عثمان جلال: الدكتور عبد الحي أعرض عن هذا فالبرهان قائد معركة الكرامة
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
(١). اخطر المواقف في التاريخ العسكري الاسلامي اشارة عمرو بن العاص على معاوية بن ابي سفيان برفع المصاحف على اسنة الرماح في موقعة صفين وكان هدفها خلق اضطراب تقود الى حركة انشقاقات وسط جيش علي ابن ابي طالب وقد كان . واخطر اشارة في التاريخ السياسي الاسلامي هي اقتراح المغيرة بن شعبة على معاوية بتوريث السلطة لابنه يزيد ائذانا بتحويل دولة الخلافة الى ملك عضوض وربقة الملك يعسر الخلاص منها ولاسيما عند استفحال الدولة بتعبير ابن خلدون، ويعزز ذلك عدم قدرة يقظة ضمير (معاوية ابن يزيد الحفيد )من استعادة مسار الشورى للدولة الاسلامية حيث تنازل عن العرش لمروان ابن الحكم، وايضا عدم قدرة عمر بن عبد العزيز من تصحيح الخطأ الاستراتيجي رغم انه يوصف بخامس الخلفاء الراشدين فالنظام الملكي يورث ثقافة الانقياد ودين الانقياد والتسليم .
بالمقابل فان اخطر اشارة في معركة الكرامة الوطنية هي الطعن في شخصية القائد البرهان او التحريض لإزاحته من مركز القيادة السياسية والعسكرية ، لان هذا يعني احداث اضطراب قد يقود الى انشقاقات داخل الجيش السوداني تصب في صالح تمكين مملكة ال دقلو في السودان مما يعني تلاشي وتفكك السودان دولة ومجتمعات وهوية
(٢).
ان هذه المعركة محطة تأسيسية فاصلة بين استمرار عملية التخلق لقضايا البناء الوطني والديمقراطي في حالة انتصار ارادة الجيش والشعب السوداني او القطيعة والسقوط في اغلال العبودية في حال انتصار عصابة آل دقلو
فهذه معركة المجتمع السوداني بكل تنوعه الديني والعرقي والفكري، ومعركة الجيش السوداني منذ لحظة الميلاد والتأسيس حتى هذه اللحظة التاريخية والمستقبل القادم ،فالفريق البرهان يقود هذه المعركة وفي مخيلته كل هذا الإلهام التاريخي من بطولات الشعب ونصاعة تاريخ الجيش السوداني ،ويقيننا الراسخ ان البرهان شعاره في هذه المعركة المصيرية هو النصر لكرامة الوطن وشرف الجيش او الشهادة.
(٣).
اثبتت الحرب الحاليةان الفريق البرهان يقود مؤسسة عسكرية وطنية ظلت عبر التاريخ منحازة لارادة الشعب السوداني كما فعلت في ثورة اكتوبر ١٩٦٤ ، وثورة ابريل ١٩٨٥ وثورة ديسمبر ٢٠١٨ وقد ظلت مواقف البرهان السياسية منسجمة مع المواقف التاريخية للجيش السوداني حيث دأب على حفز القوى السياسية على ضرورة التوافق الشامل لادارة المرحلة الانتقالية ، وتعهد بتسليم امانة السلطة لحكومة منتخبة من قاعدة الشعب، بل بادر بدعوته لقيادات المكون العسكري والمدني بالترجل وافساح المجال لقيادات جديدة تعبر عن تطلعات الشعب ، وهو القائد الوحيد الذي حدد مساره المستقبلي بعد المرحلة الانتقالية والانتخابات وهو العودة مزارعا في قرية قندتو .
وهو الذي رفض انفاذ الاتفاق الاطاريء قبل حشد اكبر كتلة من التوافق حوله. وهو الذي رفض في شمم وكبرياء ان يكون حصان طروادة لمشروع دويلة الامارات التدميري في السودان ، فلجأت للمرتزق على الشيوع حميدتي ، وشلة العاطلين عن الفكر والموهبة في تحالف تقدم.
