آخر تحديث: 16 غشت 2025 - 10:40 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- في أيار/مايو 2003، أصدر مجلس الأمن القرار 1483، الذي ألزم العراق بتحويل جميع عائدات النفط والغاز إلى حساب خاص باسم البنك المركزي العراقي لدى الاحتياطي الفدرالي الأميركي، تحت إشراف الأمم المتحدة، مع اقتطاع 5% من العائدات لتعويضات الكويت عن غزو 1990.

بالتوازي، أصدر الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأمر التنفيذي 13303، الذي منح هذه الأموال حصانة قانونية كاملة ضد أي حجز أو مصادرة.على مدى نحو عقدين، استمر العراق في دفع التعويضات حتى بلغ إجمالي ما سدده 52.4 مليار دولار، وأغلق ملف الكويت نهائيًا في 2022.لكن على الرغم من انتهاء الالتزام الأصلي ورفع الحماية الأممية منذ 2011، واصلت واشنطن تجديد الأمر التنفيذي عامًا بعد عام، وكان آخرها في أيار/مايو 2025.بالنسبة لصانعي القرار الأميركيين، تجاوز الترتيب هدفه الأصلي، ليصبح أداة لضمان الاستقرار المالي في بلد يعاني من تقلبات سياسية واقتصادية، وفي الوقت ذاته وسيلة لمراقبة حركة الدولار وحماية المصالح الاستراتيجية. في واشنطن، لا ينظر الخبراء الاقتصاديون إلى هذه الآلية على أنها مجرد إجراء مالي تقني. مثلاً د. فرانك مسمار، الخبير الاقتصادي ورئيس المجلس الاستشاري بجامعة ميريلاند، يصفها بأنها “أكثر من مجرد إجراء مالي”.وقال في حديث: “الفيدرالي يمنح العراق مكانًا آمنًا لعائداته وسط تقلبات أسواق الطاقة، ويعزز ثقة المستثمرين بأن الأموال تُدار وفق معايير شفافة. كما أن وجودها هناك يتيح للعراق سهولة الوصول للنظام المالي الأميركي، ما يسهل سداد الديون وتمويل الواردات.”لكن مسمار يحذر من الوجه الآخر لهذه المظلة: “هذا سيف ذو حدين. الولايات المتحدة تستطيع، إن أرادت، استخدام هذه الأموال كورقة ضغط سياسية. العراق هنا بين الاستقرار المالي وفقدان جزء من سيادته الاقتصادية.”على الضفة الأخرى ومن بغداد، يدافع مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، عن بقاء الأموال في الفيدرالي باعتبارها “شبكة أمان قانونية” سمحت بتنويع الاحتياطيات وإيداع جزء منها في بنوك مركزية أخرى محمية بالقانون.ويقول للوكالة: “الولايات المتحدة لا تتحكم بإيرادات النفط ذاتها، لكنها تتحكم بحركة الدولار، وهو واقع يفرضه موقع العملة الأميركية في النظام المالي العالمي.” وفق تسريبات  من مصدر رفيع في البنك المركزي، تتراوح الأرصدة المودعة في الاحتياطي الفدرالي بين 80 و85 مليار دولار. تُستخدم هذه الأموال لتمويل التجارة الخارجية، وسداد التزامات الدولة، وضبط سعر صرف الدينار، وكبح التضخم.لكن بعد اكتشاف مسارات لتهريب الدولار إلى إيران ودول أخرى خاضعة للعقوبات، شددت وزارة الخزانة الأميركية الرقابة، وفرضت عقوبات على 35 مصرفًا من أصل 72 في العراق، بينها مصرف بغداد الذي يحتفظ بحسابات تخص موظفي السفارة الأميركية.هذه القيود قلّصت تدفق الدولار إلى السوق المحلية، ما رفع سعر الصرف وزاد كلفة الاستيراد، وألقى بثقله على النشاط التجاري ومعيشة المواطنين. في الأسواق الدولية، تُقرأ هذه الاحتياطيات كضمانة أساسية للوفاء بالمدفوعات الدولية، وكصمام أمان أمام تقلبات أسعار النفط. أي إشارة إلى تغيير آلية الإيداع أو تخفيف الإشراف الأميركي قد ترفع كلفة الاقتراض على العراق، وتؤثر على تقييمه الائتماني، وربما تدفع الدينار إلى مواجهة ضغوط إضافية.وبهذا النسق يحذر الخبير الاقتصادي نبيل التميمي من أن الاعتماد المفرط على المظلة الأميركية يخفي خطرًا أكبر، ويلفت إلى أن “هناك ديوناً ومطالبات لم تُسوَّ منذ 2003، ما يجعل الأرصدة عرضة للحجز إذا خرجت من حماية الفيدرالي. الإهمال في إغلاق ملفات الديون ترك ثغرات قانونية يمكن استغلالها.”ويضيف أن جزءًا من هذه المخاطر يعود إلى “خلل في الأداء الحكومي بعد 2003، وغياب المتابعة الجادة لهذه الالتزامات”.في المقابل، يرى محمود داغر، وهو مسؤول مصرفي سابق، أن إخراج الأموال من الفيدرالي سيكون “خطأ استراتيجيًا”، مشيرًا إلى أن “الحصانة الدولية التي يتمتع بها الفيدرالي تحمي العراق من أي مطالبات، في ظل وجود قضايا مالية دولية غير مغلقة تجاه وزارة المالية”. ويعتمد العراق على النفط لتمويل أكثر من 90% من ميزانيته، ما يجعل وصول العائدات في الوقت المناسب أمرًا بالغ الحساسية. أي تأخير سواء لأسباب سياسية أو فنية قد يؤدي إلى أزمة ثقة محلية ودولية، ويدفع الدينار إلى مواجهة ضغوط إضافية في الأسواق.وبين الرغبة في استعادة السيطرة الكاملة على الأموال، والحاجة إلى الحماية القانونية التي توفرها المظلة الأميركية، يظل الملف مفتوحًا على احتمالات متعددة، من إعادة التفاوض على آلية الإيداع، إلى الإبقاء على الوضع الراهن بحكم الضرورة.لكن السؤال الأعمق يدور حول امكانية العراق أن يوازن بين سيادته الاقتصادية وحماية أمواله، كما يحذر مسمار، فإن “الاعتماد على الفيدرالي الأميركي أشبه بالسير على حبل مشدود؛ فهو يوفر للعراق مظلة أمان مالية، لكنه قد يتحول في أي لحظة إلى أداة ضغط إذا تغيرت الحسابات السياسية في واشنطن”، في تذكير بأن إدارة الثروة الوطنية ليست فقط مسألة أرقام وحسابات، بل اختبار يومي لاستقلال القرار.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

