حكم من صلى على الجنازة وهو جنب .. اعرف آراء الفقهاء
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
ما حكم من صلى على الجنازة وهو جنب؟ إن الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط من شروط صحة الصلاة فإن كان «بغير قصد» أي غير علم بهذا الحكم أو ناسياً لا إثم عليه في صلاته على الجنازة وهو متلبس بالحدث الأكبر، وأما إن كان عالماً بالحكم ذاكراً أنه على جنابة فقد ارتكب محظوراً بهذا العمل، وعليه التوبة إلى الله عز وجل وصلاته باطلة على كل حال.
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إنه إذا قُدِّمَ الإمام للصلاة على الجنازة حال كونه ناسيًا لجنابته، فصلى بالناس، ولم يتذكر الجنابة إلا بعد الفراغ من الصلاة والعودة من الدفن؛ فقد بطلت صلاتُه وَحْدَهُ، أما صلاة المأمومين خلفه؛ فصحيحةٌ شرعًا، ولا إعادة عليهم؛ سواءٌ كان الإمام عالمًا بجنابته، أو ناسيًا لها، ولا حرج عليهم -وهذا مذهب جمهور الفقهاء-.
واستدل بما ورد "أَنَّ أمير المؤمنين عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَأَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، ولكونه الأقرب لروح الشريعة، وما يتوافق مع مقاصدها العامة، والتي منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164].
اشتراط الطهارة لصحة صلاة الجنازة
من المقرر شرعًا أن الطهارة من الحدثين -الأكبر والأصغر- شرطٌ لصحة صلاة الجنازة؛ لعموم الأحاديث الواردة في ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» أخرجه الشيخان.
وعن أبي الْمَلِيحِ عامر بن أسامة الْهُذَلِيِّ، عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن الكبرى".
قال شمس الدين السفيري في "شرحه على صحيح البخاري" (2/ 263، ط. دار الكتب العلمية): [فائدة: في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» دليلٌ على بطلان الصلاة مع الحدث، وفيه دليل على أنه يحرم على المحدث حدثًا أصغر الصلاة، ولو كانت نفلًا، أًو صلاة جنازة] اهـ.
قال العلامة الحدَّادِي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 107، ط. المطبعة الخيرية): [ومن شرط صحة صلاة الجنازة: الطهارة، والستر، واستقبال القبلة، والقيام] اهـ.
وقال الإمام ابن رشد الحفيد المالكي في "بداية المجتهد" (1/ 257، ط. دار الحديث) عند ذكر شروط الصلاة على الجنازة: [واتفق الأكثر على أنَّ من شرطها الطهارة، كما اتفق جميعهم على أنَّ مِن شرطها القبلة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 222، ط. دار الفكر): [اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يشترط لصحة صلاة الجنازة طهارة الحدث، وطهارة النجس في البدن، والثوب، والمكان] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 363، ط. دار الكتب العلمية) عند الكلام على شروط صلاة الجنازة: [ومن شرطها: الطهارة والاستقبال والنية؛ لأنها من الصلوات فأشبهت سائرهن] اهـ.
وقال أبو السعادات البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 134، ط. دار الكتب العلمية): [فصل: (ومَن أحدث حدثًا أكبر أو أصغر حرم عليه الصلاة)؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طُهُورٍ» رواه مسلم. وهو يَعُمُّ الفرض، والنفل، والسجود المجرد كسجود التلاوة، والقيام المجرد كصلاة الجنازة] اهـ.
آراء الفقهاء في حكم صلاة الجنازة إذا صلى الإمام وهو على جنابة
قد اختلف الفقهاء في حكم صلاة الجنازة إذا صلى بهم الإمام ناسيًا أنه على غير طهارة؛ بأن كان محدثًا، أو على جنابة؛ هل تبطل صلاة المأمومين خلفه، أو لا؟
وسبب اختلافهم مبنيٌّ على كون صحة انعقاد صلاة المأموم؛ هل هي مرتطبةٌ بصحة صلاة الإمام، أو ليست مرتبطة؟ فمَن رآها مرتبطةً قال: صلاتهم فاسدة، ومَن لم يرها مرتبطةً قال: صلاتهم جائزة، وفرَّق بعضهم بين السهو والعمد بناءً على أصلهم في اشتراط اتحاد قصد الإمام مع المأموم؛ كما في "بداية المجتهد" للإمام ابن رشد الحفيد (1/ 166).
