شكل قرار المحكمة الجنائية الدولية القاضي بإصدار مذكرة اعتقال بحق مجرمَي الحرب الصهيونيين، نتنياهو وغالانت، سابقةً مهمة في التعاطي مع كيان، اعتاد أن يكون فوق القانون هو وراعيه الرئيسي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن كان لافتاً أن الذي قدم الدعوة وتابعها بلد غير عربي، وأن الترحيب العربي بالقرار كان خافتاً ومقتصراً على عدة بلدان لا تتخطى عدد أصابع اليد الواحدة!.


هذا القرار لم يرحب به رسمياً من العرب سوى لبنان والعراق والجزائر والأردن، ولم تتعهد الدول التي أقامت علاقات رسمية وتطبيعاً مع الكيان مثل مصر والمغرب والإمارات والبحرين بتنفيذ القرار لو قام نتنياهو أو غالانت بزيارات محتملة بسبب وجود علاقات، رغم تعهد الاتحاد الأوروبي وعدة دول غربية بتنفيذ المذكرة.
وقد أظهرت تعليقات مجرمي الحرب، نتنياهو وغالانت على القرار مدى استخفافهما بالقانون الدولي والشرعية والعدالة والمجتمع الدولي برمته، ومدى احتقارهما واستهانتهما بالرأي العام وبالعقول وبالعرب، ما يشي أن وصف غالانت للفلسطينيين بالحيوانات البشرية، لم يكن سقطة أو زلة لسان، بل قناعة حقيقية لدى الكيان وقادته.
وهنا، لا بد من قراءة عدة دلالات لردود الأفعال الصهيونية والأمريكية:
ا- وصف نتنياهو لقرار المحكمة الجنائية الدولية بأنه “يوم أسود في تاريخ الشعوب”، معتبرًا أن المحكمة التي أُنشئت للدفاع عن الإنسانية “تحولت إلى عدو لها”، يعكس منطقاً مستهيناً بالشعوب التي خرجت لرفض حرب الإبادة وللتعاطف مع القضية الفلسطينية، وهو حصر للشعوب في القلة القليلة التي تواطأت مع الصهاينة، وهو ما يستدعي تحركات شعبية ولا سيما عربية، لمناصرة قرار المحكمة وإبراز النزية التي يتعاطى بها رئيس وزراء الكيان.
كما أن تصريح نتنياهو حول عدم اعتراف “إسرائيل” بقرار المحكمة، هو مروق صريح عن قرارات دولية شرعية، يستدعي عقوبات دولية من الدول الأعضاء بالمحكمة، ولا بد من الدفع السياسي تجاهها، وخاصة من العرب الذين وجهوا الدعوة مراراً وتكراراً للمجتمع الدولي للتحرك لوقف الحرب، وهو اختبار عملي للعرب جميعاً، إذا ما أحسنّا النوايا واعتبرنا أن مواقفهم الباهتة مجرد عجز، وبالتالي جاءتهم فرصة، ولا بد من الضغط لجعلها استحقاقاً وتكليفاً.
2- تعليق غالانت على قرار المحكمة بالقول، إن “العالم سيتذكر قرار محكمة لاهاي الذي يضع “دولة إسرائيل” وقادة حماس القتلة بنفس المكانة”، هو كشف لعوار التخلي عن المقاومة وأنها حق شرعي يكفله القانون الدولي وأن حركات المقاومة هي حركات شرعية طالما هناك احتلال، ولكن سنوات السلام المزعوم والتفريط الرسمي بخيار المقاومة الشرعي، شجع أمثال غالانت على التبجح بهكذا منطق فاجر ومخادع.
3- أثبت رد الفعل الصهيوني لجميع الفرقاء الصهاينة أنهم بمختلف تمايزاتهم مجرمو حرب، حيث اتحد الائتلاف الحاكم والمعارضة على رفض الحكم إدراجه في خانة معاداة السامية، وهو ما يؤكد المؤكد، من أنهم جميعاً قتلة ولا رهان على حكومة دون أخرى أو قائد دون آخر، إذ يحلو لبعض المطبعين أن يحصر جرائم الحرب بشخص نتنياهو، وهو ما أثبت رد الفعل الصهيوني من نتنياهو وغالانت والرئيس الصهيوني ورئيس الكنيست وغانتس وزعيم “المعارضة” لابيد، بطلانه إذ تبيَّن أن جميع هؤلاء يقفون الموقف المجرم ذاته، وأنهم متفقون على الإبادة، وأن خلافاتهم هي مجرد مكايدات سياسية وصراع على الحكم.
4- أثبتت أمريكا أنها مجرد بوق للخداع والتضليل عند الحديث عن الديمقراطية والشرعية الدولية، فهي لا تعترف بمحاكم دولية تختص بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، لأنها أكبر مجرم حرب في التاريخ، وتشجع الكيان على الرفض والاستهزاء بها، بل وتهدد المحكمة بعقوبات.
وجدير بالذكر أنه خلال مفاوضات نظام روما، حاولت الكثير من الدول جعل المحكمة الجنائية الدولية ذات سلطة عالمية، لكن هذا الاقتراح فشل بسبب معارضة الولايات المتحدة.
والخلاصة، أن محكمة دولية أصدرت حكماً يقضي بأن قادة الكيان مجرمو حرب، وهو حكم تاريخي سيظل شاهداً على حقبة مارس فيها الكيان أبشع جرائم الحرب، وظلت فيها المقاومة صامدة تقاتل منفردة هذا الكيان والمتواطئين معه بالدعم والحماية أو بالصمت، وأن أميركا هي الراعي الرسمي للإرهاب والتي أصدرت مؤخراً فيتو لوقف الحرب، منفردة عن جميع أعضاء مجلس الأمن، رغم ادعائها الوساطة وادعائها السخيف المكشوف، بأنها منزعجة لكارثية الأوضاع الإنسانية في غزة!

