مجتزأ من ورقة: عبد الله الفكي البشير، "ثورة أكتوبر ومناخ الستينيات: الانجاز والكبوات (قراءة أولية)‎"، نُشرت ضمن كتاب: حيدر إبراهيم وآخرون (تحرير)، *خمسون عاماً على ثورة أكتوبر السودانية (1964- 2014): نهوض السودان المبكر*، مركز الدراسات السودانية، القاهرة، 2014.

عبد الله الفكي البشير

abdallaelbashir@gmail.

com

الكبوة الأخلاقية: الفشل في حقن الدماء وتحقيق التسوية الوطنية

وضعت ثورة أكتوبر الأحزاب التقليدية أمام تحد أخلاقي. فالمطلوب حسن التصرف في الحرية في اتجاه مبادئ الثورة حيث حقن الدماء في الجنوب، وتحقيق التسوية الوطنية الشاملة، حفاظا على وحدة السودان. فخروج الجماهير في ثورتهم بسبب قضية الجنوب، التي وفرت شرارة الانفجار للغضب الشعبي، كان تعبيرا عن الورع الأخلاقي عبر رفض الحسم العسكري للقضية، وبحثا عن سبل تحقيق التسوية الوطنية الشاملة وبناء الوحدة. كان مؤتمر المائدة المستديرة للجنوب، والذي عقد في مناخ ثورة أكتوبر وكان من ثمارها، وهو أول محاولة سودانية جادة للبحث عن السلام، فرصة عظيمة لتحقيق التسوية الوطنية الشاملة. إلا أن فشل مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الاثنى عشر التي خرجت منه، كان تعبيرا قويا عن عجز الأحزاب السودانية في تحقيق التسوية الوطنية، ومن ثم المفارقة لأشواق الجماهير و"تجميد الأوضاع". ففي الحفل الذي أقامته لجنة الاثني عشر في مساء يوم 26 سبتمبر 1966 لتقديم تقريرها رسميا إلى الحكومة، جاء في خطاب التقديم: "لقد أجمعت الأحزاب السودانية في مؤتمر المائدة المستديرة على أن الوضع الحالي للحكم- الحكومة الموحدة الممركزة- لم يعد يخدم المصلحة القومية، إذ ثبت عجزه عن مواجهة التحديات التي تواجه البلاد الناشئة كبلادنا، التي يسبق فيها الاستقلال السياسي بناء القومية، وحيث تتعدد عناصر الأمة، وتنشأ بالضرورة نوازع الفرقة بينها، نسبة للعوامل الجغرافية والثقافية والتاريخية. وعلي جيلنا هذا، إما أن يقابل هذا التحدي، أو أن يخلد إلى اليأس، وتبديد الطاقة في تجميد الأوضاع". غاب الورع الأخلاقي في التعاطي مع القضايا وحيكت المؤامرات، ففشل قادة الأحزاب التقليدية في تحقيق التسوية الوطنية، وجمدوا الأوضاع وبددوا الطاقات. ويضيف يوسف محمد علي، عضو سكرتارية المؤتمر ورئيس لجنة الاثنى عشر، قائلا: "ولم يقدر لتلك التجربة أن تؤتي ثمارها للأسف. فقد نكست رايات أكتوبر بعد حين، وعادت النظم الاستبدادية –برلمانية وعسكرية- تتناوب على التسلط والقهر". ما من ثورة جماهيرية غاب عنها مبدأ الأخلاق لدى قادة الجماهير، كما كان حال ثورة أكتوبر، إلا ونكست راياتها. فغياب مبدأ الأخلاق عند خدمة الجماعة يعني بالضرورة غياب القانون وهو قاعدة الأخلاق، ويعني بالضرورة أيضا، خيانة الجماعة وخيانة مبادئ الثورة. فالأخلاق تعطي الناس الفرصة ليكونوا أحرارا وشجعانا في سعيهم لخدمة الجماعة والفكر والثقافة وأنسنة الحياة، فغياب الأخلاق يعني موت المعاني الإنسانية.
تبع فشل مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الاثني عشر، وهو بمثابة الإعلان عن عجز الساسة في تحقيق التسوية الوطنية الشاملة، أن اتبعت الدولة السودانية، بمختلف أنظمتها السياسية المتعاقبة، أمام تحديات التسوية الوطنية وانفجار الصراعات في أقاليم أخرى، منهج الترقيع والترميم عبر الاتفاقيات الثنائية والجزئية والمؤقتة، في سعيها لتحقيق السلام والاستقرار والوحدة. فمنذ ثورة أكتوبر، وحتى تاريخ اليوم، لم تتوفر فرصة لتحقيق التسوية الوطنية الشاملة، مثل تلك التي توفرت مع مؤتمر المائدة المستديرة. وأصبحت المعالجات جزئية وثنائية ومؤقتة وفوقية. فمنذ توقيع اتفاقية السلام بأديس أبابا عام 1972، تفشت في السودان ثقافة عقد الاتفاقيات، فقد تم توقيع عشرات الاتفاقيات، ولا يزال توقيع الاتفاقيات مستمرا وبكثافة حتى تاريخ اليوم. وبرغم التوقيع المستمر للاتفاقيات ظلت الصراعات تتجدد وتتوسع والانقسامات تتالى وتتمدد. فالاتفاقيات – برغم حقنها المؤقت للدماء وهو أمر مطلوب وواجب وطني وإنساني- لا تمثل سوى حلا جزئيا ومرحليا للصراع مهما قيل عنها وطال سريانها، في حين أن المطلوب هو الحل الكلي والشامل والدائم. كما أن الاتفاقيات الثنائية والحلول الجزئية والمؤقتة، في بلدان التعدد الثقافي، كحال السودان، ما هي إلا ترميم لبناء متهالك، وتعبير فصيح عن العجز والفشل في تحقيق التسوية الوطنية، أقصى مراتب مصيرها الانهيار وأدناه الانفصال.
إن تفشي ثقافة الاتفاقيات الثنائية والجزئية، هو نتيجة طبيعية لفشل مؤتمر المائدة المستديرة، وعجز الأحزاب التقليدية عن تحقيق التسوية الوطنية الشاملة. والمفارقة العجيبة أن نفس تلك الأحزاب عندما وقع انقلاب 25 مايو 1969، عادت إلى مربع النضال من أجل استعادة الديمقراطية، وظلت تناضل حتى عادت بالمصالحة الوطنية عام 1977. وما لبثت أن غطت سماء الخرطوم مرة ثانية بالدعوات للدستور الإسلامي، الأمر الذي تحقق لها في عام 1983. فدخلت البلاد في الحرب الأهلية مرة ثانية، وتحكم مناخ الانفصال والتشظي حتى تاريخ اليوم. ولا مخرج إلا بالثورة الكبرى، ثورة العقول.

