الإفتاء: الشريعة نور وهداية للعالمين على اختلاف أعراقهم وأجناسهم
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن الشريعة نورٌ وهدايةٌ للعالمين على اختلاف أعراقهم وأجناسهم، وقد جاءت محافِظة على بنيان أشرف مخلوق خلقه الله -عز وجل- وهو ذلك الخلق الإنساني الذي سُخِّرت من أجله عوالم هذا الكون بَرًّا وبحرًا، وما ذلك إلا لشرف التكليف الذي كُلف به، من عبادة الله، وعمارة الكون، وتزكية النفس.
معنى الشرع والشريعةووضحت الإفتاء أن الشرع في اللغة والاصطلاح: هو مصدرٌ يعني "شرع للناس كذا"، أي سنَّ لهم هذا الشيء، أما الشريعة، في اللغة، فهي تحمل معنيين: الأول هو المذهب والطريقة المستقيمة، والثاني هو مورد الماء الذي يُقصد للشرب.
أما في الاصطلاح، فإن "الشرع" و"الشريعة" هما مرادفان للدين، ويُقصد بهما كل ما شرعه الله لعباده من أحكام. وسميت هذه الأحكام "الشريعة" لأنها مستقيمة من جهة، ولأنها تشبه مورد الماء من جهة أخرى، حيث أنها تمنح الحياة للنفوس والقلوب والعقول والأرواح، كما أن الماء يُحيي الأبدان.
الشريعة الواحدة والمتعددة:على هذا الأساس، فإن "الشريعة" و"الشرع" و"الدين" و"الملة" تعني جميعها الأحكام التي شرعها الله لعباده، ولكن هذه الأحكام تسمى "شريعة" من حيث استقامتها ووضوحها، وتسمى "دينًا" باعتبار الخضوع لها وطاعة الله، وتسمى "ملة" من حيث إملائها على الناس. يقول الله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (3).
الشريعة تشمل العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق، كما ورد في قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ (4). هذه الآية تشير إلى الشريعة الواحدة التي تشمل العقيدة والأخلاق، وهما جزءان لا يختلفان بين الأمم. أما المعاملات والعقوبات فقد تختلف حسب الزمان والمكان، كما ورد في قوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (5).
معنى الشريعة في العرف
ومع ذلك، فقد جرى العرف على استخدام "الشريعة" بمعنى أضيق من الدين، إذ يُطلق عليها الأحكام العملية، وبذلك تكون مرادفة للفقه. وقد شاع في بعض البلدان الإسلامية، مثل مصر، تسمية الكليات التي تدرس الفقه بـ"كليات الشريعة"، وانتقلت هذه التسمية إلى بلدان أخرى.
الشريعة هي المرجعية للمسلمين:
الشريعة الإسلامية شاملة وكاملة، لا نقص فيها ولا عيب. إنها تتناول جميع جوانب الحياة، من سياسات الأمم واقتصاداتها إلى علاقات الجماعات والمجتمعات، ونظام حياة الأفراد، بغض النظر عن الأقطار أو الحضارات أو الأعراق أو الثقافات. وقد دافع علماء الإسلام عن الشريعة، مجيبين على كل التهم والطعون التي وجهها البعض ضدها، ونافحوا عن بقائها في مكانتها الحاكمة، ليبقى شريعة الله هي العليا ويُحقق مقاصده.
فأي حديث عن قسوة الحدود العقابية، أو ظلم في معاملة المرأة أو غير المسلمين أو الرقيق، أو خلل في تصور شؤون الدنيا أو الآخرة، قد قوبل برد من الشريعة التي تقف قوية وصامدة، داحضةً تلك الادعاءات. كما أن الشريعة الإسلامية، بمساندة التراث العلمي والتاريخ الإسلامي المجيد، تظل شامخة في مواجهة الأنظمة التشريعية المعاصرة، مؤكدةً أنها من عند الله، الذي خلق وأحسن الخلق، وقدّر فهدى، وشرع فأحكم، وحكم فعدل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء الشرع الشريعة دار الافتاء المصرية الدين الملة
إقرأ أيضاً:
هل يجوز للشخص الاحتفال بـ عيد ميلاده؟.. أمين الإفتاء يُجيب
أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول حكم الاحتفال بعيد ميلاده.
