هيومن رايتس ووتش: “قوات الدعم السريع” تستهدف المدنيين .. انتشار الهجمات في المنطقة الوسطى يظهر الضرورة العاجلة لحماية المدنيين
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
(نيروبي) – قالت "هيومن رايتس ووتش" إن المجموعة المسلحة "قوات الدعم السريع" قتلت، وجرحت، واحتجزت تعسفا أعدادا كبيرة من المدنيين، واغتصبت النساء والفتيات خلال الهجمات في جميع أنحاء ولاية الجزيرة السودانية. نظرا إلى حجم وخطورة التهديد الذي يواجهه المدنيون، من الضروري أن تستخدم بريطانيا رئاستها لـ "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" خلال نوفمبر/تشرين الثاني للدعوة إلى تدابير تتخذها "الأمم المتحدة" لنشر بعثة لحماية المدنيين في السودان.
منذ انشقاق الحليف الأساس لقوات الدعم السريع في شرق الجزيرة في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024، هجمت قوات الدعم السريع على 30 قرية وبلدة على الأقل – لا شك أن العدد أكبر – منها رفاعة، وتمبول، والسريحة، والأزرق. قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 130 ألف شخص فروا من الهجمات إلى مناطق أخرى من السودان.
قال محمد عثمان، باحث السودان في هيومن رايتس ووتش: "تصاعد هجمات قوات الدعم السريع الشنيعة مؤخرا ضد المدنيين ينهي الآمال المتبقية بإيقاف هذه الجرائم بدون رد دولي قوي. من الواضح أن الحد الأدنى من الإجراءات التي اتخذها مجلس الأمن يفشل في حماية المدنيين. على مجلس الأمن المبادرة على وجه السرعة إلى تفويض نشر بعثة لحماية المدنيين".
في ديسمبر/كانون الأول 2023، سيطرت قوات الدعم السريع، خلال النزاع الجاري مع الجيش السوداني، على عاصمة ولاية الجزيرة ود مدني. وارتكبت في الولاية منذئذ العديد من الانتهاكات الخطيرة، منها العنف الجنسي والقتل. في 20 أكتوبر/تشرين الأول، انشقّ أبو عاقلة كيكل، وقد كان قائد قوة حليفة للدعم السريع، ليدعم الجيش السوداني، ما أدى إلى اندلاع هذه الهجمات الانتقامية على المدنيين، ومنها هجمات ضد قبيلة كيكل.
وفيما القيود على الاتصالات والوصول تعيق الإبلاغ عن الأحداث فور حدوثها، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع ستة أشخاص، منهم شهود ومراقبون حقوقيون محليون، ما يعطي صورة أولية عن الأحداث. تحققت هيومن رايتس ووتش أيضا من فيديوهَيْن يظهر فيهما عناصر من الدعم السريع يحتجزون رجالا في قرية السريحة، وعاينت صورا من الأقمار الصناعية لمقابر جديدة محتملة في القرية.
قالت امرأة عمرها 55 عاما من تمبول إن مقاتلي الدعم السريع أطلقوا النيران على المنازل عند دخولهم القرية في 22 أكتوبر/تشرين الأول. جمعت القوات الرجال والفتيان قرب منزلها. قالت: "رأيت جنديا من الدعم السريع يطلق النار على رجل في صدره. ظلوا يصرخون علينا بأن نغادر القرية. قالوا إن كل مَن يبقى لن يُعتبر مدنيا".
قال مقيم آخر إن المقاتلين جاؤوا إلى منزله في ذلك اليوم نفسه: "كان جنود الدعم السريع غاضبين... لم يتوقفوا عن سؤالي إذا كنت قريب كيكل أو أعلم أين عائلته. هددوا بقتل كل شخص قريب منه". بحسب "مجموعة حماية السودان"، اشتبك الدعم السريع مع الجيش في تمبول في 23 أكتوبر/تشرين الأول. أفادت المجموعة بأن الهجمات والأعمال القتالية أسفرت عن مقتل 300 مدني.
