أكدت الدكتورة إيمان محمد، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن الشريعة الإسلامية أولت كبار السن عناية خاصة، لكونهم في مرحلة عمرية يتغير فيها الكثير من الطاقات والقدرات البدنية والعقلية، ما يجعلهم بحاجة إلى تسهيلات في أداء العبادات والتكاليف الشرعية.

تطورات وأطوار عمرية متغيرة

وقالت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، خلال حوار مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج «حواء»، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد: «طبيعة الإنسان أن يمر بتطورات وأطوار عمرية متغيرة، ومن هذه الأطوار تأتي مرحلة الشيخوخة التي لا يمكن لأحد أن يتجنبها، لذا فقد اهتم الإسلام بهذه الفئة وأعطاها مكانة رفيعة».

وأضافت: «من أعظم مظاهر هذا التوقير أن يُجلس كبار السن في مقدمة المجالس، كما ورد في الحديث الشريف، (من إجلال الله عز وجل، إجلال ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن)، وهذا يوضح مدى أهمية تعظيم مكانتهم في المجتمع».

مكانة كبار السن

وأشارت إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلي مكانة كبار السن حتى في المواقف اليومية، مستشهدة بحادثة عندما كان النبي في مجلس مع الصحابة، فكان أحدهم صغير السن أراد أن يتحدث قبل كبير السن، فوجه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: «كبر كبر»، أي دعوا الكبير يتحدث أولاً.

وبخصوص تسهيلات الشريعة الإسلامية لكبار السن في أداء العبادات، قالت: «الشريعة الإسلامية تسعى لتخفيف المشقة عن المكلفين، وفي هذا السياق رفع الحرج عن كبار السن يشمل نوعين من التخفيف: الأول هو رفع مشقة أداء العبادة بشكل كامل عندما يكون الشخص غير قادر على إتمام العبادة بسبب حالته الجسدية أو العقلية، الثاني هو تخفيف المشقة إذا كان الشخص يستطيع أداء العبادة ولكن مع تعب وجهد كبيرين، مثل الصلاة أو الصوم أو غيرها من العبادات، وأنه في حالات مشقة أو عجز، قد يترخص للمسن في أداء العبادة بطرق أيسر، مثل التيمم بدلاً من الوضوء في حال عدم القدرة على الحركة أو الاستحمام، أو تخفيف بعض الواجبات حسب الحالة الصحية والقدرة البدنية.

وأشارت إلى أن رفع الحرج وتخفيف المشقة عن كبار السن هو من مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية، وذلك لمراعاة ظروفهم في تلك المرحلة العمرية التي قد يعانون فيها من ضعف القدرة على أداء العبادات بشكل كامل أو بشكل يتطلب جهدًا كبيرًا، لافتة إلى أن الإسلام جاء ليُسهل على الإنسان في مختلف ظروفه، وفي هذا الخصوص يُعتبر رفع الحرج عن كبار السن من أسمى ما دعت إليه الشريعة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مركز الأزهر العالمي للفتوى الشريعة الإسلامية الشریعة الإسلامیة کبار السن

إقرأ أيضاً:

أوليفييه روا: الغرب لا يرى الإسلام مشكلة ثقافية بل كتهديد وجودي وحقوق الإنسان استُخدمت أداة هيمنة

في حوار معمّق مع المفكر وأستاذ الدراسات الشرقية أوليفييه روا (المولود عام 1949) قدّم الأكاديمي الفرنسي قراءة نقدية جذرية لمسار العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، مركزاً على تطور مفهوم الاستشراق وتحولاته، ودور الخطاب الغربي في إنتاج تصورات سلبية عن الإسلام والمسلمين، واستخدامه مفاهيم مثل التقدم وحقوق الإنسان كأدوات استعمارية مغطاة بغلاف أخلاقي.

وجاء ذلك في حوار مدير "الجزيرة 360" جمال الشيال مع روا مدير أبحاث مركز البحوث العلمية ومدير دراسات المدرسة العليا للعلوم الاجتماعية الفرنسي السابق، ضمن بودكاست (Center Stage) للجزيرة الإنجليزية الذي يستضيف شخصيات من قادة الفكر المؤثرين ويستطلع وجهات نظرهم حول القضايا العالمية الملحة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رفاعة الطهطاوي أيقونة الحوار بين الشرق والغربlist 2 of 2الأنثروبولجية مايا ويند: هكذا تتواطأ "الجامعات الاستيطانية" مع الحركة الاستعمارية الإسرائيليةend of list

وبدأ روا عمله في أفغانستان التي ذهب إليها صبيا عام 1969 عندما كان بالكاد قد أنهى دراسته الثانوية (الليسيه) وذهب مترحلا ومتجولا في شوارع كابل ومستكشفا الحياة في مدن الشرق، ولاحقا درس آسيا الوسطى في مدن أوزبكستان وطاجيكستان العريقة، قبل أن يعود لباريس وينال دكتوراة الفلسفة، ويدرّس في عدة جامعات ومعاهد فرنسية.

