تأخذنا رواية "الهرّاب" المنافسة في "جائزة كتارا" للروائي والكاتب الجزائري رفيق موهوب، والتي صدرت عن دار نشر "فهرنهايت 451 للنشر والتوزيع" في أكتوبر/تشرين الأول 2024، في رحلة عميقة عبر صفحة من صفحات التاريخ الجزائري المهمة والمتمثلة بـ"العشرية السوداء". جسدت لنا الرواية هذه الفترة من خلال تسليط الضوء على التناقضات والتساؤلات التي واكبت حقبة التسعينيات، والتي وصفت بأنها أقسى مرحلة عاشها "الجزائريون في مرحلة ما بعد الاستقلال".

وتسلط الرواية الضوء على حقبة مظلمة فاقت "ظلمتها حرب التحرير التي كانت واضحة المعالم يقينية الهدف".

من أبرز الأفكار التي سلطت رواية "الهرّاب" الضوء عليها هي أزمة الهوية والانتماء المتعددة والمتناقضة؛ حيث ركزت الرواية على حكاية بطلها داود اليهودي الذي جسد صراعًا داخليا عميقا بين أصوله اليهودية وبيئته الجزائرية المسلمة التي نشأ فيها.

تسلط الرواية الضوء بجرأة على موضوع وجود العنصر اليهودي داخل المجتمع الجزائري كمكون له حضوره التاريخي والثقافي، وهو ما يُعتبر من "التابوهات الاجتماعية"، وتستكشف الرواية تساؤلات عميقة حول الذاكرة الجماعية والفردية، محاولة تصوير هواجس شخصيات جزائرية عبر حقبة مظلمة مترعة بالشك.

وتتناول الرواية بعمق موضوع التعايش والتناقض في العلاقات بين اليهود والمسلمين في الجزائر، لتكشف لنا عن صفحات من التاريخ الجزائري التي تبرز التعاون والمساعدة المتبادلة، مثل مساعدة اليهود للمجاهدين الجزائريين أثناء حرب التحرير، وجمعهم الأموال لهم. ومع ذلك، لم تتجاهل الرواية الجوانب المظلمة من هذه العلاقة، مستعرضة أحداثًا مثل مذبحة قسنطينة عام 1934 و1956 التي قُتل فيها مئات من المدنيين، ومعظمهم من المسلمين، بدعم من الشرطة الفرنسية.

الكاتب رفيق موهوب وظّف في روايته حقائق تاريخية لنسج قصة جاسوسية تبرز الحياة البسيطة للأسر الجزائرية في مرحلة كان عنوانها الأكبر هو الخوف والموت (مواقع التواصل)

تُبرز الرواية فكرة الخيانة والتضحية من خلال شخصية الرواية المحورية داود، البطل اليهودي الذي مثَّل نموذجًا للخيانة باختياره العمل جاسوسا مزدوجا للموساد و"دي إس تي" الفرنسية ضد مصلحة وطنه الذي وُلد وعاش فيه، وفاءً لخرافة "أرض الميعاد". في المقابل، تُقدم الرواية شخصية "سي عبد العزيز" (محمد بودية) في صورة "النقيض" لداود، حيث مثلَ الوفاء والتضحية والالتزام بقضية الوطن والقضايا العادلة.

إعلان

تجمع رواية "الهرّاب" في أسلوبها بين الرواية البوليسية والتاريخية والواقعية برشاقة، فقد وظّف الكاتب رفيق موهوب حقائق تاريخية لنسج قصة جاسوسية تبرز الحياة البسيطة للأسر الجزائرية في مرحلة كان عنوانها الأكبر هو الخوف والموت.

تمتعت الرواية بسرد يمتاز بلغة واقعية غنية، إذ استلهم الكاتب من "الزخم اللساني المتنوع للجزائريين"، ليزخر النص بجمل من الدارجة الجزائرية. هذا الأسلوب يأخذ القارئ في رحلة عبر أزقة العاصمة ومنازلها، مستعرضًا لحظات من الألم والأمل، والخيبة والانتصار، في مزيج سردي مركب أثرى النص بشكل كبير، ومنح القصة حيوية وتأثيرًا عميقًا، عاكسًا بذلك تعقيدات الواقع الذي تناولته الرواية.