في 25 و26 أكتوبر/تشرين الأول، هجم الدعم السريع على قرية السريحة حيث اشتبك مع بعض السكان المسلحين، وأُفيد عن مقتل 124 مدنيا وأكثر من 200 مصاب. رأى أحد السكان قوات الدعم السريع تطلق النيران من رشاشات محمّلة فوق مركبات وقذائف "آر بي جي" عند دخولهم القرية في صباح 25 أكتوبر/تشرين الأول. فر لاحقا في ذلك اليوم. قال: "رأينا أكواما من الجثث، بينها طفلان، بالقرب من إحدى قنوات الري".
ونقل مراقبون محليون أن الدعم السريع احتجز أكثر من 150 شخصا في السريحة. يظهر في فيديوهين نُشرا في 26 أكتوبر/تشرين الأول على "فيسبوك"، وتحققت هيومن رايتس ووتش منهما، مقاتلون من الدعم السريع يحتجزون نحو 100 رجل في قرية السريحة.
يظهر في الفيديو الأول 68 رجلا محتجزا على الأقل، عند التقاطع الشمالي الشرقي للقرية. 20 منهم تقريبا يجلسون على الأرض، بعضهم في ملابس ملطخة بالدماء. والجندي من الدعم السريع الذي يصورهم كان يتكلم العربية ويقول: "كيكل ... انظر، هؤلاء هم ناسك"، ويجبر المحتجزين على تقليد أصوات الحيوانات.
يظهر في فيديو ثان، صوره الجندي نفسه، ستة جنود من الدعم السريع و26 رجلا محتجزا غير مسلحين، منهم رجال مسنّون عدة، في حقل في الجزء الغربي من القرية. العديد من المحتجزين بدوا أن أيديهم مكبلة خلف ظهورهم، بينما يرتدي رجلان محتجزان ثيابا ملطخة بالدماء. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد ما حصل مع المحتجزين.
أُفيد أيضا أن مقاتلي الدعم السريع أخضعوا النساء والفتيات للعنف الجنسي خلال هذه الهجمات. حتى 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وثقت "المبادرة الاستراتيجية للنساء في القرن الأفريقي"، وهي منظمة حقوقية نسائية إقليمية، 25 حالة اغتصاب واغتصاب جماعي على يد قوات الدعم السريع، ومن ضمن الضحايا 10 فتيات. وثّقت المنظمة الحقوقية أيضا ست حالات على الأقل انتحرت فيها ضحايا العنف الجنسي لاحقا. في 30 أكتوبر/تشرين الأول، قالت الأمم المتحدة، مستشهدةً بمسؤولي صحة محليين، إن "أكثر من 27 امرأة وفتاة، بين عمر 6 و60، تعرضن للاغتصاب والاعتداء الجنسي".
حسن (51 عاما)، الذي لم يُستخدم اسمه كاملا لحمايته، فر من السريحة في 22 أكتوبر/تشرين الأول مع زوجته وبناته الثلاث. أوقفتهم قوات الدعم السريع عند نقطة تفتيش: "نظر أحد جنود الدعم السريع إلى ابنتي الصغرى، سنها 15، وقال: ’اتركها هنا كي نستمتع بها، ويمكنكم الذهاب‘. وبدأوا يطلقون تعليقات جنسية متعلقة بابنتي". تمكن حسن وعائلته من الفرار.
قالت منظمات حقوقية ووسائل إعلامية إنها تلقت تقارير حول انتشار النهب في شرق الجزيرة. هذه الهجمات تزيد سوء الوضع الإنساني المزري أصلا، الذي فاقمته قيود الجيش على دخول المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، والنهب الذي تقوم به قوات الدعم السريع.
تتولى بريطانيا مسؤولية الملف السوداني في مجلس الأمن الدولي، وتترأس المجلس لشهر نوفمبر/تشرين الثاني، الذي سيناقش المجلس خلاله كيفية تحسين حماية المدنيين في السودان في أعقاب تقرير الأمين العام لأكتوبر/تشرين الأول. نظرا إلى التصاعد العنيف للهجمات على المدنيين، صار ضروريا أن تضغط بريطانيا، بالتعاون مع الدول أعضاء "الاتحاد الأفريقي"، على مجلس الأمن لتفويض بعثة لحماية المدنيين في السودان. على الدول أعضاء الأمم المتحدة أيضا أن تعزز الدعم لبعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، كما أوصى الأمين العام.
