عربي21:
2025-12-10@17:02:17 GMT

من هم وزراء الاقتصاد في عهد ترامب؟

تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT

من هم وزراء الاقتصاد في عهد ترامب؟

نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن توعد دونالد ترامب خلال حملته للانتخابات الرئاسية بإعادة هيكلة شاملة للاقتصاد الأمريكي والعالمي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن خطط إعادة الهيكلة تشمل تخفيض الضرائب وتسهيل تداول التعامل العملات المشفرة وإنشاء احتياطي وطني للبيتكوين، فضلًا عن فرض رسوم الاستيراد على جميع الموردين الأجانب.




وزير الخزانة: سكوت بيسنت
وترجح الصحيفة إمكانية تعيين سكوت بيسنت البالغ من العمر 62 عامًا، وهو مدير صندوق تحوط ذو خبرة على رأس وزارة الخزانة الأمريكية. لم يشارك بيسنت في الحياة السياسية الأمريكية من قبل وهو غير معروف للرأي العام. ومع ذلك، يتماشى هذا الأسلوب مع نهج ترامب، الذي يفضل ترشيح أشخاص تجمعه معهم علاقات شخصية من قطاع الأعمال والمال لمناصب عديدة.

ويشهد الأشخاص الذين عملوا مع بيسنت باهتمامه العميق ومواكبته  للمستجدات التي تطرأ على الاقتصاد العالمي. 

وقدم بيسنت الدعم لترامب فقط خلال الحملة الأخيرة. ففي السنوات السابقة، كان يقدم تبرعات لصالح الحزب الديمقراطي. علاوة على ذلك، عمل تحت قيادة الملياردير الليبرالي جورج سوروس.

ويكمن السبب وراء انتقاله لدعم أجندة ترامب في السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل إدارة بايدن، التي ترتب عنها تسجيل أعلى معدلات تضخم شهدتها الولايات المتحدة خلال الأربعين عامًا الماضية، بما في ذلك زيادة الإنفاق الحكومي بشكل مفرط. بالإضافة إلى ذلك، يعارض بيسنت القوانين التنظيمية الصارمة التي أصبحت القاعدة في السنوات الأخيرة.

ويقترح بيسنت خفض عجز الموازنة إلى 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بدلًا من 6 بالمئة بحلول سنة 2028 وتحقيق معدل نمو اقتصادي سنوي يصل إلى 3 بالمئة، فضلا عن زيادة إنتاج النفط بمقدار 3 ملايين برميل يوميا، من أجل تحقيق ذلك، ينبغي إلغاء القيود التنظيمية وغير ذلك من التدابير لدعم النمو.

وفي الحقيقة، إن هذه الخطة مستوحاة من برنامج "الأسهم الثلاثة" الذي أطلقه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. والجدير بالذكر أن آبي كان أحد القادة الأجانب القلائل الذين تجمعهم علاقات صداقة مع دونالد ترامب.

في المقابل؛ قد تواجه المشاريع الطموحة لتطوير قطاع العملات المشفرة، التي يقترحها العديد من مؤيدي الرئيس الجديد عقبات لأن بيسنت ليس من داعمي البيتكوين. ربما لهذا السبب ظلت قيمة العملة مستقرة بعد إعلان ترشيحه، ولم تصل إلى مستوى 100 ألف دولار. وفي جميع الأحوال، دعم العديد من مؤيدي العملات المشفرة، بما في ذلك إيلون ماسك، مرشحًا آخر لهذا المنصب وهو هوارد لوتنيك.



وزارة التجارة: هوارد لوتنيك
وأفادت الصحيفة أن مهمة هذه الوزارة تتمثل في ضمان مصالح الشركات في الخارج وإدارة السياسة التجارية والاقتصادية وتنظيم اقتصاد البلاد بشكل عام. وعلى عكس بيسنت، يدعم لوتنيك قطاع العملات المشفرة ويُعرف بتأييده لترامب منذ فترة طويلة وتبنيه وجهات النظر الأساسية لرئيسه المستقبلي المحتمل.