جوارديولا يأمل في بقاء سافينيو مع مانشستر سيتي لسنوات

 
لندن (د ب أ)

أخبار ذات صلة أرتيتا: أوديجارد قائد أرسنال بـ «الإجماع»! ليدز يضم ليوين في «صفقة حرة»


أكد الإسباني جوسيب جوارديولا، المدير الفني لفريق مانشستر سيتي، عدم رغبته في الإبقاء على الجناح البرازيلي سافينيو في الفريق لسنوات عدة، وذلك بعد التكهنات التي ربطت اللاعب بالانتقال إلى توتنهام، لكنه أشار إلى أنه لا يمكنه إيقاف لاعب يرغب في مغادرة الفريق.
وعلمت وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) أن توتنهام بدأ محادثاته مع مانشستر سيتي بشأن التعاقد مع سافينيو أوائل الاسبوع الجاري، حيث يرغبون في إيجاد بديل للمهاجم الكوري الجنوبي سون هوينج مين الذي غادر الفريق، بالإضافة للاعب المصاب جيمس ماديسون.
وشارك سافينيو في 48 مباراة مع مانشستر سيتي في موسمه الأول، بعد انضمامه للفريق الصيف الماضي، وسجل ثلاثة أهداف وصنع 13 لزملائه، ورغم الانتقادات التي تعرض لها بسبب افتقاره للإنهاء الجيد، يبدو جوارديولا واثقاً في بقاء اللاعب البالغ من العمر 21 عاماً.
وقال جوارديولا حينما سئل عن إمكانية بقاء سافينيو: «لا أعرف، توتنهام أو أي ناد آخر يرغب في ضم اللاعب عليه أن يتحدث لناديه».
وأضاف: «ما يشغلني حقاً في الوقت الحالي هو أن سافينيو سيبقى معنا حتى نهاية الموسم، ونأمل أن يستمر معناً لسنوات عدة، لأنه يبلغ من العمر 21 عاماً فقط، ومع الإمكانات التي لديه لعب العديد من الدقائق ويجدر به التحسن في الإنهاء لكنه لاعب رائع في المجمل».
وأضاف: «إذا لم يكن كذلك لم يكن ليلعب أكثر من 3000 دقيقة الموسم الماضي».
وأوضح جوارديولا: «لكن في النهاية رغبة اللاعبين فوق كل اعتباره، لذلك يجب عليهم التوصل إلى اتفاق مع النادي، إذا لم يحدث اتفاق سيبقى اللاعب هنا لأن النادي أنفق الأموال على ذلك اللاعب».

 

مقالات مشابهة

  • إنعدام الشفافية في الكشف عن مصادر أموال الحملات الانتخابية
  • الداخلية تضبط متهما بالنصب والاستيلاء على أموال المواطنين
  • رئيس الفيدرالي في شيكاغو: قلق من بيانات التضخم وتأثيرها على أسعار الفائدة
  • بنك حكومي عراقي متهم بتحويل أموال للحوثيين
  • جوارديولا يأمل في بقاء سافينيو مع مانشستر سيتي لسنوات
  • من البصرة إلى مانهاتن.. القصة الكاملة لاحتجاز أموال العراق في الفيدرالي الأميركي
  • العراق يرفض الضغوط الأميركية ويدافع عن اتفاقه الأمني مع إيران
  • علياء قمرون أمام النيابة: معرفش يعنى إيه غسيل أموال.. كنت بفرح بالدعم عشان أجهز نفسى
  • لشركات تحويل الأموال والمصارف... تعميم من وزارة الماليّة