وقدم مؤلفات مهمة في علم اجتماع الإسلام والأديان ترجمت أغلبها للعربية، ومنها "الإسلام والعلمانية، الجهل المقدس.. زمن دين بلا ثقافة، الجهاد والموت، عولمة الإسلام، فشل الإسلام السياسي" وغيرها، واستضافت الجزيرة نت روا ليتحدث عن مستقبل الأديان والهوية والعلمانية، وفيما يلي أبرز ما جاء على لسانه من أفكار خلال المقابلة:

أوليفييه روا يرى أن الاستشراق لم يكن نتاج الحقبة الاستعمارية فقط، بل سبقها بكثير  (الجزيرة)من الإعجاب إلى الهيمنة

يؤكد روا أن الاستشراق لم يكن نتاج الحقبة الاستعمارية فقط، بل سبقها بكثير. فقد نشأ أواخر القرن الـ18 كمجال معرفي أكاديمي يتمحور حول دراسة "الشرق" بوصفه حضارة متميزة. وكان أول المستشرقين في أوروبا من المعجبين بالحضارة الإسلامية، ولكنهم نظروا إليها كماضٍ مجيد فقد صلته بالحاضر.

إعلان

ويرى أن تلك النظرة تغلغلت في الخطاب الغربي، إذ اعتُبر أن العالم الإسلامي "فاته ركب التقدم والعلمانية" وأن عليه أن يبدأ من جديد، وأن يتعلم من الغرب مسار "الحداثة". ويشير روا إلى أن هذا التوجه لم يقتصر على الغرب، بل تبناه عدد من القادة السياسيين في العالم الإسلامي، مثل مصطفى كمال أتاتورك الذي رأى ضرورة محو المؤسسات التعليمية والثقافية التقليدية وبناء مؤسسات "حديثة" على النموذج الغربي.

العلمانية كوسيلة للسيطرة

ينتقد روا الفرضية الغربية القائلة بأن "التقدم لا يتحقق إلا من خلال العلمانية" ويعتبر أنه تم تعميمها لتصبح شرطاً حضارياً للانتماء إلى العصر الحديث.

ويضيف أن تلك الرؤية لم تكن بريئة، بل وظفت سياسياً في سياق الاستعمار. ويضرب مثلاً بفرنسا التي لم تكن في البداية معنية بثقافة الجزائر، لكنها لاحقاً أنشأت مؤسسات مثل كليات الشريعة الإسلامية بإدارة فرنسية، لا بهدف الاعتراف بالثقافة المحلية بل بهدف السيطرة عليها وإعادة إنتاجها بما يخدم هيمنة المستعمر.

عالمية مزعومة

ينتقد روا بحدة الاستخدام الغربي لخطاب حقوق الإنسان، ويؤكد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1947 كان بتمثيل غربي شبه حصري، مما جعل "العالمية" المفترضة تميل إلى كونها "خصوصية غربية مصدَّرة".

ويشير إلى أن ذلك الخطاب تحول إلى وسيلة لفرض نموذج ثقافي محدد، يتجاهل السياقات المحلية أو يصنّفها كمعارضة للمفاهيم الكونية، مثل الدين أو القيم المجتمعية غير الغربية.

ويضرب مثلاً بالمواقف الغربية المتباينة من القضايا العالمية، مثل الحرب في أوكرانيا والمجازر في غزة، ليوضح أن ما يُفترض أنه موقف مبدئي "يُكيف حسب المصلحة الجيوسياسية".

من الحضارة إلى "مشكلة الإسلام"

يُبيّن روا أن التحول الأخطر في الخطاب الاستشراقي الحديث يتمثل في الانزياح من رؤية "الشرق الإسلامي كحضارة" إلى رؤيته كـ"مشكلة دينية". فمنذ السبعينيات، لم يعد الإسلام يُنظر إليه كمكون ثقافي، بل كتهديد مباشر للغرب، وتحوّل إلى "ذريعة لتجريم المجتمعات الإسلامية". فالرموز الدينية مثل الحجاب أو الامتناع عن الخمر أصبحت تلقائياً تُربط بالسلطوية وغياب الحريات.

