كتبت مراسلة الشؤون السياسية الأميركية بصحيفة نيويورك تايمز مقالا يفيد بأن الشعب الأميركي انتخب الجمهوري دونالد ترامب رغم نوازعه الاستبدادية التي لا يخفيها وسوابقه في الكذب والتضليل وفحش القول وخشونته.
ووصفت المراسلة ليزا ليرر فوز ترامب بأنه قهر للشعب، بإذن الشعب، نظرا إلى أنه أخبر الأميركيين بما يخطط له بالضبط، وقالت إن أميركا تقف الآن على حافة أسلوب حكم استبدادي لم يسبق له مثيل في تاريخها الممتد 248 عاما.
وأسهبت الكاتبة في إيراد ما سيفعله ترامب خلال سنوات حكمه الأربع القادمة، قائلة إنه سيستخدم القوة العسكرية ضد خصومه السياسيين، ويطرد الآلاف من الموظفين العموميين المهنيين، ويقوم بترحيل ملايين المهاجرين في عمليات اعتقال على الطراز العسكري، ويسحق استقلال وزارة العدل، ويستخدم الحكومة لحياكة مؤامرات الصحة العامة والتخلي عن حلفاء أميركا في الخارج، وسيحول الحكومة إلى أداة لمظالمه الخاصة، ووسيلة لمعاقبة منتقديه ومكافأة مؤيديه ببذخ. وسيكون "ديكتاتورا" منذ اليوم الأول لحكمه.
وأضافت أنه ومع ذلك، عندما طلب تمكينه على القيام بكل ذلك، قال الناخبون نعم.
أوسع تفويضا وأقل قيوداوأوضحت أن ترامب، على عكس عام 2016، عندما حقق فوزا انتخابيا مفاجئا مع خسارته التصويت الشعبي، سيذهب هذه المرة إلى واشنطن قادرا على المطالبة بتفويض واسع. فقد شكل، خلال السنوات الأربع الماضية وهو خارج السلطة، الحزب الجمهوري على صورته، وخلق حركة بدت وكأنها تتعزز مع كل اتهام. وسيبدأ فترة ولايته الثانية متحررا من كثير من القيود بعد حملة بدا فيها أنه يتحدى الكل.
واستمرت ليرر تقول إن ترامب فاز فوزا كبيرا، وفاز حزبه بـ مجلس الشيوخ واحتفظ بسيطرته على مجلس النواب، لذلك قال: "لقد منحتنا أميركا تفويضا قويا وغير مسبوق. سأحكم بشعار بسيط: الوعود التي قطعت سأوفي بها".
وقال أيضا إن هذا التفويض لم يأت فقط من الشعب الأميركي؛ "أخبرني الكثير من الناس أن الله أنقذ حياتي لسبب ما، وهو إنقاذ بلدنا".
زرع الشكوك
وأشارت الكاتبة إلى أنه وفي أعقاب وباء "كوفيد 19″، الذي قال منتقدون إن حكومته أساءت إدارته بشدة، أصبحت البلاد أكثر تشككا في الحكومة. وانخفضت الثقة في وسائل الإعلام والعلوم والطب والنظام القضائي والمؤسسات الأساسية الأخرى للحياة الأميركية مع احتضان المزيد من الناخبين للشكوك التي زرعها ترامب لسنوات.
وبعد هزيمته، أمضى ترامب أربع سنوات في إحكام قبضته على الحزب الجمهوري، لدرجة أن المشرعين والناخبين صدقوا أكاذيبه بأن انتخابات 2020 قد سُرقت منه، وارتفع عدد الأميركيين الذين يعتبرون جمهوريين أكثر من الديمقراطيين لأول مرة منذ عقود.
وبتأثير ترامب، تقول الكاتبة، حتى قيمة الديمقراطية نفسها أصبحت موضع تساؤل. ففي استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز/كلية سيينا الأسبوع الماضي، قال ما يقرب من نصف الناخبين إنهم متشككون في نجاح التجربة الأميركية في الحكم، حيث قال 45% إن الديمقراطية في البلاد لا تقوم بعمل جيد يمثل الناس العاديين.
الديمقراطيون لم يردوا على شكوك ترامبووفقا للكاتبة، ترك الديمقراطيون هذه المخاوف دون إجابة، وبدلا من ذلك، أيدت حملة كاملا هاريس المكثفة إلى حد كبير الوضع الراهن لإدارة بايدن، وقدمت صرخة حاشدة حول حماية الديمقراطية دون تفاصيل حول كيفية إصلاح ما قاله الكثيرون إنه نظام مكسور.
ولفتت الكاتبة إلى قوة ترامب قائلة إنها تتجلى في عدم تخليه عن خطابه الفظ الذي كان منذ فترة طويلة واحدة من السمات المميزة له، بل أصبح أكثر فحشا، ويتضمن إيماءات جنسية أمام جمهور حاشد في الأسبوع الأخير للحملة. ومع ذلك استمال الناخبين السود واللاتينيين بادعاءات كاذبة بأن المهاجرين كانوا يسرقون وظائفهم ومسؤولين عن موجة من جرائم العنف.