نُسجت هذه الرواية على يد رفيق موهوب، مدير نشر جريدة "الصوت الآخر". وقد سبقتها روايته الأولى "منام ميت" الصادرة عن دار ماستر بالقاهرة، والتي تناولت فترة حكم علي الغسال باشا، حاكم إيالة الجزائر الذي لم يدم حكمه سوى 6 أشهر وطبعه الفوضى والعصيان. أما مشروع رفيق موهوب القادم فسيكون عن علي خوجة. وحتى لا نطيل عليكم، ندعوكم لمتابعة نص حوار الجزيرة نت مع الروائي الجزائري رفيق موهوب.

رواية "الهرّاب" تتناول صفحة من صفحات التاريخ الجزائري أبرزها ما عرف "بالعشرية السوداء" (غيتي) بالنظر إلى حساسية حقبتي الاستعمار و"العشرية السوداء" في الذاكرة الجزائرية، والجدل حول الوجود اليهودي، كيف عالجت روايتك "الهرّاب" هذه المحطة التاريخية والاجتماعية، وقدمت رؤية مغايرة للوجود اليهودي بالجزائر، مع الحفاظ على قدسية الذاكرة الجزائرية؟

في الحقيقة، الرواية فعلًا رحلة في ذاكرة الجزائريين خلال الحقبة الاستعمارية وفترة التسعينيات. وهي تخوض في مسألة التناقضات المسجلة في هاتين المرحلتين، أي مخلفات العدوان الاستعماري، وحقبة التسعينيات التي كانت حقبة دموية وقاسية جدا على الجزائريين، والتي ذاق فيها الجزائريون مرارة الإرهاب الذي لا يزال يضرب في مناطق عديدة من الوطن العربي.

أشير إلى أن الكتابة عن حقبة الاستعمار وفترة التسعينيات "العشرية السوداء" تعتبر بشكل ما أحد" التابوهات"؛ فكثير من الروائيين لم يخوضوا في تلك المرحلة نظرًا لحساسيتها والجرح الذي لم يندمل بعد لدى الجزائريين. فالوعي الجمعي الجزائري لا يزال يحتفظ بصور مأساوية عن تلك المرحلة، ولا يزال موضوع الذاكرة مطروحًا في الجزائر والضفة الفرنسية.

كما أن هناك العديد من المكونات في الشخصية أو الهوية الجزائرية لا تزال تتفاعل إلى اليوم، وملف الذاكرة يثير جدلاً كبيرًا بين الجزائر وفرنسا؛ فرنسا تريد اقتلاع مسارات كثيرة من التاريخ الجزائري، والجزائر تريد ألا تطوي الصفحة، بل تتقدم إلى الأمام من خلال الاعتراف الفرنسي بجرائمها خلال الحقبة الاستعمارية، والسير في مصالحة وطنية من خلال معالجة ملف التسعينيات الذي خرجنا منه سالمين بفضل المصالحة.

رواية "الهرّاب" فيها عنصر مهم، فقد تثيرُ تساؤلات القراء، خاصة عن مسألة الوجود اليهودي خلال الحقبة الاستعمارية وما بعدها. هذا الموضوع أثاره العديد من الأدباء. برأيي، صورة اليهودي في الأدب الجزائري غالبًا ما كانت نمطية وسلبية، تصوره على أنه ماكر.

إعلان

لكن، هناك تطورٌ في تناول اليهودي في الأدب الجزائري، من كونه عنصرًا منبوذًا إلى تقديمه بصور مختلفة. وهذا ما فعلتهُ في رواية "الهرّاب"، حيث قدمت نماذج ليهود ساعدوا الثورة الجزائرية وقدموا خدمات جليلة لها، من خلال ما يُعرف "بأصحاب الحقائب" الذين كانوا ينقلون الأموال من الجزائر إلى فرنسا ويسهّلون مهام المجاهدين، وأظهرت كذلك الجانب المظلم للوجود اليهودي لأصنع صورة تتسم بالتوازن.

