العراق: وضع اللمسات الأخيرة للمئذنة الحدباء بعدما دمرتها داعش
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يجري فريق أثري، وضع اللمسات الأخيرة في المئذنة الحدباء لجامع النوري الكبير بمدينة الموصل العراقية، وذلك في إطار تعافي المدينة واستعادة روحها بعدما تعرض لجمة تدميرية من تنظيم داعش الإرهابي.
ووفقا لبيان صادر عن اللجنة الأثرية المشرفة على إعادة اعمار جامع النوري في مدينة الموصل، فإن بناء مئذنة الجامع يتواصل باستعمال المواد القديمة ونفس القطع الأصلية من طابوق المئذنة التي فجرتها عصابات داعش الإرهابية في عام 2017.
ونقلًا عن وكالة الأنباء العراقية، فإن رئيس اللجنة منقب الآثار عبد الله محمود أكد أنه "تم الانتهاء من أعمال البناء بشكل كامل في مئذنة الجامع النوري، ولم يتبق سوى البلاط الداخلي وبعض الانهاءات مثل الأعمال الكهربائية و النوافذ والأبواب".
وأضاف "محمود" أننا "حافظنا على أثرية المئذنة و تراثيتها من خلال استعمال القطع الأصلية من الطابوق وبنفس مواد المونة المستعملة سابقاً، كما حافظنا على ميلانها وعلى تفاصيلها الدقيقة كالزخارف الهندسية المنفذة على بدن المئذنة، وعود المئذنة هو عودة الروح الى الموصل لأنها تعبر عن هوية المدينة".
من جانبه، قال مهندس موقع اليونسكو مصطفى خالد الديواني، إن "إعادة إعمار جامع النوري من قبل منظمة اليونسكو جرت بالتعاون مع مفتشية التراث والآثار والوقف السني في نينوى، والآن نشهد إتمام الأعمال الانشائية داخل المئذنة بشكل كامل".
وأضاف “الديواني” أنه تم إدراج القطع الأثرية الموثقة والتي تم الحصول عليها من داخل الموقع، وهي ما تقارب من 25 ألف قطعة أثرية من جسم المئذنة، و استعملنا مزيجاً من الطرق القديمة والحديثة في إعادة إعمار المئذنة بأساس جديد يحافظ على الهوية التراثية المعمارية للمئذنة".زيارة المفوضة الاتحادية لسياسة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، لويز أمتسبيرج لجامع النوري
يشار إلى أن جامع النوري الكبير، أحد علامات المدينة، والمشهور بالمنارة الحدباء، والتي صعد على منبره أبو بكر البغدادي (قُتل في غارة أمريكية ٢٠١٩) ليعلن قيام دولته المزعومة، وتمكن التنظيم الإرهابي من تدمير المسجد في الوقت الذي تحركت فيه قوات الأمن العراقية لاستعادة المدينة، وقد رصدت له دولة الإمارات تمويلًا كبيراً من أجل ترميمه.
و أعلنت منظمة اليونسكو عن مسابقة دولية لتقديم أفضل تصميم لإعادة إعمار الجامع، وقد فاز بالمسابقة، أبريل٢٠٢١، فريق من المهندسين المعماريين المصريين قدم تصميمًا بعنوان (حوار الأروقة) وقد انتهت مرحلتين من إعمار المسجد، و يأمل أهالي المدينة في استكمال مراحل الترميم. ووفقا للكتاب المنشور على موقع الأمم المتحدة، والذي يضم تفاصيل مشروع "روح المدينة" الذي يستهدف إعادة إحياء الموصل، فإن المرحلة التمهيدية بدأت بعدة إجراءات أولية تضمنت نزع الألغام من الموقع المتضرر وإزالة المواد الخطرة، ثم تم غربلة الأنقاض لتحديد الشظايا القيمة التي يمكن حفظها وإعادة استخدامها في عملية إعادة البناء، وذلك تحت رعاية مجموعة من الخبراء الدوليين ومشاركة الهيئة العامة للآثار والتراث في العراق.
