها، فيما يضيف المحلل السياسي الكردي، ياسين عزيز، أن هناك مطالبات باستبدال وزير الخارجية أيضا نظرا لتطورات الأوضاع وموقف بعض الأطراف منه لاسيما الفصائل المسلحة، لكنه تعديل مرهون بقبول مرجعية الوزير سياسيا وهي الضاغط الأول على رئيس الحكومة في إتمام ذلك.
فكرة قديمة وتصريح متجدديقول عزيز إن مسعى السوداني لإجراء تعديل وزاري هو مسعى قديم ونادى به بعد أن أتم عملية مراقبة وزراء حكومته، مضيفا أن حكومة السوداني مؤلفة من وزراء ينتمون لأحزاب تشكل ائتلاف إدارة الدولة وهذا الأمر يصعب فعلا من مهمة إجراء تعديل وزاري، لكن هذه الصعوبة ليست كذلك عند أطراف داخل الإطار التنسيقي.
ويقول الزبيدي يقول لموقع "الحرة" إن الإطار التنسيقي داعم للحكومة بشكل كبير، وسبق أن طرح هذا الموضوع في اجتماعات الإطار وكل قادته كانوا داعمين للسوداني إذا كان التعديل من أجل إصلاح المنظومة والمؤسسة الحكومية، مستدركا بالقول إن المحاصصة والتقسيم هما ما يصعبان موضوع التعديل الوزاري.
فكرة قديمة وتصريح متجددوتعود جذور التعديل الوزاري في حكومة السوداني إلى مدد التقييم التي أعلن عنها السوداني بعد كسبه ثقة مجلس النواب في التصويت على فريقه وبرنامجه، ثم جاء عقب ذلك إعلانه بأنه سيخضع الوزراء والوكلاء والدرجات الخاصة إلى تقييم إداري.:
وبحسب الزبيدي فإن الستة أشهر التي أعقبت ولادة الحكومة كانت مدة تقييم لكن الظروف السياسية وتطوراتها وصولا إلى خلو منصب رئيس مجلس النواب حالت دون ذلك، وبالتالي فإن التعديل له علاقة أيضا بإكمال عقد رئاسة مجلس النواب حتى يطلع المجلس أكثر على التعديل والأسماء ويكون باستطاعته التصويت على التعديل.
لكن عزيز يختلف في موقفه بشأن توقيتات تأخر التعديل الوزاري منطلقا من أن عملية كهذه قد تتسبب بإرباك الوضع السياسي، عطفا على نية السوداني نيل ولاية ثانية، وبالتالي فإن عملية إبعاد وزير والإتيان بآخر يعني صداما سياسيا مع أطراف أخرى ربما يحتاجهم فيما بعد للتصويت له في ولاية ثانية، فيما يشير الزبيدي إلى أن التعديل لن يخرج عن إطار استبدال وزير بآخر من نفس الكتل السياسية.
تصريحات دون تحرك رسمييقول الزبيدي إنه وبالرغم من تلميح السوداني بنيته إجراء تعديل وزاري، لكنه على المستوى الرسمي لم يتبين أي شيء لغاية الآن مشيرا إلى أن هذا التوجه هو لإصلاح الكابينة الحكومية قبل نهاية الدورة الحالية للحكومة، فيما يقول عزيز إن الأمر قد يؤجل وإن حدث فسيكون جزئيا وغير ذا تأثير على عمل السوداني وحكومته.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التعدیل الوزاری تعدیل وزاری إلى أن
إقرأ أيضاً:
دعوة السوداني.. هل تعيد تشكيل علاقة دولة العراق بالفصائل المسلحة؟
في مشهد سياسي وأمني شديد الحساسية، فتحت دعوة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لحصر السلاح بيد الدولة نقاشا واسعا حول مستقبل العلاقة بين مؤسسات الدولة والفصائل المسلحة، في ظل توازنات معقدة بين الشرعية الرسمية والنفوذ الميداني لتلك الفصائل.
ورغم أن السوداني أكد أنها موجهة إلى جميع الأطراف بلا استثناء، فإن الأنظار تركزت على فصائل الحشد الشعبي، التي تشكلت أصلا لمواجهة تنظيم الدولة، لكنها تحولت إلى لاعب سياسي وعسكري يملك حضورا واسع النفوذ في العراق.