خاتمة: نحو الثورة الكبرى ثورة العقول

على الرغم أن ثورة أكتوبر الشعبية السلمية العزلاء، إلا من قوة إجماع الجماهير على إرادة التغيير، استطاعت أن تغير الحكم العسكري، بيد أنها لم تحقق المكاسب المرجوة حيث التغيير الجذري والشامل في اتجاه الحرية والعدالة الاجتماعية ووحدة البلاد، والمنطلق من مكونات السودان وتكويناته المتنوعة وانتمائه الأفريقي، والمتصل بالمشهد العالمي حيث انتصار حركة الحقوق المدنية والاعتراف بالتعدد الثقافي. لقد اختطفت القوى التقليدية والدينية والطائفية ثورة أكتوبر، وتحالفت قياداتها فيما بينها، وعبر التآمر والعبث بإرادة الجماهير والفوضي الدستورية نجحت في إبعاد القوى الحديثة وتحجيم المد الديمقراطي، وتكليس الوعي الديمقراطي. كما أنها سارت بالسودان، أمام تحديات التسوية الوطنية وانفجار الصراعات، في اتجاه منهج الترقيع والترميم في سعيها لتحقيق السلام والاستقرار من خلال توقيع الاتفاقيات الثنائية، وهو منهج يعبر عن العجز وأفضي إلى الانفصال وتمكين ثقافة التشظي.
وعلى الرغم الخسائر الضخمة الناتجة من اختطاف ثورة أكتوبر، وعدم تحقيقها للمكاسب المرجوة، إلا أن ثورة أكتوبر، لم تكتمل مراحلها بعد. فقد تركت إرثاً ثورياً ضخماً وعميقاً، سيعين في اكتمالها يوم اشتعال الثورة الكبرى من جديد، ثورة في عقول الجماهير، بقيادة المثقفين الأحرار. وعندما تشتعل الثورة من جديد في عقول الشعب فإنها تكون قد بدأت المرحلة الإيجابية من ثورة أكتوبر.. وهذه في الحقيقة هي الثورة الكبرى، وواجب اشعالها يقع على أفراد الشعب عامة وعلى المثقفين بصفة خاصة عبر تنوير الجماهير وتحريرهم من التبعية والطائفية والقوى التقليدية والدينية ورجال الدين والأوصياء على العقول.
إن المد الثوري، كحالة إنسانية تنشد التغيير والتحرير، في حالة توسع وتجدد واستمرار. كما أن مغذيات الثورة الشعبية وأسبابها في السودان، اتسعت وتعمقت الآن، أكثر من أي وقت مضى، وتسربت إلى وعي الجماهير، بمعزل عن الأوصياء على العقول، ولهذا فنحن الآن على مشارف انفجار "الثورة الكبرى". وهي ثورة ستشتعل في عقول الجماهير، وهدفها التغيير الشامل والجذري، ولا يفصلنا عنها، سوى لحظة الاجماع، وقيام المثقفين بواجبهم نحو اشعالها في عقول الجماهير. فمتى ما تمت الثورة الكبرى، الآن أو مستقبلاً، ستكون إدارة السودان على أساس التعدد الثقافي، وقيم الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان، من أبجديات الحراك السياسي والفكري، وعندها ستتم الوحدة بين أقاليم السودان المختلفة، بما في ذلك جنوبه، الذي اختار اسم (جمهورية جنوب السودان) لدولته وفي هذا نبوءة مستقبلية لوحدة قادمة.

(بالطبع تتضمن الورقة قائمة بالمصادر والمراجع، وهي منشورة ضمن: حيدر إبراهيم وآخرون (تحرير)، خمسون عاماً على ثورة أكتوبر السودانية (1964- 2014): نهوض السودان المبكر، مركز الدراسات السودانية، القاهرة، 2014).

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مؤتمر المائدة المستدیرة الاتفاقیات الثنائیة الثورة الکبرى ثورة أکتوبر فی عقول

إقرأ أيضاً:

قائد الثورة يحذرّ كل من تسوّل له نفسه الوقوف مع العدو الإسرائيلي من أدوات الخيانة والغدر

الثورة نت /..

وجه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي تحذيرَا لكل من تسوّل له نفسه الوقوف مع العدو الإسرائيلي من أدوات الخيانة والغدر والإجرام.. مؤكدًا أن موقف الشعب سيكون حازمًا وحاسمًا مع تلك أدوات.