علاوة على ذلك، بؤيد لوتنيك سياسة تخفيض الضرائب، مستندًا إلى تجربة الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين، عندما لم يكن هناك نظام ضريبي مباشر وتشكل الميزانية من خلال رسوم التجارة الخارجية. بالإضافة إلى ذلك، كشف لوتنيك في العديد من المناسبات معارضته نقل الإنتاج الأمريكي إلى دول أخرى.

وحتى نهاية هذا الأسبوع، كان الممثل التجاري الأمريكي السابق روبرت لايتهايزر يُعتبر المرشح  الأوفر حظًا لتولي احدى المناصب الاقتصادية الرئيسية. وقد أثار عدم منحه أي حقيبة وزارية جدلا واسعا في وسائل الإعلام والأوساط الخبرية، وفقا للصحيفة.

ويُعد  لايتهايزر من أبرز المؤيدين لسياسة الرسوم الجمركية العالية، والخيار الأكثر منطقية لتنفيذها.

وفي حال توافقت آراء لوتنيك مع لايتهايزر بخصوص التجارة، فإن بيسنت يمثل الجمهوري المحافظ المالي، الذي لا يميل إلى اتخاذ خطوات حادة في السياسة الاقتصادية.

وقبل الانتخابات، أدلى بتصريحات مثيرة للاهتمام، حيث قال إن التهديد بفرض رسوم جمركية صارمة يعد في جوهره إستراتيجية تفاوضية، أو "تصعيد من أجل التهدئة".

وفي هذا السياق؛ يمكن اعتبار الأنباء، التي تفيد بأن الولايات المتحدة مستعدة لفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على جميع المنتجات القادمة من كندا والمكسيك، مجرد إستراتيجية تفاوضية. 

وقالت الصحيفة، إن موقف الحكومة الكندية بقيادة رئيس الوزراء جاستن ترودو وفَرْض الرسوم الجمركية بمثابة ضربة قوية للاقتصاد الوطني الذي لا يملك الكثير من البدائل.

وفي حين تبدي كندا استعدادًا لتقديم تنازلات في العديد من المسائل، فإن المكسيك، مطالبة بالتعاون في مراقبة تدفق المهاجرين من الدول الأخرى إلى الولايات المتحدة. وعليه، من المستبعد فرض الولايات المتحدة رسوم صارمة ضد دولة حلت محل الموردين الصينيين لأمريكا في مجموعة واسعة من السلع.



هيئة الأوراق المالية والبورصات: غير معروف
وبينت الصحيفة أن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية من الإدارات المهمة الأخرى التي لم يتم اختيار رئيسها.

وتُعد الهيئة الجهة التنظيمية الرئيسية لسوق المال في الولايات المتحدة، وقائمة المرشحين لهذا المنصب واسعة جدًا وتتضمن أسماء أشخاصًا لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بعالم العملات الرقمية مثل هيستر بيرس، صاحبة لقب "أم العملات الرقمية" بسبب سعيها لتقنين العملات الرقمية وتنظيمها، وبرايان بروكس، الرئيس التنفيذي السابق لمنصة العملات الرقمية "بينانس".

ومن المحتمل أن يحل واحد من بين هؤلاء محل غاري غينسلر، الذي يتخذ موقفًا متشككًا للغاية تجاه "العملات المشفرة" وعطل إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الخاصة بعملة البيتكوين في البورصة. 

وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة إلى أن التعيينات التي أجراها ترامب في المجال الاقتصادي ليست جذرية كما هو الحال مع المجالات الأخرى لأن الاقتصاد السبب الرئيسي لإعادة انتخاب ترامب. وفي حال وجدت خطوات محفوفة بالمخاطر في هذا المجال، فقد تمت دراستها بشكل دقيق.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية ترامب الاقتصاد الولايات المتحدة الولايات المتحدة الاقتصاد ترامب الادارة الجديدة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة العملات المشفرة العملات الرقمیة العدید من

إقرأ أيضاً:

الفجوة بين المؤشرات الاقتصادية والواقع الفعلي للناس

جون ألسوب/ ترجمة: بدر بن خميس الظفري

خلال فترة الكساد الكبير، صرّح ويليام ن. دوك، وزير العمل في إدارة الرئيس هربرت هوفر، بأن معدلات التوظيف ترتفع في أنحاء البلاد. غير أنّ الصحفيين كانوا قد خُدعوا سابقًا بتصريحات متفائلة لوزراء ذوي حسابات سياسية، كما ذكرت مجلة التايم. لذلك لجأوا إلى رأي ثانٍ من إيثيلبرت ستيوارت، مفوض مكتب إحصاءات العمل، فهاتَف الوزير مؤكدًا أن الأرقام التي لديه لا تدعم هذا الادعاء. وبعد فترة قصيرة، وقع هوفر قانونًا يُلزم الحكومة الفيدرالية بالتخلّي عن الموظفين الذين بلغوا سن التقاعد. وكان ستيوارت في منتصف السبعينيات من عمره، وكان يمكن لدوك أن يرشحه للحصول على استثناء رئاسي، لكنه امتنع، فخرج الرجل من منصبه. ووفقًا لمجلة تايم، فإن كثيرًا من المراقبين في واشنطن شمّوا رائحة مؤامرة. وقال ستيوارت ساخرًا: «لا تقولوا إنني تقاعدت؛ لقد طُردت بطريقة مهينة تمامًا».وكما لاحظ الناقد الإعلامي جاك شيفر مؤخرًا، فإن مسألة أرقام الوظائف ظلت كرة سياسية متقاذفة منذ إنشاء «مكتب العمل» عام 1884 في عهد الرئيس تشيستر آرثر. وبحسب سجلات المكتب، فقد جاء تأسيسه ثمرة نحو عقدين من الضغط الذي مارسته النقابات العمالية كي تتولى الحكومة نشر بيانات توضح أوضاع القوى العاملة الصناعية وتحسينها. وكان الزعيم النقابي الشهير صامويل غومبرز يرى أنّ امتلاك المشرّعين لبيانات دقيقة سيجعل تجاهل العمال أمرًا صعبًا.

وللاتهامات المتعلقة بتدخل الرؤساء في الأرقام تاريخ طويل أيضًا. فقد اشتُبه في هوارد غولدستين، مساعد مفوض المكتب في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، بأنه قوض تقريرًا يعلن تراجع البطالة، مما أثار غضب نيكسون الذي طالب بإقالته. ويروي زميلي فيرغوس ماكنتوش أن هذا الحادث كان من المقدمات التي سبقت قرار نيكسون المثير للجدل بإجراء ما سُمّي داخل الوكالة «بـإحصاء اليهود». وفي عام 2012، حين أعلن المكتب عن انخفاض في البطالة قبل الانتخابات الرئاسية، اتهم بعض الجمهوريين إدارة الرئيس باراك أوباما بتلفيق الأرقام لمصلحته الانتخابية. وكان من بين هؤلاء دونالد ترامب، الذي شكك مجددًا في أرقام التوظيف خلال خطاب إطلاق حملته في 2015، قائلًا: «معدل البطالة الحقيقي لدينا يتراوح بين 18 و20 في المائة»، وذلك عقب نزوله الشهير من السلم الذهبي في برج ترامب. وفي العام الماضي، بعد أن خفض المكتب تقديراته السابقة للوظائف، زعم ترامب أنّ إدارة بايدن–هاريس كانت تخفي الأرقام الحقيقية لأهداف سياسية. ولو صحّ ذلك لكان أداؤها في غاية السوء، لأن المراجعة صدرت في أغسطس، أي قبل الانتخابات بنحو شهرين ونصف.