فذهب جمهور الفقهاء؛ من المالكية، والشافعية، والحنابلة: إلى صحة صلاة المأموم مطلقًا، ولا إعادة عليه، سواءٌ كان الإمام عالمًا بجنابته، أو ناسيًا لها؛ حيث لا تتوقف صحة انعقاد صلاة المأموم على صحة صلاة إمامه، ولأنه لا يجزئ عن المأموم فعل الإمام، فكذا لا تفسد صلاته بفساد صلاة إمامه؛ بدليل أن الإمام يُحْدِثُ في الصلاة فينصرف، ويبني المأموم ولا ينصرف، ولم تبطل صلاته ولا طهارته بانتقاض طهارة إمامه مع أنه مُتَّبِعٌ له. وقد روي ذلك عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن جبير، والأوزاعي، وسليمان بن حرب، وأبو ثور.
فعن الشَّرِيدِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه: "أَنَّ أمير المؤمنين عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَأَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، والدارقطني في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن محمد بن عمرو بن الحارث: أَنَّ أمير المؤمنين ذا النورَين عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ نَظَرَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا، فَقَالَ: "كَبِرْتُ وَاللهِ؛ إِنِّي لَأَرَانِي جُنُبًا ثُمَّ لَا أَعْلَمُ!" ثُمَّ أَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا. قال عبد الرحمن بن مهدي: سألت سفيان، فقال: سَمِعْتُهُ من خالد بن سلمة، ولا أجيء به كما أريد، وقال: وهذا المجمع عليه؛ الجنب يعيد، ولا يعيدون؛ ما أعلم فيه اختلافًا. أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، والدارقطني في "السنن".
قال الإمام أبو الوليد ابن رشد الجد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 263، ط. دار الغرب الإسلامي): [مسألة: وسئل عن إمام جنازة صلى عليها وهو جُنُبٌ لم يشعر بجنابته حتى دفنت، وكيف إن علموا قبل أن تدفن بجنابته بعد دخولها اللحد؛ أَتُرَدُّ للصلاة عليها؟ قال ابن القاسم: أرى صلاتهم جائزةً ولا تُعاد، ألَا ترى أنَّ المكتوبة لو أنَّ رجلًا صلَّى بهم جُنُبًا ناسيًا، ثم سَلَّم فَعَلِمَ: أجزأت عنهم صلاتهم؛ فكذلك الجنازة إذا صُلِّي عليها: أجزأت عنهم صلاتهم عليها] اهـ.
وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (2/ 238، ط. دار الكتب العلمية): [قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا صلى الجنب بقومٍ أعاد ولم يعيدوا، واحتج في ذلك بعمر بن الخطاب والعباس رضي الله عنهما. قال المزني: "يقول: كما لا يجزئ عني فعل إمامي فكذلك لا يفسد عليَّ فساد إمامي ولو كان معناي في إفساده، معناه: لما جاز أن يحدث فينصرف، وأبني ولا أنصرف وقد بطلت إمامته واتباعي له، ولم تبطل صلاتي ولا طهارتي بانتقاض طهره"] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 73-74، ط. مكتبة القاهرة): [مسألة: قال: (وإذا نسي فصلى بهم جنبًا، أعاد وحده)؛ وجملته: أن الإمام إذا صلى بالجماعة محدثًا أو جنبًا غير عالم بحدثه، فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة؛ فصلاتهم صحيحة، وصلاة الإمام باطلة. روي ذلك عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وسليمان بن حرب، وأبو ثور وعن عليٍّ: أنه يعيد ويعيدون، وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة، وأصحابه؛ لأنه صلى بهم محدثًا، أشبه ما لو علم؛ ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم، روي أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح، ثم خرج إلى الجرف، فأهرق الماء، فوجد في ثوبه احتلامًا، فأعاد ولم يعيدوا، وعن محمد بن عمرو بن المصطلق الخزاعي أن عثمان صلى بالناس صلاة الفجر، فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة. فقال: كَبِرْتُ والله، كَبِرْتُ والله، فأعاد الصلاة، ولم يأمرهم أن يعيدوا] اهـ.