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

دعوات لمسيرات مستمرة بإسرائيل والمعارضة تسعى لإسقاط نتنياهو

وجّهت أمهات جنود وأسرى إسرائيليين دعوة لتنظيم مسيرة للمطالبة بعقد صفقة تبادل، في حين تسعى أحزاب معارضة لحل الكنيست وإسقاط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

فقد ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الاثنين، أن أمهات جنود وأسرى وجّهن دعوة لتنظيم مسيرة تستمر 5 أيام، للمطالبة بوقف الحرب على غزة والضغط على الحكومة للتوصل إلى صفقة تبادل.

وفي السياق ذاته، تظاهر عشرات النشطاء وممثلو عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، قبالة مقر حزب الليكود في مدينة تل أبيب، للمطالبة بالتوصل إلى صفقة تبادل شاملة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والانسحاب من قطاع غزة.

ورفع المتظاهرون شعارات تدعو إلى وقف الحرب، وتصف حكومة نتنياهو بالدموية.

وأكدت والدة الأسير متان تسانغاوكر، في كلمة بالمظاهرة، أنه يجب ألا يُقتل أو يصاب أي من المخطوفين، بينما بالإمكان تحريرهم بصفقة تعيدهم جميعا.

كما نظّم أعضاء هيئة التدريس في جامعة حيفا وقفة تضامنية مع قطاع غزة، للأسبوع السادس على التوالي، رافعين أعلاما سوداء، ولافتات كُتب عليها "أوقفوا حرب الإبادة على غزة"، و"كفى لجرائم الاحتلال".

كما ردد المتضامنون هتافات منددة باستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، مطالبين بوقفها فورا.

إعلان

وتأتي هذه الوقفة في إطار سلسلة فعاليات طلابية، يشهدها عدد من الجامعات في الداخل الفلسطيني تضامنا مع غزة، على الرغم من القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية الأمنية على تنظيم المظاهرات الاحتجاجية.

إسقاط نتنياهو

من جهة ثانية، اعتبر زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يائير غولان أن الحرب الحالية فقدت مبرراتها، وتحوّلت إلى حرب سياسية تهدف إلى بقاء حكومة بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.

وأكد غولان، في تصريحاته اليوم، أن إسقاط الحكومة هو السبيل الوحيد للخلاص، مشيرا إلى أن ذلك يجب أن يتم في أقرب وقت ممكن.

بدوره، قال زعيم حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرما إن رئيس الوزراء يفضل الاعتبارات السياسية والائتلافية على الاعتبارات الأمنية.

والأربعاء الماضي، أعلنت أحزاب معارضة بينها "هناك مستقبل" برئاسة يائير لبيد، و"إسرائيل بيتنا" بقيادة وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان، عزمها التقدم بمشروع قانون حل الكنيست.

وتتهم المعارضة نتنياهو بالسعي لإقرار قانون يعفي "الحريديم" من التجنيد، استجابة لمطالب حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراه" المشاركين في الائتلاف الحكومي، بهدف الحفاظ على استقرار حكومته ومنع انهيارها.

وكانت آخر انتخابات برلمانية جرت نهاية عام 2022، ما يعني أن موعد الانتخابات المقبلة هو نهاية 2026، ما لم تجرَ انتخابات مبكرة.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلّفت الإبادة أكثر من 181 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء الإحتلال السابق: على ترامب أن يقول كفى لـ نتنياهو
  • انكماش اقتصادي.. تراجع الصادرات الصينية في ظل الحرب التجارية مع أمريكا
  • دعوات لمسيرات مستمرة بإسرائيل والمعارضة تسعى لإسقاط نتنياهو
  • معلومات حصرية عن تهديد بريطاني سابق موجه إلى الجنائية الدولية
  • للمرة الـ38.. نتنياهو يمثل أمام المحكمة للرد على تهم فساد
  • نتنياهو يمثل اليوم للمرة الـ38 أمام المحكمة للرد على تهم فساد
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو يمثل أمام المحكمة المركزية بتل أبيب
  • مفاجأة من المحكمة الدولية في شكوي بيراميدز ضد الأهلي
  • إيران: لن نقبل بمقترح أمريكا وعلى ترامب ترك أفكار نتنياهو الفاشلة
  • ألمانيا والنرويج تعلقان على فرض عقوبات أمريكية على الجنائية الدولية