بلغ هذا السلوك ذروته حين قرر ترامب إقالة إيريكا ماكنتارفَر، مفوضة مكتب إحصاءات العمل، بعد أن أصدر المكتب تقريرًا للوظائف أظهر نموًا ضعيفًا للغاية في شهر يوليو، وأرقامًا أقل بكثير لشهري مايو ويونيو مقارنة بما كان معلنًا سابقًا. حاول مستشارو ترامب وضع غطاء عقلاني على قرار غير عقلاني.

لكن ترامب نفسه قالها صراحة، متهما ماكنتارفَر بأنها منحازة للحزب الديمقراطي وأنها تلاعبت بالأرقام لتجعله يبدو سيئا. ووصف ماكنتوش الإقالة بأنها «خطوة جديدة في مشروع ترامب لتحويل البيروقراطية الفيدرالية وما تنتجه من معلومات إلى أداة لسلطته». واتفق مراقبون آخرون على ذلك، مشيرين إلى الطبيعة الاستبدادية المتصاعدة لهذه السلطة، وإلى أنّ إقالة ماكنتارفَر عمّقت شعورا قاتما لدى كل من يقدّرون الحقيقة. وعلى قناة (آي. بي. إس)، قال لاري سامرز، وزير الخزانة الأسبق: «إن ما حدث يتجاوز بكثير ما فعله نيكسون». وأضاف: «إقالة الإحصائيين تسير مع تهديد رؤساء الصحف، والاعتداء على الجامعات، والضغط على مكاتب المحاماة التي تدافع عن موكّلين لا يروقون للحاكم المنتخب. هذا أمر مرعب بالفعل».

كل ذلك صحيح. ورغم غياب «إحصاء اليهود»، يمكن القول: إن ما فعله نيكسون كان أسوأ. لكن ما لفت انتباهي هو أن إقالة ماكنتارفَر كانت الخطوة الأكثر إضرارا بترامب نفسه ضمن سلسلة تحركاته السلطوية الأخيرة. فحتى لو لم يتحول تقرير الوظائف إلى نسخة أميركية من برافدا بين ليلة وضحاه، إذ يؤكد الخبراء أن إعداد التقرير عملية يصعب التلاعب بها بشكل فج، فإن مجرّد الاعتقاد بأنه تمّ تغيير الأرقام لإرضاء ترامب، أو أنه قد يحدث ذلك، قد يزعزع الثقة بالاقتصاد، ويجعل أسواق السندات أكثر توترا، أو يضعف موقف الولايات المتحدة في مفاوضات التجارة الدولية. وقد أدى سلوك ترامب بالفعل إلى ظهور جملة مذهلة في صحيفة وول ستريت جورنال، وهي «قد تساعد الجهود المبذولة لتقدير البيانات الاقتصادية في الصين -التي تنشر أرقاما حكومية سيئة السمعة- الشركات الأمريكية على إيجاد نموذج عمل إذا أصبحت مصداقية البيانات المحلية موضع شك». وكل هذا الخطر لمجرد إخفاء الحرج من تقرير وظائف لم يكن جيدا، لكنه لم يكن كارثيا.