وقال السيد القائد في كلمته اليوم حول مستجدات العدوان على قطاع غزة والتطورات الدولية والإقليمية “على أدوات العدو الإسرائيلي أن يدركوا بأن الوضع في هذا البلد هو بهذا المستوى من العظمة والتماسك والوعي الشعبي الواسع والثبات العظيم، موقف صُلب يستند إلى هذا الوعي والإيمان والحضور”.

واعتبر الاستعداد والتفاعل الشعبي الواسع والحضور، يؤكد ثبات الموقف والحركة في التعبئة العسكرية والجهوزية الكبيرة التي هي ذات أهمية كبيرة جداً لمواجهة مؤامرات الأعداء على بلدنا ومساعيهم لإيقافه عن موقفه العظيم، سواء كانت مؤامرات عبر أذرع أو أدوات الخيانة في الأمة التي تناصر العدو الصهيوني وتقف معه، أو بشكل مشترك مع الأمريكي والإسرائيلي.

وعرّج على الجبهة اليمنية الفاعلة في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.. مؤكدًا أن العمليات اليمنية الإسنادية مستمرة ونفذنا هذا الأسبوع عمليات بـ10 صواريخ وطائرات مسيرة، منها استهداف مطار اللد.

وأشار قائد الثورة إلى أن هذا الأسبوع، تم الإعلان عن المرحلة الرابعة التي تعني الاستهداف لسفن أي شركة تتعامل مع العدو الإسرائيلي وتنقل له البضائع طالما تمكنت القوات المسلحة من أن تطالها بالاستهداف.. معتبرًا الإعلان عن المرحلة الرابعة خطوة ضرورية نتيجة الوضع الذي وصل إليه قطاع غزة.

وأوضح أن المسؤولين الصهاينة يعترفون بالهزيمة في إجبارهم على إغلاق ميناء “أم الرشراش”، وكذلك وسائل الإعلام الغربية.. مشيرًا إلى النشاط الواسع والقيّم لعلماء اليمن في عقد الاجتماعات واللقاءات، متمنيًا لكل البلدان العربية والإسلامية الاستفادة من هذا النموذج.

وبين أن مسيرة جامعة صنعاء التي تخرج لمناصرة الشعب الفلسطيني هو شرف لها.. متسائلًا “لماذا لا تتحرك الجامعات في مختلف العواصم العربية؟، لماذا لا يكون لهذه الفئة من المجتمع من أكاديميين ومعلمين حضور في الواقع العربي والإسلامي؟”.

وقال “من الشرف الكبير لجامعة صنعاء أن تقوم بالواجب والدور وتقدم الأنموذج للآخرين، بل تطلب من الآخرين وتحرضهم على التحرك واستشعار مسؤوليتهم، ويفترض أن تكون القضية الفلسطينية ضمن النشاط التعليمي والتوعوي”.

واستهل السيد القائد كلمته بالحديث عن الجرائم التي يرتكبها كيان العدو الصهيوني في غزة.. مبينًا أن العنوان الأول لمظلومية ومأساة الشعب الفلسطيني في القطاع هم الأطفال.

وأوضح أن الأطفال في مظلوميتهم الرهيبة جداً، يكشفون حجم الخذلان الكبير على المستوى العالمي وعلى المستوى الإسلامي.. وقال “مائة ألف طفل في قطاع غزة يواجهون خطر الموت جوعاً بينهم 40 ألف طفل رضيع يعانون من انعدام الحليب”.

وأشار إلى أن العدو الإسرائيلي يستهدف الأطفال الرضع بكل أشكال الاستهداف وهم جزء من أهدافه العملياتية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.. مبينًا أن شهداء التجويع يرتقون يوميا والواقع أصعب بكثير مما تحصيه الأرقام.

وتطرق إلى مستوى التوحش والإجرام الصهيوني اليهودي الذي بلغ حد استهداف النساء أثناء الولادة.. مؤكدًا أن المأساة والمظلومية للشعب الفلسطيني شاملة بالمجاعة والاستهداف والتهجير القسري والحشر لهم في مناطق ضيقة مكتظة.

وأضاف “العدو الإسرائيلي يحشر مئات الآلاف في مساحة تقدر بـ12 بالمائة من مساحة القطاع، ويستهدف المناطق التي يسميها بالآمنة بالتجويع والاستهداف بالقصف، ومعاناة النساء عنوان بارز ضمن معاناة الشعب الفلسطيني في غزة”.

واعتبر قائد الثورة، الصهيونية نتاج التوحش الإجرامي العدواني السيء جداً.. مشيرًا إلى أن العدو الإسرائيلي استهدف في هذا الأسبوع الذي أعلن فيه هدنة إنسانية أكثر من أربعة آلاف فلسطيني معظمهم نساء وأطفال.

وتابع “كثير ممن استهدفهم العدو الإسرائيلي بالتزامن مع إعلانه للهدنة هم من طالبي الغذاء ومن الساعين للحصول على الغذاء لسد جوعهم وجوع أطفالهم ونسائهم”.. مؤكدًا أن العدو الإسرائيلي من خلال مصائد الموت في هندسته للجوع وأساليبه العدائية المتوحشة، يستهدفهم ويقتل منهم باستمرار في كل يوم.

وذكر بأن العدو الإسرائيلي يخادع العالم والرأي العالمي بعد ضجة عالمية تجاه مستوى التجويع والظلم الرهيب.. معتبرًا مشاهد الأطفال في هياكلهم العظمية للناس، للكبار، للصغار، مشاهد رهيبة جداً ومخزية للمجتمع البشري في هذا العصر.