توقيت دعوة السوداني حمل دلالات متشابكة، فهو يتزامن مع اقتراب الانتخابات التشريعية، وتحقيقات طالت عناصر محسوبة على الحشد، ومع تصاعد الضغوط الغربية بشأن مستقبل الفصائل المسلحة.
وبالنظر إلى ارتباط الحشد الشعبي بالقائد العام للقوات المسلحة، يرى محللون أن تصريح السوداني قد يستهدف بالأساس فصائل خارج إطار الحشد، خصوصا تلك التي تعلن عداءها لواشنطن وتنخرط في عمليات مسلحة ذات بعد إقليمي.
المحلل السياسي هادي جلو مرعي يقرأ الطرح في سياق أوسع؛ فالحكومة العراقية -بحسب تقديره- تسعى لإظهار قدرتها على اتخاذ قرارات صعبة تعزز ثقة المجتمع الدولي، حتى وإن اصطدمت بحساسيات داخل التحالفات الشيعية.
رسالة مزدوجةويرى في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" أن الخطوة تحمل رسالة مزدوجة، داخلية وخارجية، بأن العراق يملك إرادته الأمنية والسياسية، ويسعى لترتيب بيته الداخلي استعدادا لمرحلة جديدة من الانفتاح الدولي.
في المقابل، يحذر المحلل علي فضل الله من تبسيط المشهد عبر حصره في مواجهة مع الحشد، مؤكدا أن هذه القوة تشكل -من وجهة نظره- أحد أعمدة الدولة، وأن سلاحها يخضع لسلطة القائد العام.
ويشير إلى أن الحكومة نجحت خلال الفترة الماضية في إقناع الفصائل بوقف استهداف القوات الأميركية، في إطار تفاهمات أفضت إلى قرب انسحاب معظم القوات الأجنبية.
إعلانلكن خلف هذا التباين، يظل الجدل مرتبطا بمسألة أشمل هي علاقة العراق بالمحاور الدولية والإقليمية.
فواشنطن، كما يرى مرعي، لا تخفي رفضها للحشد الشعبي نفسه، فضلا عن الفصائل المستقلة، وتتعامل معهما كامتداد للرؤية الإيرانية في المنطقة، ما يجعل أي خطوة لتنظيم أو دمج هذه القوى اختبارا دقيقا للسياسة العراقية.
مشهد معقدورغم أن بعض قيادات الإطار التنسيقي، مثل نوري المالكي، أبدت رفضا صريحا لطرح حصر السلاح، فإن التحالفات الانتخابية بين السوداني وشخصيات بارزة في الحشد تعكس تعقيد المشهد الشيعي، حيث تتداخل الحسابات الانتخابية مع ضرورات الحفاظ على وحدة الصف أمام الضغوط الخارجية.
ويرى فضل الله أن الفصائل العراقية أظهرت في محطات سابقة قدرة على البراغماتية، كما حدث في الملف السوري حين انسحبت استجابة لاعتبارات سياسية، معتبرا أن المرحلة الراهنة تفرض تنسيقا وثيقا بين الحكومة وقوى الإطار لتفادي منح خصوم العراق الإقليميين والدوليين ذرائع للتصعيد.
أما مشروع قانون الحشد الشعبي، فيشكّل عقدة إضافية في هذا الجدل، فالقانون الجاهز للإقرار يواجه تعطيلا مستمرا بفعل اعتراضات أميركية وأطراف كردية وسنية، تخشى أن يكرّس نفوذ الحشد في بنية الدولة.
ويرجّح مرعي أن أي إصرار على تمريره من دون توافق قد يفتح الباب أمام عقوبات اقتصادية وضغوط سياسية تهدد توازن العملية السياسية برمتها.
ومع أن السوداني يقدّم خطوته كإجراء لتعزيز الدولة، فإن مسار تطبيقها سيظل مرهونا بقدرة بغداد على الموازنة بين إرضاء القوى الدولية المؤثرة والحفاظ على تماسك جبهتها الداخلية.