كما أجرى الخبراء العاملون في الموقع دراسات لفحص الهيكل ووثقوا النتائج التي توصلوا إليها من أجل التخطيط لعملية إعادة البناء والترميم، وتزامنت هذه الأنشطة مع تثبيت أرضية الموقع لكي يصبح جاهزا لمرحلة إعادة البناء الفعلية، كما أنه أجريت دراسة استقصائية في عام ٢٠٢٠ أظهرت أن نحو ٧٠٪ من سكان الموصل أعلنوا عن رغبتهم في إعادة بناء مصلى جامع النوري بالشكل الذي كان عليه قبل تدميره مع إدخال بعض التحسينات عليه مع الحفاظ على الخصائص الأساسية للهيكل وأحجام عناصره الرئيسية.
عمل التنظيم الإرهابي على إخفاء مناطق أثرية بالكامل بتعمد تدميرها، منها رباط لأحد المتصوفة يعود إلى العصر العباسي، ومنها تدمير ضريح وقبة المؤرخ الشهير ابن الأثير المعروف بكتاب "الكامل في التاريخ"، وهدم جامع النبي دانيال، ومسجد يعود للفترة العثمانية، ومشهد يعود للدولة الحمدانية، وهدم المدرسة النظامية للوزير نظام الملك السلجوقي، ومعظم المقامات الصوفية، كما تضررت المواقع المسيحية ومنها كنيسة الساعة ونهب ديرها، وكنيسة الطاهرة التي تعرضت لأضرار جسيمة.
ويجري حالياً ترميم كثير من هذه المواقع.
اليونسكو تبنت مشروعا داعما لإحياء روح مدينة الموصل ومنها إعمار جامع النوريالمصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جامع النوري الكبير مدينة الموصل تنظيم داعش الإرهابي الموصل عودة الروح جامع النوری
إقرأ أيضاً:
فيديوهات التحريض.. سلاح داعش لتجنيد الأطفال
في تحقيقات النيابات المختصة بعدد من قضايا الانضمام إلى تنظيمات الدواعش، اعترف المتهمون بأن أولى خطواتهم نحو التطرف بدأت مع مشاهدة مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي. كان الدم يغلي في عروق طفل لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، وهو يشاهد فيديوهات لأحدهم يصرخ ويتباكى على ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة منذ سنوات، ويلقي ما يُملى عليه من اتهامات ضد مؤسسات الدولة. ومن بين الانفعالات الصاخبة والكلمات الموجهة، التقط الطفل رابط مجموعة على "تليجرام" تحمل اسم المعارض المزعوم، فانضم إليها، وكانت تلك اللحظة هي نقطة البداية.
أوراق القضية رقم 379 لسنة 2024 جنايات أمن الدولة العليا، والمقيدة برقم 13552 لسنة 2024 جنايات حلوان، والمعروفة إعلاميًا بـ "ولاية الدلتا" الإرهابية، تكشف أن أحد المتهمين لم يتجاوز عمره ستة عشر عامًا عند القبض عليه. لكنه اعترف بأنه انضم إلى مجموعة على "تليجرام" خاصة بأحد التنظيمات الإرهابية بعد أن استمع إلى فيديوهات “ع. ح”. وقال المتهم الطفل في تحقيقات النيابة: “وأنا بقلب على التيك توك لقيت واحد اسمه (……) ناشر فيديو عن فلسطين وغزة، ولقيت حد كاتب لينك الجروب بتاع صاحب الفيديو، فأنا من باب الفضول دخلت على الجروب، وأنا مش فاكر اسمه، وكان عليه حوالي مائة ألف حساب وشوية”. وأضاف: “والفيديوهات اللي بتتنشر كانت كلها عن الأحداث اللي بتحصل في غزة".
