شددت صحيفة "الغارديان" البريطانية على أن تطورات الأوضاع في سوريا بعد بدء المعارضة حملة عسكرية ضد نظام الأسد من شأنها أن تعيد تشكيل التحالفات الإقليمية.

وتساءلت الصحيفة في افتتاحية حديثة لها، "هل بدأت الحرب السورية تقترب من نهايتها، تلك الحرب الأطول في القرن الحادي والعشرين وثاني أكثر الصراعات دموية فيه؟ لا يمكن للمرء أن يراهن على ذلك.

إذ يزحف ائتلاف من الثوار من الشمال باتجاه العاصمة دمشق، وبعد الاستيلاء على معابر حدودية رئيسية في الجنوب، يبقى سقوط آل الأسد أقرب إلى النبوءة منه إلى الواقع".

إلا أن احتمالات خروج الأسد تتزايد، فالقوة العسكرية التي كانت ذات يوم قد هبت لإنقاذ نظامه - سلاح الجو الروسي ومقاتلو حزب الله - في حالة من الانشغال الآن في أوكرانيا وفي لبنان. ولذلك يبدو الأسد اليوم، وبشكل متزايد، أكثر عرضة للمخاطر.


وقالت الصحيفة إنه منذ أن وصل الربيع العربي إلى سوريا في آذار /مارس من عام 2011، جابه نظام الأسد مرارا وتكرارا نبوءات كانت ترى سقوطه وشيكا.

وطوال حكمه الذي يقوم على التخويف والترهيب، بحسب الصحيفة، وُجهت إلى الأسد تهم ذات مصداقية عالية باستخدام الأسلحة الكيميائية، والقوة الفتاكة، والتعذيب الوحشي ضد أفراد شعبه. ولذا، ما من شك في أن سوريا ستكون أفضل بدونه.

وأشارت الصحيفة إلى أن حظوظ الأسد بدت تتبدل في العام الماضي حينما استقبل بالترحاب في الحضن العربي بعد عقد من العزلة، مع أن تلك العودة جاءت انعكاساً للمصالح الذاتية للسلطويين والملوك العرب، وليس انطلاقاً من رغبة حقيقية في المصالحة. فقد رأي هؤلاء بأن الأسد رهان آمن وأسلم لهم من الفوضى التي يمكن أن يسفر عنها سقوطه.

قتل أكثر من مائة وأحد عشر مدنياً في البلاد منذ اشتعال العنف في الأسبوع الماضي. وبذلك تبقى ندوب وجراح الحرب الأهلية السورية غير ملتئمة، وفقا لـ"الغارديان".

ولفتت الصحيفة إلى أن نظام الأسد تسبب عبر السنين في تشريد اثني عشر مليون نسمة، كثيرون منهم نزحوا بالكامل إلى خارج البلاد. واليوم، يعيش مليونا سوري في أوضاع مأساوية في مخيمات اللاجئين في محافظة إدلب، وهي الأكبر ضمن ما يسمى "مناطق خفض التصعيد" التي أقيمت بناء على اتفاق هش تم التوصل إليه بين كل من تركيا وروسيا وإيران. وعلى الرغم من إبرام هذا الاتفاق، إلا أن النظام السوري ظل يشن هجماته بلا هوادة، محولاً إدلب وما يشبهها من مناطق في الجنوب إلى حطام.

وتمارس تركيا نفوذاً على منطقة إدلب، إلا أنها تعوزها السيطرة التامة فيها. حفز اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بين حزب الله وإسرائيل في لبنان جماعات الثوار، بقيادة هيئة تحرير الشام التي يتزعمها أبو محمد الجولاني – الذي قطع علاقاته مع القاعدة في عام 2017 – على شن الهجوم، وفقا للصحيفة.

وأشارت "الغارديان" إلى أن التهديد العسكري للثوار فاق التوقعات، فقد انهارت قوات النظام، مما أتاح الفرصة أمام المجموعات التي يقودها الإسلاميون للاستيلاء على مناطق استراتيجية، بما في ذلك بعض المدن الكبرى، دون مقاومة تذكر.