رأي المذهب الحنفي في حكم صلاة الجنازة إذا صلى الإمام وهو على جنابة
ذهب الحنفية: إلى أنه إذا صلى الإمام بالناس وهو على جنابةٍ، أو على غير طهارة، فقد فسدت صلاته وصلاة المأمومين خلفه، ولا فرق بين كونه عالمًا بجنابته أو ناسيًا لها، ويجب عليهم جميعًا إعادتها؛ لارتباط صلاة الإمام بصلاة المأموم صحةً وفسادًا؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي في "السنن"، وابن خزيمة في "صحيحه"، والطبراني في "الأوسط".
والمراد بالضمان: هو وجود معنى التضمن، وليس المراد حقيقة الضمان، والمعنى: أنَّ صلاة الإمام متضمنةٌ لصلاة المأموم، وليس العكس، وأقل ما يقتضيه التضمن: التساوي بين صلاتهما، وإذا كان كذلك فبطلان صلاة الإمام يقتضي بطلان صلاة المقتدي؛ حيث لا يصح أن تتضمن الصلاةُ الفاسدةُ الصلاةَ الصحيحةَ؛ إذ لا يتضمن المعدوم الموجود.
ولما روي عن سعيد بن المسيب مرسلًا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَأَعَادَ وَأَعَادُوَا" أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه"، والدارقطني والبيهقي في "السنن".
قال علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 140، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) الاقتداء بالمحدث أو الجنب: فإن كان عالمًا بذلك لا يصح بالإجماع، وإن لم يعلم به ثم علم فكذلك عندنا.. (ولنا) ما روي أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى بأصحابه ثم تذكر جنابةً فأعاد وأمر أصحابه بالإعادة. وقال: «أَيُّمَا رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ جَنَابَةً؛ أَعَادَ وَأَعَادُوا»، وقد روي نحو هذا عن عمر، وعليٍّ رضي الله عنهما] اهـ.
وقال كمال الدين ابن الهمام في "فتح القدير" (1/ 374، ط. دار الفكر) في تعليل فساد صلاة المأموم بفساد صلاة الإمام: [مما يستدل به على المطلوب: ما أخرجه الإمام أحمد بسندٍ صحيحٍ عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ»، وهو ما أشار إليه المصنف بقوله: ونحن نعتبر معنى التضمن، فإنه المراد بالضمان؛ للاتفاق على نفي إرادة حقيقة الضمان، وأقل ما يقتضيه التضمن: التساوي، فيتضمن كل فعل مما على الإمام مثله، وغايته أن يفضل كالمتنفل خلف المفترض، وإذا كان كذلك فبطلان صلاة الإمام يقتضي بطلان صلاة المقتدي؛ إذ لا يتضمن المعدوم الموجود، وهذا معنى قوله: وذلك في الجواز والفساد] اهـ.
وقال زين الدين ابن نجيم في "البحر الرائق" (2/ 193، ط. دار الكتاب الإسلامي) في الكلام على شروط صحة صلاة الجنازة: [ولو صلى الإمام بلا طهارة: أعادوا؛ لأنه لا صحة لها بدون الطهارة فإذا لم تصح صلاة الإمام لم تصح صلاة القوم] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجنازة المزيد المزيد النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وآله وسلم قال دار الکتب العلمیة عمر رضی الله عنه اهـ وقال الإمام إذا صلى الإمام رضی الله عنهم صلاة المأموم صلاة الإمام على الجنازة قال الإمام أن النبی ی الله ع ى الله ع أو ناسی ى ب الن على أن قال ال عالم ا ناسی ا
إقرأ أيضاً:
هل تدرك الركعة بالركوع ؟
اختلف الفقهاء في الرجل يدرك الإمام راكعا ،هل يكون بذلك مدركا للركعة أم لا ؟
1-القول الأول: ذهب جماهير العلماء بمن فيهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم يقولون: بأن من أدرك الإمام وهو راكع فركع قبل أن يرفع الإمام فقد أدرك الركعة.
و حجة مذهب الجمهور:
حديث: "من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدرك الصلاة" رواه الترمذي وغيره.