وأردف قائلًا “مشاهد الأطفال مخزية للمجتمع الغربي الذي يقدم نفسه على أنه يقود الإنسانية ويقود المجتمع البشري تحت راية الحضارة والقيم الليبرالية”.. موضحًا أن إنزال المساعدات جوا خدعة جديدة للعدو الإسرائيلي معظمها ذهب إلى ما يسميها العدو بالمناطق الحمراء، يُقتل الفلسطينيون بمجرد الذهاب إليها.

وأوضح أن “إنزال المساعدات جوا قد تكون سائغة كطريقة في بعض المناطق من العالم التي لا يتهيأ فيها إيصال المواد الغذائية إلى الناس”.. مؤكدًا ألا مبرر لإنزال المساعدات جوا والهدف منها الخداع من جهة واللعب بكرامة وحياة الناس في قطاع غزة من جهة أخرى.

واستطرد “من المتاح جداً في قطاع غزة إدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية برا وتوزيعها من العاملين في الأمم المتحدة”.. مؤكدًا أن العائق الوحيد في وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة هو العدو الإسرائيلي، الذي يمنع أي عملية تنظيم لتوزيع المساعدات التي قد تصل إلى القطاع.

ولفت السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، إلى أن العدو يريد أن تحكم الفوضى واقع قطاع غزة وأن يكون هناك اقتتال وتنازع على الشيء اليسير جداً جداً من المساعدات، ولا ينبغي أن ينخدع أحد أبداً بإعلان العدو الإسرائيلي الهدنة الإنسانية ولا بخدعة إنزال المساعدات جوًا.

وبين أن إرسال مجموعة من اليهود الصهاينة لإقامة حفلة شواء قرب حدود غزة، يعبر عن مستوى التوحش والتلذذ بمعاناة الشعب الفلسطيني واستفزاز للعرب والمسلمين بشكل عام.. مؤكدًا أن من صور الوحشية الإسرائيلية إتلاف جنود العدو كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية المخصصة لقطاع غزة.

وقال “قبل الحرب على المساعدات كان العدو الإسرائيلي قد دمر كل مقومات الحياة في قطاع غزة، وعمل بكل الوسائل على إنهاء الزراعة في قطاع غزة حتى لا ينتج الشعب الفلسطيني أي مواد غذائية ويريد أن يستكمل كل قطاع غزة بالتدمير والنسف للمباني والأحياء والمدن وإنهاء كل مقومات الحياة هناك”.

وأفاد السيد القائد بأن الإجرام الصهيوني ومأساة الشعب الفلسطيني لم تعد خافية على أحد في العالم، ومشاهدها تنشر في كل وسائل الإعلام، والانتقادات للعدو الإسرائيلي تصدر من معظم البلدان في شرق الأرض وغربها.

وأضاف “صوت الضمير الإنساني للناشطين الأحرار في بعض البلدان يقمع بعنف وشدة كما يحصل في ألمانيا وبعض بلدان أوروبا كما يحصل في أمريكا”.. مؤكدًا أن حجم الإجرام الصهيوني لم يعد يليق بأحد أن يسكت عنه على مستوى الانتقاد، التصريحات، البيانات، الإدانات، لكن ذلك لا يكفي.

وشدد على ضرورة اتخاذ مواقف وإجراءات عملية، خاصة والعدو الإسرائيلي يتكئ تماماً بظهره إلى الأمريكي ثم لا يبالي بما يصدر في كل العالم من أصوات.. لافتًا إلى ضرورة النظرة إلى العدو الإسرائيلي بعين الحقيقة كمجرمين متوحشين سيئين.

وتطرق قائد الثورة إلى محاولة العدو الإسرائيلي أن ينشط في حرب دعائية لتجميل وجهه القبيح والإجرامي البشع للغاية، لكنه فاشل.. مؤكدًا أن كثير من البلدان وبالذات غير الإسلامية يعتبرون أن المعني الأول في أن يتصدر الساحة هم المسلمون وفي الوسط الإسلامي العرب.

وقال “بعض البلدان قد يعتبر نفسه أنه ليس معنياً لأن يكون عربياً أكثر من العرب، وأن يكون مهتماً بقضايا المسلمين أكثر من المسلمين أنفسهم”.. مبينًا أن أمة الملياري مسلم تمتلك كل القدرات المادية والمعنوية لأن يكون لها مواقف قوية.

وأكد أن حالات الوقوف الصادق مع الشعب الفلسطيني استثناء ومحدودة لكن الحالة العامة هي الخذلان، وفي المقدمة العرب، والموقف الشعبي العربي متأثر بالموقف الرسمي وفي معظم البلدان هناك قرار رسمي بتجميد أي موقف شعبي.

وأوضح أن التخاذل العربي أسهم بلا شك في حجم ومستوى ما وصل إليه الطغيان والظلم والإجرام اليهودي الصهيوني على الشعب الفلسطيني.. معبرًا عن الأسف في أن الطائرات الإسرائيلية التي تلقي قنابل أمريكية على الفلسطينيين، تتحرك بالوقود من النفط العربي.

وأشار السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، إلى أن الطائرات الإسرائيلية تتحرك بنفط العرب والدبابات الإسرائيلية تتحرك لاجتياح وقتل أبناء غزة بالنفط العربي، وأمريكا قدمّت 22 مليار دولار في العدوان على قطاع غزة من التريليونات العربية.

واعتبر حالة جمود الشعوب في البلدان العربية ناتجة عن قرار رسمي، وهناك أنظمة وحكومات عربية تمنع شعبها رسمياً من أي تحرك مناصر أو متضامن مع الشعب الفلسطيني.. مشيرًا إلى أن النشاط الشعبي على مستوى المظاهرات والمسيرات محظور في مناطق عربية بقرار رسمي حينما يكون لمناصرة الشعب الفلسطيني.