قال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء: “نحن في الإسلام لدينا عيدين فقط، هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وهذه أعياد شرعية، لكن هناك مناسبات أخرى تُسمى 'أعيادًا مجازًا'، مثل عيد 6 أكتوبر أو عيد الأم أو عيد العمال، وهذه مناسبات اجتماعية تحتفل بها المجتمعات ولكنها ليست أعيادًا شرعية، أما الاحتفال بيوم ميلادك أو أي مناسبة أخرى، فهو أمر جائز طالما أنه لا يتعارض مع الشريعة”.
هل يجوز توكيل شخص لأداء بعض مناسك الحج عني؟.. الإفتاء تجيب
هل يجوز الانتفاع بلبن الأضحية وصوفها قبل ذبحها؟ الإفتاء تجيب
هل يجوز للمرأة لبس الحرير والحلي في الحج؟.. الإفتاء تجيب
باق 7 أيام.. دار الإفتاء تستعد لتحري هلال ذي الحجة لتحديد موعد عيد الأضحى
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية "المهم في هذه المناسبات الاجتماعية أن نحرص على ربطها بما يصلح حالنا مع الله، بمعنى، لا يجوز أن نحتفل بمناسبة ما وفي نفس الوقت نبتعد عن طاعة الله أو نفعل معصية، الاحتفال يجب أن يكون لحظة للتفكير في حالنا مع الله، مثلما فعل أحد الصالحين عندما بلغ سن الستين وقال: 'أكملت 60 عامًا، ومنذ 44 عامًا وأنا أسير إلى الله'، هذه لحظة للتفكر في التوبة والتقرب إلى الله، وليس مجرد فرح دنيوي."
وتابع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية "احتفل بما يفرحك، ولكن تذكر دائمًا أن المناسبة فرصة للتأمل في حياتك مع الله، والعمل على تحسين علاقتك به، أما الاحتفال في ذاته، فلا توجد فيه أي مشكلة إذا كان في إطار شرعي ويعكس فرحًا طاهرًا".
حكم الاحتفال بـ عيد الحبوكان الشيخ عبد الرحمن محمد، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أكد أن التعبير عن مشاعر الحب والمودة لا ينبغي أن يقتصر على يوم واحد فقط، بل يجب أن يكون أسلوب حياة يشمل كل الأيام، بدءًا من البيت مع الزوجة والأولاد، ثم مع الأهل والأصدقاء وكل من حولنا.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، أن البعض يخصصون يومًا مثل 14 فبراير بحجة الانشغال في الحياة اليومية، لكن الأولى أن تكون حياة الإنسان كلها قائمة على الحب والمودة.
وأشار إلى أن الحب ليس مجرد كلمات، بل يجب أن يتحوّل إلى أفعال، مستشهدًا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وأصحابه، حيث كان نموذجًا في التعبير عن المشاعر بأرقى الأساليب.
وأضاف أن حسن الخلق هو الوسيلة للوصول إلى هذه الدرجة من الحب والمودة، مستدلًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خياركم خياركم لأهله، وأنا خياركم لأهلي"، مما يدل على أن البداية يجب أن تكون من داخل الأسرة، حيث تنعكس أجواء السكينة والمحبة على المجتمع بأكمله.
وأكد أن الكلمة الطيبة لها تأثير عظيم، مشيرًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة"، موضحًا أن بعض الأشخاص قد لا يحتاجون إلى أفعال بقدر ما يحتاجون إلى كلمة جميلة تُشعرهم بالاهتمام والتقدير، سواء كانت للزوجة، للأبناء، للأخوة، أو حتى للوالدين بالدعاء والبر.
ودعا إلى نشر الطاقة الإيجابية والمشاعر الطيبة في حياتهم، مستلهمين ذلك من حب الله وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم البخل في التعبير عن الحب والمودة، لأن هذه المشاعر هي التي تجعل عجلة الحياة تستمر بسلاسة وسعادة.