الجنائية الدولية تفضح أمريكا وتضع العرب في اختبار عملي
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
شكل قرار المحكمة الجنائية الدولية القاضي بإصدار مذكرة اعتقال بحق مجرمَي الحرب الصهيونيين، نتنياهو وغالانت، سابقةً مهمة في التعاطي مع كيان، اعتاد أن يكون فوق القانون هو وراعيه الرئيسي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن كان لافتاً أن الذي قدم الدعوة وتابعها بلد غير عربي، وأن الترحيب العربي بالقرار كان خافتاً ومقتصراً على عدة بلدان لا تتخطى عدد أصابع اليد الواحدة!.
هذا القرار لم يرحب به رسمياً من العرب سوى لبنان والعراق والجزائر والأردن، ولم تتعهد الدول التي أقامت علاقات رسمية وتطبيعاً مع الكيان مثل مصر والمغرب والإمارات والبحرين بتنفيذ القرار لو قام نتنياهو أو غالانت بزيارات محتملة بسبب وجود علاقات، رغم تعهد الاتحاد الأوروبي وعدة دول غربية بتنفيذ المذكرة.
وقد أظهرت تعليقات مجرمي الحرب، نتنياهو وغالانت على القرار مدى استخفافهما بالقانون الدولي والشرعية والعدالة والمجتمع الدولي برمته، ومدى احتقارهما واستهانتهما بالرأي العام وبالعقول وبالعرب، ما يشي أن وصف غالانت للفلسطينيين بالحيوانات البشرية، لم يكن سقطة أو زلة لسان، بل قناعة حقيقية لدى الكيان وقادته.
وهنا، لا بد من قراءة عدة دلالات لردود الأفعال الصهيونية والأمريكية:
ا- وصف نتنياهو لقرار المحكمة الجنائية الدولية بأنه “يوم أسود في تاريخ الشعوب”، معتبرًا أن المحكمة التي أُنشئت للدفاع عن الإنسانية “تحولت إلى عدو لها”، يعكس منطقاً مستهيناً بالشعوب التي خرجت لرفض حرب الإبادة وللتعاطف مع القضية الفلسطينية، وهو حصر للشعوب في القلة القليلة التي تواطأت مع الصهاينة، وهو ما يستدعي تحركات شعبية ولا سيما عربية، لمناصرة قرار المحكمة وإبراز النزية التي يتعاطى بها رئيس وزراء الكيان.
كما أن تصريح نتنياهو حول عدم اعتراف “إسرائيل” بقرار المحكمة، هو مروق صريح عن قرارات دولية شرعية، يستدعي عقوبات دولية من الدول الأعضاء بالمحكمة، ولا بد من الدفع السياسي تجاهها، وخاصة من العرب الذين وجهوا الدعوة مراراً وتكراراً للمجتمع الدولي للتحرك لوقف الحرب، وهو اختبار عملي للعرب جميعاً، إذا ما أحسنّا النوايا واعتبرنا أن مواقفهم الباهتة مجرد عجز، وبالتالي جاءتهم فرصة، ولا بد من الضغط لجعلها استحقاقاً وتكليفاً.
2- تعليق غالانت على قرار المحكمة بالقول، إن “العالم سيتذكر قرار محكمة لاهاي الذي يضع “دولة إسرائيل” وقادة حماس القتلة بنفس المكانة”، هو كشف لعوار التخلي عن المقاومة وأنها حق شرعي يكفله القانون الدولي وأن حركات المقاومة هي حركات شرعية طالما هناك احتلال، ولكن سنوات السلام المزعوم والتفريط الرسمي بخيار المقاومة الشرعي، شجع أمثال غالانت على التبجح بهكذا منطق فاجر ومخادع.