(٤)
الشيخ الدكتور عبد الحي أعرض عن هذا فالحصة وطن والوطن يتعالى على الايديولوجيا ، ووحدة المجتمع وبقاء الوطن أولوية استراتيجية وقد عبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في دستور المدينة عندما جعل الدفاع عن المدينة واجب وطني شرط أهليته المواطنة والفريق البرهان في هذه اللحظة التاريخية الوطنية يمثل رمز الدولة والجيش وقائد معركة الكرامة،وواجب دعاة الاستنارة والوعي تعظيم لحمة السبيكة المجتمعية بكل تنوعها وتناقضها الديني والاثني والعرقي والفكري وتعبئتها للتراص والاصطفاف مع الجيش السوداني وقائده حتى تحييد بندقية مليشيا ال دقلو الارهابية المهدد الاستراتيجي لبقاء واستمرار الدولة السودانية. فمعركة الكرامة هي حق اصيل لكل الشعب السوداني . وصناعة سودان ما بعد الحرب حق اصيل لكل الشعب السوداني فقد ولى عهد الأحادية الايديولوجية والشعب في الميدان.
السبت: 2024/11/30
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الجیش السودانی الشعب السودانی معرکة الکرامة
إقرأ أيضاً:
مبادرة ترامب.. سلام مُفخخ على حساب الكرامة
خالد بن سالم الغساني
الرئيس الأمريكي الخامس والأربعون، بعد أن ظل يبشر العالم عبر أكثر من رسالة وبوسائل مختلفة؛ بحدث كبير في ما يسمى بالشرق الأوسط، أطلَّ بمبادرة سمجة لوقف الحرب في غزة، في لحظةٍ فارقة من عمر القضية الفلسطينية، لحظة تختلط فيها الدماء والخيانة والخذلان معًا، ويُعاد فيها رسم المشهد السياسي بيدٍ ليست فلسطينية.
المبادرة التي قدمها ترامب على أنها نافذة للسلام، لا تعدو كونها محاولة لتصفية ما تبقّى من روح المقاومة، عبر فرض تهدئة تخمد النار، لكنها تُبقي الجرح عميقًا ومفتوحًا، وبتسويةٍ شكلية تُسكت المدافع لتفتح أبواب الوصاية.
في ظاهرها، تدعو المبادرة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتبادل للأسرى، وإدارة مؤقتة لغزة بإشراف دولي أو عربي، لكنها في جوهرها تحمل مشروعًا أخطر، مشروعاً لم تستطع آلة الحرب الصهيوأمريكية ثلمه أو إسكاته، إنه مشروع نزع سلاح المقاومة وتفريغها من مضمونها التحرّري. فمتى كان الاحتلال يمدّ يده للسلام وهو ما زال يغلق المعابر ويقصف البيوت ويقتل الأطفال في أحضان أمهاتهم؟ ومتى كان العدو يمنح الفلسطيني حق الحياة إلا ليضمن بقاءه تحت السيطرة؟!
إنَّ ما يُطرح اليوم ليس سلامًا؛ بل إعادة ترتيبٍ للمشهد بما يضمن استمرار السيطرة الإسرائيلية على الأرض والقرار، وتفكيك أي قوة فلسطينية قادرة على الدفاع عن نفسها أو عن حقها.
وفي خضم هذا المشهد الدموي، لا يمكن تجاهل مشهد العدوان الإسرائيلي على أسطول الصمود، ذلك الأسطول الإنساني الذي حمل متطوعين من عشرات الدول لكسر الحصار وإيصال المساعدات إلى غزة المحاصرة؛ فالهجوم الوحشي الذي شنّته البحرية الإسرائيلية على السفن المدنية، واعتقالها المئات من المشاركين، يعكس جبروت هذا الكيان وإصراره على إذلال كل من يمدّ يده بالعون للفلسطينيين. إنه اعتراض عدواني همجي، ورسالة وقحة للعالم بأسره، تقول بأن لا أحد يحق له أن يساند غزة، ولا أحد يُسمح له بتحدي إرادة الاحتلال. هكذا تمارس إسرائيل إرهاب الدولة بكل صلف وغطرسة ودعم من قوى الاستعمار العالمي، وسط صمت مؤسساتي دولي يُثير الغثيان.