وتبرز أضرار أخرى في هذه الإقالة. فقد قال أحد المراقبين لصحيفة نيويورك تايمز: «لا يمكن للديمقراطية أن تعمل واقعيا من دون بنية معرفية موثوقة». وعلى نحو أقل تجريدا، تبدو الإقالة عملا بلا جدوى سياسية من منظور الرئيس نفسه. فعادة ما كانت محاولات ترامب للتشكيك في الحقائق المتفق عليها تصبّ في مصلحته. لكن الآن، وقد عاد إلى الحكم، بدأ يكتشف أن هذا لا ينطبق دائما. والدليل الأول هي قضية إبستين التي لا تزال مستمرة بشكل لا يصدق. كما أن التشكيك في البيانات الاقتصادية الرسمية لن يكون في صالحه؛ فترامب، أكثر من أي شخص آخر، يعرف أن شعور الناس تجاه الاقتصاد هو ما يهم فعلا —فهو نفسه عاد إلى البيت الأبيض مستندا إلى هذا الشعور. ومع سلطته شبه المطلقة وامتلاكه الأغلبية في الكونغرس، أصبح الاقتصاد الآن مسؤوليته الكاملة. ويبدو أكثر فأكثر كأنه «كأنه العبء الذي يُسحب خلفه رغما عنه».

في عام 2022 صاغت كايلا سكانلون، وهي معلّقة اقتصادية، مصطلح Vibecession وهو «الركود المعنوي»، والذي عرّفته لاحقا بأنه «الفكرة التي تقول إن البيانات الاقتصادية تروي لنا قصة، بينما يخبرنا المزاج العام للمستهلكين بقصة أخرى». سرعان ما انتشر المصطلح في تغطيات الإعلام كاختصار معبّر لظاهرة محيّرة، وهي أنه وفق كثير من المؤشرات التقليدية، كان اقتصاد عهد بايدن قويا، خصوصا في النصف الثاني من ولايته حين بدأت معدلات التضخم المرتفعة في التراجع. ومع ذلك بدا كثير من الناس غير متحمسين للاقتصاد ككل.

ظهرت تفسيرات متعددة لهذه المفارقة. أحد التفسيرات الشائعة رأى أن الإعلام يبالغ في التركيز على النقاط السلبية، وأبرزها التضخم، وعلى حالات فردية غير ممثلة للواقع، مثل تقرير على قناة (سي. إن. إن) عن عائلة تضم 11 فردا تستهلك 12 جالونا من الحليب أسبوعيا، وأن الإعلام يفشل في عرض الصورة الكاملة. وكان مسؤولو البيت الأبيض بين من يروجون لهذه الفكرة، بمن فيهم بايدن نفسه، الذي لمح أكثر من مرة إلى أن الصحافة لا تغطي أخبار الاقتصاد «بالطريقة الصحيحة».

ولام آخرون إدارة بايدن لأنها لم تبذل جهدا كافيا للترويج لإنجازاتها الاقتصادية. وقد أعرب بايدن لاحقا عن أسفه لعدم وضع اسمه على مشاريع البنية التحتية الجديدة أو على شيكات الدعم المالي التي صُرفت خلال جائحة كورون. وفي كل الأحوال أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار أن الناس، حتى الذين قالوا إن وضعهم المالي الشخصي جيد، أو أن الوضع في ولايتهم أو منطقتهم المحلية مستقر، يعتقدون أن الاقتصاد الوطني يسير في الاتجاه الخاطئ. وفي أحد الاستطلاعات، في ربيع العام الماضي، قال أغلبية المشاركين: إن الولايات المتحدة في حالة ركود، رغم أنها لم تكن كذلك إطلاقا.

أما المدرسة الأخرى فترى أن الناخبين لم يكونوا مضلَّلين بشأن الاقتصاد، وأنه من التعالي التعامل معهم على هذا الأساس. فحسب هذا الرأي، ترك التضخم المرتفع في عهد بايدن ندوبا نفسية وآثارا دائمة على الأسعار، حتى بعد تراجع معدلات الارتفاع. كما أن الأرقام الاقتصادية العامة الصادرة عن مؤسسات مثل مكتب إحصاءات العمل لا تعكس معاناة الأسر ذات الدخل المنخفض، خصوصا بعد إسقاط أو عدم تمديد برامج مهمة من أوائل عهد بايدن، مثل زيادة الائتمان الضريبي المخصّص للأطفال، ومنع طرد المستأجرين من منازلهم خلال الجائحة. حتى أولئك الذين قالوا في الاستطلاعات إن أوضاعهم الشخصية جيدة ربما كانت لديهم أسباب وجيهة للنظر حولهم ورؤية اقتصاد يبدو مختلا وغير عادل—بل وموجها ضدهم. وفي بلد ذي شبكة أمان اجتماعي هشة إلى هذا الحد، لم يكن المرء بحاجة لأن يكون من أشد منتقدي بايدن ليشعر بذلك.