وقال “بعض الأنظمة العربية تحت ما يسمونه بالتطبيع فتحت أجواءها ومطاراتها لصالح العدو الإسرائيلي، وأجواء النظام السعودي ومطاراته مفتوحة بشكل مستمر للعدو الإسرائيلي ولم يتوقف هذا المستوى من التعاون لخدمة العدو”.. مؤكدا أن السعودية وأنظمة عربية أخرى أجواؤها ومطاراتها مفتوحة للعدو الإسرائيلي وكذلك التعاون الاقتصادي مستمر، ومع الأسف يتم تجويع حتى الأطفال الرضع في قطاع غزة وتذهب من بلدان عربية وإسلامية شحنات ضخمة بمئات الآلاف من الأطنان للعدو الإسرائيلي.

ولفت السيد القائد إلى أن العدو الإسرائيلي يزيد من طغيانه وظلمه في قطاع غزة بينما أنظمة عربية وإسلامية زادت نسبة تعاونها التجاري مع العدو، وتسعى أنظمة عربية وإسلامية لتعويض ما ينقص على العدو نتيجة الحصار في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب.

وعبر عن الأسف لتنصيف أنظمة عربية المجاهدين في قطاع غزة بالإرهاب دون ذنب سوى أنهم يدافعون عن شعبهم وكرامتهم ومقدساتهم.. مؤكدًا أن إلغاء تصنيف المجاهدين في غزة بالإرهاب وإعلان مساندتهم، خطوة محسوبة ذات أهمية لو اتجهت لها الأنظمة العربية.

وبين أن تصنيف من يتصدى للطغيان الصهيوني من أبناء الشعب الفلسطيني بالإرهاب، يمثل تعاونا مع العدو الإسرائيلي.. معبرًا عن الأسف في أن كل من له موقف صادق عملي ضد العدو الإسرائيلي يتم معاداته من قبل بعض الأنظمة العربية.

كما أكد أن تكبيل الشعوب من قبل الأنظمة ليس مبررًا للجمود، لأن بوسع الشعوب الضغط على حكوماتها وأن تتحرك في موقف جماعي كبير.. متسائلًا “أين دور المساجد والجامعات والنخب ووسائل الإعلام لاستنهاض الأمة في مختلف البلدان العربية والإسلامية؟، ولماذا لا تبادر الأنظمة العربية لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة كعمل إنساني؟”.

وأفاد قائد الثورة بأن هناك أنظمة عربية مستمرة في السماح بالسياحة المتبادلة مع العدو الإسرائيلي ضمن أشكال العلاقة والتعاون.. مضيفًا “من المؤسف جدًا أن أنظمة عربية وإسلامية لم تتخذ قراراً بالمقاطعة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية للعدو”.

ونبه من أن استمرار تعاون بعض الأنظمة العربية والإسلامية مع كيان العدو يُقابل بالمزيد من الطغيان والإجرام.. مؤكدًا أن السلطة الفلسطينية لا توفر لشعبها أي مستوى من الحماية لكنها تتعاون مع العدو الإسرائيلي حتى في اختطاف المجاهدين.

وأفاد بأن جهات غربية تسرب أيضًا عن وجود تعاون بين العدو الإسرائيلي وأنظمة عربية على مستوى المعلومات والاستخبارات، وما يقوم به العدو الإسرائيلي في فلسطين ولبنان وسوريا والجمهورية الإسلامية واليمن يبرهن أنه معتمد على الشراكة الأمريكية.

وجددّ التأكيد على أن سلوك الظالمين والأشرار يتمادى ويتنامى في حال لم يقابل بتحرك ضد إجرامهم وطغيانهم، ومن يتوقع أن كيان العدو سيوقف إجرامه وطغيانه دون أي موقف، فهو واهم، لأن العدو الإسرائيلي يحمل نزعة إجرامية متأصلة فيه لأنها ناتجة عن تربية على باطل عن عقائد وخلفية فكرية ضالة باطلة.

وشدد على أن العدو الإسرائيلي يشكل خطورة تجاه العالم أجمع ويجب العمل على مواجهة هذه الخطورة والتصدي لها، ولا يمكن إطلاقاً أن تستقر المنطقة بكلها وكيان العدو الإسرائيلي يتحرك فيها بكل هذه المساعدة والشراكة الأمريكية والدعم الغربي.

واستشهد السيد القائد بما يجري في سوريا، بالرغم من الاتفاقيات التي فيها تنازلات كاملة بإخلاء الجنوب السوري من أي تواجد عسكري، وبقي مسرحاً مفتوحاً للعدو الإسرائيلي، وخلال هذه الفترة هناك 800 اعتداء جنوب سوريا من قتل واختطاف وتدمير واستهداف المزارع والتجريف والنسف للمنازل.

وقال “علينا كأمة مسلمة أن نكون أمة واقعية ونعالج مشكلتنا الإدراكية، مشكلة الوعي والتخلص من عمى القلوب، فكيان العدو دائم على الإجرام من يومه الأول ورصيده إجرامي والطغيان الصهيوني يتعاظم ويكبر لأنه يقابل بالخذلان والعمى وانعدام الرؤية الصحيحة”.

ولفت إلى أن الأنظمة العربية لم تصل إلى درجة أن تدعم من يقاتل من أبناء الشعب الفلسطيني وتدعم المجاهدين المقاتلين، وبعض الأنظمة العربية يجرمّون ما هو مشروع بكل الاعتبارات حتى في القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة.

وأضاف “بعض الزعماء العرب يراهنون على الأمريكي لكن ترامب يتبنى ويدعم علنا ما يفعله العدو الإسرائيلي، وأمريكا تقدم الدعم العسكري المفتوح للعدو الإسرائيلي وهذا ليس خفيًا، بل يفتخر به الأمريكي، وتصريحات المسؤولين الأمريكيين تعتبر دعمهم لكيان العدو شرفاً لهم”.

