الإفتاء: التصوير والرسم من الفنون الجميلة ولها أثر طيب ولا حرمة فيهما
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن التصوير والرسم من الفنون الجميلة التي لها أَثَرٌ طَيِّب في راحة النفوس والترويح عنها، ولا حُرْمَة فيهما ما لم يشتملا على شيء ينافي الدين والأخلاق والفطرة المستقيمة.
وأوضحت خلال بيانها التصوير الفوتوغرافي مصطلح مشتق من اللغة اللاتينية اليونانية مكون من شقين: الشق الأول كلمة "photo " وتعني: الضوء، والشق الثاني كلمة "Graphic "، وتعني الرسم أو الكتابة، فكلمة "Photographic " تعني بالعربية: الرسم بالضوء.
وحقيقية التصوير: أن يستخدم المصوِّر آلة -عدسة- مصممة بطريقة تسمح بعكس المشهد الذي أمامها في وَسَطٍ يمكنه الاحتفاظ به؛ وذلك بواسطة تأثيرات ضوئية، ثم يمكنها بعد ذلك الاحتفاظ بذلك الانعكاس بداخلها.
وأضافت: التصوير بهذا المفهوم في أصله جائز شرعًا شريطة ألَّا يشتمل على محظورٍ؛ كتصوير جسدٍ عارٍ أو عورة واجب سترها، أو التسبب في إلحاق الضرر بالآخرين.. إلخ.
تعظيم شعائر الله سبحانه من علامات تقوى القلوبوأكملت الإفتاء: من المقرر أن من أجلِّ العبادات القلبية التي يُستدل بها على تقوى القلوب وخضوعها لله عزَّ وجلَّ: تعظيم شعائره؛ حيث قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
وتعظيم شعائر الله تعالى يشمل إبراز معاني التوقير والإجلال والاحترام لها، وامتثال الأمر بإقامتها والتعبد لله بها؛ فإن تعظيمها من تعظيمه سبحانه وتعالى؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تفسير قول الله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ [نوح: 13]: "مَا لَكُمْ لَا تَعْلَمُونَ حَقَّ عَظَمَتِهِ؟"؛ كما في "بحر العلوم" للإمام السمرقندي (3/ 407، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (26/ 264، ط. دار إحياء التراث العربي): [إنَّ الخالقَ ابتداءً مالكٌ، والمالكُ يجب على المملوك إكرامُه وتعظيمُه] اهـ. وتعظيم الله تعالى يحصل بتعظيم كل ما دَلَّ عليه من شعائر أو عبادات.
ولَمَّا كان الحج شعيرة من شعائر الله؛ اقتضى ذلك تعظيمه بإبراز أقصى معاني الاحترام والإجلال، بالتأدب وحفظ الوقار أثناء القيام بالمناسك، سواء كان ذلك أثناء الطواف حول البيت الحرام، أو في السعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وعند رمي الجمار، وهذا الاحترام لا يتأتَّى في حال كون الإنسان منشغلًا بالتصوير في كلِّ مكانٍ من أماكن المشاعر المقدسة بشكلٍ مُبالَغٍ فيه؛ بحيث يتسبب في تعويق حركة الحجاج في أداء المشاعر من طوافٍ وسعيٍ، أو حتى في الأمور التنظيمية الخاصة بالفوج الذي يشترك فيه الناس معًا كالتنقل من وإلى المسكن والمشاعر الأخرى، فإذا نتج عن التصوير ضرر بتعطيل حركة الآخرين أو أي نوع من الإيذاء، عُدَّ التصوير ممنوعًا شرعًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه ابن ماجه في "سننه".
والضرر المنهي عنه في الحديث يشمل قليل الضرر وكثيره، فهو لفظٌ عامٌّ يشمل عدم الضرر في كلِّ الأمور إلَّا ما دلَّ الشرع على إباحته لمصلحة شرعية.
قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (7/ 191، ط. دار الكتب العلمية): [قال ابن حبيب: الضرر عند أهل العربية الاسم، والضرار الفعل، قال: والمعنى لا يدخل على أحد ضررًا.. وهو لفظ عام متصرف في أكثر أمور الدنيا، ولا يكاد أن يحاط بوصفه] اهـ.
إن المبالغة في التصوير أثناء مناسك الحج فيها نوع من الإيذاء وعدم مراعاة أحوال الآخرين، قد يوقعهم في الحرج المنهي عنه شرعًا؛ بل إنه يُعَدُّ من الأفعال المنافية للحال التي ينبغي أن يكون عليها مَن يزور بيت الله الحرام، سواء كان مُحْرِمًا بالحج أو غير محرم؛ لذا فلا يليق أن ينشغل المحرم بالحج عن أداء المناسك بأي أمر آخر من أمور الدنيا؛ كالتقاط الصور التذكارية؛ لأن الأصل أن يكون حاله في هذا الوقت منقطعًا عن الملهيات والشهوات متعلقًا قلبه بربه، ومنشغلًا فكره برضا مولاه، راجيًا قبول حجه؛ لينال بذلك الأجر، فيرجع كيوم ولدته أمه، لا ذنب ولا إثم عليه، فيكون حجه مبرورًا.