في الواقع، تحمل كلتا الرؤيتين جانبا من الحقيقة. لكن، وبغض النظر عن «المشاعر السيئة» ومدى مشروعيتها، كان من الواضح أن ترامب استفاد منها؛ فقد فاز بالانتخابات إلى حد كبير بفضل وعود مبسّطة بإنهاء التضخم وإعادة الأسعار إلى ما كانت عليه. وغالبا ما أثبت ترامب قدرة لافتة على استغلال المزاج العام —وهو ما ناقشته في مقال سابق— بما يفوق قدرة بايدن وكثير من الديمقراطيين الآخرين. فعلى سبيل المثال، في نهاية ولايته الأولى، وضع ترامب اسمه على شيكات الدعم المالي. وتمكن من الحفاظ على صورته كمدافع عن الناس الذين يشعرون بأن الاقتصاد منحاز ضدهم، حتى لو لم يكن ضدهم بشكل مباشر، وهذا جزء من جاذبيته الشعبوية التي تتغذى على خطوات مثل إقالة التكنوقراط الذين يديرون الوكالات الإحصائية الحكومية.

وخلال حملته العام الماضي، بدا أيضا أنه يستثير حنينا كامنا لدى كثيرين إلى قوة الاقتصاد قبل جائحة كورونا في عهده. وبعد فوزه بالانتخابات، ارتفعت الثقة بالاقتصاد، على الأقل بين أنصاره. وهكذا، أُعلن انتهاء «الركود المعنوي».

الآن، وبعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بات عليه أن يقدّم أداء اقتصاديا مقنعا إذا أراد الحفاظ على «المعنويات الجيدة»، غير أنّ الصورة العامة للاقتصاد ما تزال غامضة حتى اللحظة. وقد أسهم ترامب كثيرا في تعميق هذا الغموض، خصوصا من خلال أسلوبه المربك في تنفيذ سياسة الرسوم الجمركية. وقد تحوّلت هذه السياسة، كما كتب كايل تشايكا في مجلة ذا نيويوركر في شهر أبريل الماضي، إلى ما يشبه مؤشّر الركود الاقتصادي» المتحوّل إلى مادة شعبية واسعة الانتشار في وسائل التواصل.

وكانت التوقعات تشير إلى أن الرسوم الجمركية سترفع أسعار السلع للمستهلكين، وهناك بالفعل مؤشرات مبكرة على حدوث ذلك، إلى جانب بوادر مقلقة في بيانات النمو والتوظيف الأخيرة. ومهما تكن الوجهة التي سيتجه إليها الاقتصاد، فإن صراخ ترامب بشأن البيانات الاقتصادية -سواء كانت دقيقة أم مختلقة-لا يبدو قادرًا على تغيير شعور الناس. والمفارقة أن ترامب يرتكب الخطأ ذاته الذي وقع فيه بايدن؛ غير أن نسخة ترامب من «مطالبة الإعلام بتغطية البيانات بالطريقة الصحيحة» تتجلى في قيامه، ببساطة وعلانية، بإقالة مسؤولٍ لم يفعل شيئًا سوى نشر الأرقام كما هي.