وتابع “الأمريكي لديه موقف واضح في مصادرة الحق الفلسطيني بالكامل، وترامب هو من أهدى الجولان السوري للعدو وكأنه ملك أبيه، كما أن الأمريكي هو أحد أذرع الصهيونية، كحال الإسرائيلي والبريطاني، ويتحرك في ذلك قولا وعملا بشكل واضح وصريح”.

وجددّ السيد القائد التأكيد على أن الرهان على المواقف الأوروبية، رهان على سراب.. مؤكدًا أن الدولة الفلسطينية وفق ما يقدمها الغرب هي عبارة عن كيان على جزء ضئيل جدًا من أرض فلسطين منزوع السلاح لا يملك المقومات الحقيقية للدولة.

وقال “عندما يطلق الغرب على الدولة الفلسطينية بأنها قابلة للحياة، يعني بالكاد أن تكون حالة قابلة لأن يعيش الفلسطينيين عليها وكأنهم قطيع من الأغنام في حضيرة صغيرة، وحديث البريطاني والفرنسي عن الاعتراف بـ”الدولة الفلسطينية” سببه الوضع القائم في قطاع غزة الذي يمثل فضيحة مخزية لهم”.

وعد حجم الإجرام اليهودي الصهيوني في فلسطين، حالة مخزية للغرب الذي يحرص على خداع الشعوب.. مؤكدًا أن الغرب الذي يرتكب أبشع الإجرام ضد شعوب العالم المستضعفة لا ينفك ليلاً ونهاراً عن الحديث عن القيم الليبرالية وحقوق الإنسان والحرية وهي عناوين لمجرد الخداع.

وأضاف “عندما يحاول الغرب أن يعمم في أوساط شعوبنا عناوين حقوق الإنسان والحرية وغيرها، إنما يربطها بمضامين أخرى وليست بمعانيها الحقيقية، كما هو حديث بريطانيا عن اعتزامها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكنها في الوقت نفسه تقدم السلاح وأشكال الدعم للعدو الإسرائيلي”.

ولفت إلى أن فرنسا وألمانيا تقدّم أيضا كل أشكال الدعم للعدو الإسرائيلي ويبيعون للعرب الوهم ويمارسون الخداع المكشوف.. متسائلًا إذا كانت مواقف بريطانيا وفرنسا وألمانيا صادقة، لماذا لا توقف الدعم العسكري للعدو الإسرائيلي؟”.

وشدد قائد الثورة على أنه لا يمكن الرهان على المؤسسات الدولية، فالأمم المتحدة لم تفعل شيئاً للشعب الفلسطيني منذ تأسيسها، وقد اعترفت بالعدو الإسرائيلي وجعلته عضواً فيها، لذلك لا يعول عليها لأنها لا تعتمد على ميزان العدل والأسس المحقة والعادلة والإنسانية.

وذكر بأن الشعب الفلسطيني مجروح جداً من مستوى التخاذل والتواطؤ العربي.. مؤكدًا أن الشعب المصري أكبر الشعوب العربية من حيث العدد، لكنه شعب مكبل لا يفعل شيئاً، ليس له صوت، ولا حضور، ولا موقف، وكان بإمكان بلدان الطوق لفلسطين أن تكون حاضرة في الموقف شعبياً ورسمياً بشكل كبير.

وأفاد بأن التجاهل والتنصل عن المسؤولية لن يعفي الأمة، لا شعبيا ولا رسميا من كل التبعات الخطيرة عليها جداً في عاجل الدنيا، وقد يثق الكثير من الشعوب والأنظمة بما أقدموا عليه من تخاذل ويتصورون أن السلامة في ذلك لكن الله يصنع المتغيرات.

وتابع “كلما زاد طغيان العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني نتيجة الإسهام العربي بالتخاذل والتواطؤ كلما عظمت المسؤولية أكبر على الأمة”.. مؤكدًا أن التعامل مع المظلومية الكبرى على الشعب الفلسطيني كأحداث اعتيادية روتينية يومية خطير على هذه الأمة.

وخاطب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، المسلمين بالقول “لا تظنوا أيها المسلمون أن الحساب والعقاب ليس فقط إلا على مسألة الصلاة والصوم والصيام، فحينما تكون الأمة مساهمة في صناعة أكبر إجرام على مستوى العالم بتنصلها وتفريطها وتواطؤ البعض منها فهي، تعرض نفسها لعقوبة كبيرة”.

ومضى بالقول “لابد من الجهاد في سبيل الله لأنه لدفع الشر والطغيان ولإرساء قيم الحق والعدل والخير، ولابد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ما يفعله العدو الإسرائيلي هو من أكبر المنكرات على وجه الأرض وإلا فالوزر كبير جداً”.

وأعرب عن الأسف في توجه بعض العرب عمليًا في ميدانهم وواقعهم حينما تكون المسألة من الفتن التي يهندس لها الأمريكي والإسرائيلي.. مستعرضًا ما شهدته المنطقة فيما يتعلق بالفتنة التكفيرية على مدى أعوام طويلة، قدّمت مليارات الدولارات والأصوات ملأت أسماع العالم بالضجيج، وأصوات الكراهية والحقد والتكفير وإثارة النعرات الطائفية لا تتحرك عندما تتعلق المسألة بنصرة الشعب الفلسطيني.