وفي السياق، قالت الصحيفة البريطانية إن أنقرة تواجه ضغوطا داخلية متزايدة من أجل اتخاذ ما يلزم لمعالجة أزمة اللاجئين السوريين، حتى أن الرئيس رجب طيب أردوغان أبدى علانية رغبته في لقاء الأسد من أجل وضع حد للأعمال العدائية. إلا أن دكتاتور سوريا قابل هذه المبادرات بالرفض، مطالباً تركيا بالانسحاب الكامل من سوريا كشرط مسبق لأي مفاوضات بين الطرفين، بل وأخفقت الوساطة الروسية في تجسير الهوة بينهما – مما سمح للنظام بالاستمرار في شن هجماته على إدلب.


وبلغ القلق بوزراء خارجية كل من تركيا وروسيا وإيران أن قرروا عقد محادثات في قطر نهاية الأسبوع حول تداعيات التصعيد في الحرب الأهلية داخل سوريا. وها هي التبدلات في التحالفات تعيد رسم مصير سوريا. فلئن كان الأسد قد عانى في الماضي من العزلة، إلا أنه اليوم يتمتع بدعم كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حتى بلغ الأمر بالأخيرة أن تتباحث مع الولايات المتحدة في إمكانية رفع العقوبات المفروضة على دمشق فيما لو انفصلت عن إيران. لا ريب أن تلك صفقة قد تجد قبولاً لدى دونالد ترامب، حسب الافتتاحية.

في هذه الأثناء، ترى إسرائيل أن حالة الهيجان السورية تمثل خطورة عليها فهي قد تفضى إما إلى حضور إيراني أقوى أو إلى وصول فصائل إسلامية مدعومة من قبل تركيا إلى الحدود معها.

ولفتت الصحيفة إلى أن الإرباك السوري حوّل الأنظار بعيدا عن غزة وعن القضية الفلسطينية، مهمشاً بذلك أزمة تتطلب التركيز عليها. كما يذكر ما يجري في سوريا، وبشكل صارخ، بحالة الارتباط العميق بين صراعات الشرق الأوسط، وبأن النتائج تبقى، وبشكل بالغ الخطورة، عصية على التخمين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية سوريا المعارضة الأسد النظام السوري سوريا الأسد المعارضة النظام السوري صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن إلا أن

إقرأ أيضاً:

منطقة الشرق الأوسط تشتعل.. والذهب يعيد تشكيل خريطة الأسواق العالمية والمحلية

وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، قفزت أسعار الذهب عالميًا إلى مستويات قياسية، مدفوعة بمخاوف المستثمرين من تفاقم النزاع العسكري بين إسرائيل وإيران، والذي أعاد إلى الواجهة أهمية المعدن الأصفر كملاذ آمن في أوقات الأزمات الدولية.

قال جون لوكا، تاجر ذهب ، إن استمرار الحرب في الشرق الأوسط سيدفع أسعار الذهب عالميًا ومحليًا إلى مزيد من الارتفاع، مع تزايد الإقبال على المعدن كأداة للتحوط من المخاطر.

امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة المقرر إجراؤها العام الجاريلامس أعلى قمة له.. مفاجأة في أسعار الذهب الآن بمصر

أضاف، ارتفعت أسعار الذهب في الأسواق العالمية خلال الأيام الماضية لتتجاوز حاجز 3400 دولار للأوقية، وهو مستوى تاريخي غير مسبوق، نتيجة حالة الذعر التي سيطرت على المستثمرين بعد تصاعد التصريحات العسكرية وتبادل الضربات بين الطرفين، في وقتٍ يغيب فيه أفق التهدئة.

لفت، إلى أن المتعاملين في بورصات المعادن النفيسة عززوا مراكزهم الشرائية، وسط توقعات بأن يمتد النزاع ويؤثر على سلاسل الإمداد العالمية، إضافة إلى تراجع شهية المخاطرة في الأسواق المالية، ما أدى إلى تسارع عمليات شراء الذهب.

انعكست الاضطرابات العالمية بشكل مباشر على سوق الذهب المصري، الذي شهد زيادات حادة في الأسعار خلال فترة قصيرة، مدعومة بانخفاض قيمة الجنيه المصري، وتنامي الطلب المحلي على السبائك والجنيهات.

قال لوكا: "الذهب حاليًا يتداول عند مستويات فوق 3400 دولار للأوقية، ومع تصاعد التوترات وعدم وجود بوادر تهدئة، فإن منحنى الأسعار مرشح للاستمرار في الصعود، خاصة أن الأسواق تعاني من حالة عدم يقين حادة".

وحذر لوكا من أن السوق المصري مقبل على موجة من التقلبات، نتيجة ضعف الجنيه وتزايد الضغوط التضخمية، مشيرًا إلى أن هذه العوامل ستؤدي إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار المحلية.

وأضاف: "الارتفاع الكبير في أسعار الذهب سيؤدي إلى تباطؤ في حركة الشراء داخل سوق المشغولات، مع تفضيل المواطنين شراء السبائك والجنيهات التي لا تتضمن تكاليف مصنعية مرتفعة، بهدف الحفاظ على قيمة أموالهم واستثمارها.

كما أشار إلى أن بعض المصانع بدأت فعليًا بتقليص هامش المصنعية في محاولة لجذب الزبائن، غير أن الطلب على المشغولات الذهبية سيبقى محدودًا خلال الفترة المقبلة.

توقع لوكا أن تشهد السوق المصرية خلال الفترة المقبلة ندرة في المعروض من الذهب، نتيجة تقييد الاستيراد وارتفاع الأسعار العالمية، ما قد يفاقم الفجوة بين سعر البيع وسعر الشراء.

وأكد على أهمية التروي في اتخاذ قرارات البيع أو الشراء، لا سيما مع استمرار التذبذب الشديد في الأسعار، ونصح المواطنين بمراقبة السوق عن كثب، واللجوء إلى الذهب الخام كأداة استثمارية، وتجنب المشغولات ذات التكاليف الإضافية المرتفعة.

أشار لوكا، إلى أن التطورات الأخيرة تؤكد أن الذهب لا يزال يمثل أحد أقوى الأصول الدفاعية في أوقات الحروب والاضطرابات السياسية، ومع اشتعال الأوضاع بين إسرائيل وإيران، تزايدت التوقعات بوصول الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، ما يدفع الأفراد والمستثمرين على حد سواء لإعادة ترتيب أولوياتهم الاستثمارية.

أضاف، وفي ظل هذه المعطيات، تبقى مرونة التعامل مع السوق، وحسن توقيت الشراء والبيع، والاختيار الذكي لنوعية الذهب—سواء سبائك أو جنيهات—هي العوامل الفاصلة التي تحدد مكاسب أو خسائر المواطنين والمستثمرين خلال هذه المرحلة الحساسة.
 

طباعة شارك الذهب أسعار الذهب سوق الذهب المستثمرين

مقالات مشابهة

  • هل ستكون الحرب الأخيرة؟
  • تحديث ثوري يعيد تشكيل تجربة آيفون من الجذور
  • لماذا لم تتفاعل تونس مع التغيير السياسي في سوريا؟
  • منطقة الشرق الأوسط تشتعل.. والذهب يعيد تشكيل خريطة الأسواق العالمية والمحلية
  • وزير خارجية السعودية ومبعوث واشنطن إلى دمشق يبحثان دعم سوريا
  • الغارديان: نتنياهو خطر على العالم وترامب يمشي نائما نحو الحرب
  • وزير الخارجية والمبعوث الأمريكي إلى سوريا يبحثان المستجدات الإقليمية
  • وزير الخارجية يبحث مع المبعوث الأمريكي إلى سوريا المستجدات الإقليمية وتداعياتها على المنطقة
  • ناقشا المستجدات الإقليمية وتداعياتها.. وزير الخارجية يتلقى اتصالاً هاتفيًا من المبعوث الأمريكي إلى سوريا
  • توماس فريدمان: هجوم إسرائيل على إيران يعيد تشكيل المنطقة وهذه تداعياته