في رواية "الهرّاب" يكشف أبطال الرواية قبوًا يحوي 17 هيكلًا عظميا لضحايا حفلات كان يقيمها جد إنريكو ماسياس قبل أن يقتل ضيوفه ويدفنهم سرا (مولدة بالذكاء الاصطناعي-الجزيرة) أول شيء يتبادر إلى الذهن عندما نقرأ الرواية: هل اعتمدت على حقائق تاريخية دقيقة في نسج سردية الرواية، أم إن العمل يمزج التاريخ بالخيال الروائي؟ وكيف حافظت الرواية على معالم الذاكرة التاريخية للجزائر؟

بالنسبة لرواية "الهرّاب"، يجب التوضيح أنها تظل عملًا أدبيا وفنيا يعتمد بالضرورة على الخيال، ولكنه يعتمد على التاريخ وفقًا لما تتناوله المدرسة الجزائرية في كتابة التاريخ. ففي العادة، المدرسة التاريخية الفرنسية تقدم الشخصية الجزائرية على أنها متوحشة، تلجأ إلى العنف، وتصور الجزائري على أنه مدفوع بتيارات من الخارج.

لكنني في رواية "الهرّاب" لجأت إلى توصيف التاريخ، خاصة في مسألة اليهود، على أساس أن الموقف الرسمي الجزائري يؤكد عدم وجود مشكلة مع اليهود كمكون أو كأقلية في الجزائر؛ فهم كانوا مندمجين في المجتمع الجزائري. والجزائر لا ترى مشكلة في وجود اليهود بالجزائر بل مشكلتها مع الاحتلال والصهيونية بالدرجة الأولى، وعليه فإن الرواية قدمت التاريخ وفق هذا الأفق.

على سبيل المثال، اعتمدنا على كثير من المؤشرات التي تؤكد أن اليهود اختاروا صفهم منذ البداية من خلال الانخراط والاستفادة من "قانون كريميو" (مرسوم فرنسي صدر سنة 1870منح الجنسية الفرنسية لليهود المقيمين في الجزائر).

كذلك اعتمدنا على سرد العديد من الوقائع التي تؤكد أنهم اختاروا صفهم وساروا في مسار مساندة الدولة الاستعمارية الفرنسية، حتى قبل استعمار الجزائر، من خلال مساهمة الأخوين بكري وبوشناق في تأجيج الأزمة الاقتصادية سنة 1827 وإسهامهم في استعمار الجزائر بفعل الديون بحثًا عن الكنز المفقود.

كما اعتمدنا على بعض المحطات التي كان لليهود دور سلبي فيها، من خلال ارتكابهم مجازر في العديد من المحطات، مثل انتفاضة 1934 ومجزرة 1956، حيث ألقى يهودي قنبلة في مقهى قسنطينة.

حاولت أيضًا إبراز خصوصية الجزائر لدى اليهود من خلال الحوارات والسرد الفني، وذكرت أن هناك قديسين مدفونين في الجزائر، ولهذا يرى العديد من اليهود امتلاكهم روابط قوية مع الجزائر.

ذكرت بعض هذه الروابط من خلال أبطال الرواية، وفيها العديد من المشاهد والقصص، مثل اكتشاف أحد الأقبية التي يوجد بها ما يقرب من 17 هيكلا عظميا، حيث كان جد إنريكو ماسياس (المعروف أيضًا باسمه الحقيقي جاستون غريناسيا، هو مغن فرنسي من أصل جزائري يهودي) يستقبل ضيوفا ويحيي حفلات ثم يقتلهم ويضعهم في تلك الأقبية. ومن جهة أخرى، أظهرت بعض الشخصيات الجزائرية التي أسهمت في دعم القضية الفلسطينية في الجزائر وفي العديد من العواصم العربية والعالمية.

كيف نجحتَ في روايتك في إحياء شخصيات يهودية متناقضة، تُظهر جوانبها المتعددة بين الدعم لثورة التحرير والخيانة، مع دمج ذلك بسرد واقعي ومؤثر للعشرية السوداء في الجزائر؟

بدايةً، شخصية البطل تتسم بالتناقض العميق؛ فقد وُلد في الجزائر لأب يهودي، وفي سنواته الأولى تعلّم الإسلام والعربية واندفع كليا في محيطه، لكن مسار حياته اختلف جذريا عند انتقاله إلى فرنسا، حيث اكتشف هويته اليهودية وتلقى تكوينًا دينيًّا في المدارس، ثم عاد إلى الجزائر بعد ذلك، ولكن هذه المرة بصفته اليهودية.

إعلان

تخيل معي هذه الشخصية المتناقضة التي أصبحت إمامًا لأحد مساجد العاصمة، يؤمّ المصلين المسلمين في صلواتهم. لكن الغريب والمفاجئ أنه في أيام السبت يطلب من زوجته المسلمة أن تذهب إلى بيت أهلها ليتمكن من استقبال عناصر من الموساد وممارسة طقوسه اليهودية الخاصة في المنزل، إنه يجمع بين الصلاة الإسلامية والطقوس اليهودية في آن واحد!