-ولحديث أبي بكرة أنه جاء والقوم ركوع فركع، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: "أيكم الذي ركع، ثم جاء إلى الصف"؟ فقال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصا ولا تعــد" رواه البخاري والنسائي وغيرهما.
إلا أن الحنابلة يخالفون هذا في صورة واحدة وهي: ما إذا أدرك الركعة خلف الصف منفردا، ولم يدخل في الصف حتى ركع الإمام، فإنهم لا يعتدون بهذه الركعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمنفرد خلف الصف" رواه ابن حبان وابن خزيمة.
وقال في كشف القناع (1/ 460):
((ومن أدرك الركوع معه أي الإمام ، قبل رفع رأسه من الركوع، بحيث يصل المأموم إلى الركوع المجزئ ، قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء منه ، غير شاك في إدراكه أي الإمام راكعا : أدرك الركعة ؛ ولو لم يدرك معه الطمأنينة، إذا اطمأن هو - أي المسبوق - )).
ما ذكره الحنابلة ، نص الشافعية على مثله، لكن اشترطوا أن يأتي المأموم بالطمأنينة قبل ارتفاع الإمام عن حد الركوع المجزئ.
قال النووي رحمه الله: "قال الشافعي والأصحاب : إذا أدرك مسبوقٌ الإمام راكعا ، وكبر وهو قائم ثم ركع، فإن وصل المأموم إلى حد الركوع المجزئ, وهو أن تبلغ راحتاه ركبتيه قبل أن يرفع الإمام عن حد الركوع المجزئ، فقد أدرك الركعة ، وحسبت له.
قال صاحب البيان: ((ويشترط أن يطمئن المأموم في الركوع قبل ارتفاع الإمام عن حد الركوع المجزئ)).
و عند المالكية قال العدوي في "حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني" (1/ 302):
(( إدراك الركعة يكون بالانحناء قبل أن يقيم الإمام صلبه، أي قبل أن يرفع من ركوعه، ولو لم يطمئن إلا بعد رفع الإمام)).
و في المذهب الحنفي قال في "الفتاوى الهندية" (1/ 120) :
"(( ذكر الجلابي في صلاته: أدرك الإمام في الركوع ، فكبر قائما ثم شرع في الانحطاط ، وشرع الإمام في الرفع: الأصح أن يعتد بها ، إذا وجدت المشاركة قبل أن يستقيم قائما ، وإن قل . هكذا في معراج الدراية)) " انتهى.
2-ذهب الظاهرية و منهم ابن حزم إلى أن الركعة لا تدرك بالركوع،و بهذا قال الإمام البخاري و عليه السبكي من الشافعية واختاره الشوكاني في نيل الأوطار و رجحه المعلمي اليمني.
و حجة هذا المذهب:
١ - قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا»
قالوا: فمن أدرك الركوع فقد فاتته الوقفة وقراءة أم القرآن وكلاهما فرض لا تتم الصلاة إلا به، وهو مأمور بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء ما سبقه وإتمام ما فاته، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نصٍّ آخر، ولا سبيل إلى وجوده.
٢ - أما حديث: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» فهو حق وهو حجة عليهم، لأنه مع ذلك لا يسقط عنه قضاء ما لم يدرك من الصلاة بلا خلاف، وليس في الحديث أنه إن أدرك الركوع فقد أدرك الوقفة، قلت: فحملوا لفظ «ركعة» على الركعة الكاملة وهذا حقيقة اللفظ.
٣ - أما زيادة «قبل أن يقيم الإمام صلبه» فلا تصح، وغاية الأمر أن يكون أحد الرواة توهَّم أن معنى الحديث: من أدرك مع الإمام الركوع فقد أدرك الركعة، فزاد هذه الزيادة تفسيرًا في زعمه وقد جوَّز بعضهم أن تكون من زيادة الزهري فربما التبس على بعض الضعفاء.
٤ - وكذلك حديث: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود .... الحديث» فضعيف لا يحتج به.
٥ - وأما حديث أبي بكرة فلا حجة لهم فيه أصلاً، لأنه ليس فيه أنه اجتزأ بتلك الركعة وأنه لم يقضها.