لجريدة عمان:
2025-06-01@02:40:44 GMT

قانون الإعلام الجديد .. قراءة أولية

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

يبقى تنظيم الإعلام أحد أهم أركان بناء المجتمعات الحديثة التي تسعى إلى توظيف كافة الإمكانات والثروات الاتصالية المتاحة والاستفادة منها، في إطار سعيها نحو الوصول إلى التنمية الشاملة وتحقيق رؤاها المستقبلية.

في عالم يشهد تغيرات تكنولوجية سريعة ومتتالية منذ مطلع الألفية الثالثة، وعلى مدى سنوات ظل الإعلام العُماني يعمل في ظل قانون يعود إصداره إلى ما قبل أربعين عاما من الآن، إلى أن صدر هذا الأسبوع قانون الإعلام الجديد الذي طال انتظاره.

يؤرخ هذا القانون لفترة جديدة في التشريع الإعلامي في سلطنة عُمان الذي يعود إلى بدايات النهضة المباركة وتحديدًا إلى عام 1975، وليفتح المجال واسعًا أمام ظهور المزيد من المنصات الإعلامية التي تقدم خدمات إعلامية متميزة لمواطني الدولة والمقيمين فيها، وتحقق السيادة الوطنية على كل ما يبث من أخبار وآراء وأفكار سواء من الداخل أو الخارج، كخطوة ضرورية لتحقيق الأمن الإعلامي.ودون الدخول في تفاصيل جزئية كثيرة، فإنني أتوقف في هذه القراءة الأولية للقانون الجديد عند الجوانب الإيجابية التي جاء بها دون التوقف أمام بعض المسائل الخلافية التي ليس مجالها مقالات الصحف.

بادئ ذي بدء، يمكن القول إن القانون الجديد جاء جامعًا وشاملًا لكل أشكال وأنماط الإنتاج الإعلامي والفني، ومواكبًا للتقنيات الجديدة التي أتاحت للمواطن الفرد أن يكون مواطنًا صحفيًا ولو لبعض الوقت يستطيع أن ينشر الأخبار والآراء عبر المنصات المختلفة وعلى حساباته الخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي. الشمول الذي يتميز به القانون الجديد لا يقتصر فقط على الجمع بين مؤسسات الإنتاج الإعلامي التقليدية والجديدة ولكن أيضا في الجمع بين الأنشطة التي تقوم بها وسائل الإعلام المعروفة من صحف ومحطات إذاعية وتلفزيونية ووكالات أنباء ودور نشر وشركات الدعاية والإعلان والمواقع والحسابات الإخبارية، وبين الأنشطة الإعلامية التي تمارسها وحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة التي تسري عليها أحكام القانون الجديد، وإن كان قد استثناها من الحصول على ترخيص من وزارة الإعلام للقيام بهذه الأنشطة مع التزامها فقط بإخطار الوزارة. ويفتح هذا الاستثناء، في تقديري، المجال واسعًا أمام هذه الوحدات لزيادة وتنويع أنشطتها الإعلامية، وهو ما يصب في النهاية في صالح الحراك الإعلامي المتوقع في المجتمع العُماني بعد صدور هذا القانون.ويُحسب للقانون الجديد أنه يجمع للمرة الأولى بين متفرقات العمل الإعلامي التي كانت متناثرة في قوانين أخرى. فبعد أن ألغت المادة الثالثة منه ثلاثة قوانين، هي قانون المطبوعات والنشر لعام 1984، وقانون الرقابة على المصنفات الفنية لعام 1997، وقانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون لعام 2004، نص القانون الجديد في مادته الثانية على أن أحكامه «تسري على جميع الأنشطة الاتصالية التي تتم في الدولة بشكل كلي أو جزئي وبشكل دائم أو مؤقت»، وخصص فصل مستقلًا للمطبوعات (الفصل الخامس)، وفصلًا للمصنفات الفنية (الفصل السادس).

يستحق قانون الإعلام الجديد إذن أن نحتفي به خاصة أنه يأتي بعد سنوات طويلة من صدور القانون السابق، لأسباب كثيرة لعل أهمها التغيرات الكبيرة التي شهدتها البيئة الإعلامية العالمية والمحلية من جانب، والتغيرات الجذرية على مستوى الوسائل والوسائط والمنصات وكذلك على مستوى الجمهور ووظائف الإعلام في المجتمع من جانب آخر.