هذا التناقض العميق في شخصيته دفعنا إلى التساؤل: كيف تحول من هذا الدور المزدوج إلى شخصية يهودية تمارس شعائرها علانية في بيتها بالعاصمة خلال بداية التسعينيات، وهو أمر كان يعدّ خارقًا للعادة آنذاك؟

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فمن خلال دراساته للمجتمع في تلك الفترة استغل وضعه لاجتذاب الشباب وتحريضهم على العنف؛ لقد أغراهم بالمال، ثم بث فيهم "الفتنة المستوردة"، دافعًا إياهم نحو متاهات الإرهاب والتحريض على العنف.

سيدي عبد العزيز يجسد النضال لتحرير الجزائر وفلسطين بينما يمثل داود السعي خلف أمجاد خرافية تُغذي الفتنة وتفتح جراح الذاكرة الوطنية (مولدة بالذكاء الاصطناعي-الجزيرة) كيف ربطت في الرواية بين زواج البطل بشخصية خدواج المسلمة، وعيشه فترة العشرية السوداء، وارتباطه بالموساد، مع كل هذه التناقضات بسردية روائية قوية؟

هل تريدون أن أعطيكم الوصفة التي أكتب بها؟ الواقع الذي استمدت منه الشخصيات خلفيتها هو الخلفية التاريخية التي أملكها؛ أنا خريج تاريخ ومطلع من خلال الإعلام على جميع التطورات الحاصلة في المجتمع، وقد حاولت توظيف الأدوات الأدبية من خلال الحوار والوصف، ومن خلال أدوات من خلفيتي الصحافية مثل تقنيات التحقيق، حيث استعملتُ هذه الأدوات ووظفتها من خلال إظهار البطل بأنه يبحث عن تاريخ وهمي أو آثار وهمية يتكئ عليها لإبراز ممتلكات مجهولة الوجهة؛ لذا زار العديد من المقابر اليهودية في الجزائر، ووجد بعض الأضرحة اليهودية.

الرواية أظهرت لنا شخصيات عديدة من بينها شخصية "سي عبد العزيز" فما الدور الذي تلعبه حيث وصفها الموساد "بالشبح" واتسمت بالوفاء للوطن وقضايا التحرر بعكس داود؟

سي عبد العزيز رغم كونه شخصية خيالية، فقد لعب دورًا محوريا في الرواية وتداخلت سماته مع شخصيات جزائرية واقعية. صورته وهو يسعى نحو هدفين رئيسيين: تحرير الجزائر أولًا، ثم تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني ثانية. لقد كان يحمل على عاتقه نضال القضية الجزائرية والفلسطينية على حد سواء. وضمن سياق تاريخي، عمل عبد العزيز على ترسيخ مبدأ تحرير الجزائر، لكنه لقي حتفه بالاغتيال على يد الكيان الصهيوني.

لقد سعيت لربط شخصية سيدي عبد العزيز بشخصية داود؛ فمن جهة، يجسد عبد العزيز النضال الجزائري من أجل قضية مركزية، وهي تحرير الوطن وفلسطين. ومن جهة أخرى، يأتي داود بمحاولاته لاستعادة أمجاد خرافية، والعمل على إثارة الفتنة في الجزائر.

كيف صورتَ عائلة داود في روايتك، لا سيما والدته التي ربته بين المسلمين وجده التاجر، وكيف تفاعلت هذه الشخصيات مع داود ومع الأحداث التاريخية؟

أردتُ أن أُبرز مدى اندماج الأقلية اليهودية في المجتمع الجزائري، وهذا تجلى بوضوح في شخصية الأم التي سعت لإخفاء ديانتها لتتجنب المشاكل مع الجيران، وكذلك في الجد الذي كان تاجرًا مندمجًا بشدة، بل كان يدعم المجاهدين سرًّا، تمامًا كغيره من التجار الجزائريين. لقد حاولتُ تسليط الضوء على هذه العائلة المتناقضة، فمع كونهم جميعًا يهودًا، فإن كل فرد منهم قدم نوعًا من الخدمة أو أظهر صورة من الاندماج داخل المجتمع.