وبين السيد القائد أن اليهود الصهاينة بأذرعتهم المتعددة عملوا داخل الأمة حتى وصلوا إلى منع أي ردة فعل تجاه عدوانيتهم في أوساط الشعوب، وعندما تكون المسألة للفتنة في أوساط الأمة نرى النشاط والتحرك من أولئك الصم، البكم، العُمي أمام العدو الإسرائيلي، وحين يتعلق الأمر بمواجهة مع من له موقف مناصر للشعب الفلسطيني نرى نشاط دعاة الفتنة بإمكانات هائلة وتحرك واسع وجدية كبيرة.

وتساءل “ما الذي ينقص القضية الفلسطينية حتى لا يتحرك لأجلها دعاة الفتنة كما يتحركون للصراع داخل الأمة”.. وقال” الشعب الفلسطيني مسلم “سُني” ومظلوميته يعترف بها العالم فلماذا لا تنصرونه؟ بينما الإسرائيلي عدو صريح للإسلام والمسلمين”.

وأضاف “الإسرائيلي يعادي الإسلام والمسلمين والرسول والصحابة وأبناء الإسلام جملة وتفصيلا، لماذا لا تعادون ذلك الكافر؟، ما الذي ينقص القضية الفلسطينية في العناوين الدينية، وفي عناوين المظلومية، وفي عناوين العروبة، وفي العنوان الإنساني؟”.

وذكر بأن القضية الفلسطينية هي أبرز قضية إنسانية وقومية فيما يتعلق بالمصلحة العربية، والتخاذل لا مبرر له، كما أن القضية الفلسطينية تعتبر مختبرا مهما لفرز وتقييم وغربلة المجتمع العربي والإسلامي.

وخاطب قائد الثورة الجميع بالقول “من يرفع عنوان الجهاد فإن فلسطين أعظم وأقدس ميدان للجهاد، أم أنك لا ترى الجهاد إلا عندما يكون في الاتجاه الذي يهندس له الأمريكي والإسرائيلي لإثارة النعرات الطائفية؟”.

كما تساءل “أين هو التيار الإسلامي العريض الوسيع في الساحة الإسلامية بمكوناته وأحزابه وقواه وجمعياته ومؤسساته ومنظماته عن نصرة الشعب الفلسطيني؟، وهل ينتظر أبناء الأمة ليتحركوا حتى يموت أبناء غزة بأجمعهم، أو أن ينجح العدو في تهجيرهم بالكامل؟”.

وأشار إلى أن وضع الأمة الراهن هو وضع غير طبيعي حتى على المستوى الإنساني الفطري، ولو كانت أمة من الأمم حتى غير مسلمة لكانت بقيت على الفطرة ولما قبلت بأن يظلم البعض منها على يد عدو أجنبي يعاديها جميعاً.

وشخّص الاختلال الرهيب في واقع الأمة، الناتج عن عدم التربية على الإيمان الحقيقي، والعزة والكرامة والشعور بالمسؤولية.. مبينا أنه ليس هناك وعي في واقع الأمة تجاه الأحداث، وإلا لما كان واقعها بهذا المستوى من الإمكانات والعدد والجغرافيا الواسعة ثم هذا الجمود.

وأفاد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بأن واقع الأمة يثبت أن القائمين رسميًا يربون الأمة ويروضونها على الإذلال والقهر والانحطاط والقبول بالذل والهوان والاستسلام، والقائمون رسميا على الشعوب يعملون على إنهاء المشاعر والدوافع لمواجهة العدو الإسرائيلي.

ولفت إلى أن ما يفعله العدو الإسرائيلي بشراكة أمريكية ليس مجرد أحداث عارضة ناتجة عن سوء تفاهم أو نزاع طارئ على مسائل محدودة.. مخاطب العرب والمسلمون بالقول “يا أيها العرب، يا أيها المسلمون، اعرفوا عدوكم اليهود، بتوجههم الصهيوني الإجرامي، بأذرعه الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، العدو الذي يتحدث عن أهدافه الواضحة والمعلنة ليل نهار عن تغيير الشرق الأوسط الجديد”.

وأكد حاجة الأمة إلى معالجة لمشكلتها الإدراكية والاستنهاض والتحرك وألا ننتظر الآخرين وانظروا إلى صمود الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، مشيدًا بدور المجاهدين في غزة الذين يقاتلون في سبيل الله بكل بسالة وثبات على مدى 22 شهرا بإمكانات محدودة للغاية.

ووصف السيد القائد اقتحام المجاهدين للدبابات في غزة ووضع عليها العبوات وتفجيرها بالشجاعة الفائقة، معتبرًا استبسال المجاهدين في قطاع غزة وتفانيهم هو درس لكل الأمة.

وقال “للأسف الشديد وبدلا من أن يحظى المجاهدون في غزة بالدعم والمساندة يصنفون من أكثر الأنظمة بالإرهاب ويشوهون إعلاميًا، وهناك وسائل إعلام عربية لا تنفك عن التشويه والإساءة للمجاهدين في قطاع غزة”.

وأكد أن تخاذل الأمة سيدفعها أثماناً كبيرة وخسائر رهيبة لكن في نهاية المطاف لابد من نهاية لهذا الكيان هذا وعد الله الذي لا يخلف وعده، فالوعد الإلهي سيتحقق بلا شك، وستكون النتيجة لصالح الثابتين، المؤمنين بالله، وبوعده، والمستجيبين له، والناهضين بمسؤولياتهم.

واستعرض العمليات التي نفذتها كتائب القسام هذا الأسبوع والتي بلغت 14 عملية بطولية، وكذا عمليات سرايا القدس العظيمة ومعها بقية الفصائل.. مؤكدًا فشل كيان العدو في اجتياح غزة رغم استخدامه كل إمكاناته بقرابة أربع فرق عسكرية أو أكثر.