هذا الاحتفاء لا يجب أن يقتصر على الإعلاميين وأساتذة وطلاب الإعلام فقط، ويجب أن يمتد ليشمل النخب الثقافية في المجتمع، خاصة أن القانون يتناول أيضًا المطبوعات والمصنفات الفنية، كما أنه يجب ألا يقتصر على الإشادة ببعض المواد التي تبعث على التفاؤل طالما أن الهدف الأسمى من هذا التشريع المهم هو تعبيد طريق المستقبل أمام الإعلام العُماني.

في تقديري أن أهم ما جاء به القانون الجديد هو النص صراحة في مادته الثالثة على كفالة «حرية الإعلام»، وتفصيل أركان هذه الحرية في 6 حريات وحقوق، تتوافق مع العهود الدولية في هذا المجال، وهي «حرية الرأي والتعبير باستخدام وسائل الإعلام، وحق الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في ممارسة الأنشطة الإعلامية، وحقهم أيضا في الحصول على المعلومات وتداولها بطرق مشروعة، وحظر الرقابة المسبقة على ممارسة الأنشطة الإعلامية، بالإضافة إلى الحق في الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة، والحق في تلقي الرسائل المعرفية والإعلامية.

ويمكن القول إن مواد القانون، التي بلغت 60 مادة وتقع في سبعة فصول، تتوافق إلى حدٍ كبيرٍ مع النص الخاص والمفصل بحرية الإعلام، خاصة ما يتعلق منها بمحظورات النشر التي تقلصت في المادة الرابعة لتقتصر على «الإعلانات التي تتنافى مع الآداب العامة أو التي تهدف إلى تضليل الجمهور، وكل ما يتعلق بالتحقيقات والمحاكمات ما لم يكن النشر بناءً على حكم قضائي نهائي، والأخبار أو البيانات أو المعلومات التي تصدر وزارة الإعلام توجيها بحظر النشر فيها».

وإذا كان القانون قد قلّص إلى حد كبير ما نطلق عليه «الواجبات السلبية»، ونعني بها محظورات النشر (ثلاثة محظورات فقط) بعد أن كان القانون السابق يفرد لها عشر مواد كاملة، فإنه استعاض عن ذلك بتحديد الواجبات الإيجابية التي يجب أن يقوم بها الإعلام في المادة السادسة، لتشمل واجبات وطنية عامة على ممارسي الأنشطة الإعلامية الالتزام بها، مثل «أداء الرسالة الإعلامية بموضوعية وصدق، وتقديم الأحداث بحيادية تامة ومناقشة قضايا المجتمع بما يعكس تعدد وتنوع الآراء والأفكار شريطة نسبة تلك الآراء والأفكار إلى أصحابها، والعمل على إبراز التاريخ والحضارة العمانية والتراث والثقافة والفنون العُمانية، وإبراز التنمية الشاملة في الدولة، وتعزيز قيم المواطنة والانتماء، وتشجيع مواهب وإبداعات الشباب، ومواكبة التطور الفكري والعلمي، ونشر وبث التصريحات الرسمية والبلاغات التي تطلب وزارة الإعلام نشرها».

هذه الواجبات الإيجابية التي يفرضها القانون على ممارسي الأنشطة الإعلامية تبدو شديدة العمومية وغير قابلة للقياس، خاصة أن القانون لم يفرض أي عقوبات على من لا يلتزم بمراعاة هذه الواجبات، وإن كانت تصب في فكرة استمرار الالتزام بالدور التنموي التي أخلص الإعلام العُماني وما زال في أدائه له على مدار تاريخه.

بقي أن نشير إلى نقطة أخرى مضيئة في القانون الجديد للإعلام قد تكون لها تبعاتها الإيجابية على مجمل الأوضاع الإعلامية في سلطنة عُمان، وهي حظر الرقابة «المسبقة» على ممارسة الأنشطة الإعلامية التي وردت ضمن مكونات حرية الإعلام التي يكفلها القانون. هذا النص المهم يمكن أن يحسن إلى حدٍ كبيرٍ تصنيف عُمان في مؤشرات حرية الصحافة في التقارير الدولية، وهو أمر متوقع بعد صدور القانون الجديد بوجه عام.