قال عثمان: "على بريطانيا، بصفتها المسؤولة عن الملف السوداني، أن تقوم بدورها في هذه اللحظة من الأزمة وتضمن عدم تجاهل نداءات من هم في أمس الحاجة إلى الحماية في السودان. القادة الدوليون والإقليميون لا يمكنهم أن يقفوا مكتوفي الأيدي نظرا إلى التطورات المقلقة".
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول قوات الدعم السریع هیومن رایتس ووتش لحمایة المدنیین من الدعم السریع الأمم المتحدة فی السودان مجلس الأمن یظهر فی
إقرأ أيضاً:
هيومن رايتس ووتش: إسرائيل تقتل الجائعين في غزة بمساعدة أمريكية
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الجيش الإسرائيلي، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من خلال قتل مئات الفلسطينيين الجائعين أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الغذائية في مواقع توزيع تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية".
ووفقاً لتقارير المنظمة، قتل ما لا يقل عن 859 فلسطينياً بين 27 مايو/أيار و31 يوليو/تموز 2025، أثناء تدافعهم للوصول إلى الغذاء في أربعة مواقع تقع ضمن مناطق عسكرية مغلقة وتدار بآلية أميركية - إسرائيلية مشتركة.
وقالت بلقيس والي، المديرة المشاركة لقسم الأزمات والنزاعات في "هيومن رايتس ووتش": "لا تكتفي القوات الإسرائيلية بتجويع الفلسطينيين، بل تطلق النار عليهم يومياً بينما يسعون يائسين لإطعام أسرهم. هذا ليس توزيع مساعدات، بل مصيدة موت ممنهجة."
وتدير آلية التوزيع هذه شركتان أميركيتان خاصتان هما: "سايف ريتش سيليوشنز" و"يو جي سيليوشنز"، بالتنسيق الكامل مع الجيش الإسرائيلي. وعلى الرغم من مزاعم هذه الشركات بأن موظفيها لا يستخدمون العنف ضد المدنيين، فإن شهوداً ـ including جنود أميركيون سابقون ومتعاقدون أمنيون ـ أكدوا استخدام الذخيرة الحية داخل مواقع التوزيع.
"ممرات الموت".. لا غذاء ولا أمان
يتعين على الفلسطينيين عبور مناطق مدمّرة ومكشوفة للوصول إلى هذه المواقع المحاطة بالأسلاك والدبابات، حيث يُطلق عليهم الرصاص من قبل الجيش الإسرائيلي أو حراس أمن خاصين. وقال أحد الشهود الفلسطينيين: "إذا توقفت عن المشي، أو سرت في غير المسار المرسوم، يطلقون النار عليك بلا تردد".
وفي إحدى الحوادث الموثقة في 8 يونيو/حزيران، أطلقت دبابة إسرائيلية النار على مركبة مدنية خارج أحد مواقع التوزيع، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص.
تجويع ممنهج وإبادة موثقة
أكدت "هيومن رايتس ووتش" أن استخدام إسرائيل للتجويع كسلاح حرب، وحرمان المدنيين من المساعدات الأساسية، يشكّل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، بل ويدخل في إطار الإبادة الجماعية حسب معايير القانون الدولي.
وأشارت إلى أن الآلية المدعومة أميركياً، حتى في أفضل حالاتها، لا توفر سوى عُشر ما كانت توفره خطة الأمم المتحدة قبل الحصار الإسرائيلي، مؤكدة فشلها الذريع في التصدي للجوع الجماعي.
صمت دولي وتواطؤ أمريكي
رغم معرفة إدارة بايدن بالتقارير الحقوقية المتعددة، خصّصت الولايات المتحدة مؤخراً 30 مليون دولار لدعم مؤسسة غزة الإنسانية، ما اعتبرته المنظمة الحقوقية "تواطؤاً مباشراً في ارتكاب جرائم ضد المدنيين".
وطالبت "هيومن رايتس ووتش" المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، بوقف تمويل هذا النظام القاتل، والضغط فوراً على إسرائيل لإنهاء حصارها وجرائمها، والسماح للمنظمات الدولية والإنسانية المحايدة بإيصال المساعدات بأمان.
صرخة أخيرة.. أوقفوا إبادة الفلسطينيين
قالت بلقيس والي في ختام التقرير: "لا مبرر لبقاء العالم صامتاً. على الدول استخدام نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري لوقف الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، قبل فوات الأوان."
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 207 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.