ويتأكد هذا التقرير -منع المبالغة في التصوير أثناء المناسك- في حقِّ كلِّ مَن دخل الحرم المكي الشريف مُحْرِمًا أو غير محرم؛ لقدسيته وهيبته وإجلاله، والذي قال عزَّ وجلَّ في شأنه: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 96-97]، فكيف بالحرم الشريف؟! وقد قال تعالى في حقِّ المساجد عامة: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ [النور: 36-37].
قال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (6/ 56-57، ط. دار الكتب العلمية): [أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها] اهـ. ولا شك أن إيذاء الحجيج والمعتمرين وتعطيلهم عن أداء مناسكهم يُعَدُّ من الأفعال التي لا تليق ولا تناسب الحال الذي ينبغي أن يكون عليه مَن يَرِد هذه الأماكن المباركة.
وقد روي عن عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ المخزومي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ، مَا عَظَّمُوا هَذِهِ الْحُرْمَةَ حَقَّ تَعْظِيمِهَا، فَإِذَا ضَيَّعُوا ذَلِكَ، هَلَكُوا». أخرجه ابن ماجه في "سننه".
قال الإمام الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن" (6/ 2049، ط. مكتبة نزار): [إن الحرمة المعظمة المعهودة عند العرب قاطبة هي حرمة بيت الله وبلده الحرام] اهـ.
وقال الإمام الزركشي في "إعلام الساجد بأحكام المساجد" (ص: 128، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية -القاهرة): [ذهب جماعة من العلماء إلى أن السيئات تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنات. ممن قال ذلك: مجاهد وابن عباس وأحمد بن حنبل وابن مسعود وغيرهم؛ لتعظيم البلد. وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن مقامه بغير مكة، فقال: ما لي ولبلد تضاعف فيه السيئات كما تضاعف الحسنات؟ فحمل ذلك منه على مضاعفة السيئات بالحرم، ثم قيل: تضعيفها كمضاعفة الحسنات بالحرم] اهـ.
فالالتزام بكامل الأدب والوقار في بيت الله الحرام يُعَدُّ من تعظيم حرمات الله؛ يقول تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30].
قال الإمام الطبري في "جامع البيان في تأويل القرآن" (18/ 617، ط. مؤسسة الرسالة): [الحرمات: المَشْعَر الحرام، والبيت الحرام، والمسجد الحرام، والبلد الحرام، هؤلاء الحُرُمَات] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التصوير الرسم الفنون الجميلة دار الإفتاء مناسك الحج والعمرة الله تعالى قال الإمام
إقرأ أيضاً:
التيجان السبع.. لتفريج الكرب وراحة البال
خصص العلماء 7 أدعية للذكر والتسبيح والدعاء والاستغفار والتحصين وتفريج الكرب وراحة البال، وسموها التيجان السبعة ، وهي:
تاج الذكرلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
تاج التسبيحسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ
تاج الدعاءرَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
تاج الاستغفاراللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ
تاج التحصينبِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ
تاج تفريج الكربلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
تاج راحة الباللا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
فوائد ذكر الله - تعالى- عظيمة وجلية لمن يداوم على هذه العبادة التي تعد من أفضل الأعمال الصالحة وأجلها، ولا يقتصر ذكر الله - تعالى- على التسبيح والتهليل والتكبير والحمد، بل التفكر في خلق الله وفي نِعمه ذكر أيضًا، وقراءة القرآن، ودعاء الله - سبحانه- ومناجاته، والاستغفار ، والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحضور مجالس العلم، إلى غير ذلك مما يؤدي إلى معرفة الله -تعالى -والتقرب منه؛ فهو نوع من أنواع الذكر، وكلما ازداد العبد إيمانًا وتعلقه بخالقه - جل وعلا - كثُر ذكره له وثناؤه عليه.
فوائد ذكر الله1- رضاء المولى -عز وجل-.
2-محبة الله - تعالى- للعبد.
3- مغفرة الذنوب والسيئات.
4- كسب الأجر والثواب الجزيل.
4- سعادة النفس وتذوق حلاوة الذكر.
5- حياة للقلب وطمأنينة.
6- انشراح الصدر.
7- نور في الوجه.
8- قوة في الجسم.
9- البراءة من النفاق.
10- الحفظ من كل سوء.
11- رفعة المنزلة في الدنيا والآخرة.
12- جلب النعم ودفع النقم.
13- زوال الهم والغم.
14- جلب الرزق.
15- نزول الرحمة والسكينة.