لكن هذه الصورة تغيرت في النهاية، فمع استقلال الجزائر اختاروا الانتقال طواعية إلى فرنسا، وهو خيارهم منذ البداية. ونقطة أخرى لم أذكرها في السرد الروائي ولكنها خطرت ببالي الآن والمتمثلة في إمام مسجد باريس، الذي يُعرف تاريخيا بإسهامه في حماية اليهود من النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. هذا يوضح أن الجزائري ليست لديه مشكلة مع الجنس اليهودي بحد ذاته، بل مع الاحتلال.

هل معاناة "خداوج" من مشاكل العنوسة واليأس ومشاكل أسرتها خلال العشرية السوداء كانت الدافع وراء زواجها بداود؟

بالفعل، في فترة التسعينيات كانت مشكلة العنوسة منتشرة بشكل كبير ولا تزال، لذا أردتُ أن أُبرزها في الرواية؛ حيث قد تتزوج الفتاة بشخص ثري أو أجنبي من دون النظر إلى خلفيته أو دينه أو أفكاره.

إعلان

شخصية خداوج تجسّد التناقضات التي سادت تلك المرحلة، من الفقر والأزمات الاجتماعية وضيق السكن إلى تأثير الحركات الإسلامية. زواجها كان أشبه باللجوء للخروج من هذه الظروف، لا زواجًا لتأسيس عائلة بالمعنى التقليدي.

لكن الأحداث تأخذ منعطفًا حاسمًا عندما ترفض خداوج أن يكون لها أبناء من أصل يهودي، رؤيتها لزوجها داود وهو يمارس طقوسه اليهودية في بيتها أدخلتها في أزمة هستيرية نفسية عميقة، لتبدأ بالتفكر في مصير أبنائها واكتشفت حقيقة لم تكن تتقبلها، مما أدخلها في متاهة نفسية صعبة نتيجة هذا الرفض.

شخصية خداوج تجسد تناقضات المرحلة المتمثلة في الفقر والأزمات وتأثير الحركات الإسلامية وزواجها بداود كان هربا من الواقع (مولدة بالذكاء الاصطناعي-الجزيرة)  هل موقف خداوج ناتج عن خلفية والدها المناضل محب القضية الفلسطينية الذي خلّف في داخلها هذا الوازع المناوئ لأفكار داود؟

خداوج لم تستوعب أبعاد شخصية داود الفكرية، وكحال كثير من الجزائريين كانت لديها صورة نمطية عن اليهود، متأثرةً بالارتباط العميق والدعم المستمر للقضية الفلسطينية، الذي يعتبر شعورًا راسخًا في الجزائر، سواء كانت فلسطين ظالمة أو مظلومة، وهذا التخوف تحديدًا هو ما دفعها إلى أزمة نفسية عميقة.

لكن بمرور الوقت، عملت جاهدة على إنقاذ أبنائها من خلال رعايتهم وغرس روح الدين والهوية الجزائرية في نفوسهم.

من خلال شخصية "زوليخة" الساحرة وشقيقها "بويلان" العاطل الذي يرغب في الهجرة، هل سعيتم لإبراز زيف الخرافات وتقديم أفكار أعمق عن المجتمع؟

لقد أردتُ من خلال هذه الشخصيات أن أقدم أفكارًا مهمة عن الإرهاب والجماعات المتطرفة التي سادت تلك الحقبة. دعنا نتذكر أننا كنا في بداية التسعينيات، في منطقة القصبة والوادي، وهما مركزان معروفان لأحياء شعبية.

عبر الشخصيات التي ذكرتَ وغيرها حاولتُ إبراز تناقضات المجتمع الجزائري الذي يعرفُ وجود الجانب الشعبي، والتدين، والتعصب، والأفكار العميقة. لم يكن هدفي إصدار أحكام من خلال هذه الشخصيات، بل تقديم صور مختلفة لكيفية تشكل هذا المجتمع خلال تلك الفترة العصيبة.

ختامًا، كيف تعكس روايتك "الهراب" كوثيقة روائية فكرة "اليهودي الوظيفي" التي طرحها عبد الوهاب المسيري من خلال إظهارك الرؤية الجزائرية للتاريخ؟

لقد وظّفتُ التاريخ في روايتي بشكل يتماشى مع الرؤية الجزائرية للأحداث. وفي الختام، أبرزتُ دور المؤسسات الأمنية في استتباب الأمن وكشف ذلك العنصر الجاسوس الذي هرب من الجزائر.