ويضيف أن الإسلام لم يعد يُعالج كجزء من تنوع الثقافات، بل كعدو مبدئي لحقوق الإنسان، في رؤية تُختزل في عنوان "الإسلام ضد الحداثة".

أزمة الغرب المعاصرة: الهوية بدل المبادئ

يقول روا إن الغرب يشهد اليوم انحداراً من "الخطاب القيمي الكوني" إلى "خطاب الهوية والإقصاء" وتحديداً مع تصاعد الخطاب الشعبوي. ويضرب مثلاً بفرنسا، حيث تُعامَل المظاهر الدينية الإسلامية كتهديد لوحدة الأمة، رغم أن دساتيرها تنص على حرية المعتقد. ويشير إلى أن المفارقة تكمن في أن تلك الدول التي تدّعي نشر التعددية في الخارج تسعى لطمس التنوع داخلياً.

ويضيف أن الديمقراطيات الغربية تعاني أزمة بنيوية، وليست "تتعرض لتهديد الإسلام" كما يُروّج، بل تُقوَّض من الداخل على يد الحركات الشعبوية، في حين أن المسلمين من الجيلين الأول والثاني بأوروبا في الغالب يؤمنون بالديمقراطية ويريدون الاندماج، لكن مع احترام حريتهم الدينية.

ويلفت روا إلى أن المسلمين في الغرب يطالبون بحقوق مضمونة في الدساتير، مثل الحق في المظاهر الدينية أو الغذاء الحلال، لكن يُواجَهون بالرفض. ويقول إن المسلمين ليسوا ضد الديمقراطية، ولكن يُصوَّرون كذلك في الخطاب السياسي الغربي، ويجري استثمار هذا الخطاب لأغراض سياسية داخلية.

إعلان

ويشير إلى أن الفارق في التعامل مع الأحزاب السياسية الإسلامية، مقارنة بالأحزاب القومية المتطرفة الصاعدة في أوروبا، مثل "رالي الوطنية" في فرنسا و"البديل من أجل ألمانيا" يُظهر الكيل بمكيالين، إذ يُحرَّم على الإسلاميين ممارسة السياسة، في حين يُسمَح لليمين المتطرف بالتمدد في السلطة.

أزمة الاستشراق ومأزق الغرب

يختتم روا بأن العالم الغربي يعيش اليوم صراعاً داخلياً بين مبادئ الكونية ونزعات الهوية والإقصاء. ويقول إن النزاع لم يعد بين حضارتين، كما ذهب صموئيل هنتنغتون، بل بين الهوية والمبدأ، في ظل تحوّل الإسلام في المخيال الغربي إلى تهديد جوهري لا مجرد اختلاف ثقافي أو ديني.

ويخلص المفكر والأكاديمي الفرنسي إلى أن مأزق الغرب يكمن في فشله في تحقيق المساواة في الداخل، وازدواجية معاييره بالخارج، وتراجع إيمانه بقيمه المؤسسة نفسها، وعلى رأسها الديمقراطية.

مقالات مشابهة

  • القراي: بقاء الكوكب مرهون ببقاء صوته الحر
  • أمين الفتوى: صلاة كبار السن صحيحة ولو أخطأوا نسيانا
  • وزير الأوقاف يزور كليات الأزهر ويُرحب بالوفد الإندونيسي في الشريعة والقانون.. صور
  • ثمانية تفاوض ثلاثة من كبار المعلقين الرياضيين
  • رونالدو الأبرز.. اتهامات وفضائح تلاحق كبار النجوم
  • أوليفييه روا: الغرب لا يرى الإسلام مشكلة ثقافية بل كتهديد وجودي وحقوق الإنسان استُخدمت أداة هيمنة
  • ضياء رشوان: مظاهرات تل أبيب كشفت ازدواجية الإسلام السياسي ومخططاته ضد مصر
  • الوطنية للانتخابات: 125 لجنة فرعية في الطوابق الأولى بانتخابات مجلس الشيوخ تيسيرا على كبار السن وذوي الهمم
  • لـ كبار السن وذوي الهمم.. «الجوازات» تواصل إجراءات تسهيل الحصول على خدماتها
  • السديس: الشريعة حرمت الاتجار بالأشخاص.. والمملكة رائدة في مكافحة هذه الجريمة