تراجع صادرات النفط العراقية إلى الولايات المتحدة: تهديد اقتصادي وسياسي؟
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
نوفمبر 3, 2024آخر تحديث: نوفمبر 3, 2024
المستقلة/- أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، يوم الأحد، عن انخفاض صادرات العراق النفطية إلى الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، حيث بلغت 216 ألف برميل يومياً، وهو ما يشكل تراجعاً قدره 21 ألف برميل مقارنة بالأسبوع الذي قبله.
تثير هذه الإحصاءات علامات استفهام حول مستقبل الاقتصاد العراقي ودور العراق كمصدر رئيسي للطاقة في الأسواق العالمية.
يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على عائدات النفط، التي تمثل نسبة كبيرة من إيرادات الدولة. ومع تراجع الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة، يتوقع مراقبون أن ينعكس ذلك سلباً على الاقتصاد العراقي، الذي يعاني بالفعل من مشاكل عديدة تشمل الفساد والبطالة وسوء الإدارة. قد يؤدي هذا الانخفاض إلى عجز في الميزانية، مما يجعل الحكومة العراقية مضطرة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الاقتصادية والمالية.
سياسة الطاقة الأميركية وتأثيرها على العراقتظهر البيانات أن أكثر من نصف النفط الذي تستورده الولايات المتحدة يأتي من كندا، تليها المكسيك وفنزويلا. في ظل هذا الواقع، يصبح من الواضح أن العراق لم يعد في مرتبة متقدمة كمورد رئيسي للطاقة بالنسبة للولايات المتحدة، مما قد يضعف موقف العراق في المفاوضات المستقبلية بشأن الأسعار أو عقود النفط.
أبعاد سياسية للانخفاضيمكن أن يثير تراجع صادرات النفط إلى الولايات المتحدة العديد من الأسئلة السياسية في العراق. فهل يعني هذا أن العراق قد يفقد تأثيره كمصدر للطاقة في السياسة الدولية؟ وقد يتسبب هذا الانخفاض في زيادة الضغوط على الحكومة العراقية من أجل تعزيز علاقاتها مع دول أخرى مثل الصين أو روسيا، التي قد تكون أكثر استجابة لاحتياجات العراق النفطية.
الأثر على العلاقات العراقية-الأميركيةفي وقت تعتبر فيه العلاقات بين العراق والولايات المتحدة حساسة، قد يؤدي هذا الانخفاض في الصادرات النفطية إلى زيادة التوترات. فقد ترى الولايات المتحدة في هذا التراجع مؤشراً على ضعف العراق كمصدر للطاقة، مما قد يؤثر على التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
دعوات لإصلاح القطاع النفطيقد تكون هذه الأرقام دافعاً للحكومة العراقية لإعادة النظر في استراتيجياتها المتعلقة بإدارة القطاع النفطي. يتطلب تحسين الإنتاجية والزيادة في الصادرات النفطية إجراء إصلاحات جذرية في هذا القطاع، بما في ذلك محاربة الفساد وتعزيز الشفافية وتطوير البنية التحتية اللازمة.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: إلى الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
بقاء أموال العراق في البنك الفدرالي الأمريكي أمان قانوني
آخر تحديث: 16 غشت 2025 - 10:40 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- في أيار/مايو 2003، أصدر مجلس الأمن القرار 1483، الذي ألزم العراق بتحويل جميع عائدات النفط والغاز إلى حساب خاص باسم البنك المركزي العراقي لدى الاحتياطي الفدرالي الأميركي، تحت إشراف الأمم المتحدة، مع اقتطاع 5% من العائدات لتعويضات الكويت عن غزو 1990. بالتوازي، أصدر الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأمر التنفيذي 13303، الذي منح هذه الأموال حصانة قانونية كاملة ضد أي حجز أو مصادرة.على مدى نحو عقدين، استمر العراق في دفع التعويضات حتى بلغ إجمالي ما سدده 52.4 مليار دولار، وأغلق ملف الكويت نهائيًا في 2022.لكن على الرغم من انتهاء الالتزام الأصلي ورفع الحماية الأممية منذ 2011، واصلت واشنطن تجديد الأمر التنفيذي عامًا بعد عام، وكان آخرها في أيار/مايو 2025.