وأضاف “خيبة الأمل واضحة على العدو الإسرائيلي على مدى كل المدة الزمنية الطويلة من التدمير الشامل”.. مؤكدًا أن العدو الإسرائيلي لم ينجح في أن يفرض حالة الاستسلام على المجاهدين ولا على الحاضنة.

وأثنى قائد الثورة على دور المجاهدين في قطاع غزة وتصديهم للعدو الإسرائيلي على مدى 662 يومًا وما يزالون يواجهونه شمال القطاع ووسطه وجنوبه بهذه الفاعلية العالية.. مذكرًا بعظيم دور المجاهدين في فلسطين ولبنان ومنهم ذكرى استشهاد القائد المجاهد الكبير الشهيد إسماعيل هنية، والقائد الجهادي الكبير فؤاد شكر.

وقال “المجاهدون في فلسطين ولبنان لهم أعظم وأهم دور فاعل في مواجهة العدو الإسرائيلي شكل وقاية وحماية لكل الأمة الإسلامية وفي المقدمة للدول العربية، ولولا دورهم وتضحياتهم العظيمة بالقادة وبالأفراد لكان واقع الأمة مختلفاً تماماً خاصة في الدول العربية المحيطة”.

وأضاف “لولا دور المجاهدين في فلسطين ولبنان لكانت مصر والأردن وسوريا قد دخلت فعلاً تحت العهد والسيطرة الإسرائيلية ولكان اتجه ليكمل المشوار في العراق”.. مؤكدًا أن التحرك الجهادي الصادق الثابت في فلسطين ولبنان هو أمل للأمة الإسلامية.

وبين أن العدو الإسرائيلي الأمريكي افتضح بعد الانسحاب من المفاوضات من خلال المطالب التي رفعوها في استسلام حماس وتسليم سلاحها، والمسؤول عن فشل المفاوضات هو من يصر على استمرار جريمة القرن في تعذيب الشعب الفلسطيني وتجويعه.

ووصف إدراج هولندا لكيان العدو الإسرائيلي في قائمة الدول التي تشكل تهديداً لأمنها الوطني بالموقف المتقدم.. متمنيًا من الأنظمة العربية التي تستمر في التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية مع العدو الإسرائيلي، أن تقتدي بالرئيس الكولومبي الذي منع تصدير الفحم للعدو.

وتوقف السيد القائد عند الأنشطة الشعبية في اليمن المتعلقة بالتعبئة لمخرجات التدريب، والتي بلغت مليونًا و17 ألفاً و977 متدربًا وهي نتيجة مهمة.. مؤكدًا أن مسار التعبئة مهم للغاية، يعني جهوزية كبيرة جدًا وهذا غير القوات النظامية التي تحظى بتدريب واسع، وهناك جهوزية واسعة وعسكرية بشكل كبير.

وتحدث عن الخروج الشعبي في اليمن الجمعة الماضية.. معتبرًا ذلك عظيمًا ومشرفًا وكبيرًا وغير مسبوق، مشيرًا إلى أن مشهد الجمعة الماضية في ميدان السبعين وكأنه بحر متلاطم الأمواج بالزخم البشري الهائل الذي يهتف نصرة للشعب الفلسطيني.

وذكر بأن الحضور في بقية المحافظات كان أيضًا مشرفًا وعظيما في أكثر من 1333 ساحة.. مؤكدًا أن الخروج المشرف للشعب اليمني، هو قربة عظيمة إلى الله وجزء من جهاده وتجسيده للقيم الإيمانية.

وخاطب قائد الثورة أبناء الشعب اليمني بالقول “الخروج العظيم بالزخم الكبير والمستمر هو ذو أهمية كبيرة جدا جداً جداً في موقف بلدنا المتكامل، وخروج شعبنا بالزخم الكبير هو أكبر حجر عثرة وعائق على الأعداء في التأثير على الموقف في مجمله”.

وأضاف “خروجكم وحشودكم في الساحات هو ما يحبط الأعداء أكثر من أي شيء آخر مع استمرار العمليات العسكرية، استمروا في الحضور الكبير المستمر أسبوعياً بارك الله فيكم وكتب الله أجركم”.

ودعا السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الشعب اليمني العزيز والمجاهد يمن الإيمان، يمن الحكمة، يمن الوفاء، يمن الرجولة يمن الشهامة، للخروج الواسع العظيم يوم غد الجمعة في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، خروجًا عظيمًا”.

كما خاطب الشعب اليمني قائلا “يا من تكثرون حين الفزع وتقلون عند الطمع كما أثنى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أسلافكم الأنصار الأبرار المجاهدين، نأمل أن يكون الخروج واسعا في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات”.

مقالات مشابهة

  • وقفات في مدارس الأمانة تضامناً مع الشعب الفلسطيني ونصرة لغزة
  • مجلس النواب يبارك مضامين خطاب قائد الثورة ويؤيد المرحلة الرابعة من التصعيد
  • كتاب «أسرار الصراع السياسي في السودان».. رؤية تحليلية لجذور الأزمة السياسية السودانية
  • حركة فتح تعلن رفضها لأي تصريحات مسيئة لمصر أو الأردن
  • أقصر طريق للسلام هو استسلام المليشيا لا الشعب السوداني
  • اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تشارك باجتماع رفيع المستوى في بيروت
  • نص كلمة قائد الثورة حول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية
  • رئيس حركة شباب التغيير والعدالة: إعلان حكومة المليشيا جزء من مؤامرة تمزيق السودان
  • قائد الثورة يحذرّ كل من تسوّل له نفسه الوقوف مع العدو الإسرائيلي من أدوات الخيانة والغدر
  • عناوين الصحف السودانية الخميس 31 يوليو 2025