تم القبض على عدد من المتهمين من محافظات ومدن مختلفة، على خلفية اتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية. وأُدرج على ذمتها خمسة متهمين من الأطفال القُصَّر. تمت إحالة أربعة منهم إلى محكمة الجنايات، ثلاثة منهم محبوسون وطفل واحد هارب. المتهم الأول: ع. ح (17 عامًا)، ووجهت له النيابة جملة من الاتهامات، على رأسها: تولي قيادة جماعة إرهابية، ارتكاب جريمة من جرائم التمويل، جمع معلومات دون سند قانوني عن القائمين على تنفيذ وتطبيق أحكام قانون الإرهاب، استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لأفكار ومعتقدات إرهابية، التحضير لارتكاب جرائم إرهابية، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية.
أما المتهمون: الخامس (16 عامًا - طالب)، والسادس (17 عامًا - طالب)، والثامن (17 عامًا - طالب)، فقد وجهت لهم النيابة جملة من الاتهامات، على رأسها: الانضمام لجماعة إرهابية، ارتكاب جريمة من جرائم التمويل، جمع معلومات دون سند قانوني عن القائمين على تنفيذ وتطبيق أحكام قانون الإرهاب، استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لأفكار ومعتقدات إرهابية، التحضير لارتكاب جرائم إرهابية، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية. واستمرت التحقيقات نحو ثلاثة أشهر، ثم أُحيلت القضية إلى محكمة جنايات القاهرة، أمام الدائرة الثالثة إرهاب، برئاسة القاضي وجدي عبد المنعم، وانعقدت أولى جلساتها بتاريخ 11 سبتمبر 2024.
وأكد أحد المحامين في منشور عبر "الفيسبوك" أنه حضر جلسة 22 أغسطس 2025، وترافع عن طفل عمره 16 عامًا، وهناك متهم آخر في القضية عمره 18 عامًا، وأكبر متهم فيها عمره 22 عامًا. وأوضح أن السبب في هذه القضية هو صاحب الفيديوهات التحريضية الذي كان يعلن دعمه لتنظيم داعش الإرهابي، ويحرض على استخدام العنف، وكان يتواصل من ملاذه الآمن مع مئات الشباب داخل مصر، أغلبهم تم القبض عليهم وهم في السجون على ذمة عدد من القضايا. وقال المحامي: “كل ما أفتح ملف قضية ألاقي اسمه فيها، غير قضايا الحبس الاحتياطي التي لم يصدر قرار من النيابة بإحالتها إلى الدوائر المختصة".
اعترف صاحب الفيديوهات التحريضية بخطاياه، وأعلن توبته، وحذف العديد من هذه الفيديوهات، وطلب العفو ليبدأ حياة جديدة. ولكن ما زالت فيديوهاته منتشرة على حسابات وقنوات التواصل الاجتماعي التي يديرها آخرون، ويستغلونها في التضليل والتحريض على الكراهية والعنف.
قضية "ولاية الدلتا" ليست مجرد قضية عابرة، بل جرس إنذار لمخاطر جسيمة تهدد شبابنا، وتستدعي تكاتف الجهود المجتمعية والأسرية والتعليمية والإعلامية لمواجهتها. فحين يتحول الأطفال والمراهقون من طلاب على مقاعد الدراسة إلى متهمين في قضايا الإرهاب، علينا أن نتوقف ونسأل: كيف نحمي الأجيال القادمة من الوقوع في قبضة أبواق التحريض المتاجرين بأحلام أبنائنا ومستقبلهم؟
الوعي هو خط الدفاع الأول، والحوار الأسري هو السلاح الأقوى، أما الرقابة الذاتية فهي الحصن المنيع. ولا بد أن تتوحد الجهود لقطع الطريق على تنظيمات إرهابية تسعى إلى تسميم عقول شبابنا وتحويلهم من طاقات إعمار إلى أدوات تدمير.