إن القراءة الأولية لقانون الإعلام الجديد في عُمان تؤكد أننا أمام قانون إعلام عصري جامع وشامل، يمكن أن يشكل نقلة نوعية في مسيرة الإعلام العُماني خاصة في هذه المرحلة التي تشهد دخول أجيال جديدة إلى ساحة العمل الإعلامي، ودخول مئات الآلاف من الشباب إلى سوق استهلاك وسائل ومنصات الإعلام باحتياجات جديدة ورغبات متجددة. ويبقى الأمر مرهونًا بمدى دقة تطبيق هذا القانون والتسهيلات التي يمكن أن تتضمنها اللائحة التنفيذية للقانون، خاصة فيما يتعلق بإنشاء المنصات الإعلامية الجديدة التقليدية منها والجديدة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قانون الإعلام الجدید الأنشطة الإعلامیة الإعلام الع مانی القانون الجدید

إقرأ أيضاً:

اختتام فعاليات النسخة السابعة من برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة

 

اختتمت فعاليات النسخة السابعة من برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة، الذي نظمه مركز الشباب العربي، برعاية كريمة من سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، رئيس المركز، وذلك بعد جولة تدريبية إعلامية مكثفة شملت 53 شاباً وشابة من 17 دولة عربية، والتي رفعت شعار “الشباب والإعلام المجتمعي”، بغرض إعداد الجيل القادم من الإعلاميين الشباب الفخورين بهويتهم والمتمسكين بقيمهم لنقل صورة مشرقة عن مجتمعاتهم العربية.
حضر الحفل الختامي معالي الدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب ، نائب رئيس مركز الشباب العربي، ومعالي عبدالله بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، وسعادة سعيد العطر، رئيس المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، وسعادة خلفان بالهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، وسعادة خالد النعيمي، المدير العام للمؤسسة الاتحادية للشباب، بالإضافة لعدد من ممثلي الشركاء وقادة قطاع العمل الإعلامي بدولة الإمارات، في مشهد يعكس دعم المسؤولين وقادة المؤسسات في دولة الإمارات لطاقات الشباب، وأهمية الاستثمار في الكفاءات الإعلامية العربية الواعدة، ودورهم المحوري في صياغة محتوىً يعكس الهوية والقيم ويواكب تطلعات المستقبل.
وشهد البرنامج الذي استمر على مدار ثلاثة أسابيع، مشاركة نخبة من الإعلاميين وصناع المحتوى الشباب، تنقلوا فيها بين العديد من المحطات التدريبية وورش العمل والزيارات الميدانية لكبرى مؤسسات العمل الإعلامي بالمنطقة، والتقوا خلالها بأبرز صناع القرار والمديرين التنفيذيين والخبراء بتلك المؤسسات.
وخلال حفل التخريج، والذي أقيم بمتحف المستقبل بدبي، قال معالي الدكتور سلطان النيادي نؤمن بأن كل شخص يعمل في مجال الإعلام على اختلاف تخصصاته يسهم في تمثيل هويتنا وقيمنا العربية والإسلامية، ويجب أن يدرك الشباب أن الإعلام في جوهره ليس مجرد منصة لنقل الأخبار وصناعة المحتوى، وإنما أداة لخدمة الناس وقيمهم والتعبير عن مجتمعاتهم وإنسانيتهم.
وأضاف نقف اليوم في متحف المستقبل، هذا الصرح الذي يعكس رؤية دولة الإمارات في استشراف الغد لا بوصفه مجهولاً، بل كمشروع يبني العقول والمهارات، فنحن في الإمارات نؤمن بأن المستقبل كما يصنع في المختبرات ومراكز الابتكار، فإنه يُبنى أيضاً في العقول عبر التطوير والتمكين وتعزيز المهارات، والرسائل الإيجابية البناءة والتي نحملها لأوطاننا وللعالم أجمع.