وختمت بقولها: ما هو واضح، في النهاية، هو أن الأميركيين يريدون التغيير. والآن، سوف يحصلون عليه بالتأكيد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
ترشيد الديمقراطية
9 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة:
نديم الجابري
منذ عصور فجر الســــــــــلالات (2900-2370 قبل الميلاد) ، شهدت بلاد سومر العراقية إنبثاق اول نظام ديمقراطي في التاريخ . حيث بدأت ملامح تشكيل النظام السياسي الذي تتركز السلطه العليا فيه بيد مجلس عام يضم نخبة من المواطنين يكمن في يدها القرار فيما يجب فعله من امور ادارة الدولة ، وخاصة في الحالات الطارئة ، ولكن لم يكن بالضرورة الأخذ برأي الاغلبية انما يتخذ القرار من مجموعة مختارة داخل المجلس يدعون بمشرعي القانون.
ولم تسعفنا المكتشفات الآثارية والنصوص المسمارية عن كيفية تأسيس هذا المجلس ، وهل كان يتم بالانتخاب ام بالتعيين ، الا ان هناك إشارات بأنه كان يضم كل رجال المدينة . وهذا أمر يحتاج الى تمحيص، واغلب الظن ان المجلس كان يتكون من الوجهاء والمتنفذين وعلّية القوم.
لقد أوكل الى هذا المجلس اختيار الحاكم الذي كان يدعى في اول الامر (إن) ثم دعي ( إنسي) وفي مراحل متقدمة اصبح يدعى( لو گال ) وتعني الرجل العظيم . ومع اختيار الحاكم وجد القصر والحاشية والأتباع وغيرهم .
لذلك نجحت الديمقراطية، الى حد ما ، في بلاد سومر لأنها ابتعدت عن الديماغوجية ، و حصرت الممارسة الديمقراطية لدى نخب محدودة .
و على نفس المنوال قامت الديمقراطية الأثينية في القرن الخامس قبل الميلاد ، و التي تعد أبرز ديمقراطية في العالم .
ثم طور الأثينيون الديموقراطية نحو القرن السادس قبل الميلاد في مدينة بوليس الإغريقية، وتشمل أثينا ومنطقة أتيكا المحيطة، وهي واحدة من الديمقراطيات اليونانية القديمة. و بعدها وضعت مدن إغريقية أخرى ديموقراطيات مشابهة، ولكن لم يُوثَّق أي منها بشكل جيدًا. حيث يقوم المواطنون المخولون على التصويت المباشر على التشريعات التنفيذية والقوانين.
الأهم لم تكن المشاركة مفتوحة أمام جميع سكان المدينة . إذ أن من يحق له التصويت هو الرجل البالغ ومن المواطنيين الإثينيين، أي لا يحق للعبيد و الأجانب و المرأة التصويت. و يبلغ عدد من يحق له التصويت ما بين 30,000 – 50,000 من مجموع السكان البالغ عددهم حوالي 250,000 – 300,000. و هذا يعني أن نسبة من يحق لهم الانتخاب لا تتجاوز 30 % من مجموع السكان البالغين . و هذا النمط من التفكير ينصرف نحو ترشيد الديمقراطية من الزوايا الآتية :
1 – كان الإغريق يمنعون تصويت العبيد، لأن العبد حتما سينتخب سيّده مهما كان فاسدًا. مثلما يجري اليوم في العراق حيث أن الجيوش الألكترونية و المنتفعين من السلطة تصوت الى من يمثلها أو من ينفعها حتى اذا كان فاسدا .
2 – كان الاغريق يمنعون تصويت النساء لأنهن أقل وعيا و بذلك لا يجيدن حسن الاختيار . فضلا عن حتمية تصويتهن لأزواجهن حتى إذا كانوا من الفاسدين .
3 – كان الاغريق يمنعون تصويت الأجانب لغلق الأبواب أمام التدخلات الخارجية في شؤون بلدهم الداخلية.
عليه يمكن أن نخلص الى ما يأتي :
1 – لولا عملية الترشيد التي تم تأصيلها في الفكر السومري العراقي لما نجحت الديمقراطية في بلاد سومر .
2 – لولا عملية الترشيد التي تم تأصيلها في الفكر الإغريقي القديم لما نجحت الديمقراطية في بلاد الإغريق القديمة .
3 – و على ضوء ذلك ، يمكن القول أن الديمقراطية العراقية التي تأسست بعد 2003 لا يمكن أن تنجح إلا إذا تم ترشيدها بطريقة تتلاءم مع العصر و تتماشى معه . و ممكن الاستفادة في عملية الترشيد بملامح من الفكر السياسي الذي طرحته المجموعة التي تطلق على نفسها ( المجموعة الدينقراطية) أو ( المجموعة البرجماسية ) . فضلا عن ضرورة وضع مستوى معين من التعليم كشرط للمشاركة في التصويت و ما شابه ذلك .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts