تُعتبر الهند من أكبر الدول التي تضم طائفة مسلمة كبيرة، حيث يُشكل المسلمون حوالي 14% من إجمالي سكان البلاد الذين يتجاوز عددهم 1.4 مليار نسمة، ورغم أن الهند لطالما كانت موطنًا للتعددية الدينية والثقافية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تزايدًا في التوترات الطائفية، مما جعل أوضاع المسلمين في البلاد تتعرض لتحديات متزايدة، سواء من خلال السياسات الحكومية، أو من خلال حوادث العنف الطائفي، أو حتى التمييز الاجتماعي والاقتصادي، أصبح المسلمون في الهند يعيشون في ظروف معقدة وصعبة، تتطلب تدخلاً عاجلاً لضمان حقوقهم وحرياتهم الأساسية.

التمييز القانوني والسياسي:

منذ وصول حكومة حزب "بهاراتيا جاناتا" (BJP) بزعامة ناريندرا مودي إلى السلطة في عام 2014، تصاعدت المخاوف بين المسلمين في الهند من أن الحكومة تتبع سياسات تهميش ضد الأقليات، خاصة المسلمين. وقد اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات التي يعتبرها البعض تمييزية ضد المسلمين، ومن أبرز هذه السياسات قانون تعديل المواطنة (CAA) الذي تم تمريره في عام 2019، والذي يتيح منح الجنسية الهندية للاجئين غير المسلمين من بنغلاديش وباكستان وأفغانستان، مما يثير غضبًا بين المسلمين الذين يرون في هذا القانون تمييزًا ضدهم.

كما تم إقرار قانون التسجيل الوطني للمواطنين (NRC) في ولاية آسام، وهو ما أدى إلى إلغاء جنسيات ملايين المسلمين من الولاية، مما يضعهم في وضع قانوني غير مستقر. هذه القوانين أثارت موجة من الاحتجاجات الكبيرة في أنحاء البلاد، حيث عبر المسلمون عن مخاوفهم من محاولات استهدافهم بشكل غير عادل.

العنف الطائفي وحوادث الاعتداءات:

خلال السنوات الأخيرة، شهدت الهند تصاعدًا في حوادث العنف الطائفي، لا سيما في المدن الكبرى مثل نيو دلهي ومظفربور وباغباتي. في عام 2020، اندلعت مواجهات عنيفة بين المسلمين والهندوس في العاصمة دلهي أسفرت عن مقتل العشرات، معظمهم من المسلمين، وكان الهجوم على مسجد بابري في عام 1992 قد وضع حجر الأساس لتوترات طائفية عميقة ما زالت آثارها واضحة حتى اليوم.

المسلمون في الهند يتعرضون أحيانًا للاضطهاد من قبل مجموعات متطرفة هندوسية، ويُستهدفون في أعمال العنف بسبب ممارساتهم الدينية مثل الصلاة أو شهر رمضان، أو حتى بسبب الملبس الذي يعبر عن هويتهم الإسلامية، كما شهدت السنوات الأخيرة العديد من الحوادث التي استهدفت المسلمين، سواء من خلال الاعتداءات الجسدية أو من خلال التنمر الاجتماعي في أماكن العمل والمدارس.

التمييز الاجتماعي والاقتصادي:

على الرغم من أن المسلمين في الهند يمثلون شريحة كبيرة من السكان، إلا أنهم يعانون من مستويات مرتفعة من الفقر والبطالة مقارنة ببقية المواطنين. تشير الدراسات إلى أن المسلمين يمثلون نسبة كبيرة من العمال ذوي الأجور المنخفضة والعاملين في القطاعات غير الرسمية، مما يجعلهم عرضة لزيادة الفقر والتهميش الاجتماعي.

كذلك، لا تزال نسبة التعليم بين المسلمين أقل مقارنة ببقية الطوائف في الهند، مما يزيد من تحدياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وفي بعض الولايات الهندية، يواجه المسلمون صعوبة في الوصول إلى التعليم العالي والوظائف الحكومية، وهي مناطق غالبًا ما تسيطر عليها قوى هندوسية، مما يعزز شعورًا بالإقصاء.

الهويات الثقافية والدينية:

في مواجهة هذه التحديات، يبذل العديد من المسلمين في الهند جهدًا كبيرًا للحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية، ورغم الصعوبات، يواصل المسلمون في الهند الاحتفال بمناسباتهم الدينية مثل عيد الأضحى وعيد الفطر والمولد النبوي، ويحرصون على إحياء تقاليدهم التي تشكل جزءًا أساسيًا من الثقافة الهندية المتنوعة.

لكن في السنوات الأخيرة، ظهرت محاولات لتقليص هذه الحريات الثقافية، مثل محاولات حظر الذبح الحلال و الاختلاط بين الطوائف في بعض الأماكن، كل هذه التطورات تؤدي إلى شعور متزايد بعدم الاستقرار بين المسلمين في الهند، الذين يشعرون أن هويتهم الدينية والثقافية مهددة.

الدور المهم للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية:

في ظل هذه الظروف، يقوم العديد من المنظمات الحقوقية والمجتمعية بمساعدة المسلمين في الهند للدفاع عن حقوقهم ومكافحة التمييز، من خلال الاحتجاجات، والمطالبة بتعديل القوانين، وتقديم الدعم للفئات المتضررة من العنف، تسعى هذه المنظمات إلى تسليط الضوء على قضايا المسلمين في الهند، بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الحركات الشبابية والمبادرات المجتمعية التي تهدف إلى تعزيز الوحدة بين الطوائف المختلفة في الهند.

 

إن أوضاع المسلمين في الهند تشهد تحديات متعددة ومعقدة، بدءًا من التمييز السياسي والقانوني وصولًا إلى العنف الطائفي والتمييز الاجتماعي. ومع ذلك، لا يزال المسلمون في الهند يتمسكون بهويتهم الثقافية والدينية، ويسعون إلى التعايش السلمي في مجتمع متعدد الأديان. سيكون مستقبل المسلمين في الهند مرهونًا بالقدرة على مواجهة هذه التحديات، وبالتحرك المستمر من قبل المجتمع الدولي والمحلي للضغط من أجل حماية حقوقهم وتحقيق المساواة في كافة المجالات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الهند التمييز الطائفي لاضطهاد المسلمين الهويات الثقافية المسلمین فی الهند المسلمون فی الهند السنوات الأخیرة العنف الطائفی بین المسلمین العدید من من خلال فی عام

إقرأ أيضاً:

بحر العرب يشهد نشاطا مداريا.. الإعلام الهندي والباكستاني يتابعان آخر التطورات

الرؤية - مركز الأخبار
تناولت الصحف ووسائل الإعلام في كل من الهند وباكستان آخر تطورات الحالة المدارية في بحر العرب، وتشهد منطقة بحر العرب اليوم الأربعاء حالة من الترقب في ظل مؤشرات قوية على تطور حالة مدارية، وفق ما أعلنت عنه سلطات الأرصاد الجوية في كل من الهند وباكستان.

ففي الهند، أفاد مكتب الأرصاد الجوية الهندي (IMD) بوجود مؤشرات على تشكل دوران إعصاري في الطبقات العليا من الغلاف الجوي فوق الجزء الشرقي الأوسط من بحر العرب، قبالة ساحل كارناتاكا، وذلك اعتبارًا من اليوم الأربعاء 21 مايو. ويتوقع أن يؤدي هذا النظام إلى اضطرابات جوية تشمل أمطارًا غزيرة ورياحًا نشطة في المناطق الساحلية، وسط تحذيرات أُطلقت للصيادين والجهات المحلية للاستعداد لأي تطورات محتملة.

وفي باكستان، أوردت صحيفة "ذا نيوز إنترناشونال" أن نظام ضغط منخفض بدأ يتشكل بالفعل في بحر العرب، مع توقعات بأن يتطور خلال الأيام المقبلة إلى إعصار مداري قد يُطلق عليه اسم "شاكتي". وأشار خبراء الأرصاد إلى أن هذا النظام قد يتسبب بموجة حر شديدة في إقليم السند، وخاصة مدينة كراتشي، خلال الفترة ما بين 24 مايو وحتى نهاية الشهر الجاري.

وفي المقابل، لم تسجل الجهات الرسمية أو وسائل الإعلام البنغالية حتى ظهر اليوم أي تحديثات جديدة حول حالات مدارية محتملة في خليج البنغال، رغم تحذيرات سابقة بخصوص احتمال تطور أنظمة ضغط منخفض خلال شهر مايو.

ودعت السلطات في الهند وباكستان سكان المناطق الساحلية إلى متابعة النشرات الجوية الرسمية، وأخذ الحيطة والحذر تحسبًا لأي تغيرات جوية مفاجئة قد تؤثر على حركة الملاحة والصيد، أو تتسبب في اضطرابات مناخية أوسع نطاقًا.

وكانت هيئة الطيران المدني في سلطنة عمان قد أعلنت أمس الثلاثاء عن توقعات تشير إلى احتمال تشكل حالة مدارية شرق بحر العرب مع نهاية الأسبوع الجاري. وأوضحت الهيئة أنه لا توجد تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على أجواء السلطنة خلال الأيام الخمسة القادمة.

وأكد المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة أنه يتابع عن كثب تطورات الحالة الجوية في بحر العرب، داعياً الجميع إلى متابعة النشرات الرسمية وأخذ الحيطة والحذر من أي مستجدات محتملة.

 

مقالات مشابهة

  • جولد بيليون: الذهب يتجه لتسجيل أعلى ارتفاع أسبوعي منذ 45 يوما
  • أزمة تقاسم المياه تخلف توترا هنديا باكستانيا غير مسبوق
  • جولد بيليون: الذهب يتجه لتسجيل أعلى ارتفاع أسبوعي منذ 90 يوما
  • الدولار يتجه لانخفاض أسبوعي وسط مخاوف بشأن المالية العامة الأميركية
  • الدولار يتجه إلى انخفاض أسبوعي وسط مخاوف مالية في أميركا
  • الدولار يتجه إلى انخفاض أسبوعي على وقع مخاوف مالية في أميركا
  • الحرف التقليدية.. «هوية واقتصاد» في «اصنع في الإمارات»
  • متحدث فتح: دعم أمريكا لـ إسرائيل مستمر واستراتيجي رغم تباين المواقف
  • باحث هندي: خطاب التحريض ضد المسلمين يتصاعد برعاية رسمية
  • بحر العرب يشهد نشاطا مداريا.. الإعلام الهندي والباكستاني يتابعان آخر التطورات