وأكد معاليه حرص دولة الإمارات على إتاحة الفرص للطاقات الشابة ليكونوا دائماً في المقدمة، قائلاً، إن القيادة الرشيدة بدولة الإمارات، توجهنا دائماً بألا نضع الشباب في الصفوف الخلفية، وأن يكونوا دائماً في قلب الفكرة وعمق المشاريع وصدارة التنفيذ، وقد جسد البرنامج هذه الرؤية من خلال ربط الشباب بصناع القرار من وزراء وقادة مؤسسات وأكاديميين ورؤساء تحرير ونجوم الإعلام، لينهلوا من تجاربهم وخبراتهم إيمانا منهم بأن الشباب هم صناع للمستقبل، وهم شركاء في الحاضر، وأساس لكل أثر مجتمعي إيجابي.
وكانت فعاليات البرنامج قد انطلقت مطلع الشهر الجاري في كل من أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان، ضمن برنامج تدريبي متكامل شمل أحدث أدوات الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع، بالإضافة إلى تقنيات الإعلام الحديث ضمن بيئة إعلامية تفاعلية، وورش عملية مكثفة ركزت على مهارات التفكير النقدي، والتحقق من المعلومات والصور، وصناعة الأخبار ومهارات التأثير، وفنون الخطابة، وصناعة المحتوىً الذي يعكس أصالة القيم ويحافظ على الهوية العربية.
كما تعرف المشاركون خلال زياراتهم الميدانية لكبرى المؤسسات الإعلامية التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً رئيسياً لها، على بيئات العمل الاحترافية داخل غرف الأخبار، ومراحل إنتاج المحتوى بطريقة مؤسسية وممنهجة، وتعرفوا أيضاً على التقنيات الحديثة في قطاع الإعلام الرقمي، إضافة للقاء فرق التحرير والإنتاج، ما منحهم تجربةً واقعيةً وانغماساً حقيقياً في بيئة العمل.
واكتسب البرنامج بعداً آخر خلال هذه النسخة، تمثلت في الدمج بين مهارات الصحافة التقليدية وصناعة المحتوى لمنصات التواصل الاجتماعي، وفن إنتاج البودكاست، متيحاً لهم فرصةً مثاليةً لتبادل الخبرات، وفهم أعمق لأدوار كافة الأطراف في صياغة صورة إعلامية متكاملة.
وشارك الأعضاء في “منتدى الإعلام العربي 2025″، وحصلوا على مساحةً مميزة للتفاعل مع أبرز الشخصيات والمؤسسات الإعلامية في المنطقة، ومتابعة النقاشات المعمقة حول مستقبل الإعلام والتقنيات الحديثة، ومسؤولية الإعلامي في مواجهة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة.
ويعد برنامج “القيادات الإعلامية العربية الشابة” أحد أبرز البرامج التي يطلقها مركز الشباب العربي على مستوى الوطن العرب، بهدف تمكين جيل جديد من الإعلاميين وصناع المحتوى عبر تطوير قدراتهم وتعزيز فهمهم لدور الإعلام في بناء الوعي المجتمعي، وتشجيعهم على المساهمة في رسم ملامح الإعلام العربي.وام


مقالات مشابهة

  • وزير الإعلام يبحث التعاون الإعلامي الفضائي مع شركة تركسات
  • ترامب: لم أطلع بعد على مشروع قانون العقوبات الجديد على روسيا
  • وفاء الكيلاني تكشف سبب غيابها عن الساحة الإعلامية
  • اختتام فعاليات النسخة السابعة من برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة
  • الدكتور المصطفى: كل المنصات الإعلامية التي تلتزم بالعمل الوطني مرحب بها
  • البنية التحتية الإعلامية عصرية وتتيح التوسع والنمو
  • مجلس الإمارات للإعلام يطلق حزمة من السياسات الإعلامية الجديدة
  • بسمة جميل: قانون العلاوات والحوافز الجديد دفعة قوية لتحسين أجور العاملين
  • قانون الإعلام الجديد يواكب التحولات ويحفز على إنتاج محتوى وطني
  • قانون الانتخابات الجديد يثير الجدل في بنين