3- أثبت رد الفعل الصهيوني لجميع الفرقاء الصهاينة أنهم بمختلف تمايزاتهم مجرمو حرب، حيث اتحد الائتلاف الحاكم والمعارضة على رفض الحكم إدراجه في خانة معاداة السامية، وهو ما يؤكد المؤكد، من أنهم جميعاً قتلة ولا رهان على حكومة دون أخرى أو قائد دون آخر، إذ يحلو لبعض المطبعين أن يحصر جرائم الحرب بشخص نتنياهو، وهو ما أثبت رد الفعل الصهيوني من نتنياهو وغالانت والرئيس الصهيوني ورئيس الكنيست وغانتس وزعيم “المعارضة” لابيد، بطلانه إذ تبيَّن أن جميع هؤلاء يقفون الموقف المجرم ذاته، وأنهم متفقون على الإبادة، وأن خلافاتهم هي مجرد مكايدات سياسية وصراع على الحكم.
4- أثبتت أمريكا أنها مجرد بوق للخداع والتضليل عند الحديث عن الديمقراطية والشرعية الدولية، فهي لا تعترف بمحاكم دولية تختص بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، لأنها أكبر مجرم حرب في التاريخ، وتشجع الكيان على الرفض والاستهزاء بها، بل وتهدد المحكمة بعقوبات.
وجدير بالذكر أنه خلال مفاوضات نظام روما، حاولت الكثير من الدول جعل المحكمة الجنائية الدولية ذات سلطة عالمية، لكن هذا الاقتراح فشل بسبب معارضة الولايات المتحدة.
والخلاصة، أن محكمة دولية أصدرت حكماً يقضي بأن قادة الكيان مجرمو حرب، وهو حكم تاريخي سيظل شاهداً على حقبة مارس فيها الكيان أبشع جرائم الحرب، وظلت فيها المقاومة صامدة تقاتل منفردة هذا الكيان والمتواطئين معه بالدعم والحماية أو بالصمت، وأن أميركا هي الراعي الرسمي للإرهاب والتي أصدرت مؤخراً فيتو لوقف الحرب، منفردة عن جميع أعضاء مجلس الأمن، رغم ادعائها الوساطة وادعائها السخيف المكشوف، بأنها منزعجة لكارثية الأوضاع الإنسانية في غزة!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إيران تطالب أمريكا بتعويضات عن خسائرها خلال الحرب مع جيش الإحتلال
طالب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الولايات المتحدة بالموافقة على تعويض إيران عن الخسائر التي تكبدتها خلال الحرب التي اندلعت الشهر الماضي، وذلك في إطار تشديد طهران موقفها، وفرضها لشروط جديدة قبل استئناف المحادثات النووية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وفي مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، اليوم الخميس، فقد قال عراقجي أن إيران لن توافق على "العمل كالمعتاد" في أعقاب الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، والتي انضمت إليها الولايات المتحدة لفترة وجيزة على الرغم من أنها كانت تجري محادثات مع إيران.
وأضاف : "عليهم أن يفسروا لماذا هاجمونا في وسط المفاوضات، وعليهم أن يضمنوا أنهم لن يكرروا ذلك (خلال المحادثات المستقبلية). وعليهم أن يعوضوا (إيران عن) الأضرار التي تسببوا فيها".
وأشار عراقجي، وهو كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين في المحادثات مع واشنطن، إلى أنه تبادل الرسائل مع المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، خلال الحرب وبعد انتهائها، وأنه أبلغه بأنه من الضروري التوصل إلى "حل يرضي الطرفين" لإنهاء المواجهة المستمرة منذ سنوات بشأن برنامج إيران النووي.
وتابع: "الطريق المؤدي إلى التفاوض ضيق لكنه ليس مستحيلاً. أنا بحاجة إلى إقناع رؤسائي بأننا إذا ذهبنا للتفاوض، فإن الطرف الآخر سيأتي بعزم حقيقي للتوصل إلى اتفاق مربح للجانبين".
ونوه الدبلوماسي الإيراني، إلى أن ويتكوف حاول إقناعه بأن ذلك ممكن واقترح استئناف المحادثات؛ لكنه استدرك قائلاً: "نحن بحاجة إلى إجراءات حقيقية لبناء الثقة من جانبهم".