اللافت في المشهد أن السلطة الفلسطينية الغائبة عن الميدان حضرت في الهامش السياسي، دون أن يكون لها كلمة أو مشاركة حتى في قرار؛ فيما حاولت واشنطن تسويق نفسها من جديد كراعٍ مُحايد للحل، بعد أن أسهمت لعقود ولا زالت في تغذية الاحتلال سياسيًا وعسكريًا. أما حماس التي تواجه ضغطًا غير مسبوق بعد شهور من العدوان؛ فهي تقف أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما القبول باتفاقٍ يُقزّم المقاومة ويحوّلها إلى إدارة إنسانية في ظل الاحتلال، أو الرفض والاستمرار في حربٍ تستنزف البشر والحجر. وبين هذين الخيارين، يحاول العدو فرض واقعٍ جديد، تُسلَّم فيه غزة لسلطةٍ شكلية بلا سلاح ولا سيادة، ويُعاد فيها إنتاج الاحتلال بوجهٍ أكثر قبولًا دوليًا.
ووسط كل ذلك، يطلّ دونالد ترامب من واشنطن بوجهه المتعجرف ليقدّم نفسه صانع سلام ووسيطًا مُحايدًا، بينما تفضحه لغته المليئة بالغطرسة والتهديد؛ فالرجل الذي يتعامل مع الدم الفلسطيني وكأنه بند تفاوضي قابل للمساومة. في مبادرته، يتحدث عن "حلٍ نهائي"، بينما يضع الفلسطينيين أمام خيارٍ قسري: القبول بما يُملى عليهم أو مواجهة العزلة والعقاب. وظهوره المتكرر بهذه الصورة الفجة يرسّخ مكانته كأحد أكثر الزعماء الأمريكيين حقارةً في التاريخ، ممن وظّفوا نفوذ بلادهم لخدمة الاحتلال لا لإنهائه.
لكنّ التاريخ علّم الفلسطينيين أن السلاح الذي حمى وجودهم هو آخر ما يمكن التفريط به، فمن يملك بندقية يملك قراره، ومن يفرّط بسلاحه يُسلّم نفسه للرياح.
إنَّ أي مبادرة لا تضمن حرية الأرض وكرامة الإنسان تبقى حبرًا على ورق، وأي سلامٍ يُفرض تحت التهديد ليس سوى هدنةٍ مفخّخة تنتظر لحظة الانفجار.
أما نتائج هذه المبادرة، في حال مضت كما يُراد لها، وهيهات أن تمُر، فستكون على حساب الشعب لا لصالحه: تهدئة مؤقتة تُسكت صوت المقاومة، إدارة انتقالية تفتح باب الوصاية، واستبدال الاحتلال العسكري بحصارٍ سياسي واقتصادي طويل الأمد، وسيُقدَّم ذلك للعالم على أنه إنجاز تاريخي، بينما هو في حقيقته تثبيتٌ للهيمنة الإسرائيلية، وتصفيةٌ ممنهجة لجوهر القضية الفلسطينية، قضية الحرية والعودة والكرامة.
ومع ذلك، يبقى في الوعي الفلسطيني ما يفوق حسابات السياسة، فالشعب الذي صمد تحت النار لن يرضخ لاتفاقٍ يُفرّغ ثورته من معناها، ولا لتسويةٍ تُجرّد الأجيال القادمة من حقها في المقاومة. قد تتغيّر الموازين، وقد تتبدّل التحالفات، لكنّ الحقيقة التي لا تتبدّل؛ هي أن فلسطين لا تُحرَّر بالوعود ولا بالمبادرات؛ بل بالإرادة، وبسلاحٍ يظلّ مرفوعًا في وجه من يحاول كتابة النهاية قبل أن يقول الشعب كلمته الأخيرة.
وقديمًا قالت العرب على لسان حكيمها وشاعرها الكبير أبي الطيب المتنبي:
ما قيمةُ المرءِ إذا ضاعت كرامتُهُ
فَضْلُ الكرامةِ يعلو الجاهَ والمالا