وإذا كانت نتائج انتخابات العام الماضي قد أظهرت أن الانطباعات الذاتية للناخبين تفوق بكثير وزن المؤشرات الاقتصادية العليا، فمن المغري النظر إلى ذلك كخطوة إضافية داخل عصر «ما بعد الحقيقة». فترامب رجل قال: إن «مشاعره» تؤثر في تقييمه لقيمة ثروته، وادّعى أن بيانات مكتب إحصاءات العمل الأخيرة مجرد «هراء» وفق «رأيه، وهو يمثل نموذجًا مناسبًا لفكرة أن المشاعر تتغلب شيئًا فشيئًا على الحقائق. لكن معظم الناس لا يزالون مرتبطين بواقع حياتهم اليومية؛ فإذا انهار سوق العمل في عهد ترامب، أو عاد التضخم ليضرب من جديد، فستُحسّ هذه الحقائق بقوة. ومنطق «الركود المعنوي» لا يمكن أن يعمل بالعكس: فإذا دخل الاقتصاد فعليًا في ركود، أو حتى تباطأ، فستكون «المعنويات» بالتأكيد سيّئة بالنسبة إلى ترامب.

لم تكن تقارير التوظيف الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل يومًا حقائق مقدسة لا تُمس. فكما أشار ماكنتوش في مقاله، فإن القرارات المنهجية التي تحكم عملية جمع البيانات تعكس أولويات سياسية؛ وقد ازدادت العملية صعوبة في السنوات الأخيرة نتيجة تراجع معدلات استجابة الشركات لاستطلاعات المكتب، بالإضافة إلى القيود المالية. والاعتراف بأن هذه الأرقام ليست صورة كاملة لا يعني الوقوع في فكرة متطرفة ترى أن كل الإحصاءات مجرد أكاذيب، وبالتالي فإن انتقادات ترامب تصبح بلا معنى. المقصود ببساطة هو أن الأرقام تعكس جانبًا من الواقع، بينما الواقع الفعلي أعقد بكثير من اختزاله في بيانات.

ولو أنّ مسافرًا عبر الزمن عاد إلى حقبة الكساد الكبير وأخبر إيثيلبرت ستيوارت-المفوّض التاريخي لمكتب إحصاءات العمل- بمصطلح «الركود المعنوي»، لظنّ بالتأكيد أنه قادم من كوكب آخر. لكنه كان سيفهم الفكرة الأساسية. فقد قال ستيوارت ذات مرة: «الأشياء التي تجعل الحياة الإنسانية حياةً إنسانية لا تستجيب بسهولة للطريقة الإحصائية». وأضاف أنه قضى عقودًا يحاول «أن يضع قليلًا من اللحم على هيكل عظمي من الجداول الرقمية -فالحديث في النهاية عن حياة البشر».

جون ألسوب صحفي وكاتب متخصص في تحليل الإعلام والسياسة، يكتب بانتظام في مجلة «نيويوركر» ومؤلف كتاب «ما الغاية من الصحافة؟»

مقالات مشابهة

  • ترامب يتحدث عن تحسن الاقتصاد والمواطن الأمريكي ما زال عالقًا تحت ضغط الأسعار
  • المستشار الألماني: أوكرانيا وحدها من تقرر شكل التسوية الإقليمية التي تقبل بها
  • الفجوة بين المؤشرات الاقتصادية والواقع الفعلي للناس
  • تعرف على أبرز الشخصيات التي واجهت التحريض الإسرائيلي خلال 2025؟
  • إعلام عبري: لن يدخل المناطق الخضراء برفح إلا العائلات الفلسطينية التي لا ترتبط بحماس
  • تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن والمكسيك.. وهذا تأثير الرسوم الجمركية على سوق العمل الأمريكي
  • رئيس وزراء الصين: عواقب الرسوم الجمركية تزداد وضوحا
  • مسؤول أمريكي يكشف لـCNN عدد التأشيرات التي ألغتها إدارة ترامب والأسباب
  • ترامب يحذر الدول التي تغرق الولايات المتحدة بالأرز الرخيص
  • بطلب من أمريكا.. رئيس وزراء قطر يكشف بداية علاقة الدوحة بحركة حماس