هذا الجاسوس (داود) تسبب في دمار كبير، من خلال دعمه للشباب وتفتيت عائلة كانت تملك طموحا وأحلامًا، فالشر الذي حمله في ذاته جلب الخراب لتلك العائلة. ولهذا السبب، سميت الرواية "الهرّاب"، وهو مصطلح من الدارجة الجزائرية يعني "الهارب" بعد أن أحدث الفوضى والدمار في البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات المجتمع الجزائری التاریخ الجزائری العشریة السوداء الجزائریة فی وجود الیهود الیهودیة فی عبد العزیز فی الجزائر مع الجزائر العدید من من خلال

إقرأ أيضاً:

وزير الاتصالات: سنترال رمسيس ليس الوحيد الذي ترتكز عليه الخدمات في مصر

كشف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تداعيات حريق سنترال رمسيس، مستهلًا كلمته بالتضامن مع رئيس مجلس الوزراء في تقديم خالص التعازي لأسر شهداء حادثي الطريق الدائري، وحريق السنترال.

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء الذي عُقد اليوم الأربعاء، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة.

وقال الدكتور عمرو طلعت: «بدأت الأزمة تحديدا بسنترال رمسيس يوم الاثنين 7 يوليو 2025 في حوالي الساعة الخامسة مساء بغرفة في الطابق السابع، تسبب ذلك في انتشار النيران بشكل أسرع مما هو معتاد في كل جوانب السنترال التي يتوافر بها مواسير يتم تمرير كابلات التيار الكهربائي من خلالها، وحاول المسئولون في الشركة المصرية للاتصالات السيطرة على الحريق في بدايته بواسطة آليات الإطفاء الذاتي، إلا أن الحريق اشتد وانتقل من غرفة إلى أخرى ومن صالة إلى صالة أخرى، وتم إبلاغ الحماية المدنية، لكن سرعة انتقال الحريق من خلال الكابلات أدى إلى انتقاله إلى الغرف المجاورة والطوابق الأخرى، وقام رجال الحماية المدنية بدور كبير يعد ملحمة رائعة في محاولة السيطرة على الحريق امتدت لأكثر من 12 ساعة».

جانب من الاجتماع

وأضاف الوزير: «تأثرت الخدمات الأرضية "الصوت"، وكذا خدمات التحويلات، والخدمات الرقمية، وبعض التحويلات المالية ولكنها لم تنقطع بشكل كامل، باعتبار أن سنترال رمسيس يعد عنصرا من عناصر البنية التحتية المعلوماتية في الدولة المصرية، ولا يعتبر العنصر الوحيد، أو المبنى الوحيد الذي تعتمد عليه خدمات الاتصالات في مصر، ولكنها تدار من خلال شبكة كبيرة تضم أكثر من سنترال، وعند حدوث الحريق تأثرت بعض الخدمات بالطبع لكنها لم تنقطع».

وفي السياق نفسه، أوضح الدكتور عمرو طلعت أننا كنا مستعدين بالخطة «ب» التي تقوم على تحويل جزء من الأحمال القائمة بسنترال رمسيس إلى سنترالات أخرى داخل الشبكة، لكي نستعيد الخدمات مرة أخرى.

كما أشار الوزير إلى أنه بعد مرور بضع ساعات، تبين أن الحريق سيستغرق وقتا أكبر للسيطرة عليه، وأن سنترال رمسيس لن يعود إلى الخدمة في القريب العاجل، ومن ثم تم اللجوء إلى الخطة «ج»، والتي تتضمن استبعاد سنترال رمسيس بشكل كامل من المنظومة المعلوماتية المصرية، والاعتماد على باقي السنترالات من خلال تحويل جميع الأحمال وليس بعضها إلى باقي السنترالات.

وفي الوقت نفسه، جدد الدكتور عمرو طلعت التأكيد أن سنترال رمسيس بالقطع ليس السنترال الوحيد الذي ترتكز عليه خدمات الاتصالات، مدللا على ذلك بأنه مع بدء الأزمة بدأ قطاع كبير من المواطنين في تبادل الأخبار ومناقشة الأزمة على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن هذه الوسائل شهدت كثافة غير مسبوقة خلال وقوع الأزمة، وأن البنية المعلوماتية استوعبت هذه الكثافة بكفاءة طوال فترة الأزمة، مضيفاً أن مختلف النقاشات والحوارات وما تم من تبادل للأخبار المتعلقة بها كان يجري على وسائل التواصل الاجتماعي "على الإنترنت" الذي لم ينقطع، وإذا كان سنترال رمسيس هو السنترال الأوحد الذي ترتكز عليه مختلف خدمات الاتصالات في مصر لانهارت المنظومة بالكامل ولم يتمكن المواطنون من التواصل مع بعضهم البعض لا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، ولا من خلال أجهزة التليفون الثابت أو المحمول.

الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

ونوه وزير الاتصالات إلى ما تمتاز به الشبكة من الازدواجية والتبادلية، وهو ما أسهم بشكل كبير في تحقيق الاستغناء الجزئي عن سنترال إذا ما وقع به عطل ما، ثم استبعاد سنترال بالكامل في حالة تطور الأمر وأصبح هذا السنترال لا يمكن الوصول إليه، لافتاً أيضا إلى أن تلك الازدواجية والتبادلية هي منظومة معقدة تم بناؤها على عدة مراحل، تخدم نحو 120 مليون خط محمول، وأكثر من 15 مليون خط منزلي، وهي منظومة بالغة الضخامة والتعقيد، قائلا:" لا يمكن تحويل مختلف الأحمال من عنصر في هذه المنظومة إلى عنصر آخر بضغطة، وهذا أمر تقني يعلمه المتخصصون في هذا المجال".

وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن الإجراءات الفنية والتقنية تستغرق بعض الوقت لكي تتم، وبالنسبة للوضع الحالي، أكد أن الخدمات المتعلقة بتطبيقات السداد، وتطبيقات التحويلات المالية، واستخدام بطاقات الخصم والائتمان، والمحافظ الالكترونية وماكينات الصرف الآلي عادت جميعها بكامل طاقتها.

وأضاف الدكتور عمرو طلعت: «لدينا عدد من التحديات، التحدي الأول ما نسميه محيط منطقة سنترال رمسيس، والتي تفقدها رئيس الوزراء صباح اليوم، وهذه المنطقة بها 50 ألف مشترك، وبدأنا منذ صباح اليوم استعادة الخدمة بها وحتى قبيل هذا المؤتمر تمكّنا بالفعل من إعادة الخدمة لـ 24 ألفا و400 مشترك من بين 50 ألفا، أي ما يعادل نحو 50% من إجمالي عدد المشتركين، ونتوقع أن يتم هذا العمل بشكل كامل بنهاية اليوم».

وتابع الوزير: التحدي الآخر أننا نعمل على استكمال استعادة بعض خدمات الإنترنت الثابت لبعض الشركات، وأتابع لإتمام هذا العمل خلال اليوم أيضا.

وفي النهاية، أعلن الوزير عن لفتة إجلال وتقدير لرجال الدفاع المدني والإطفاء لدورهم البطولي الذي قاموا به خلال هذه الأزمة، قائلا: سنبدأ في تشكيل لجنة فنية لدراسة أسباب الأزمة وسبل التحوط منها، وكيفية استعادة الخدمة في سنترال رمسيس في أقرب وقت.

اقرأ أيضاًوزير الاتصالات يكشف موعد عودة الخدمات لمنطقة رمسيس

«خرج حاليًا عن الخدمة بشكل كامل».. وزير الاتصالات يكشف موعد عودة سنترال رمسيس للعمل من جديد

هل سنترال رمسيس هو الوحيد الذي تعتمد عليه مصر؟.. وزير الاتصالات يجيب

مقالات مشابهة

  • إستبرق أحمد: القصة تمنحني السحر وأستمتع بكتابتها أكثر من الرواية
  • ما الذي يحرك الطلب على المشاريع العقارية التي تحمل توقيع المشاهير؟
  • التحول الكامل.. قصة الفنان الذي يعيش حياة المشاهير في باريس
  • جريمة مروّعة تهزّ الجالية الجزائرية في ألمانيا... والخارجية تتحرّك
  • في ملتقى فلسطين الثامن للرواية العربية: البقاء والوجود
  • ترامب: لدينا فرصة للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع أو الذي يليه
  • وزير الاتصالات: سنترال رمسيس ليس الوحيد الذي ترتكز عليه الخدمات في مصر
  • أمن العيون يوضح ملابسات فيديو الإعتداء على بحارين.. ويكذّب الرواية المتدوالة
  • مدينة بني براك الإسرائيلية المركز الديني اليهودي الأكبر عالميا