بالنسبة لصانعي القرار الأميركيين، تجاوز الترتيب هدفه الأصلي، ليصبح أداة لضمان الاستقرار المالي في بلد يعاني من تقلبات سياسية واقتصادية، وفي الوقت ذاته وسيلة لمراقبة حركة الدولار وحماية المصالح الاستراتيجية. في واشنطن، لا ينظر الخبراء الاقتصاديون إلى هذه الآلية على أنها مجرد إجراء مالي تقني. مثلاً د. فرانك مسمار، الخبير الاقتصادي ورئيس المجلس الاستشاري بجامعة ميريلاند، يصفها بأنها “أكثر من مجرد إجراء مالي”.وقال في حديث: “الفيدرالي يمنح العراق مكانًا آمنًا لعائداته وسط تقلبات أسواق الطاقة، ويعزز ثقة المستثمرين بأن الأموال تُدار وفق معايير شفافة. كما أن وجودها هناك يتيح للعراق سهولة الوصول للنظام المالي الأميركي، ما يسهل سداد الديون وتمويل الواردات.”لكن مسمار يحذر من الوجه الآخر لهذه المظلة: “هذا سيف ذو حدين. الولايات المتحدة تستطيع، إن أرادت، استخدام هذه الأموال كورقة ضغط سياسية. العراق هنا بين الاستقرار المالي وفقدان جزء من سيادته الاقتصادية.”على الضفة الأخرى ومن بغداد، يدافع مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، عن بقاء الأموال في الفيدرالي باعتبارها “شبكة أمان قانونية” سمحت بتنويع الاحتياطيات وإيداع جزء منها في بنوك مركزية أخرى محمية بالقانون.ويقول للوكالة: “الولايات المتحدة لا تتحكم بإيرادات النفط ذاتها، لكنها تتحكم بحركة الدولار، وهو واقع يفرضه موقع العملة الأميركية في النظام المالي العالمي.” وفق تسريبات من مصدر رفيع في البنك المركزي، تتراوح الأرصدة المودعة في الاحتياطي الفدرالي بين 80 و85 مليار دولار. تُستخدم هذه الأموال لتمويل التجارة الخارجية، وسداد التزامات الدولة، وضبط سعر صرف الدينار، وكبح التضخم.لكن بعد اكتشاف مسارات لتهريب الدولار إلى إيران ودول أخرى خاضعة للعقوبات، شددت وزارة الخزانة الأميركية الرقابة، وفرضت عقوبات على 35 مصرفًا من أصل 72 في العراق، بينها مصرف بغداد الذي يحتفظ بحسابات تخص موظفي السفارة الأميركية.هذه القيود قلّصت تدفق الدولار إلى السوق المحلية، ما رفع سعر الصرف وزاد كلفة الاستيراد، وألقى بثقله على النشاط التجاري ومعيشة المواطنين. في الأسواق الدولية، تُقرأ هذه الاحتياطيات كضمانة أساسية للوفاء بالمدفوعات الدولية، وكصمام أمان أمام تقلبات أسعار النفط. أي إشارة إلى تغيير آلية الإيداع أو تخفيف الإشراف الأميركي قد ترفع كلفة الاقتراض على العراق، وتؤثر على تقييمه الائتماني، وربما تدفع الدينار إلى مواجهة ضغوط إضافية.وبهذا النسق يحذر الخبير الاقتصادي نبيل التميمي من أن الاعتماد المفرط على المظلة الأميركية يخفي خطرًا أكبر، ويلفت إلى أن “هناك ديوناً ومطالبات لم تُسوَّ منذ 2003، ما يجعل الأرصدة عرضة للحجز إذا خرجت من حماية الفيدرالي. الإهمال في إغلاق ملفات الديون ترك ثغرات قانونية يمكن استغلالها.”ويضيف أن جزءًا من هذه المخاطر يعود إلى “خلل في الأداء الحكومي بعد 2003، وغياب المتابعة الجادة لهذه الالتزامات”.في المقابل، يرى محمود داغر، وهو مسؤول مصرفي سابق، أن إخراج الأموال من الفيدرالي سيكون “خطأ استراتيجيًا”، مشيرًا إلى أن “الحصانة الدولية التي يتمتع بها الفيدرالي تحمي العراق من أي مطالبات، في ظل وجود قضايا مالية دولية غير مغلقة تجاه وزارة المالية”. ويعتمد العراق على النفط لتمويل أكثر من 90% من ميزانيته، ما يجعل وصول العائدات في الوقت المناسب أمرًا بالغ الحساسية. أي تأخير سواء لأسباب سياسية أو فنية قد يؤدي إلى أزمة ثقة محلية ودولية، ويدفع الدينار إلى مواجهة ضغوط إضافية في الأسواق.وبين الرغبة في استعادة السيطرة الكاملة على الأموال، والحاجة إلى الحماية القانونية التي توفرها المظلة الأميركية، يظل الملف مفتوحًا على احتمالات متعددة، من إعادة التفاوض على آلية الإيداع، إلى الإبقاء على الوضع الراهن بحكم الضرورة.لكن السؤال الأعمق يدور حول امكانية العراق أن يوازن بين سيادته الاقتصادية وحماية أمواله، كما يحذر مسمار، فإن “الاعتماد على الفيدرالي الأميركي أشبه بالسير على حبل مشدود؛ فهو يوفر للعراق مظلة أمان مالية، لكنه قد يتحول في أي لحظة إلى أداة ضغط إذا تغيرت الحسابات السياسية في واشنطن”، في تذكير بأن إدارة الثروة الوطنية ليست فقط مسألة أرقام وحسابات، بل اختبار يومي لاستقلال القرار.